لم ينسوا إخواناً لهم صاحبوهم في الدنيا لذات الله, فلم يجدوهم معهم في الجنة؛ ليشاركوهم هذا النعيم حينما زاروهم, أو زاروا أماكنهم في الجنة فلم يروهم؛ فطارت قلوبهم وتحركت مشاعر الأخوة في نفوسهم, وأشفقوا على إخوانهم, فسارعوا إلى الأنبياء ليشفعوا فيهم عند الله...
إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران:102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً)[النساء:1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً)[الأحزاب:70-71]، أما بعد:
عباد الله: الشفاعة مدرسة إيمانية عظيمة, من أراد دخولها ونيل وسامها لزمه العمل بأعمال صالحة, أكد النبي -صلى الله عليه وسلم- عليها، ولزمه ترك أعمال نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عنها, وكنا نعيش في سلسلة من الخطب التي تحدثت عن أهمية الشفاعة, وعن أنواع شفاعات النبي -صلى الله عليه وسلم- وكيف نفوز بها؟، وعن الشفعاء الآخرين الذين ستكون لهم شفاعة ومكانة يوم القيامة, وكيف نحظى بشفاعتهم؟، فتحدثنا عن شفاعة الملائكة, وشفاعة الأنبياء, وشفاعة الشهداء، وسنتحدث اليوم عن شفاعة المؤمنين بعضهم لبعض.
إنَّ شفاعة المؤمنين بعضهم لبعض لها وقفة تأمل خاصة؛ لأنها تبدأ من الدنيا وتستمر حتى بعد دخولهم الجنة, إنها لا تنتهي إلا بعد أنْ تقر عين المؤمن برؤية من يعرف من إخوانه معه في الجنة.
أما شفاعة المؤمنين في الدنيا؛ فهي شفاعتهم لمن مات من إخوانهم المسلمين بالصلاة عليه, والدعاء له بالرحمة والثبات والمغفرة؛ فقد جاء أن الله -عز وجل- يقبل شفاعة أربعين رجلاً موحداً؛ إذا قاموا على جنازة أخيهم المسلم, حيث روى عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- أنه مات ابن له بقديد أو عسفان فقال كريب -مولى له- انظر ما اجتمع له الناس, قال: فخرجت فإذا ناس قد اجتمعوا له فأخبرته, فقال: تقول هم أربعون؟ قال: نعم, قال: أخرجوه؛ فإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما من رجل مسلم يموت, فيقوم على جنازته أربعون رجلاً, لا يشركون بالله شيئاً؛ إلا شفَّعَهم فيه"(رواه مسلم).
وأما عن شفاعة المؤمنين يوم القيامة, فسيكون لعامة المؤمنين الذين اجتازوا الصراط صَوْلَة وجَوْلَة وكرامة مِنَ الله -تبارك وتعالى-, تتمثل في شفاعاتهم لأقاربهم وإخوانهم المؤمنين الذين سقطوا في النار؛ فمنهم من سيعطى الصلاحيات ليشفع لرجل واحد, ومنهم من سيشفع لثلاثة أو لأكثر, بل لجماعة كثيرة, كل حسب منزلته عند الله -جل وعلا- وحسب قلة عمله الصالح أو كثرته؛ كمثل الشهيد الذي سيشفع لسبعين إنساناً .
فعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ الرجل ليشفع للرجلين والثلاثة"(رواه البزار), وعن أبي سعيد الخدري أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "أما أهل النار الذين هم من أهلها لا يموتون ولا يحيون, وأما أناس يريد الله بهم الرحمة, فيميتهم في النار فيدخل عليهم الشفعاء, فيأخذ الرجل أنصاره فيبثهم, أو قال: فينبتون على نهر الحياء, أو قال: الحيوان, أو قال: الحياة..."(رواه مسلم وأحمد), وفي رواية الإمام مسلم: أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "أَمَّا أَهْلُ النَّارِ الَّذِينَ هُمْ أَهْلُهَا، فَإِنَّهُمْ لَا يَمُوتُونَ فِيهَا وَلَا يَحْيَوْنَ، وَلَكِنْ نَاسٌ أَصَابَتْهُمُ النَّارُ بِذُنُوبِهِمْ, أَوْ قَالَ: بِخَطَايَاهُمْ, فَأَمَاتَهُمْ إِمَاتَةً حَتَّى إِذَا كَانُوا فَحْمًا؛ أُذِنَ بِالشَّفَاعَةِ، فَجِيءَ بِهِمْ ضَبَائِرَ ضَبَائِرَ، فَبُثُّوا عَلَى أَنْهَارِ الْجَنَّةِ، ثُمَّ قِيلَ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ! أَفِيضُوا عَلَيْهِمْ؛ فَيَنْبُتُونَ نَبَاتَ الْحِبَّةِ تَكُونُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ".
قال النووي -رحمه الله تعالى- في شرحه على صحيح مسلم: "فمعناه أن المذنبين من المؤمنين يميتهم الله -تعالى- إماتة, بعد أن يعذبوا المدة التي أرادها الله -تعالى-, وهذه الإماتة حقيقية, يذهب معها الإحساس, ويكون عذابهم على قدر ذنوبهم ثم يميتهم الله, ثم يكونون محبوسين في النار من غير إحساس, المدة التي قدرها الله -تعالى-, ثم يخرجون من النار موتى قد صاروا فحماً, فيُحملون ضبائر كما تحمل الأمتعة, ويلقون على أنهار الجنة, فيصب عليهم ماء الحياة".
بل وصح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنَّ رجلاً من أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- سيشفع لمجموعات كبيرة من الناس، حتى يظن الناس أنه نبي من الأنبياء وهو ليس كذلك؛ فعن عبد الله بن الجدعاء أنه سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "يدخل الجنة بشفاعة رجل من أمتي أكثرُ من بني تميم", قيل: يا رسول الله سِواكَ؟ قال: "سِوايَ"(رواه أحمد والترمذي), وروى الحارث بن أقيش أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إِنَّ مِنْ أُمَّتِي مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ بِشَفَاعَتِهِ أَكْثَرُ مِنْ مُضَرَ، وَإِنَّ مِنْ أُمَّتِي مَنْ يَعْظُمُ لِلنَّارِ, حَتَّى يَكُونَ أَحَدَ زَوَايَاهَا"(رواه ابن ماجه).
بعد استعراض بعض الأدلة الصحيحة على تحقق شفاعة المؤمنين لإخوانهم، يأتي السؤال المهم والحاسم وهو: لمن سيشفع المؤمنون؟, وما أهمية هذا السؤال يا ترى؟.
استعرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لصحابته أحوال الناس يوم القيامة, والأهوال التي سيمرُّون عليها؛ من الحشر, واقتراب الشمس من الرؤوس, وظهور النار على الخلائق, والمرور على الصراط, وهو أشد الكرب يوم القيامة وأخطر مراحلها, وفي هذا الموقف العصيب, ومع مرور الخلائق على هذا الصراط, تتجلى رحمةُ الله عندما يتساقط بعض المؤمنين مِنْ الصراط إلى النار, بسبب ذنوب اقترفوها؛ فيأذن الله للمؤمنين الذين اجتازوا الصراط بنجاح ونجوا من النار, أنْ يشفعوا لإخوانهم الذين سقطوا فيها.
فماذا قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن شفاعة المؤمنين لبعضهم البعض؟.
عن أبي سعيد الخدري أنَّ ناساً في زمن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قالوا: يا رسول الله! هل نرى ربنا يوم القيامة؟ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "هل تُضارُّون في رؤية الشمس بالظهيرة صحوا ليس معها سحاب...", إلى أنْ قال: "ثم يُضرب الجِسر -أي: الصراط- على جهنم, وتحل الشفاعة, ويقولون: اللهم سَلِّم سلِّم, قيل: يا رسول الله! وما الجسر؟ قال: دَحْضٌ -أي: زلق- مَزَلَّة , فيه خطاطيف وكلاليب وحسك تكون بنجد, فيها شويكة يقال لها السَعْدَان, فيمر المؤمنون كطرف العين, وكالبرق, وكالريح, وكالطير, وكأجاويد الخيل, والركاب, فناجٍ مُسَلَّمٌ, ومخدوشٌ مُرسلٌ, ومكدوسٌ في نار جهنم, حتى إذا خَلَصَ المؤمنون من النار، فوالذي نفسي بيده ما منكم من أحد بأشد مناشدة لله في استيفاء الحق من المؤمنين لله يوم القيامة لإخوانهم الذين سقطوا في النار, يقولون: ربنا كانوا يصومون معنا, ويصلون, ويحجون, فيقال لهم: أخرجوا من عرفتم؛ فتُحَرَّمُ صورهم على النار, فيُخرجون خلقاً كثيراً قد أخذت النار إلى نصف ساقيه وإلى ركبتيه, ثم يقولون: ربنا ما بقي فيها أحدً ممن أمرتنا به, فيقول: ارجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقال دينار من خير فأخرجوه, فيخرجون خلقاً كثيراً, ثم يقولون: ربنا لم نذر فيها ممن أمرتنا أحداً, ثم يقول: ارجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقال ذرة من خير فأخرجوه, فيخرجون خلقاً كثيراً, ثم يقولون: ربنا لم نذر فيها خيراً قط..."(متفق عليه).
وهكذا يُحدُّ للمؤمنين حداً في النار؛ ليشفعوا لمن يعرفون، حتى لا يبقى في تلك المواقع أحداً عمل خيراً قط, ثم يُخرج الله برحمته أناساً مسلمين لم يعملوا خيراً قط؛ لكي لا يبقى في النار إلا المخلدون فيها، وهم الذين كفروا.
ولكن هل تنتهي المواقف الأخوية عند هذا المستوى؟, وهل تقف شفاعتهم عند هذا الحد؟, أدعُ الجواب بعد جلسة الاستراحة.
نفعني الله وإياكم بالقرآن والسنة، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه؛ إنه هو الغفور الرحيم.
الْحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ، وَالعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِيْنَ، وَأشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيْكَ لَهُ وَلِيُّ الصَّالِحِيْنَ، وأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ إِمَامُ الأَنبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِيْنَ، وَأَفْضَلُ خَلْقِ اللهِ أَجْمَعِيْنَ، صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلاَمُهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَالتَّابِعِيْنَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّيْنِ.
أما بعد: فاتقوا الله -تعالى- حق التقوى, واعلموا أنَّ شفاعة المؤمنين لبعضهم لن تكون في عرصات يوم القيامة فقط، بل ستستمر شفاعتهم لإخوانهم حتى بعد دخولهم الجنة, حيث يفتقدون أناساً يعرفونهم, فلا يجدونهم في منازلهم في الجنة, فيسارعون إلى الأنبياء ليشفعوا لإخوانهم الذين ظلوا في النار.
تأملوا في عمق رابطة الأخوة الإيمانية ومدى منفعتها, وصلابتها وأصالة معدنها في الدنيا, فاستمر مفعولها إلى يوم القيامة, بل وحتى بعد دخول الجنة!, فعن جابر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يَفْتَقِدُ أَهْلُ الْجَنَّةِ نَاسًا كَانُوا يَعْرِفُونَهُمْ فِي الدُّنْيَا، فَيَأْتُونَ الْأَنْبِيَاءَ فَيَذْكُرُونَهُمْ فَيَشْفَعُونَ فِيهِمْ فَيُشَفَّعُونَ، يُقَالُ لَهُمُ: الطُّلَقَاءُ، وَكُلُّهُمْ طُلَقَاءُ, يُصَبُّ عَلَيْهِمْ مَاءُ الْحَيَاةِ"(رواه الطبراني).
فانظروا إلى هؤلاء الذين تربوا على موائد الأخوة الإيمانية الصادقة في الدنيا, فعلى ما هم فيه من نعيم مقيم, وتلذذ بالزوجات والحور العين, والنظر إلى وجه الله الكريم, إلا أنهم لم ينسوا إخواناً لهم صاحبوهم في الدنيا لذات الله, فلم يجدوهم معهم في الجنة؛ ليشاركوهم هذا النعيم حينما زاروهم, أو زاروا أماكنهم في الجنة فلم يروهم؛ فطارت قلوبهم وتحركت مشاعر الأخوة في نفوسهم, وأشفقوا على إخوانهم, فسارعوا إلى الأنبياء ليشفعوا فيهم عند الله, ولقد تقبل الله شفاعتهم.
يا له من دين سماوي عظيم أعطى للأخوة الإيمانية ولصلة الأرحام شأناً عظيماً، فربط المسلمين بعضهم ببعض؛ ليكونوا على قلب رجل واحد.
ومن هنا يتأكد أهمية التعرف على الصالحين، ومحبتهم، ومجالستهم؛ فهم القوم لا يشقى بهم جليسهم لا في الدنيا ولا في الآخرة, قال قتادة -رحمه الله- عند قوله -تعالى-: (فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ * وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ)[الشعراء: 100، 101]؛ قال: "يعلمون -والله- أنَّ الصديق إذا كان صالحاً نفع, وأن الحميم -أي القريب- إذا كان صالحاً شفع", وقال الشافعي -رحمه الله-:
أُحِبُ الصالحينَ ولستُ مِنهُم ***لعلي أنْ أنالَ بهم شــفاعة
وأكرهُ مَنْ تجِارتُه المعاصي *** ولو كُنا سواءً في البِـضَاعة
ومما ذكره الإمام الغزالي -رحمه الله تعالى- من فوائد الصحبة أنه قال: "ومنها: انتظار الشفاعة في الآخرة؛ فقد قال السلف: استكثروا من الإخوان؛ فإن لكل مؤمن شفاعة, فلعلك تدخل في شفاعة أخيك".
ثانياً: الفرح بصلاح أحد أفراد الأسرة؛ سواء كان الأب, أو الأم, أو أحد الأولاد أو البنات, والحذر من السخرية منه, أو تخذيله عن اتباع الهدي النبوي؛ فلعله يكون الشافع لأسرته يوم القيامة.
ثالثاً: الحذر من الوقوع في كبائر الذنوب, وضرورة المسارعة إلى التوبة من كل كبيرة تقع فيها؛ فلعل أولئك الساقطين في النار ارتكبوا بعض كبائر الذنوب، وماتوا ولم يتوبوا منها توبة نصوحة، بالرغم أنهم كانوا يصلون ويحجون، ومن المعلوم أنَّ الصلاة والصيام والجهاد لا تكفر سوى صغائر الذنوب على رأي لبعض أهل العلم، وأما كبائرها فلا تُكفر إلا بالتوبة الصادقة.
رابعاً: كن من المسارعين إلى الخيرات قدر المستطاع, ولتكن هِمَّتك في الخير عالية، فهل ترغب -يا عبد الله- أنْ تكون في هذا الموقف الرهيب شافعاً أم مشفوعا لك؟, فإن مِنَ المشفوع لهم من سيكونون في النار يعذبون، ينتظرون -رحمة الله تعالى-؛ ليشفع لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأنه أول الشفعاء، وإن حرموا ذلك فإنهم سينتظرون من يعرفهم من إخوانهم وأقربائهم وأصدقائهم المؤمنين الذين نجوا من النار.
فإياك والفتور عن الأعمال الصالحة، وكن مسارعاً إلى الخيرات, فلعلك تكون من خيار الناس؛ لتكون شافعاً لا مشفوعاً له -بإذن الله تعالى-, فشمر عن ساعد الجد نحو الأعمال الصالحة, ولا تحتقر نفسك, واستعن بالله على ذلك .
أيها الإخوة الكرام: ومع هذا الموقف الإيماني العجيب الذي تتجلَّى فيه أصدق وأنبل معاني الأخوة الإيمانية بين المؤمنين يوم القيامة, إلا أنَّ هناك طائفة من أولئك المؤمنين الناجين من الصراط, من ستسحب منهم صلاحيات الشفاعة لأحد!.
فتخيلوا ما شعور الواحد منهم, وأي ألم سينتابه, إذا رأى أحد معارفه من أهل أو أرحام أو أصدقاء في النار, عياذا بالله من ذلك المئال, وهو لا يملك أنْ يشفع لأحد منهم, ويرى الناس من حوله يشفعون لمن يعرفون؟, فلماذا حُرِمَ هذا الصنف من أنْ يشفع لأحد؟, وما جرمهم يا ترى؟! هذا ما ستعرفونه في الخطبة القادمة -بإذن الله-.
نسأل الله -تعالى- الشهادة في سبيله بعد طول عمر وحسن عمل, اللهم إنا نرفع إليك أكف الضراعة، فافتح لدعائنا أبواب القبول والإجابة، واجعلنا من أهل الحوض والشفاعة، وآمن روعنا يوم تقوم الساعة.
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي