جماعة التبليغ

عبد الله بن محمد الطيار
عناصر الخطبة
  1. منزلة الدعوة إلى الله ومكانتها .
  2. التعريف بجماعة التبليغ .
  3. بعض ما قاله كبار العلماء في جماعة التبليغ .
  4. مخالفات وأخطاء عند جماعة التبليغ. .

اقتباس

وهذهِ الجماعةُ كانتْ بدايتُها في الهندِ، ثمَّ جاءَ بعضُ أفرادِها لبلادِنا طالبينَ الإذنَ لهمْ بممارسةِ دعوتهِم؛ فأصدرَ سماحةُ مفتي المملكةِ في زمانِه الشيخُ محمدُ بنُ إبراهيمَ آل الشيخِ -رحمهُ اللهُ- فتوى في شأنِهم ذَكَرَ فيهَا: "أنَّ هذهِ الجمعيةَ لا خيرَ فيها؛ فإنَّها جمعيةُ بدعةٍ وضلالةٍ, وبقراءةِ الكُتيِّباتِ المرفقةِ بخطابِهم وجدنَاهَا تشتملُ على الضلالِ والبدعةِ...

الخطبة الأولى:

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيِكَ لهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُـحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)[آل عمران: 102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النساء: 1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب: 70 – 71 ].

أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيِثِ كِتَابُ اللهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَشَرَّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ، وَكُلَّ ضَلاَلَةٍ فِي النَّارِ.

عبادَ الله: الدعوةُ إلى اللهِ شرفُ هذه الأمةِ وزينتُها بينَ الأممِ، وهي الدعوةُ إلى توحيدِ اللهِ بإفرادِه بالعبادةِ ونبذِ الشركِ، وهي الدعوةُ إلى اتباعِ نبيِّهِ محمدٍ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-، والتحذيرِ منْ الابتداعِ في دينهِ؛ قال اللهُ -تعالى-: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ)[فصلت: 33].

ولقد قامتْ بلادُنَا -وللهِ الحمدُ والمنَّةُ- منذُ عهدِ المؤسِّسِ الملكِ عبدِالعزيزِ -رحمهُ اللهُ- على نصرةِ التوحيدِ ومحاربةِ الشِّركِ والبدعِ، وحمايةِ السُّنةِ ونشرِها، والدعوةِ إلى اللهِ على بصيرةٍ.

عبادَ اللهِ: وإنَّ ممَا أصابَ الناسَ في زمانِنَا التَّفرقَ, وكثرةَ الجماعاتِ والفرقِ التي تدَّعي أنَّها تسيرُ على الطريقِ الصحيحِ، وتزعمُ الدعوةَ والإصلاحَ، وهيَ على خلافِ ذلكَ في دعوتِها؛ لبعدِها عن المنهجِ القويمِ، ومنْ تلكَ الجماعاتِ (جَماعةُ التبليغِ) التي يغلبُ على أفرادِها الجهلُ بالعقيدةِ، والسُّنةِ الصحيحةِ، ويكثرُ عندهم ذكرُ الخرُافاتِ والقصصِ الكاذبةِ، ويتباهونَ دائمًا أنَّهم أكثرُ الناسِ أثرًا على الدعوةِ منْ غيرهِم.

وهذهِ الجماعةُ كانتْ بدايتُها في الهندِ، ثمَّ جاءَ بعضُ أفرادِها لبلادِنا طالبينَ الإذنَ لهمْ بممارسةِ دعوتهِم؛ فأصدرَ سماحةُ مفتي المملكةِ في زمانِه الشيخُ محمدُ بنُ إبراهيمَ آل الشيخِ -رحمهُ اللهُ- فتوى في شأنِهم ذَكَرَ فيهَا: "أنَّ هذهِ الجمعيةَ لا خيرَ فيها؛ فإنَّها جمعيةُ بدعةٍ وضلالةٍ, وبقراءةِ الكُتيِّباتِ المرفقةِ بخطابِهم وجدنَاهَا تشتملُ على الضلالِ والبدعةِ, والدعوةِ إلى عبادةِ القبورِ والشِّركِ، الأمرُ الذي لا يسعُ السكوتَ عنه"(مجموع فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم - 1/267، 268). ثمَّ بعدَ فترةٍ من الزمنِ رَجَعُوا مرةً أخرى إلى بلادِنا, فوقفَ لهمْ علماءُ بلادِنا الربَّانيِّينَ؛ لُيحذِّروا الناسَ منهم.

وممَّنْ تكلَّم فيهم سماحةُ الشيخِ بنِ بازِ -رحمهُ اللهُ- حيثُ قالَ: "جماعةُ التبليغِ المعروفةِ الهنديةِ عنْدهمْ خُرافاتٌ، عندهمْ بعضُ البدعِ والشِّركياتِ، فلا يجوزُ الخروجُ معهم، إلا إنسانٌ عندَه علمٌ يخرجُ لينكِرَ عليهمْ ويعلِّمهم..." إلى أنْ قالَ: "أو إنسانٌ عندَهُ علمٌ وبصيرةٌ يخرجُ معهمْ للتبصيرِ والإنكارِ والتوجيهِ إلى الخيرِ وتعليمهِمْ؛ حتى يتركُوا المذهبَ الباطلَ، ويعتنقُوا مذهبَ أهلِ السُّنةِ والجماعةِ"(شريط بعنوان القول البليغ في ذم جماعة التبليغ).

وفي فتوى أخرى لسماحتِه حولَ حكمِ الخروجِ مع هذِه الجماعةِ، قالَ فيهَا -رحمهُ اللهُ-: "جماعةُ التبليغِ ليسَ عندَهمْ بصيرةٌ في مسائلِ العقيدةِ، فلا يجوزُ الخروجُ معهم"(مجلة الدعوة - العدد: 1437), وقال -رحمه الله-: "أمَّا الانتماءُ إلى الأحزابِ فالواجبُ تركهَا، وأنْ ينتمِي الجميعُ إلى كتابِ اللهِ وسنَّةِ رسولِه -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-، فمَا وافقهمَا فهوَ المقبولُ، وما خَالفهمَا وجبَ تركُه، ولا فرقَ في ذلكَ بينَ جماعةِ الإخوانِ، أو أنصارِ السنَّةِ، أو جماعةُ التبليغِ أو غيرهِم منْ الأحزابِ المنتسبةِ للإسلامِ، وبذلكَ تجتمعُ الكلمة، ويكونَ الجميعُ حزبًا واحدًا يرسمُ خطَى أهلِ السنَّةِ والجماعةِ" أ.هـ.

وقالَ شيخنَا محمدُ بنُ عثيمينَ -رحمهُ اللهُ-: "بلغنِي عنْ زعماءَ لهؤلاءِ الجماعةِ في الأقطارِ الإسلاميةِ خارجَ بلادِنَا أنَّهم على انحرافٍ في العقيدةِ، فإذَا صحَّ ذلكَ فإنَّ الواجبَ التحذيرُ منهمْ, والاقتصارُ على الدعوةِ داخلَ بلادِنَا على الوجهِ المشروعِ"(الصحوة الإسلامية ضوابط وتوجيهات لعلي بن حسين أبو لوز - ص163), وكتاب (جماعة التبليغ في شبه القارة الهندية للشيخ/ سيد طالب الرحمن - ص139).

وقالَ الشيخُ حمودُ التويجري -رحمهُ الله-: "إني أنصحُ السائلَ وأنصحُ غيرَه منْ الذين يحرصونَ على سلامةِ دينهِم من أدناسِ الشِّركِ والغُلوِّ والبدعِ والخرافاتِ أن لا ينضمُّوا إلى التبليغيينَ, ولا يخرجُوا معهمْ أبداً, وسواءٌ كانَ ذلكَ في البلادِ السُّعوديةِ أو في خارجِهَا؛ لأنَّ هؤلاءِ أهونُ ما يقالُ في التبليغيينَ أنَّهم أهلُ بدعةٍ وضلالةٍ وجهالةٍ في عقائدِهم وفي سلوكِهم, ومنْ كانُوا بهذهِ الصِّفةِ الذَّميمةِ فلا شكَّ أنَّ السَّلامةَ في مجانبتهِم والبعدِ عنهم"(القول البليغ في التحذير من جماعة التبليغ ص30).

وقال الشيخُ صالحُ الفوزان -حفظهُ اللهُ-: "جماعةُ التبليغِ الذين اغترَّ بهم كثيرٌ منْ الناسِ اليومَ؛ نظرًا لما يظهرُ منهمْ منْ التعبِّدِ وتتويبِ العصاةِ كما يقولونَ، وشدِّةِ تأثيرهِم على مَنْ يصحبُهم، ولكنْ هُمْ يُخرجونَ العصاةَ منْ المعصيةِ إلى البدعةِ، والبدعةُ شرٌّ منْ المعصيةِ، والعاصي من أهلِ السَّنةِ خيرٌ منْ العابدِ منْ أهلِ البدعِ، فليُنتَبهْ لذلكَ"، وقالَ: "والبدعُ التي عندَ جماعةِ التبليغِ قدْ ذَكَرَهَا منْ صَحِبَهم ثُمَّ تابَ مِنْ مصاحبتِهم، وأُلَّفتْ كتبٌ كثيرةٌ في التحذيرِ منهمْ وبيانِ بدعِهم"(إتحاف القاري بالتعليقات على شرح السنة للإمام البربهاري -2/231،232).

ومِمَّنْ ذَكَرَهُم بعضُ علماءِ الأمةِ من خَارجِ بلادِنا؛ منهمْ الشيخُ الألبانيُّ -رحمهُ اللهُ- الذي قالَ فيهِم: "جماعةُ التبليغِ لا تقومُ على منهجِ كتابِ اللهِ وسنةِ رسولِه -عليهِ السلامُ- وما كانَ عليهِ سلفُنَا الصالحُ, وإذَا كانَ الأمرُ كذلكَ؛ فلا يجوزُ الخروجُ معهم"(الفتاوى الإماراتية للألباني - ص73 ص 3).

أعوذُ باللهِ منَ الشيطانِ الرجيم: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)[الأنعام: 153].

باركَ اللهُ لي ولكُم في القرآنِ العظيم, ونفعنِي وإيَّاكم بما فيهِ من الآياتِ والذِّكرِ الحكيمِ, أقولُ ما سمعتمْ فاستغفروا اللهَ يغفرْ لي ولكُم؛ إنَّهُ هو الغفورُ الرّحيم.

الخطبة الثانية:

الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على الرسولِ الكريمِ, محمدِ بنِ عبدِ اللهِ الذي علَّم أمتَه كلَّ خيرٍ، وحذَّرهم من كلِّ شرٍّ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعدُ: فاتقوا الله -أيها المؤمنون-، واعلموا أنَّ منْ مخالفاتِ وأخطاءِ هذه الجماعةِ مَا يلي:

أولاً: تركُها لعقيدةِ التوحيدِ الصافيةِ، ومخالفتُها للكتابِ والسُّنةِ.

ثانيًا: وقوعُها في كثيرٍ من البدعِ.

ثالثًا: ضعفُ العلمِ الشَّرعيِّ لدى أتباعِهَا.

رابعًا: أنَّ أغلبَ المنتسبينَ لهَا جهلةٌ بأمرِ الشرعِ، وهذَا عينُ الفسادِ؛ فمَا أصلحَ جاهلٌ أبدًا، بلْ يضرُّ نفسَه وغيرَه.

خامسًا: تركُهم لمجالسِ العلماءِ الربَّانيين، وإساءةُ الظنِّ بهم.

سادسًا: الجرأةُ في القولِ على اللهِ بغيرِ علمٍ.

سابعًا: انتشارُ الأحاديثِ الضعيفةِ والموضوعةِ بينهم.

ثامنًا: اعتمادُهم على كثيرٍ من القصصِ والمناماتِ.

تاسعًا: مقياسُ الصلاحِ عندَهمْ الخروجُ في سبيلِ اللهِ على طريقتِهم.

أسألُ اللهَ -تعالى- أن يحفظَ علينَا دينَنَا وأمنَنَا واجتماعَ كلمتِنَا ووحدةَ صفّنَا.

هَذا وصلُّوا وسلّموا على الحبيبِ المصطفى والنبيّ المجتبى محمد بن عبد الله؛ فقد أمركم الله بذلك, فقال -جلَّ من قائلٍ عليماً-: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب: 56].


تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي