فنحن والموت والهرَم والمرض والفقر والانشغال في سباقٍ مريرٍ, فمن يغتنم عمره وساعاته ودقائقه وأيامه ولياليه سبق تلك الصوارف، وفاز بالدنيا والآخرة, ومن تكاسل سبقته تلك الصوارف، وحالت بينه وبين الوصول إلى ما ينجّيه بين يدي الله.
إنَّ الحمدَ لله؛ نحمدُه وَنستَعِينُه ونسْتغْفِرُه، ونعوذُ باللهِ من شُرُورِ أنفُسِنا وسَيِّئاتِ أعمالِنا، مَن يَهْدِه اللهُ فَلا مُضِلَّ لَه، ومَنْ يُضْلِلْ فلا هادِيَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى اللهُ عليه وعلى آلِه وأصحابِه، ومَن سَار على نهجِه، واقْتَفَى أثرَه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)[سورة آل عمران: 102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[سورة النساء:1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا)[سورة الأحزاب:70].
أما بعد عباد الله: واجب علينا أن نغتنم الحياة قبل الممات, والعمل قبل الفوات, والشباب قبل الهرم, والصحة قبل السقم, والغنى قبل الفقر, والفراغ قبل الشغل؛ فإنَّ اليوم عمل الحسنات، وغرس الصالحات، والمسابقة إلى الخيرات، والمسارعة إلى الجنات، وغدًا حساب ولا عمل, وحسنات وسيئات، وحياة بلا ممات، ونار وجنات، ودرجات ودركات، وعذاب ورحمات، وفرحة وزفرات.
وأهل العقول وأولي الألباب والأفهام يدركون معنى قول الله -تبارك وتعالى-: (سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ)[سورة الحديد:21], ويفقهون قوله -تعالى-: (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ)[سورة البقرة:148], فسبحان الله!, لماذا نسارع؟ ولماذا نسابق؟ ولماذا نستبق؟ ما الذي يجعلنا نتعجل؟
إن الله -تعالى- له الحكمة البالغة، وله الأمر من قبل ومن بعد, فقد يعرض للإنسان ما يمنعه, قد يحدث له ما يصدّه, قد يُحَال بينه وبين الصالحات؛ فمن أجل ذلك حثَّنا ربنا -تعالى- على المسارعة والمسابقة قبل تلك الصوارف والموانع.
وقد بيَّنها -صلى الله عليه وسلم- حاثًّا لنا على اغتنام الوقت وعدم تضييع العمر, والحذر من قتل الساعات, فقال -صلى الله عليه وسلم-: "اغْتَنِمْ خَمْسًا قبلَ خَمْسٍ: شَبابَكَ قبلَ هِرَمِكَ، وصِحَّتَكَ قبلَ سَقَمِكَ، وغِناكَ قبلَ فَقْرِكَ، وفَرَاغَكَ قبلَ شُغْلِكَ، وحَياتَكَ قبلَ مَوْتِكَ"(صحيح الترغيب للألباني), وبقوله -صلى الله عليه وسلم-: "بَادِرُوا بالأعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ المُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا، أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا، يَبِيعُ دِينَهُ بعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا"(صحيح مسلم).
كل هذه ستأتي على الإنسان أو بعضها, فقد يموت الإنسان فيُحَال بينه وبين العمل، أو قد يهرم فلا يستطيع العمل وقد ضاع شبابه, أو قد يمرض فيحول المرض بينه وبين الطاعة, أو قد يفقر فينشغل, أو قد يفقد ساعات الفراغ، وتزدحم عليه الليالي والأيام؛ فلا يجد وقتًا يعبد ربه فيه.
فنحن والموت والهرَم والمرض والفقر والانشغال في سباقٍ مريرٍ, فمن يغتنم عمره وساعاته ودقائقه وأيامه ولياليه سبق تلك الصوارف، وفاز بالدنيا والآخرة, ومن تكاسل سبقته تلك الصوارف، وحالت بينه وبين الوصول إلى ما ينجّيه بين يدي الله.
إنَّ الدنيا فرصة لأن نستجيب لأمر الله وأمر رسوله -صلى الله عليه وسلم- بالمسارعة والمسابقة إلى فعل الخيرات، إنَّ الله -تعالى- بمنّه وكرمه هيَّأ لنا فرصًا لأن نفوز, وتكرّم علينا ورحمنا برحمات لكي نكون من السابقين الناجين المفلحين.
فمن هذه الفرص العظيمة للفوز والتسابق: أنَّ الله -تعالى- لم يجعل الحسنات والسيئات في ميزانٍ سواء وإلا لهلكنا وما فزنا, بل ضاعَف الحسنات برحمته ومنّه؛ فقال -تعالى-: (مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ)[سورة الأنعام:160], وقال -تعالى-: (مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)[سورة القصص:84].
وقال -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ اللَّهَ كَتَبَ الحَسَناتِ والسَّيِّئاتِ ثُمَّ بَيَّنَ ذلكَ، فمَن هَمَّ بحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْها كَتَبَها اللَّهُ له عِنْدَهُ حَسَنَةً كامِلَةً، فإنْ هو هَمَّ بها فَعَمِلَها كَتَبَها اللَّهُ له عِنْدَهُ عَشْرَ حَسَناتٍ إلى سَبْعِ مِئَةِ ضِعْفٍ إلى أضْعافٍ كَثِيرَةٍ، ومَن هَمَّ بسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْها كَتَبَها اللَّهُ له عِنْدَهُ حَسَنَةً كامِلَةً، فإنْ هو هَمَّ بها فَعَمِلَها كَتَبَها اللَّهُ له سَيِّئَةً واحِدَةً"(رواه البخاري واللفظ له, ومسلم).
بل إنَّ الله -تعالى- بلطفه ورحمته قد جعل الحسنات ثابتة بمجرد فِعْلها ينتفع بها العبد حيًّا وميتًا, وأما السيئات فإنها معرَّضة للزوال والنقص، فكلَّما تاب المسلم واستغفر ربه زادت حسناته ونقصت سيئاته, بل وأعظم من ذلك أن الله -تبارك وتعالى- برحمته وفضله قد يحوّل السيئات إلى حسنات، قال –سبحانه-: (وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا)[سورة الفرقان:68-70].
ومن الفرص أن الله -تعالى- اختصَّ بعض العبادات بمضاعفة عظيمة في أجرها وثوابها، قال -صلى الله عليه وسلم-: "فمَن هَمَّ بحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْها كَتَبَها اللَّهُ له عِنْدَهُ حَسَنَةً كامِلَةً، فإنْ هو هَمَّ بها فَعَمِلَها كَتَبَها اللَّهُ له عِنْدَهُ عَشْرَ حَسَناتٍ إلى سَبْعِ مِئَةِ ضِعْفٍ إلى أضْعافٍ كَثِيرَةٍ".
وكأجر المشاركة في الصلاة على الميت ودفنه "مَن شَهِدَ الجَنازَةَ حتَّى يُصَلَّى عليها فَلَهُ قِيراطٌ، ومَن شَهِدَها حتَّى تُدْفَنَ فَلَهُ قِيراطانِ"، قيلَ: وما القِيراطانِ؟ قالَ: "مِثْلُ الجَبَلَيْنِ العَظِيمَيْنِ"(صحيح مسلم), وكأجر الصيام قال -صلى الله عليه وسلم-: "قالَ اللَّهُ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ له، إلَّا الصِّيَامَ، فإنَّه لي وأَنَا أجْزِي به"(أخرجه البخاري).
وكأجر سُنَّة الضُّحَى؛ قال -صلى الله عليه وسلم-: "يُصْبِحُ علَى كُلِّ سُلَامَى مِن أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ، فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ، وَأَمْرٌ بالمَعروفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنِ المُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَيُجْزِئُ مِن ذلكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُما مِنَ الضُّحَى"(صحيح مسلم).
أو كأجر الكثير من الأعمال قال -صلى الله عليه وسلم-: "الطُّهُورُ شَطْرُ الإيمانِ، والْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلأُ المِيزانَ، وسُبْحانَ اللهِ والْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَآنِ -أَوْ تَمْلأُ- ما بيْنَ السَّمَواتِ والأرْضِ، والصَّلاةُ نُورٌ، والصَّدَقَةُ بُرْهانٌ، والصَّبْرُ ضِياءٌ، والْقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ، أوْ عَلَيْكَ، كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو فَبايِعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُها، أوْ مُوبِقُها"(صحيح مسلم).
بل وأعظم من ذلك أن الله -تعالى- بكرمه ورحمته جعل جزاء بعض الأعمال الجنة مباشرة قال -صلى الله عليه وسلم-: "العُمْرَةُ إلى العُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِما بيْنَهُمَا، والحَجُّ المَبْرُورُ ليسَ له جَزَاءٌ إلَّا الجَنَّةُ"(أخرجه البخاري ومسلم), وقال -صلى الله عليه وسلم-: "عَينانِ لا تمسُّهما النَّارُ: عينٌ بَكَت من خشيةِ اللَّهِ، وعَينٌ باتت تحرُسُ في سبيلِ اللَّهِ"(صحيح الترمذي للألباني).
وكقوله -صلى الله عليه وسلم-: "أنا وكافِلُ اليَتِيمِ في الجَنَّةِ هَكَذا وقالَ بإصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ والوُسْطَى"(صحيح البخاري), وكقوله -صلى الله عليه وسلم-: "مَن حافَظَ على أربعِ رَكَعاتٍ قَبلَ الظُّهْرِ، وأربَعٍ بَعدَها حَرُمَ على النارِ"(صحيح الجامع للألباني), وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "مَن صَلَّى اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً في يَومٍ وَلَيْلَةٍ، بُنِيَ له بِهِنَّ بَيْتٌ في الجَنَّةِ"(صحيح مسلم).
فانظروا -يا عباد الله- إلى هذه الفرص, وتأملوا في هذه الغنائم, ولقد تسابق الصحابة -رضي الله عنهم- وتسابق الصالحون إلى الله ففازوا وغنموا, قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأصحابه: "مَن أصْبَحَ مِنْكُمُ اليومَ صائِمًا؟ قالَ أبو بَكْرٍ -رَضِيَ اللَّهُ عنْه-: أنا، قالَ: فمَن تَبِعَ مِنْكُمُ اليومَ جِنازَةً؟ قالَ أبو بَكْرٍ -رَضِيَ اللَّهُ عنْه-: أنا، قالَ: فمَن أطْعَمَ مِنْكُمُ اليومَ مِسْكِينًا؟ قالَ أبو بَكْرٍ -رَضِيَ اللَّهُ عنْه-: أنا، قالَ: فمَن عادَ مِنْكُمُ اليومَ مَرِيضًا؟ قالَ أبو بَكْرٍ -رَضِيَ اللَّهُ عنْه-: أنا، فقالَ رَسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "ما اجْتَمَعْنَ في امْرِئٍ، إلَّا دَخَلَ الجَنَّةَ"(صحيح مسلم).
فهيا قبل أن تُقطع الطريق، وقبل أن ينتهي الوقت، قبل أن تفوت الفرصة, فالباب مفتوح والنجاة ممكنة، والله ينادينا بالإقبال عليه.
اللهم اجعلنا ممن يسابق إلى الخيرات, فيعمل الصالحات ويتجنب السيئات يا رب البريات, اللهم ضاعِفْ أجرنا، واغفر ذنبنا، واستر عيبنا, اللهم سخِّرنا فيما يرضيك عنا يا أرحم الراحمين.
أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم.
الحمد لله رب العالمين وصلاةً وسلامًا على رسول الثقلين الذي سابق إلى الخيرات وعمل الصالحات حتى وصل إلى درجة الشاكرين.
عباد الله: ومن الفرص أن الله -تعالى- جعل الأعمال الصالحة مكفّرة للخطايا وماحية للسيئات, قال -صلى الله عليه وسلم-: "الصَّلَوَاتُ الخَمْسُ، وَالْجُمْعَةُ إلى الجُمْعَةِ، وَرَمَضَانُ إلى رَمَضَانَ، مُكَفِّرَاتٌ ما بيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الكَبَائِرَ"(صحيح مسلم), وقال -صلى الله عليه وسلم-: "إِذَا تَوَضَّأَ العَبْدُ المُسْلِمُ، أَوِ المُؤْمِنُ، فَغَسَلَ وَجْهَهُ خَرَجَ مِن وَجْهِهِ كُلُّ خَطِيئَةٍ نَظَرَ إِلَيْهَا بعَيْنَيْهِ مع المَاءِ، أَوْ مع آخِرِ قَطْرِ المَاءِ، فَإِذَا غَسَلَ يَدَيْهِ خَرَجَ مِن يَدَيْهِ كُلُّ خَطِيئَةٍ كانَ بَطَشَتْهَا يَدَاهُ مع المَاءِ، أَوْ مع آخِرِ قَطْرِ المَاءِ، فَإِذَا غَسَلَ رِجْلَيْهِ خَرَجَتْ كُلُّ خَطِيئَةٍ مَشَتْهَا رِجْلَاهُ مع المَاءِ، أَوْ مع آخِرِ قَطْرِ المَاءِ، حتَّى يَخْرُجَ نَقِيًّا مِنَ الذُّنُوبِ"(صحيح مسلم).
وقال -صلى الله عليه وسلم-: "مَن قالَ: لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ له، له المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهو علَى كُلِّ شيءٍ قَدِيرٌ، في يَومٍ مِئَةَ مَرَّةٍ، كَانَتْ له عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ، وَكُتِبَتْ له مِئَةُ حَسَنَةٍ وَمُحِيَتْ عنْه مِئَةُ سَيِّئَةٍ، وَكَانَتْ له حِرْزًا مِنَ الشَّيْطَانِ، يَومَهُ ذلكَ، حتَّى يُمْسِيَ وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ أَفْضَلَ ممَّا جَاءَ به إِلَّا أَحَدٌ عَمِلَ أَكْثَرَ مِن ذلكَ، وَمَن قالَ: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، في يَومٍ مِئَةَ مَرَّةٍ حُطَّتْ خَطَايَاهُ ولو كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ البَحْرِ"(صحيح مسلم).
ومن المكفِّرات: المصائب والبلايا؛ فإنها تُعتبر من المكفرات للسيئات بل من أكبر فرص تكفير الذنوب وزيادة الأجور, قال -صلى الله عليه وسلم-: "ما يُصِيبُ المُسْلِمَ، مِن نَصَبٍ ولَا وصَبٍ، ولَا هَمٍّ ولَا حُزْنٍ ولَا أذًى ولَا غَمٍّ، حتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا، إلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بهَا مِن خَطَايَاهُ"(صحيح البخاري), وقال -صلى الله عليه وسلم-: "ما يُصِيبُ المُؤْمِنَ مِن شَوْكَةٍ فَما فَوْقَها إلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ بها دَرَجَةً، أوْ حَطَّ عنْه بها خَطِيئَةً"(صحيح مسلم), وقال -صلى الله عليه وسلم-: "ما مِن مَرَضٍ، أو وَجَعٍ يُصيبُ المُؤمِنَ، إلَّا كان كَفَّارةً لِذَنبِه، حتى الشَّوكةُ يُشاكُها، أوِ النَّكبةُ يُنكَبُها"(إسناده صحيح على شرط الشيخين: تخريج المسند شعيب الأرناؤوط).
"ما يَزالُ البلاءُ بالمؤمِنِ والمؤمنةِ، في نفسِهِ وولدِهِ ومالِهِ، حتى يلْقَى اللهَ وما عليْهِ خطيئةٌ" (صحيح الجامع للألباني).
ومن الفرص التوبة النصوح: وباب التوبة مفتوح حتى تطلع الشمس من المغرب أو يموت الإنسان، قال -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ باللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ، حتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِن مَغْرِبِهَا"(صحيح مسلم).
ومنها الصدقة: قال -صلى الله عليه وسلم-: "صدَقةُ السِّرِّ تُطفِئُ غَضبَ الرَّبِ، وصِلَةُ الرَّحِمِ تَزِيدُ في العُمرِ، وفِعلُ المَعروفِ يَقِي مَصارِعَ السُّوءِ"(صحيح الجامع للألباني), وقال -صلى الله عليه وسلم-: "دَاوُوا مَرضاكُمْ بِالصَّدقةِ"(حسَّنه الألباني في صحيح الجامع).
وقال -صلى الله عليه وسلم-: "ما تَصَدَّقَ أحَدٌ بصَدَقَةٍ مِن طَيِّبٍ، ولا يَقْبَلُ اللَّهُ إلَّا الطَّيِّبَ، إلَّا أخَذَها الرَّحْمَنُ بيَمِينِهِ وإنْ كانَتْ تَمْرَةً فَتَرْبُو في كَفِّ الرَّحْمَنِ حتَّى تَكُونَ أعْظَمَ مِنَ الجَبَلِ كما يُرَبِّي أحَدُكُمْ فَلُوَّهُ، أوْ فَصِيلَهُ"(صحيح مسلم).
كذلك الدعاء, ومواسم الرحمة والمغفرة، وأفضلية الأماكن المقدسة والمشاعر, وذكر الله -تبارك وتعالى- كل هذه الفرص؛ لأن نتسابق ونسير إلى الله مسارعين بالصالحات, (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ * جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ)[سورة فاطر:32-33].
اللهم اجعلنا منهم, اللهم اجعلنا من المسارعين إلى مغفرتك، ومن السابقين إلى فضلك, اللهم اعنا على مرضاتك فإنه لا حول لنا ولا قوة إلا بك, اللهم إنا نعوذ بك أن تهلكنا ذنوبنا وأنت ربنا ورجاءنا لا إله فضلك, اللهم أعنا على مرضاتك فإنه لا حول لنا ولا قوة إلا بك, اللهم إنا نعوذ بك أن تهلكنا ذنوبنا وأنت ربنا ورجاؤنا لا إله فضلك, اللهم أعنّا على مرضاتك فإنه لا حول لنا ولا قوة إلا بك, اللهم إنا نعوذ بك أن تهلكنا ذنوبنا وأنت ربنا ورجاؤنا لا إله إلا أنت.
وصلوا وسلموا…
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي