المرض والوباء

عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
عناصر الخطبة
  1. النعم لا تدوم .
  2. من دروس وعبر المرض .
  3. كيف يدفع البلاء؟ .
  4. من فقه المرض وأحكامه. .

اقتباس

مَنْشَأَ الأوبئَةِ مِنْ فيروساتٍ صَغِيرَةٍ جِدًا, لا تُرَى بِالعينِ, يُهلِكُ اللهُ بِهَا مَنْ شَاءَ مِنَ الأُمَمِ, أمَا سلَّطَ اللهُ عَلَى فِرعونَ وقومِهِ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ؟! فَفِي هَذِهِ الأشياءِ -وإنْ دَقَّتْ- عَجَيبُ صُنْعِ اللهِ, وعَظَيمُ قُدرَتِهِ, وبيانُ عَجْزِ البَشَرِ -وَلَوِ اجتمعُوا- عَنْ فيروسٍ صَغَيرٍ...

الخطبة الأولى:

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي قدّرَ الأقدارَ, (خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ)[الزمر: 5].

ثمَّ الصلاةُ على الْمُختارِ سَيِّدِنـا *** مَا وَضّـأَ البَرْقُ في شَّامٍ وفي يَمَنِ

أمَّا بَعْدُ: فإنَّ اللهَ يَبْتَلِي عِبادَهُ بالسَّرَّاءِ تَارَّةً, وبِالضَّرَّاءِ تَارَّةً أُخْرَى؛ يَبْتَلِيهِمْ بالصِّحَّةِ كَمَا يَبْتَلِيهِمْ بِالْمَرَضِ؛ فَالصِّحَّةُ تُقابَلُ بالشُّكْرِ, والْمَرَضُ يُقابَلُ بِالاحتسَابِ والصَّبْرِ, يَبْتَلِيهِمْ بِالغِنَى كَمَا يَبْتَلِيهِمْ بِالْفَقْرِ؛ فيُشْكَرُ في حَالِ الغِنى, ويُصْبرُ في حَالِ الفَقْرِ, قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: "الْفَقْرُ وَالْغِنَى مَطِيَّتَانِ, مَا أُبَالِي أَيُّهُمَا رَكِبْتُ, إِنْ كَانَ الْفَقْرُ فَإِنَّ فِيهِ الصَّبْرَ, وَإِنْ كَانَ الْغِنَى فَإِنَّ فِيهِ الْبَذْلَ", ومِن الْمُحَالِ دوامُ الْحَالِ؛ يَغتَنِي فَقَيرٌ, ويَفْتَقِرُ غَنيٌّ, ويَصِحُّ مَريضٌ, ويَمْرَضُ صَحيحٌ!.

فلا حُزْنٌ يَدومُ ولا سُرورُ *** ولا بَأسٌ عَليْكَ وَلا رَخَاءُ

وَصَدَقَ اللهُ: (وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ)[البقرة: 251]؛ قَالَ ابنُ كَثيرٍ: "أَيْ: مَـنٌّ عَلَيْهِمْ وَرَحْمَةٌ بِهِمْ... وَلَهُ الْحُكْمُ وَالْحِكْمَةُ وَالْحُجَّةُ عَلَى خَلْقِهِ فِي جَمِيعِ أَفْعَالِهِ وَأَقْوَالِهِ". اهـ.

وإنَّ في الْمَرَضِ دُرُوسا وعِبَرا:

الدَّرسُ الأوَّلُ: القَدَرُ ماضٍ, والقضاءُ نافِذٌ, وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ, والْحُكمُ للهِ, والذي يَجِبُ عَلَى الْمسلِمِ أنْ يَتَفَكَّرَ فِيهِ عِنْدَ نُزولِ الأمراضِ وحُلُولِ الأوبئةِ: مَاذا قدَّمَ لآخرَتِهِ؟ قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ! مَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ: "وَمَا أَعْدَدْتَ لَهَا؟"(رَوَاهُ البخاريُّ ومسلمٌ)؛ هذا السؤالُ الْمُهمّ.

وإذا نَزَلَ القَضَاءُ ضَاقَ الفَضَاءُ, قالَ التِّرْمِذِيُّ: "إِذَا جَاءَ الْقَدَرُ عَمِيَ الْبَصَرُ, وَإِذَا جَاءَ الْحَيْنُ غَطَّى الْعَيْنَ", وصَدَقَ اللهُ: (أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ)[النساء: 78]؛ قال ابنُ كَثيرٍ: "وَالْمَقْصُودُ أَنَّ كُلَّ أَحَدٍ صَائِرٌ إِلَى الْمَوْتِ لا مَحَالَةَ, وَلا يُنْجِيهِ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ, وَسَوَاءٌ عَلَيْهِ جَاهَدَ أَوْ لَمْ يُجَاهِدْ؛ فَإِنَّ لَهُ أَجَلا مَحْتُومًا, وَأَمَدًا مَقْسُومًا, كَمَا قَالَ خَالدُ بِنُ الوليدِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- حِينَ جَاءَ الْمَوْتُ عَلَى فِرَاشِهِ: لَقَدْ شَهِدْتُ كَذَا وَكَذَا مَوْقِفًا, وَمَا مِنْ عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِي إِلاَّ وَفِيهِ جُرْحٌ مِنْ طَعْنَةٍ أَوْ رَمْيَةٍ, وَهَا أَنَا أَمُوتُ عَلَى فِرَاشِي, فَلا نَامَتْ أَعْيُنُ الْجُبَنَاءِ". اهـ.

وقد أخْبَر اللهُ -عَزّ وَجَلّ- أنه أمات مَن فَرّوا مِن الموت, فقال -سبحانه وتعالى-: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ)[البقرة: 243]؛ قال ابنُ كَثيرٍ: "وَفِي هَذِهِ الْقِصَّةِ عِبْرَةٌ وَدَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَنْ يُغْنِيَ حَذَرٌ مِنْ قَدَرٍ, وَأَنَّهُ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ, فَإِنَّ هَؤُلَاءِ فَرُّوا مِنَ الْوَبَاءِ طَلَبًا لِطُولِ الْحَيَاةِ؛ فَعُومِلُوا بِنَقِيضِ قَصْدِهِمْ, وَجَاءَهُمُ الْمَوْتُ سَرِيعًا فِي آنٍ وَاحِدٍ". اهـ.

الدَّرسُ الثاني: أنَّ مِنْ سُننِ اللهِ نُزولَ الداءِ والبلاءِ والوباءِ, ثمَّ يَرفعُهَا اللهُ إذَا شَاءَ أنْ يَرْفَعَهَا, وذَلِكَ ابتلاءٌ وامتحِانٌ للعِبادِ؛ فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا, وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السُّخْطُ, قال -عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ-: "إنَّ عِظَمَ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلاَءِ, وَإِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلاَهُمْ, فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا, وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السُّخْطُ"(رَوَاهُ الترمذيُّ وابنُ مَاجَه), وقَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إِذَا أَرَادَ اللهُ -تَعَالَى- بِقَوْمٍ عَذَابًا أَصَابَ الْعَذَابُ مَنْ كَانَ فِيهِمْ, ثُمَّ بُعِثُوا عَلَى أَعْمَالِهِمْ"(رَوَاهُ البخاريُّ ومسلِمٌ)؛ قَالَ القُرطبيُّ: "فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْهَلاكَ الْعَامَّ مِنْهُ مَا يَكُونُ طُهْرَةً لِلْمُؤْمِنِينَ, وَمِنْهُ مَا يَكُونُ نِقْمَةً لِلْفَاسِقِينَ". اهـ.

ومِن دروسِ الابتلاءِ: أنْ يَتَضَرّعَ النَّاسُ عِنْدَ نُزولِ البَلاءِ والوَبَاءِ, وأنْ يَستكينوا ويَرْجِعُوا إلى ربِّهمْ, قال الله -تبارك وتعالى-: (فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)[الأنعام: 43], وقال الله -عزّ وجَلّ- عن القومِ الكافِرين: (وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ لَلَجُّوا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ * وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ)[المؤمنون: 75، 76]؛ قال الإمام السمعاني: "أَي: مَا خضعوا وَمَا ذَلُّوا لِرَبِّهِم". اهـ.

وما اسْتُدْفِع الشرّ والبلاء بِمِثلِ التّوبَةِ والدّعاء؛ ولذلك كان مِن دُعاء النبي -صلى الله عليه وسلم-: "اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْبَرَصِ وَالْجُنُونِ وَالْجُذَامِ, وَمِنْ سَيِّئِ الأَسْقَامِ"(رواه الإمام أحمد وأبو داود), قَالَ العبَّاسُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: "اللَّهُمَّ إِنَّهُ لَمْ يَنْزِلْ بَلاءٌ إِلاَّ بِذَنْبٍ, وَلَمْ يُكْشَفْ إِلاَّ بِتَوْبَةٍ".

قال ابن القيم: "يُؤَدِّبُ اللهُ عَبْدَهُ الْمُؤْمِنَ الَّذِي يُحِبُّهُ وَهُوَ كَرِيمٌ عِنْدَهُ بِأَدْنَى زَلَّةٍ وَهَفْوَةٍ، فَلا يَزَالُ مُسْتَيْقِظًا حَذِرًا، وَأَمَّا مَنْ سَقَطَ مِنْ عَيْنِهِ وَهَانَ عَلَيْهِ؛ فَإِنَّهُ يُخَلِّي بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَعَاصِيهِ"(زاد المعاد).

وقد ذمّ اللهُ مَن لَم يَتّعِظ بالمَصائب والأوبئة؛ كما قال -تبارك وتعالى- عن فِرعون ومَن مَعه: (فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ)[الأعراف: 133].

الدَّرسُ الثالِثُ: أنَّ في الأمراضِ والأوْبِئَةِ خَيْرا؛ فإنَّ مِنَ الأمْرَاضِ الفَتَّاكَةِ مَا يَكونُ شهادَةً ورِفْعَةً لِمَنْ يموتُ فِيهِ؛ ولِذَا قَالَ -عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ-: "اللهُمَّ اجْعَلْ فَنَاءَ أُمَّتِي فِي سَبِيلِكَ بِالطَّعْنِ وَالطَّاعُونِ"(رَوَاهُ الإمامُ أَحْمَدُ, وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ)؛ قال مُحِبُّ الدِّينِ الطبريُّ: "قَالَ أَهْلُ العِلْمِ: إنَّمَا يَكونُ شَهَادَةً لِمَنْ صَبَرَ عَلَيْهِ محتسبًا عالِمًا بأنَّ مَا أصابَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهُ, وَمَا أَخَطَأَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَهُ, فَأمَّا مَنْ فَرَّ مِنْهُ فَأصَابَهُ فَلَيْسَ بِشَهِيدٍ". اهـ.

وقَالَ رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "الشُّهَدَاءُ خَمْسَةٌ: الْمَطْعُونُ, وَالْمَبْطُونُ, وَالْغَرِقُ, وَصَاحِبُ الْهَدْمِ, وَالشَّهِيدُ فِي سَبِيلِ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ-"(رواه البخاري ومسلم).

وَقَدْ نُهينا عَنْ سَبِّ الْمَرَضِ؛ لأنَّ مِنْهُ مَا يَكونُ رَحْمَةً, وَمِنْهُ مَا يَكونُ شَهَادَةً في سَبيلِ اللهِ؛ فقد دَخَلَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى أُمِّ السَّائِبِ, أَوْ أُمِّ الْمُسَيَّبِ فَقَالَ: "مَا لَكِ يَا أُمَّ السَّائِبِ, أَوْ يَا أُمَّ الْمُسَيَّبِ تُزَفْزِفِينَ؟" -أيْ: تَرْتَعِدِين-, قَالَتْ: الْحُمَّى, لاَ بَارَكَ اللَّهُ فِيهَا, فَقَالَ: "لاَ تَسُبِّي الْحُمَّى؛ فَإِنَّهَا تُذْهِبُ خَطَايَا بَنِي آدَمَ؛ كَمَا يُذْهِبُ الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ"(رَوَاهُ مسلِمٌ).

ومِن الأوْبِئة ما يَكون رَحمة للمُؤمِنِين, وعَذابًا للكافِرين؛ ففي حديث عائشة -رضي الله عنها-: أَنَّهَا سَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنِ الطَّاعُونِ, فَأَخْبَرَهَا نَبِيُّ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "أَنَّهُ كَانَ عَذَابًا يَبْعَثُهُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ، فَجَعَلَهُ اللَّهُ رَحْمَةً لِلْمُؤْمِنِينَ, فَلَيْسَ مِنْ عَبْدٍ يَقَعُ الطَّاعُونُ, فَيَمْكُثُ فِي بَلَدِهِ صَابِرًا, يَعْلَمُ أَنَّهُ لَنْ يُصِيبَهُ إِلاَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ؛ إِلاَّ كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ الشَّهِيدِ"(رواه البخاري), وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "الطَّاعُونُ شَهَادَةٌ لِكُلِّ مُسْلِمٍ"(رواه البخاري ومسلم).

الدَّرسُ الرَّابِعُ: فِقْهُ الْمَرَضِ, وَعَدَمُ الْهَلَعِ, وتَرْكُ الْجَزَعِ, وَمَا كَانَ السَّلَفُ يَهْرُبُونَ مِنَ الْمَرَضِ, وَلا كَانَ يُصيبُهُمْ الْهَلَعُ عِنْدَ نزولِ الوَبَاءِ والبَلاءِ؛ لِيقينِهِمْ بِأنَّ اللهَ أرْحَمُ بِهِمْ مِنْ أُمَّهَاتِهِمْ, وَأنَّ القَدَرَ واقِعٌ لا مَحالَةَ, وأنَّهُمْ في حِفْظِ اللهِ ورعايتِهِ وكَلاءَتِهِ.

قَالَ عَلِيٌّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: "إِنَّ مَعَ كُلِّ رَجُلٍ مَلَكَيْنِ يَحْفَظَانِهِ مِمَّا لَمْ يُقَدَّرْ, فَإِذَا جَاءَ الْقَدَرُ خَلَّيَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ, وَإِنَّ الْأَجَلَ جُنَّةٌ حَصِينَةٌ"(رواه ابن جرير في تفسيره), وقال شيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميَّةَ: "الْعَوَارِضُ وَالْمِحَنُ هِيَ كَالْحَرِّ وَالْبَرْدِ, فَإِذَا عَلِمَ الْعَبْدُ أَنَّهُ لا بُدَّ مِنْهُمَا لَمْ يَغْضَبْ لِوُرُودِهِمَا, وَلَمْ يَغْتَمَّ لِذَلِكَ وَلَمْ يَحْزَنْ". اهـ.

ومِن هُنا اعْتَبَرَ الصحابةُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ- الطَّاعونَ رَحْمَةً, قَالَ عطاءُ بنُ أَبي مُسْلِمٍ: "قَامَ مُعَاذُ بنُ جَبَلٍ فِي الْجَيْشِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ حِينَ وَقَعَ الْوَبَاءُ -يعني: الطاعونَ-, فَقَالَ لِلنَّاسِ: هَذِهِ رَحْمَةُ رَبِّكُمْ, وَدَعْوَةُ نَبِيَّكُمْ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-, وَمَوْتُ الصَّالِحِينَ قَبْلَكُمْ, ثُمَّ قَالَ مُعَاذٌ وَهُوَ يَخْطُبُ: اللهُمَّ ادْخِلْ عَلَى آلِ مُعَاذٍ نَصِيبَهُمُ الأَوْفَى مِنْ هَذِهِ الرَّحْمَةِ؛ فَطُعِنَتْ لَهُ امْرَأَتَانِ فَمَاتَتَا -أي: أصابَهُمَا الطَّاعُونُ-، حَتَّى طُعِنَ ابْنُه عَبْدُ الرَّحْمَنِ, بِكْرُهُ الَّذِي كَانَ يُكَنَّى بِهِ وَأَحَبُّ الْخَلْقِ إِلَيْهِ, فَلَمَّا رَأَى أَبَاهُ مُعَاذًا قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: يَا أَبَتِ! (الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ)[البقرة: 147], وقَالَ: (سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ)[الصافات: 102], قَالَ: فَمَاتَ مِنَ الْجُمُعَةِ إِلَى الْجُمُعَةِ آلُ مُعَاذٍ كُلُّهُمْ, ثُمَّ هُوَ كَانَ آخِرَهُمْ"(رَوَاهُ عبدُ الرَّزَّاقِ وابنُ أبي شَيْبَةَ, وأَحْمدُ مخْتَصَرا).

وقال معاذٌ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- عَنِ الطَّاعُونِ: "هو شهادةٌ ورحمةٌ, ودعوةُ نَبِيِّكُم", قَالَ أبو قِلابةَ: قد عَرَفْتُ الشهادةَ والرَّحْمَةَ, فَمَا دَعْوَةُ نبيِّكُمْ؟ فَسَألْتُ عَنْهَا فَقَيلَ: "دَعَا -عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ- أن يَجْعَلَ فَنَاءَ أمتِّهِ بِالطَّعْنِ والطَّاعُونِ, حِينَ دَعَا أنْ لا يَجْعَلَ بَأْسَ أُمَّتِهِ بَيْنَهُمْ فَمُنِعَهَا، فَدَعَا بِهَذَا".

وَرَوى البيهقيُّ في الشُّعَبِ مِنْ طَرِيقِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ, أَنَّ وَجَعَ عَمَوَاسٍ -حيثُ وَقَعَ الطَّاعُونُ- كَانَ مُعَافًى مِنْهُ أَبُو عُبَيْدةَ بْنُ الْجَرَّاحِ وَأَهْلُهُ, فَقَالَ: "اللهُمَّ نَصِيبَكَ فِي آلِ أَبِي عُبَيْدَةَ", قَالَ: فَخَرَجَتْ بِأَبِي عُبَيْدَةَ بَثْرَةٌ فِي خِنْصَرِهِ, فَجَعَلَ يَنْظُرُ إِلَيْهَا فَقِيلَ: إِنَّهَا لَيْسَتْ بِشَيْءٍ, فَقَالَ: "إِنِّي أَرْجُو أَنْ يُبَارِكَ اللهُ فِيهَا؛ فَإِنَّهُ إِذَا بَارَكَ فِي الْقَلِيلِ كَانَ كَثِيرًا"(وأَصْلُهُ في مُسْنَدِ الإمامِ أَحْمَدَ).

ومِن فِقْهِ الْمَرَضِ: أنْ لا يُدخَلَ إلى بَلَدٍ يَنْتَشِرُ فَيهِ الوَبَاءُ, وَلا يُهرَبَ مِنْهُ, قالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن الطَّاعُونِ: "إِنَّ هَذَا الْوَجَعَ رِجْزٌ, أَوْ عَذَابٌ, أَوْ بَقِيَّةُ عَذَابٍ عُذِّبَ بِهِ أُنَاسٌ مِنْ قَبْلِكُمْ, فَإِذَا كَانَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا؛ فَلاَ تَخْرُجُوا مِنْهَا وَإِذَا بَلَغَكُمْ أَنَّهُ بِأَرْضٍ فَلاَ تَدْخُلُوهَا"(رواه البخاري ومسلم).

وقَالَ ابنُ مَسْعُودٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: "الطَّاعُونُ فِتْنَةٌ عَلَى الْمُقِيمِ وَعَلَى الْفَارِّ؛ أَمَّا الْفَارُّ فَيَقُولُ: فَرَرْتُ فَنَجَوْتُ, وَأَمَّا الْمُقِيمُ فَيَقُولُ: أَقَمْتُ فَمُتُّ, وَإِنَّمَا فَرَّ مَنْ لَمْ يَجِئْ أَجَلُهُ, وَقَامَ فَمَاتَ مَنْ جَاءَ أَجَلُهُ", وَسُئِلَ سُفيانُ الثَّوريُّ عَنِ الرَّجُلِ يَخْرُجُ أيامَ الوَبَاءِ بِغيْرِ تِجَارَةٍ مَعروفَةٍ, قَالَ: "لَم يَكونوا يَفعلونَ ذلِكَ وَمَا أُحِبُّهُ", وقال ابنُ عبدِ البَرِّ: "لا يَجُوزُ لأَحَدٍ أَنْ يَقْدِمَ عَلَى مَوْضِعِ طَاعُونٍ لَمْ يَكُنْ سَاكِنًا فِيهِ, وَلا يَجُوزُ لَهُ الْفِرَارُ عَنْهُ إِذَا كَانَ قَدْ نَزَلَ فِي وَطَنِهِ وَمَوْضِعِ سُكْنَاهُ". اهـ.

الدَّرسُ الخَامِسُ: أنَّ الْمَرَضَ كفارةٌ للخِطَايَا, لَمَّا نَزَلَتْ: (مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ)[النساء: 123], بَلَغَتْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مَبْلَغًا شَدِيدًا؛ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "قَارِبُوا, وَسَدِّدُوا, فَفِي كُلِّ مَا يُصَابُ بِهِ الْمُسْلِمُ كَفَّارَةٌ؛ حَتَّى النَّكْبَةِ يُنْكَبُهَا, أَوِ الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا"(رَوَاهُ مسلِمٌ), وقال -عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ-: "مَا يَبْرَحُ الْبَلاَءُ بِالْعَبْدِ؛ حَتَّى يَتْرُكَهُ يَمْشِي عَلَى الأَرْضِ, وَمَا عَلَيْهِ مِنْ خَطِيئَةٍ"(رَوَاهُ الإمامُ أحْمَدُ والترمذيُّ وابنُ مَاجَه).

وَالْمَرَضُ مُذْهِبٌ للْخَطَايَا, قال -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "الْمَرِيضُ تَحَاتُّ خَطَايَاهُ؛ كَمَا يَتَحَاتُّ وَرَقُ الشَّجَرِ"(رَوَاهُ الإمامُ أحمدُ, وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ), وَقَدْ شَبَّهَ النبيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمُؤْمِن بقوله: "مَثَلُ الْمُؤْمِنِ كَالْخَامَةِ مِنَ الزَّرْعِ, تُفَيِّئُهَا الرِّيحُ مَرَّةً وَتَعْدِلُهَا مَرَّةً, وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ كَالْأَرْزَةِ, لَا تَزَالُ حَتَّى يَكُونَ انْجِعَافُهَا مَرَّةً وَاحِدَةً"(في الصحيحيْنِ)؛ قَالَ النوويُّ: "قَالَ الْعُلَمَاءُ: مَعْنَى الْحَدِيثِ: أَنَّ الْمُؤْمِنَ كَثِيرُ الآلامِ فِي بَدَنِهِ أَوْ أَهْلِهِ أَوْ مَالِهِ, وَذَلِكَ مُكَفِّرٌ لِسَيِّئَاتِهِ, وَرَافِعٌ لِدَرَجَاتِهِ, وَأَمَّا الْكَافِرُ فَقَلِيلُهَا, وَإِنْ وَقَعَ بِهِ شَيْءٌ لَمْ يُكَفِّرْ شَيْئًا مِنْ سَيِّئَاتِهِ, بَلْ يَأْتِي بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ كامِلَةً". اهـ.

قَالَ أَبو الدَّرْدَاءِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: "أُحِبُّ الْفَقْرَ تَوَاضُعًا لِرَبِّي, وَأُحِبُّ الْمَوْتَ اشْتِيَاقًا إِلَى رَبِّي, وَأُحِبُّ الْمَرَضَ كَفَّارَةً لِخَطِيئَتِي".

أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ؛ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

الخطبة الثانية:

الحمدُ للهِ الوهَّابِ, الذي حَمْدُهُ عِـزٌّ للحَامِدِين, لك الْحَمْدُ حمدًا كثيرًا طيبًا مُبَارَكا فيه.

أمَّا بَعْدُ: فإنَّ "الصِّحَّةَ وَالْعَافِيَةَ مِنْ أَجَلِّ نِعَمِ اللَّهِ عَلَى عَبْدِهِ, وَأَجْزَلِ عَطَايَاهُ, وَأَوْفَرِ مِنَحِهِ, بَلِ الْعَافِيَةُ الْمُطْلَقَةُ أَجَلُّ النِّعَمِ عَلَى الإِطْلاقِ"؛ كَمَا قَالَ ابنُ القيِّمِ.

ومِنْ دُروسِ المَرَضِ: الدرسُ السادِس: بيانُ ضَعْفِ اليقينِ والتوكلِ, ويظهَرُ ذلِكَ عنْدَ النوازِلِ, يُؤجِّجُ ذلِكَ: وسائلُ إعلامٍ, ويَنْفُخُ فِيهِ وسائلُ تواصُلٍ؛ فَيَبُثُّونَ في الناسِ الْهَلَعَ, ويُشْرِبُونَهُم الخوفَ, وهُمُ الذينَ أخافوا الناسَ بِالأمْسِ وَبَثُّوُا فيهِمْ الرُّعْبَ بِنَوازِلَ شَبيهةٍ, مِثْلُ: انفلونزا الطيورِ والخنازيرِ... حَتَّى خُيِّلَ لِبَعْضِ النَّاسِ أنَّهَا القاضيةُ!, وَحَتَّى امتَنَعَ بَعْضُ النَّاسِ مِنْ أَكْلِ الطيورِ أيًّا كَانَتْ, بَلْ تخوَّفُوا مِنْ لَمْسِ ريشَةٍ مُلْقَاةٍ!, ومِنْ مَسْكِ مِقبَضِ بابٍ!.

والإرجَافُ مِنْ خِصالِ الْمُنافِقينَ؛ (لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا)[الأحزاب: 60], قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: "التَّوَكُّلُ عَلَى اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ- جِمَاعُ الإِيمَانِ".

الدَّرسُ السابِع: أنَّ مَنْشَأَ الأوبئَةِ مِنْ فيروساتٍ صَغِيرَةٍ جِدًا, لا تُرَى بِالعينِ, يُهلِكُ اللهُ بِهَا مَنْ شَاءَ مِنَ الأُمَمِ, أمَا سلَّطَ اللهُ عَلَى فِرعونَ وقومِهِ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ؟! فَفِي هَذِهِ الأشياءِ -وإنْ دَقَّتْ- عَجَيبُ صُنْعِ اللهِ, وعَظَيمُ قُدرَتِهِ, وبيانُ عَجْزِ البَشَرِ -وَلَوِ اجتمعُوا- عَنْ فيروسٍ صَغَيرٍ!.

وبيانُ عِظَمِ النِّعَمِ التي يَتَقلَّبُ فِيها النَّاسُ, وَقَدْرِ الصِّحَةِ التي يتنعّمونَ بِهَا, قَالَ بَكْرٌ الْمُزَنِيُّ: "يَا ابْنَ آدَمَ! إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَعْلَمَ قَدْرَ مَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْكَ؛ فَغَمِّضْ عَيْنَيْكَ", وَفِي بَعْضِ الآثَارِ: "كَمْ مِنْ نِعْمَةٍ لِلَّهِ فِي عِرْقٍ سَاكِنٍ".

الدرسُ الثامِن: أنَّ العافيَةَ رُبَّمَا مَرَّتْ مِنْ خِلالِ قَنْطَرَةِ الْمَرَضِ, ورُبَّمَا صَحَّتِ الأبدانُ بالعِلَلِ؛ فَكَمْ مِنْ مَرَضٍ دَفَعَ اللهُ بِهِ أمراضًا كثيرةً!, وَكَمْ مِنْ عِلَّةٍ كَانَتْ سَبَبَ شِفَاءِ أَمْرَاضٍ أُخْرَى!, ورُبَّمَا كَانَ الْمَرَضُ سَبَبا لاكتشَافِ أمْرَاضٍ أُخْرَى؛ فعُولِجَتْ قَبْلَ استفحالِهَا, فَكَمْ مِنْ مِحْنَةٍ في طيِّهَا مِنْحَةٌ, ورُبَّ عِلَّةٍ كَانَتْ سَبَبَ الصِّحَةِ!.

الدَّرسُ التاسِع: أنَّ وَاجِبَ المُسْلِمِ التَّسليمُ للهِ -عزَّ وجَلَّ- في مواضِعِ القَدَرِ, وَعَدَمُ الاعترَاضِ, والرِّضَا عَنِ اللهِ؛ لأنَّهُ حَكَيمٌ عَلَيمٌ؛ فالرِّضَا بِاللهِ ربًّا, يَقْتضِي الرِّضا عَنِ اللهِ في مَواقِعِ القَدَرِ, وعَدَمَ تَسَخُّطِ أقْدَارِه, والتسليمَ لأحْكَامِه -تبارَكَ وَتعالى-.

وهَذَا إنَّمَا يَظهرُ بِجلاءٍ ويَتبيَّنُ بِوُضُوحٍ في حالِ الضَّرّاءِ, وأمَّا في حَالِ السَّرَّاءِ فالناسُ فيه مُتقَارِبُونَ, قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: "أَصْبَحْتُ وَمَا لِي سُرُورٌ إِلاَّ فِي مَوَاقِعِ الْقَدَرِ", وقَالَ ذو النُّونِ: "ثَلاثَةٌ مِنْ أَعْلامِ التَّسْلِيمِ: مُقَابَلَةُ الْقَضَاءِ بِالرِّضَا، وَالصَّبْرُ عَلَى الْبَلاءِ, وَالشُّكْرُ عَلَى الرَّخَاءِ".

قَالَ أبو زيدٍ القرطبيُّ:

لا تجزَعنَّ لِمَكْرُوهٍ تُصَابُ بِهِ *** فَقَدْ يُؤدِيكَ نَحَوَ الصِّحَةِ المرضُ

واعْلَمْ بِأنَّكَ عَبْدٌ لا فِكَاكَ لَهُ *** والعَبْدُ لَيْسَ عَلَى مَولاهُ يَعْتَرِضُ

فَسَلِّمِ الأمْرَ تَسْلَمْ في عَوَاقِبِهِ *** وَارْضَ القَضَاءَ فَقَدْ فَازَ الذيْنَ رَضُوا

وإنْ غَدَتْ أزْمَةٌ فَاصْبِرْ لِشِدَّتِهَا *** إنَّ الشَّدَائدَ تَأْتِي ثُمَّ تَنْقَرِضُ

والعُسْرُ يَتلُوهُ يُسْرٌ إنْ صَبَرْتَ لَهُ *** ضِدَّانِ هَذَا وَهَذَا عِنْدَنَا عَرَضُ

والعيشُ كَالْحُلْمِ أضغَاثٌ مُنَوَّعَةٌ *** وسوْفَ يَلْحَقُ بِالإِيقاظِ مُغْتَمِضُ

يا مَنْ تَسَخَّطَ مَا يَجْرِي القضاءُ بِهِ *** كَمْ أَنْتَ في سُنَنِ الْهُلاّك تَرْتَكِضُ

مَنَ كَانَ ظَاهِرُهُ نُوراً وباطِنُهُ *** لم يُلْفَّ في ظلماتِ الجَهْلِ يَنتهِضُ

وَمَنْ يَكُنْ تَارِكاً شَيْئا لِخَالِقِهِ *** فَسَوْفَ يُرضِيهِ مِنْ مَتْروكِهِ العِوَضُ


تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي