هناك أخطاء وهناك جهل يقع فيه المسبوق في الصلاة وبعض المصلين في السفر، وصلاة المسلم هي رأس ماله وقرة عينه ونجاته ونوره وراحة باله، وصلاح أمره، يجب علينا أن نُوليها كل اهتمامنا وحرصنا حتى نعبد الله -تعالى-، ونصلي له على بصيرة وفهم.
إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهدي الله فهو المهتدي، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله أشرف نبي وأعظم مرسل وخير قدوة، وأتقى الناس وأعبدهم لله صلى الله وسلم عليه ما بعدت عنا الشمس والسماء.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)[سورة آل عمران:102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[سورة النساء:1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا)[سورة الأحزاب:70].
عباد الله: هناك أخطاء وهناك جهل يقع فيه المسبوق في الصلاة وبعض المصلين في السفر، وصلاة المسلم هي رأس ماله وقرة عينه ونجاته ونوره وراحة باله، وصلاح أمره، يجب علينا أن نُوليها كل اهتمامنا وحرصنا حتى نعبد الله -تعالى-، ونصلي له على بصيرة وفهم.
فمن المسائل: كيف يأتي المسبوق للصلاة، ينبغي أن يأتي وعليه السكينة والوقار والهدوء قال أبو قتادة الحارث بن ربعي: "بيْنَما نَحْنُ نُصَلِّي مع النبيِّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- إذْ سَمِعَ جَلَبَةَ رِجَالٍ، فَلَمَّا صَلَّى قَالَ: ما شَأْنُكُمْ؟ قالوا: اسْتَعْجَلْنَا إلى الصَّلَاةِ؟ قَالَ: "فلا تَفْعَلُوا إذَا أتَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَعلَيْكُم بالسَّكِينَةِ، فَما أدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وما فَاتَكُمْ فأتِمُّوا"(أخرجه البخاري ومسلم)، السكينة وليس كما يفعل البعض يريد أن يلحق الركعة يتأخر، ولا يريد أن يفوته شيء فيدخل المسجد وصوته مرتفع بالتشهد والتكبير، وبعضهم يقول: إن الله مع الصابرين، وكل ذلك من أجل أن يسمعه الإمام فينتظره حتى يركع، وهذا لا يجوز إيذاء الناس في صلاتهم، شغل المصلين وقطع خشوعهم وخالف السنة، والصحيح أن يدخل فلا يُسمع له صوت ويدخل في الصلاة على أيّ حال.
المسألة الثانية: إذا دخل المصلي ولم يجد مكانًا في الصف واجتهد في ذلك؛ فإن له أن يصلي منفردًا خلف الصف، أما إذا كان بالإمكان أن يجد مكانًا في الصف ولو بتحريك بسيط لبعض المصلين في الأطراف من غير أن يسحب أحدًا يصلي معه أو ينتظر قليلاً ليلحق به أحد، فلا يجوز له أن يصلي منفردًا لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "استقبلْ صلاتَك؛ فلا صلاةَ لفردٍ خلفَ الصفِّ"(صحيح ابن ماجه)، ولأنه -صلى الله عليه وسلم- كما في حديث رواه وابصة بن معبد الأسدي: أنَّ رَسولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- "رأى رجلًا يصلِّي خلفَ الصَّفِّ وحدَهُ فأمرَهُ أن يُعيدَ الصَّلاةَ"(صحيح أبي داود).
المسألة الثالثة: بعض المصلين يدخل والجماعة في السجود فينتظر واقفًا حتى يقوموا للركعة التي تليها أو يجلسوا للتشهد، ثم يدخل في الصلاة، والصحيح أن المصلي يدخل في الصلاة مباشرةً، وعلى أيّ حال تكون فيه الجماعة؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا جئتُم للصلاةِ ونحن سجودٌ فاسجدوا، ولا تعدُّوها شيئًا، ومن أدرك الركعةَ؛ فقد أدرك الصلاةَ"(صحيح الجامع).
المسألة الرابعة: اتفق العلماء أن من أدرك الإمام في الركوع؛ فقد أدرك الركعة، وبعض المصلين يسعى ويهرول من أجل إدراك الركوع فيدرك الإمام وهو رافع؛ فيدخل في الصلاة ويركع ويحسبها ركعة، وهذا غير جائز؛ لأنه ركع لوحده لا تحسب له ركعة.
المسألة الخامسة: إن ما يقضيه المسبوق هو آخر صلاته، وليس أولها، وأول صلاته هو ما أدركه مع الإمام؛ وذلك لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "وما فَاتَكُمْ فأتِمُّوا"، ولذلك من فاتته ركعتين من المغرب فلا يأتي بها متواصلة، بل لا بد من الجلوس للتشهد ثم يأتي بالركعة الأخيرة.
المسألة السادسة: لا حرج في أن يصير المسبوق إمامًا؛ فإذا دخل رجل المسجد بعد تسليم الإمام ووجد مسبوقًا يتم صلاته فلا حرج في أن يدخل معه في الصلاة فيجعله إمامًا له، قال الإمام ابن باز -رحمه الله تعالى-: "لا حرج في ذلك إن شاء الله على الصحيح".
المسألة السابعة: تدرك صلاة الجمعة بركعة كاملة، أما من دخل والإمام رافع من الركوع الثاني فلا يتمها صلاة جمعة، بل يتمها ظهرًا فيصلي أربعًا، لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "مَن أدركَ ركعتَهُ من الجمعةِ فقد أدركَ الصلاةَ فليُضِفْ إليها أُخرَى"(صححه الألباني في إرواء الغليل)، والمسبوقون والمتأخرون في دخول المسجد يوم الجمعة إذا دخلوا والإمام يخطب فليصلوا تحية المسجد مباشرة لا ينتظرون حتى ينتهي المؤذن.
المسألة الثامنة: استخلاف المسبوق جائز، فإذا فسد وضوء الإمام أو حدث له عارض في الصلاة فخرج منها؛ فالأولى أن يستخلف ممن أدرك معه أول الصلاة، لكن لو استخلف مسبوقًا قد فاتته ركعة أو أكثر فذلك غير جائز، فيأتي المسبوق ويتم صلاة الجماعة ويقوم يأتي بما فاته، وفي هذه الحالة يجلس المصلون حتى يكمل صلاته ويسلموا بعده.
المسألة التاسعة: من دخل في صلاة العيد وقد فاتته بعض التكبيرات التي في أول الصلاة، التكبيرات السبع أو الخمس فاته شيء منها فهل يقضيها ثم يتابع الإمام؟ قال ابن عثيمين -رحمه الله- "إذا دخلت مع الإمام فكبر تكبيرة الإحرام، ثم تابع الإمام فيما بقي ويسقط عنك ما مضى".
المسألة العاشرة: المسبوق في صلاة الجنازة، من فاتته بعض التكبيرات في صلاة الجنازة فيتابع الإمام في التكبيرات التي بقيت، ويأتي بما فاته.
المسألة الحادية عشرة: المسبوق في صلاة الكسوف، فإن من فاته الركوع الأول فقد فاتته ركعة، وعليه أن يأتي بركعة أخرى بقراءتين وركوعين وسجودين.
المسألة الثانية عشرة: من دخل والإمام راكع فعليه أن يكبّر تكبيرة الإحرام وهو واقف وهو قائم، لا يصح أن تنحني للركوع، ثم تكبر تكبيرة الإحرام، ثم يكبر تكبيرة أخرى عند الركوع، فالأولى ركن والثانية واجب.
المسألة الثالثة عشرة: من كان مسافرًا ثم وجد الإمام في التشهد الأخير ولا يدري هل أتم صلاته أم قصرها، أو هل الإمام مسافر أم مقيم، قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- وغيره من أهل العلم: "إذا وجد بعض ما يدل على أن الإمام مسافر مثل وجود حقائب سفر أو إحرام أو أخبره أحد فإنه يقصر صلاته، أما إذا لم يجد تلك الدلائل؛ فإنه يحتاط لصلاته ويصليها كاملة دون قصر، ومن صلى قصرًا ثم تبين أن إمامه صلى تامة فعليه أن يعيد صلاته تامة".
فنسأل الله -تعالى- أن يفقّهنا في ديننا، وأن يتقبل صلاتنا.
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم.
الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يُحب ربنا ويرضى.
عباد الله: من فاتته ركعة جهرية مثلاً في صلاة المغرب أو العشاء أو الفجر أو الجمعة أو غيرها فإنه يتمها المسبوق جهرية يجهر فيها بالفاتحة وبالقرآن.
ومسألة أخرى: من صلى وهو مسافر صلاة العشاء مع جماعة يصلون المغرب فلا يجوز له أن يقصر الصلاة فيصلي العشاء ركعتين؛ لأنه مسافر بل يتم صلاته أربعاً لأنه صلى خلف إمام يُتِمّ.
ومسألة أخرى: من صلى المغرب وهو مسافر خلف أناس يُصلّون العشاء تامة؛ فعليه أن يصلي ثلاثاً ثم يجلس حتى يكمل الإمام الرابعة لصلاة العشاء، ثم يسلم مع المصلين.
مسألة أخرى: لا يصح إيذاء المصلين بالجهر بالقراءة في الصلاة أو بالأصح رفع الصوت، على المصلي أن يخفّض صوته حتى لا يؤذي من حوله.
ومسألة أخرى: حول من يأكل ثوماً أو بصلاً ثم يأتي المسجد فإن ذلك لا يجوز؛ لأن في ذلك إيذاء للملائكة وللمصلين، وذلك لأنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قالَ في غَزْوَةِ خَيْبَرَ: "مَن أكَلَ مِن هذِه الشَّجَرَةِ -يَعْنِي الثُّومَ- فلا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا"(صحيح البخاري)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: "مَن أكَلَ ثُومًا أوْ بَصَلاً، فَلْيَعْتَزِلْنَا -أوْ قالَ-: فَلْيَعْتَزِلْ مَسْجِدَنَا، ولْيَقْعُدْ في بَيْتِهِ"... الحديث. (أخرجه البخاري ومسلم). لكن من أكل ثومًا أو بصلاً ثم دخل يصلي؛ فإن صلاته صحيحة، ولكنه آثم.
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال، وبلغنا فيما يرضيه الآمال؛ إنه سميع قريب مجيب.
وصلوا وسلموا..
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي