أخطاء الرقاة

صالح بن مقبل العصيمي
عناصر الخطبة
  1. ظاهرة انتشار الرقاة في وسائل الإعلام .
  2. ملاحظات على الرقية والرقاة .
  3. أمور ينبغي الحذر منها في الرقية .
  4. علامات الرقاة الشركيين .
  5. من أخطاء الرقاة. .

اقتباس

كَذَلِكَ اسْتِخْدَامُ بَعْضِ الرُّقَاةِ الْعِصِيَّ وَالْكَيَّ بِالْكَهْرُبَاءِ؛ لِعِلَاجِ الْتَلَبُّس الَّذِي جُلَّهُ تَشْخِيْص لَيْسَ بِصَحِيْحٍ، وَالْتَلَبُّس وَإِنْ كَانَ مَوْجُوْد، وَهُوَ مَحَلُّ إجْمَاعِ الْعُلَمَاء كَمَا نَقَلَ ذَلِك شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي رَدِّهِ عَلَى الْمَنْطِقِيِّن، وَلَكِنْ لَيْسَ بِهَذِهِ الْكَثْرَة وَلَا بِتِلْكَ الْطَرِيْقَة التِي يُمَارِسُهَا بَعْضُ الْرُّقَاةِ مِنَ الضَرْب بِالْعُصَّي وَالْخَنْقِ وَالْصَعْقِ؛ حَتّى مَاتَ أُنَّاسٍ تَحتَ هَذَا الْفَعْلِ...

الخطبة الأولى:

إنَّ الحمدَ للهِ، نَحْمَدُهُ، ونستعينُهُ، ونستغفِرُهُ، ونعوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، مَنْ يهدِ اللهُ فلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبدُهُ ورسُولُهُ، وَخَلِيلُهُ, صَلَّى اللهُ عليهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا.

أمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ -عِبَادَ اللهِ- حقَّ التَّقْوَى, واعلَمُوا أنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى, وَاِعْلَمُوا بِأَنَّ خَيْرَ الْهَدْيِّ هَدْيُ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-، وَأَنَّ شَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

عِبَادَ اللَّهِ: هُنَاكَ ظَاهِرَةٌ تَفَشَّتْ وَانْتَشَرَتْ حَتَّى أَصْبَحَتْ لَهَا قَنَوَاتٌ خَاصَّةٌ بِهَا، وَأُنَاسٌ عُرِفُوا بِهَا, وَمَوَاقِعُ يَصِلُ مِنْ خِلَالِهَا النَّاسُ إِلَيْهَا, جَمَعَتْ بَيْنَ حَقٍّ وَبَاطِلٍ وَإِيمَانٍ وَشِرْكٍ, جَمَعَتْ النَّقَائِضَ وَالْمُتَضَادَّات،ِ أَلَا وَهِيَ: ظَاهِرَةُ الرُّقَاةِ الَّتِي فِي أَصْلِهَا حَقٌّ وَعَمَلٌ مَشْرُوعٌ مُسْتَحَبٌّ وَمَنْدُوبٌ، وَلَكِنْ دَخَلَ فِيهِ مَنْ أَدْخَلَ مَا لَيْسَ فِيه،ِ وَسَوْفَ أَذْكُرُ أَبْرَزَ الْمَآخِذِ وَالْمَثَالِبِ عَلَى عَمَلِ بَعْضِ الرُّقَاةِ، وَعَلَى تَعَامُلِ النَّاسِ مَعَهُمْ.

فَأَوَّلًا: مِنَ الْخَطَأِ الْجَسِيمِ أَنْ يُطْلَقَ عَلَيْهِمْ الرُّقَاةَ الشَّرْعِيِّينَ؛ فَهَذِهِ مِنْ أَلْفَاظِ الْعُمُومِ, وَالنَّاسُ يَعْلَمُونَ يَقِينًا أَنَّ بَعْضَهُمْ يَصِفُونَ أَنْفُسَهُمْ بِالشَّرْعِييَن وَهُمْ لِلشِّرْكِ وَالْكَهَانَةِ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيْمَان، بِوَصْفِهِمْ جَمِيْعَاًبِالشَّرْعِيِّينَ لايَجُوْزُ لِأَنَّهَا تَزْكِيَة.

الْمُلَاحَظَةُ الثَّانِيَةُ: وَهِيَ قَاصِمَةُ الظَّهْر،ِ وَأَكْثَرُ الْمَلْحُوظَاتِ عَلَيْهِمْ أَنَّ بَعْضَ الرُّقَاةِ خَرَجَ مِنْ دَائِرَةِ الرُّقْيَةِ إِلَى دَائِرَة الْكَهَانَةِ، وَالْعِيَاذُ بِاللَّهِ!، وَأَصْبَحَ يُحَدِّدُ لِلْمَرْقِيِّ عَلَيْهِ بَعْدَ أَنْ يُشَخِّصَ مَرَضَهُ أَنَّهُ مَسْحُورٌ أَوْ مَعْيُونٌ بِذِكْرِ اسْمٍ مَنْ سَحَرَهُ أَوْ عَانَهُ، وَجُلُّهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ كُلُّهَا ِتَخْمِينَاتٌ وَتَهَيُّؤاتٌ وَتَخَيُّلَاتٌ، وَقَدْ أَوْرَثَ هَذَا الْفِعْلُ الشَّنِيعُ وَالْمُنْكَرُ الْعَظِيمُ قَطِيعَةَ رَحِمٍ بَيْنَ أَفْرَادِ الْأُسْرَةِ الْوَاحِدَةِ، وَعَدَاوَاتٍ خُرِّبَتْ بِسَبِبِها بُيُوتٌ، وَتَدَمَّرَتْ أُسَرٌ، وَقُطِّعَتْ أَرْحَامٌ، وَسَالَتْ دِمَاءٌ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ!.

عِبَادَ اللَّهِ: وَمِنَ الْأُمُورِ الَّتِي يَنْبَغِي الْحذَرُ مِنْها عِنْدَ الِاسْتِفَادَةِ مِنَ الرُّقْيَة:

أولاً: الْحَذَرُ مِنَ الرُّقَاةِ الَّذِينَ يُمَارِسُونَ الرُّقْيَةَ وَمِنْهَا مَثَلًا: أَلَّا يَسْتَخْدِمَ الرَّاقِي عِبَارَاتٍ شِرْكِيَّةً وَتَمْتَمَةً لَا يُعْرَفُ مَعْنَاهَا؛ فَالرُّقْيَةُ لَا تَجُوزُ إِلَّا بِمَا هُوَ مَعْرُوفٌ, قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: "أَمَّا مَا لَا يُعْرَفُ مَعْنَاهُ فَلَا يُشْرَعُ لَا سِيَّمَا إِنْ كَانَ فِيهِ شِرْكٌ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ مُحَرَّمٌ، وَأَكْثَرُ الرُّقَى الْأَعْجَمِيَّةِ أَسْمَاءُ رِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ, يُدْعَوْنَ وَيُسْتَغَاثُ بِهِمْ وَيُقْسَمُ بِمَا يُعَظِّمُونَهُ, وَعَامَةُ مَا بِأَيْدِي النَّاسِ مِنَ الرُّقَى الَّتِي لَا تُفْقَهُ بِالْعَرَبِيَّةِ فِيهَا مَا هُوَ شِرْكٌ". انْتَهَى كَلَامُهُ فِي الِاقْتِضَاءِ, فَلَا بُدَّ لِلرَّاقِي مِنْ رَفْعِ الصَّوْتِ حَتَّى يُفْهَمَ مَا يَقُولُ.

ثانياً: عَلَى الرَّاقِي أَلَا يَخْلُوَ بِامْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ مِنْ غَيْرِ مَحْرَمٍ لَهَا، وَعَدَمُ مَسِّهِ لِجَسَدِهَا، والرَّاقِي كَمَا ذَكَرْتِ اللَّجْنَةُ الدَّائِمَةُ لَيْسَ كَالطَّبِيبِ؛ فَإِنَّ عَمَلَهُ الْقرَاءَةُ وَالنَّفْثُ.

ثالثاً: مِنْ عَلَامَاتْ الْرُّقِي الْشِرْكِيَّة: سُّؤَالُ الْمَرْقِيِّ عَنْ أَسْمَاءِ بَعْضِ أَفْرَادِ أُسْرَتِهِ كَأُمِّهِ وَبَلَدِهِ؛ فَإِنَّ هَذَا الرَّاقِيَ لَا شَكَّ أَنَّهُ يَتَعَامَلُ مَعَ السَّحَرَةِ وَالشَّيَاطِيِن، فَلَا عِلَاقَةَ بِالرُّقْيَةِ بِاسْمِ الْمَرِيضِ أَوْ أَيٍّ مِنْ أَسْمَاءِ أُسْرَتِهِ وَبَلَدِهِ.

رابغاً: وَمِنْ أَخْطَاءِ بَعْضِ الرُّقَاةِ عَدمُ كِتْمَانِ أَسْرَارِ الْمَرْقِيِّينَ الَّتِي قَدْ تَتَطَوَّرُ إِلَى الِابْتِزَازِ.

خامساً: وَعَلَى الرَّاقِي أْنْ يَبْتَعِدَ عَنْ تَخْوِيفِ الْمَرِيضِ وَتَرْوِيعِهِ وَتَهْوِيلِ أَمْرِ مَرَضِه،ِ وَالرَّسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَمَرَ بِالتَّبْشِيرِ.

سادساً: وَمِنْ أَخْطَاءِ الرُّقَاةِ الْقِرَاءَةُ الْجَمَاعِيَّةُ عَلَى الْمَرْضَى؛ فَهَذَا لَمْ يَرِدْ لَا عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلَا عَنْ أَصْحَابِهِ.

سابعاً: أَنْ يَبْتَعِدَ الرُّقَاةُ عَمَّا أَحْدَثَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ طَلَبِ التَّخَيُّلِ، وَهَذَا الْمَنْهَجُ أَوْقَعَ الشَّحْنَاءَ وَالْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ بَيْنَ أَفْرَادِ الْأُسْرَةِ الْوَاحِدِةِ، وَبَيْنَ الْأَصْحَابِ وَالْأَقَارِبِ وَالْجِيرَانِ، وَوَصَلَ لِلْطَلَاقِ وَالافْتِرَاقِ.

عباد الله: وَطُرُقُ مَعْرِفةِ الرُّقَاةِ الشَّرْكِيِّينَ كَثِيرَةٌ مِنْهَا: السُّؤَالُ عَن نَجْمِك وَعَنْ بُرْجِك.

ومنها: أن يَطْلَبُ مِنَ الْمَرِيضَ شَيْئًا مِنْ آثَارِهِ سَوَاءً مِنْ مَلَابِسِهِ، أَوْ مِنْ بَدَنِهِ كَشَعْرِهِ، أَوْ أَظْفَارِهِ أَوْ مِنْ بَقَايَا أَكْلِهِ.

ومنها: كَذَلِكَ طَلَب بَعْضُ الرُّقَاةِ مِنْ بَعْضِ الْمَرْضَى عَدَمَ مَسِّ الْمَاءِ وَعَدَمَ الِاغْتِسَالِ، وَمَا ذَلِكَ إِلَّا بِأَمْرِ الشَّيَاطِين،؛ حَتَّى يَحْرِمُوهُمْ مِنَ الصَّلَاةِ وَالذِّكْرِ حَتَّى يَتَسَلَّطُوا عَلَيْهِمْ.

ومنها: كَذَلِكَ أن يَكْتُبَ بَعْضُ الرُّقَاةِ فِي أَوْرَاقٍ حُرُوفًا وَأَرْقَامًا أَوْ رُسُومًا أَوْ طَلَاسِمَ، وَيَأْمُرُ بِدَفْنِهَا فِي بَعْضِ الْأَمَاكِنِ؛ كَالْمَقَابِرِ أَوِ الْبِحَارِ أَوِ الْمَزَارِعِ أَوِ الْبُيُوت.

ومنها: أن بَعْضَ الرُّقَاةِ يَسْتَخْدِمُ الْحِيلَةَ؛ فَيَبْدَأُ فِي كِتَابَةِ بَعْضِ الْآيَاتِ الْقُرْآنِيَّةِ حَتَّى يُوهِمُ الْمَرِيضَ بِأَنَّهُ رَاقٍ وِفْقَ الشَّرْعِ.

ومنها: كَذَلِكَ أن يَطْلُبَ بَعْضُ الرُّقَاةِ مِنَ الْمَرْضَى ذَبْحَ حَيَوانَاتٍ مُعَيَّنَةٍ؛ مِثْلِ خرُوْفٍ أَسْوَدَ أَوْ دِيكٍ, وَهَذِهِ أُهِلَّ بِهَا لِغَيْرِ اللَّهِ.

ومنها: كَذَلِكَ أن يَطْلُبَ بَعْضُ الرُّقَاةِ مِنِ الْمَرْضَى التَّبَخُّرَ بِبَعْضِ الْأَبْخِرَةِ، وَبَعْضُهَا رَائِحَتُهَا كَرِيهَةٌ، وَيُحَدِّدُ بَعْضُهُمْ وَقْتَ التَّبَخُّرِ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ؛ وَمَا ذَلِكَ إِلَّا لِأَنَّها شَعْوَذَةُ الرُّقَاة قِرَاءَةَ الْكَفِّ وَالْفِنْجَال.

أيها الأفاضلُ: ومِنْ أَخْطَاءِ الرُّقَاة وَهْوَ كَثِيرٌ: عَدَمُ التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْعَيْنِ وَالسِّحْرِ وَالتَّلَبُّسِ؛ فَيُوهِمُونَ الْإِنْسَانَ بِأَنَّهُ قَدْ تَلَبَّسَ بِهِ أَوْ سُحِرَ, وَغَايَةُ مَا فِيهِ إِمَّا عَيْنٌ أَوْ مَرَضٌ.

وَمِنَ الضَّلَالِ الَّذِي وَقَعَ مِنْ بَعْضِ الرُّقَاةِ مَا ذَكَرَتْهُ اللَّجْنَةُ الدَّائِمَةُ: مِنْ أَنَّ بَعْضَ الرُّقَاةِ أَحْدَثُوا صُنُوفًا مِنَ الْمُحْدَثَاتِ، جَهْلًا أَوْ تَأَكُّلًا، أَوْ مِنْ تَلَاعُبِ الشَّيْطَانِ بِبَعْضِهِمْ، وَمِنْهُ إِجْرَاءُ بَعْضِهِمْ الرُّقْيَةَ فِي حُقْنَةٍ, ثُمَّ ضَرْبُهَا فِي الْوَرِيدِ مِنَ الْمَرِيضِ الْمُصَابِ بِالْمَسِّ؛ مُحْتَجِّينَ بِقَوْلِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ مُسْلِمٌ بِأَنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنِ ابْنِ آدَم مَجْرَى الدَّمِ, وَلَا حُجَّةَ لِهَذَا الْمُتَطَبِّبِ فِي الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّها رُقْيَةٌ بِغَيْرِ وَسِيلَةٍ شَرْعِيَّةٍ، وَقَدْ يَتَرَتَّبُ عَلَى حَقْنِ الْمَاءِ فِي الْوَرِيدِ ضَرَرٌ أَوْ تَلَفٌ. انْتَهَى كَلَامُهَا.

كَذَلِكَ مِنْ أَخْطَاءِ الرُّقَاةِ تَوْزِيعُ مَا يُسَمَّى بِأَشْرِطَةِ الرُّقَى، وَمَقاطِعُ فِيهَا رُقًى, "وَقَدْ سُئِلَتْ اللَّجْنَةُ الدَّائِمَةُ لِلْإِفْتَاءِ عَنْ هَذَا، فَأَجَابَتْ بِقَوْلِها: تَشْغِيلُ جِهَازِ التَّسْجِيلِ بِالْقِرَاءَةِ وَالْأَدْعِيةِ لَا يُغْنِي عَنِ الرُّقْيَةِ؛ لِأَنَّ الرُّقْيَةَ عَمَلٌ يَحْتَاجُ إِلَى اعْتِقَادٍ حَالِ أَدَائِهَا مُبَاشَرَةً لِلْنَّفثِ عَلَى المَرِيْضِ، والْجِهَاز لا يَتَأَتَّى مِنْهُ ذَلِكَ" انْتَهَى كَلَامُهُمْ.

أَقُولُ مَا سَمِعْتُمْ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَلِيَّ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ؛ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

الخطبة الثانية:

الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى عِظَمِ نِعَمِهِ وَاِمْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ؛ تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشَهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدَهُ وَرَسُولُهُ وَخَلِيلَهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيرَاً.

أمَّا بَعْدُ: فَاِتَّقُوا اللهَ -عِبَادَ اللهِ- حَقَّ التَّقْوَى، وَاِسْتَمْسِكُوا مِنَ الْإِسْلَامِ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى، وَاِعْلَمُوا أَنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى.

عِبَادَ الله: وَمِنْ أَكْثَر أَخْطَاءِ الْرُّقَاةِ: أَنَّ بَعْضَهُمْ تَحَوَّلَ مِنْ رَاقِّيْ إِلَى طَبِيْب، أَوْ كمَا  يُسَمَّى الْطِبُ الْبَدِيْل بِدُوْن عِلْمٍ وَلَا دِرَايَةٍ.

وَمِنْ أَخْطَاءِ الرُّقَاةِ: تَكْوِينُ خَلْطَاتٍ عُشْبِيَّةٍ أَحْدَثَتْ ضَرَرًا بَالِغًا وَأَضَرَّتْ بِالنَّاسِ, بَلْ بَعْضُهَا خَبِيثَةُ الرَّائِحَةِ, كَذَلِكَ اسْتِخْدَامُ بَعْضِ الرُّقَاةِ وَضْعَ شَاشَةٍ عَلَى عَيْنِ الْمَرِيضِ، وَكَذَلِكَ الْمُبالَغَةُ بالتَّكَسُّبِ.

كَذَلِكَ اسْتِخْدَامُ بَعْضِ الرُّقَاةِ الْعِصِيَّ وَالْكَيَّ بِالْكَهْرُبَاءِ؛ لِعِلَاجِ الْتَلَبُّس الَّذِي جُلَّهُ   تَشْخِيْص لَيْسَ بِصَحِيْحٍ، وَالْتَلَبُّس وَإِنْ كَانَ مَوْجُوْد، وَهُوَ مَحَلُّ إجْمَاعِ الْعُلَمَاء كَمَا نَقَلَ ذَلِك شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي رَدِّهِ عَلَى الْمَنْطِقِيِّن، وَلَكِنْ لَيْسَ بِهَذِهِ الْكَثْرَة وَلَا بِتِلْكَ الْطَرِيْقَة التِي يُمَارِسُهَا  بَعْضُ الْرُّقَاةِ مِنَ الضَرْب بِالْعُصَّي وَالْخَنْقِ وَالْصَعْقِ؛ حَتّى مَاتَ  أُنَّاسٍ  تَحتَ هَذَا الْفَعْلِ.

عِبَادَ الله: هَذِهِ بَعْض الْمُلاحَظَات، وَإِنْ كَانَ هناك كَثِيْرٌ مِنَ الْرُّقَاة الْمُحتَسِبِيْنَ الْمِلْتَزِمِيْنَ بِالْسُنَّةِ فِيْ نَفْعِ الْنَّاسِ وَعِلَاجُهُمْ، فَهَذِهِ تُذْكَرُ فَتُشْكَر، وَلَكنْ حَدِّيثنَا عَنْ أُوْلَئِكَ الضُّلَال وَالْجُّهَال.

اللَّهُمَّ رُدَّنَا إِلَيْكَ رَدًّا جَمِيلًا, الَّلهُمَّ اِحْمِ بِلَادَنَا وَسَائِرَ بِلَادِ الإِسْلَامِ مِنَ الفِتَنِ، وَالمِحَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَن، الَّلهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا، لِمَا تُحِبُ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، الَّلهُمَّ اجْعَلْهُ سِلْمًا لِأْوْلِيَائِكَ ،حَرْباً عَلَى أَعْدَائِكَ، الَّلهُم ارْفَعْ رَايَةَ السُّنَّةِ، وَأَقْمَعْ رَايَةَ البِدْعَةِ، الَّلهُمَّ احْقِنْ دِمَاءَ أَهْلِ الإِسْلَامِ فِي كُلِّ مَكَانٍ.

اللهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا الَّتِي فِيهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مِنَ الْخَيْرِ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْنَا مِنْهُ وَمَا لَمْ نَعْلَمْ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّرِّ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْنَا مِنْهُ وَمَا لَمْ نَعْلَمْ.

اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مَا سَأَلَكَ مِنْهُ عِبَادُكَ الصَّالِحُونَ، ونَسْتَعِيذُ بِكَ مِمَّا اسْتَعَاذَ مِنْهُ عِبَادُكَ الصَّالِحُونَ، رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ، رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ، رَبَّنَا وآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ.

سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى المُرْسَلِينَ، وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ.


تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي