القرار الحكيم حول حج عام 1441هـ

عبد الله بن محمد الطيار
عناصر الخطبة
  1. وجوب العناية بالنفس وحمايتها .
  2. عظم مكانة الحج في الإسلام .
  3. تقليص أعداد الحجاج هذا العام .
  4. الحفاظ على سلامة الحجَّاج. .

اقتباس

جميعُ النصوصِ الشرعيةِ أكَّدتْ على العنايةِ بالنفسِ وحمايتهَا من كلِّ ما يُعرِّضُها للخطرِ ويقضي عليهَا جزئيًّا أو كليًّا بتعطيلِ منافعهَا أو تقليلِهَا وعدمِ القيامِ بوظائفِهَا العضويةِ والدينيةِ من عبادةِ اللهِ وعمارةِ الأرضِ والاستخلافِ فيهَا.

الخطبة الأولى:

الحمدُ للهِ يفعلُ ما يشاءُ ويحكمُ ما يريدُ وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدهُ لا شريكَ لهُ، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُ اللهِ ورسولُه، صلَّى اللهُ وسلَّم وباركَ عليهِ وعلى آلِه وصحبِه إلى يومِ الدينِ.

أما بعدُ: فاتقوا اللهَ عبادَ اللهِ حقَّ التقوى؛ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُون)[آل عمران:102].

أيُّها المؤمنونَ: من أعظمِ مقاصدِ الشريعةِ التي جاءَ بها الإسلامُ حِفْظُ النفسِ، وهيَ منْ جملةِ الضرورياتِ الخمسِ التي أمرَ الشارعُ الحكيمُ جلَّ وعلا بحفظِها وعدمِ تعريضهِا للضررِ والهلاكِ، قال -تعالى-: (وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا)[النساء:29]، وجميعُ النصوصِ الشرعيةِ أكَّدتْ على العنايةِ بالنفسِ وحمايتهَا من كلِّ ما يُعرِّضُها للخطرِ ويقضي عليهَا جزئيًّا أو كليًّا بتعطيلِ منافعهَا أو تقليلِهَا وعدمِ القيامِ بوظائفِهَا العضويةِ والدينيةِ من عبادةِ اللهِ وعمارةِ الأرضِ والاستخلافِ فيهَا.

عباد الله: واستجابةً لقولِ اللهِ -تعالى-: (وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً)[آل عمران:97]، ولعظمِ مكانةِ الحجِّ في الإسلامِ، ولحرصِ المملكةِ العربيةِ السعوديةِ على إقامةِ هذهِ الشَّعيرةِ بما لا يتَرتبُّ عليه ضررٌ للمسلمينَ من جائحةِ كورونا التي ضَرَبتْ العالمَ كلَّه، فقدَ وافقتْ حكومةُ خادمِ الحرمينِ الشريفينِ على إقامةِ هذا الركنِ في هذا العامِ، مع الحرصِ على تقليصِ أعدادِ الحجاجِ، وقصره على حجاجِ الداخلِ من المقيمينَ والمواطنينَ؛ لكي تكونَ العنايةُ أكملَ وأفضلَ، وحرصًا على سلامةِ الحجيجِ.

وقد أيَّدتْ هيئةُ كبارِ العلماءِ بالمملكةِ العربيةِ السعوديةِ قرارَ حكومةِ خادمِ الحرمينِ الشريفينِ بالموافقةِ على إقامةِ حَجِّ هذا العامِ بعددٍ محدودٍ جدًا، وممَّا جاءَ في بيانِها ما يلي: "ولأهميةِ إقامةِ شعيرةِ الحجِّ دونَ أن يَلحقَ ضررٌ بأرواحِ الحجاجِ، ودونَ أن تكونَ هذهِ الشعيرةُ العظيمةُ سبباً في زيادةِ انتشارِه، فإنَّ الشريعةَ جاءتْ بتحصيلِ المصالحِ وتكثيرِهَا ودرءِ المفاسدِ وتقليلِهَا، لذلك كلِّه ولما سبقَ من النصوصِ الشرعيةِ والمقاصدِ والقواعدِ الكلِّيةِ؛ فإن هيئةَ كبارِ العلماءِ تؤيِّدُ ما قرَّرتُه حكومةُ المملكةِ العربيةِ السعوديةِ بأنْ يكونَ الحجَّ هذا العام 1441هـ بعددٍ محدودٍ جدًّا من داخلِ المملكةِ حفاظًا على صحةِ الحجاجِ وسلامتهِم".

أعوذُ باللهِ من الشيطانِ الرجيمِ: (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَاب)[المائدة:2].

باركَ اللهُ لي ولكمْ في القرآنِ العظيمِ، ونفعني وإيَّاكم بما فيهِ من الآياتِ والعظاتِ والذِّكرِ الحكيمِ، أقولُ ما سمعتمْ فاسْتَغفروا اللهَ يغفرْ لي ولكُم إنَّه هو الغفورُ الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على الرسولِ الكريمِ محمدِ بنِ عبدِ اللهِ النبيِّ الأمينِ، صلى اللهُ عليه وعلى آلهِ وصحبِه أجمعين.

أما بعدُ: فاتَّقوا اللهَ عبادَ اللهِ، واعلموا أنَّ رأسَ مالِ العبدِ في هذهِ الدُّنيَا هو تقوى اللهِ والتزوّدُ للدارِ الآخرةِ.

أيُّها المؤمنونَ: وإذَا نظرنَا إلى قرارِ حُكومةِ خادمِ الحرمينِ الشَريفينِ حولَ تقليصِ أعدادِ حُجَّاجِ هذا العامِ، وتخصيصِه لحجاجِ الداخلِ؛ تَبيَّنَ لنَا أَنَّه قرارٌ موفقٌ، جمعَ بين استمرارِ هذهِ الشعيرةِ والحرصِ على سلامةِ الحُجَّاجِ، ولتكونَ إدارةُ تلكَ الأعدادِ المحدودةِ سهلةً أثناءَ التفويجِ والنُّفرةِ من قبلِ وزارةِ الحجِّ وغيرِها من الجهاتِ الأخرى المسؤولةِ عن الحجِّ، وذلكَ من أجلِ الحفاظِ على سلامةِ الحجَّاجِ، وعدمِ تعرُّضهِم لانتقالِ هذَا المرضِ بينهم.

علمًا بأنَّ جميعَ الحجَّاجِ المشاركينَ في حجِّ هذا العامِ سوفَ يخضعونَ لفحصِ فيروسِ كورونا المستجدِّ قبلَ وصولِهم إلى المشاعرِ المقدَّسةِ، وسيخضعونَ للفحصِ والعزلِ بعدَ رجوعِهم.

أسألُ اللهَ -تعالى- أن يمنَّ علينَا برفعِ هذَا الوباءِ، -عاجلاً غيرَ آجلٍ-، وأن يجعلَه رحمةً على عبادِه، وتكفيرًا لذنوبِهم.

كما أسألُه -تعالى- أَنْ يجزيَ خادمَ الحرمينِ الشريفينِ ووليَّ عهدِه الأمينِ خيرَ الجزاءِ على هذا القرارِ الصائبِ، والذي يَصبُّ في مصلحةِ المسلمينَ، وكذلكَ الشُكرُ موصولٌ لجميعِ الوزاراتِ والجهاتِ التي ستقومُ على حجِّ هذَا العامِ على ما يبذلونَه من جهودٍ جبارةٍ في خدمةِ حُجَّاجِ بيتِ اللهِ الحرامِ  في ظلِّ هذهِ الظروفِ الاستثنائيةِ.

هذا وصلُّوا وسلِّموا على الحبيبِ المصطفَى والقدوةِ المجتبى؛ فَقَد أمَرَكُم اللهُ بذلكَ  فقالَ -جلَّ وعلا-: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب:56].


تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي