حديثنا اليوم عن صفة من الصفات التي بها يرتقي المسلم إلى سُلّم الإيمان والتقوى، والتي بها يرتقي المجتمع إلى الطهارة والنقاء والعفة والوفاء.. حديثنا عن صفة من صفات الله -تعالى-، وهي كذلك من صفات الأنبياء والأولياء والأتقياء، إنها مفتاح الطهارة...
الْحَمْدُ لِلَهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى عِظَمِ نِعَمِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَ مُحَمَداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَخَلِيلُهُ، صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِينِ، وَسَلِمَ تَسْلِيماً كَثِيراً.
أمَا بَعْدُ: فَاتَقُوا اللهَ -عِبَادَ اللهِ- حَقَّ التَّقْوَى، وَاسْتَمْسِكُوا مِنَ الْإِسْلَامِ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى، وَاعْلَمُوا أَنَ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَارِ لَا تَقْوَى.
أما بعد: حديثنا اليوم عن صفة من الصفات التي بها يرتقي المسلم إلى سُلّم الإيمان والتقوى، والتي بها يرتقي المجتمع إلى الطهارة والنقاء والعفة والوفاء.. حديثنا عن صفة من صفات الله -تعالى-، وهي كذلك من صفات الأنبياء والأولياء والأتقياء، إنها مفتاح الطهارة، إنها دليل النقاء.
حديثنا أيها الأحباب عن صفة الحياء؛ فما هو الحياء؟ وما هي ثمراته؟ وما هو أثره على الفرد والمجتمع؟ أعيروني القلوب والأسماع؛ فإن الأمة بل البشرية جمعاء بحاجة إلى ذلك الخلق وتلك الصفة.
أيها المسلم الكريم: قال بعض الحكماء عن الحياء: "من كساه الحياء ثوبه لم ير الناس عيبه"؛ فالحياء هو أفضل كساء، وأفضل ما يتميز به المسلم والمسلمة.
تعريف الحياء: قال فضل الله الجيلانيّ: "الحياء تغيُّر وانكسار يعتري الإنسان من خوف ما يلام به ممّا كان قبيحًا حقيقة".
قَالَ الْعُلَمَاءُ: الْحَيَاءُ مِنْ الْحَيَاةِ، وَعَلَى حَسَبِ حَيَاةِ الْقَلْبِ يَكُونُ فِيهِ قُوَّةُ خُلُقِ الْحَيَاءِ، وَقِلَّةُ الْحَيَاءِ مِنْ مَوْتِ الْقَلْبِ وَالرُّوحِ، وَأَوْلَى الْحَيَاءِ: الْحَيَاءُ مِنْ اللَّهِ، وَالْحَيَاءُ مِنْهُ أَلَّا يَرَاك حَيْثُ نَهَاك، وَيَكُونُ ذَلِكَ عَنْ مَعْرِفَةٍ وَمُرَاقَبَةٍ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ -صلى الله عليه وسلم- كما في حديث جبريل الطويل لمَّا سأله عن الإحسان: "الْإِحْسَانُ: أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّك تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاك"(رواه مسلم).
إن الحياء صفة من صفات رب الأرض والسماء؛ فمن صفات المولى-عزّ وجلّ-: "الحييّ"؛ عَنْ سَلْمَانَ عَنْ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "إِنَّ رَبَّكُمْ حَيِيٌّ كَرِيمٌ يَسْتَحْيِي مِنْ عَبْدِهِ أَنْ يَرْفَعَ إِلَيْهِ يَدَيْهِ فَيَرُدَّهُمَا صِفْرًا أَوْ قَالَ خَائِبَتَيْنِ" (أخرجه أبو داود: 1273).
عَنْ يَعْلَى قَالَ -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ- حَيِيٌّ سِتِّيرٌ يُحِبُّ الْحَيَاءَ وَالسَّتْرَ فَإِذَا اغْتَسَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَتِرْ" (رواه أبو داود: 3497).
والغرض والغاية من وصف الله -تعالى- به فعل ما يسرّ وترك ما يضرّ والعطاء من غير سؤال، وقال الفيروز آباديّ: "وأمّا حياء الرّبّ -تبارك وتعالى- من عبده، فنوع آخر لا تدركه ولا تكيّفه العقول فإنّه حياء كرم وبرّ وجود، فإنّه كريم يستحيي من عبده إذا رفع إليه يديه أن يردّهما صفرا، ويستحي أن يعذّب شيبة شابت في الإسلام"(بصائر ذوي التمييز: 2/517)
إخوة الإيمان: اعلموا أن الحياء صفة من صفات الأنبياء والأتقياء ممن اختارهم الله -تعالى- لحمل رسالته والدعوة إلى منهجه، ونذكر منهم: حياء كليم الله موسى -عليه السلام-: فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ مُوسى كانَ رَجُلًا حَيِيًّا سِتِّيرًا، لا يُرى مِن جِلْدِهِ شيءٌ اسْتِحْياءً منه، فَآذاهُ مَن آذاهُ مِن بَنِي إِسْرائِيلَ فَقالوا: ما يَسْتَتِرُ هذا التَّسَتُّرَ، إِلّا مِن عَيْبٍ بجِلْدِهِ: إِمّا بَرَصٌ وإمّا أُدْرَةٌ: وإمّا آفَةٌ، وإنَّ اللَّهَ أَرادَ أَنْ يُبَرِّئَهُ ممّا قالوا لِمُوسى، فَخَلا يَوْمًا وَحْدَهُ، فَوَضَعَ ثِيابَهُ على الحَجَرِ، ثُمَّ اغْتَسَلَ، فَلَمّا فَرَغَ أَقْبَلَ إلى ثِيابِهِ لِيَأْخُذَها، وإنَّ الحَجَرَ عَدا بثَوْبِهِ، فأخَذَ مُوسى عَصاهُ وَطَلَبَ الحَجَرَ، فَجَعَلَ يقولُ: ثَوْبِي حَجَرُ، ثَوْبِي حَجَرُ، حتّى انْتَهى إلى مَلَأ مِن بَنِي إِسْرائِيلَ، فَرَأَوْهُ عُرْيانًا أَحْسَنَ ما خَلَقَ اللَّهُ، وَأَبْرَأَهُ ممّا يقولونَ، وَقامَ الحَجَرُ، فأخَذَ ثَوْبَهُ فَلَبِسَهُ، وَطَفِقَ بالحَجَرِ ضَرْبًا بعَصاهُ، فَواللَّهِ إنَّ بالحَجَرِ لَنَدَبًا مِن أَثَرِ ضَرْبِهِ، ثَلاثًا أَوْ أَرْبَعًا أَوْ خَمْسًا، فَذلكَ قَوْلُهُ: (يا أَيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كالَّذِينَ آذَوْا مُوسى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ ممّا قالوا وَكانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا)[الأحزاب: ٦٩] (صحيح البخاري: ٣٤٠٤).
حياء حبيب الله محمد -صلى الله عليه وسلم-:
عَنْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- جَالِسٌ وَعَائِشَةُ وَرَاءَهُ اسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ فَدَخَلَ ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُمَرُ فَدَخَلَ ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عَلِيٌّ فَدَخَلَ ثُمَّ اسْتَأْذَنَ سَعْدُ بْنُ مَالِكٍ فَدَخَلَ ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عثمان بن عفان فَدَخَلَ وَرَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يتحدث كاشفًا عن ركبتيه فمد ثوبه على رُكْبَتَيْهِ وَقَالَ لِامْرَأَتِهِ: اسْتَأْخِرِي عَنِّي. فَتَحَدَّثُوا سَاعَةً ثم خرجوا قالت عائشة: فقلت: يا رسول الله دخل عليك أصحابك فلم تصلح ثوبك على ركبتيك ولم تزجرني عنك حَتَّى دَخَلَ عُثْمَانُ! فَقَالَ: "يَا عَائِشَةُ أَلَا أستحيي من رجل تستحيي منه الملائكة"(صحيح مسلم: 2401).
حياء عائشة -رضي الله عنها-: أما إن سألتم عن حياء المسلمات الأُول فنذكركم بحياء الصديقة بنت الصديق -رضي الله عنهما- زوجة الحبيب المحبوب -صلى الله عليه وسلم- عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: "كُنْتُ أَدْخُلُ بَيْتِي الَّذِى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَأَبِى، فَأَضَعُ ثَوْبِي فَأَقُولُ: إِنَّمَا هُوَ زَوْجِي وَأَبِي، فَلَمَّا دُفِنَ عُمَرُ مَعَهُمْ فَوَاللَّهِ مَا دَخَلْتُ إِلاَّ وَأَنَا مَشْدُودَةٌ عَلَىَّ ثِيَابِي؛ حَيَاءً مِنْ عُمَر -رَضِى اللَّه عَنْه-"(رواه ابن سعد في الطبقات 2/294).
ثمرات الحياء
أ- الحياء مفتاح كل خير: في الصحيحين: عن عمران بن حصين قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "الحياءُ لا يَأْتي إلا بِخَيْرٍ"(صحيح البخاري: 6117)
يقول ابن حجر -رحمه اللَّه-: "إذا صار الحياء عادةً، وتخلَّق به صاحبه يكون سببًا يجلب الخير إليه فيكون منه الخير بالذات والسبب" (فتح الباري).
الحياء أصل كل خير وذهابه ذهاب:
ب- الحياء مغلاق لكل شر: في صحيح البخاري عن أبي مَسْعُود عقبَة بن عَمْرو الْأنْصَارِيّ البدري -رَضِيَ اللَّهُ عَنْه- قَالَ: قَالَ رَسُول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إِن مِمَّا أدْرك النَّاس من كَلَام النُّبُوَّة الأولَى: إِذا لم تستح فَاصْنَعْ مَا شِئْت"(رواه البخاري:6120)
ج -الحياء سبب لكل الطاعات: في الصحيحين عَن أبي هُرَيْرَة -رَضِيَ اللَّهُ عَنْه- قَالَ: قَالَ رَسُول الله -صلى الله عليه وسلم-: "الْإِيمَان سبع وَسَبْعُونَ شُعْبَة أَعْلَاهَا شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، وَأَدْنَاهَا إمَاطَة الْأَذَى عَن الطَّرِيق، وَالْحيَاء شُعْبَة من الْإِيمَان"(صحيح البخاري: 9).
وقد سمَّى الحياء من الإيمان؛ لكونه باعثًا على فعل الطاعة وحاجزًا عن فعل المعصية؛ فإن قيل لِمَ أُفرد بالذكر هنا؟ أُجِيبَ بأنه -الحياء- كالداعي إلى باقي الشُّعَب -أي: شعب الإيمان(الفتح: 1/68)، ومعنى ذلك أن الحياء الحقيقي يحفّزك على فعل باقي شعب الإيمان الكثيرة وكافة الطاعات.
د- محبة الله -تعالى- لأهل الحياء: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن اللَّه -تعالى- إذا أنعم على عبدٍ يحب أن يرى أثر النعمة عليه، ويكره البؤس والتباؤس، ويبغض السائل الملحف، ويحب الحيي العفيف المتعفف"(صحيح الجامع: 1711).
فاللَّه -تعالى- يحب الحياء وبالتالي يحب أهل الحياء ومن أحبه اللَّه -تعالى- صار سعيدًا في كل حياته وعند مماته وفي قبره ويوم لقاء اللَّه -تعالى-.
هـ- الحياء زينة وبهاء: عن أنس -رضي الله عنه- قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "مَا كانَ الفُحْشُ في شَيءٍ إلا شَانَهُ، ومَا كانَ الْحَيَاءُ في شَيء إلا زَانَهُ"(رواه الترمذي: 1974).
ز- الأمن من أهوال يوم القيامة: في صحيح البخاري عن أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: "سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ: الإِمَامُ الْعَادِلُ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي الْمَسَاجِدِ، وَرَجُلاَنِ تَحَابَّا فِي اللهِ، اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ، فَقَالَ إِنِّي أَخَافُ اللهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ أَخْفَى حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ"(صحيح البخاري: 10).
قال القرطبي: قوله: ""إني أخاف اللَّه"؛ إنما يصدر ذلك عن شدة خوف من اللَّه -تعالى- ويقين وتقوى"(فتح الباري 2/660).
ح- الحياء شهادة ضمان لدخول الجنة: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "الحَياءُ مِنْ الإِيمَانِ وَالإِيمانُ في الجَنَّةِ"(أخرجه البخاري في الأدب المفرد: 1314).
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين فاستغفروه...
الحمد لله رب العالمين، اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان، ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
أثر الحياء على الفرد والمجتمع:
أيها المسلم الكريم: إن للحياء أثرًا جميلاً داخل المجتمع المسلم، ويظهر ذلك الأثر في عدة مناحي نذكر منها:
1- الصدق في المعاملة: بيعًا, وشراءً، وتعليمًا, واستشارةً، وموعدًا … وهذه من صفات المروءة التي يحمل عليها الحياء، قبل أن يدعو إليها الإسلام ومن الشواهد على ذلك الحوار المشهور بين أبي سفيان -قبل إسلامه- وهرقل؛ حيث أجابه بصدق عن كل ما سأل ولم يكذب بل قال: "فَوَاللَّهِ لَوْلَا الْحَيَاءُ مِنْ أَنْ يَأْثِرُوا عَلَيَّ كَذِبًا لَكَذَبْتُ عَنْهُ"(صحيح البخاري:7)، وما أحوجنا إلى مثل هذا الصدق في معاملاتنا، وفي حكمنا على الآخرين، بل وفي حكمنا على أنفسنا.
2- أدب الطلاب مع المعلمين، واحترام الصغار للكبار، ومن الشواهد على ذلك ما جاء في فتح الباري عن ابن عمر أنه قَال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ مِنْ الشَّجَرِ شَجَرَةً لَا يَسْقُطُ وَرَقُهَا وَإِنَّهَا مَثَلُ الْمُسْلِمِ فَحَدِّثُونِي مَا هِيَ"، قال: فَوَقَعَ النَّاسُ فِي شَجَرِ الْبَوَادِي، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: وَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ فَاسْتَحْيَيْتُ -وفي رواية فَأَرَدْت أَنْ أَقُول هِيَ النَّخْلَة؛ فَإِذَا أَنَا أَصْغَر الْقَوْم-، ثُمَّ قَالُوا حَدِّثْنَا مَا هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: "هِيَ النَّخْلَةُ"(صحيح البخاري: 4).
وعند ما يغيب الحياء نرى الطالب يتطاول على المعلم، والصغير لا يوقر الكبير، ويختفي الاحترام وتغيب المروءة. وتظهر العبارات الوقحة من الطلاب والشباب، بل والشيب، في الأسواق، والمركبات العامة، والمناسبات.
3- شيوع العفة بين الفقراء وترك الإلحاح في السؤال، جاء في صحيح البخاري عَنْ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أنه قَالَ: "لَيْسَ الْمِسْكِينُ الَّذِي تَرُدُّهُ الْأُكْلَةَ وَالْأُكْلَتَانِ وَلَكِنْ الْمِسْكِينُ الَّذِي لَيْسَ لَهُ غِنًى وَيَسْتَحْيِي أَوْ لَا يَسْأَلُ النَّاسَ إِلْحَافًا"(صحيح البخاري: 1406).
قال ابن حجر: "وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ الْمَسْكَنَةَ إِنَّمَا تُحْمَدُ مَعَ الْعِفَّةِ عَنْ السُّؤَالِ وَالصَّبْرِ عَلَى الْحَاجَةِ ، وَفِيهِ اِسْتِحْبَابُ الْحَيَاءِ فِي كُلِّ الْأَحْوَالِ، وَحُسْن الْإِرْشَادِ لِوَضْعِ الصَّدَقَةِ، وَأَنْ يَتَحَرَّى وَضْعهَا فِيمَنْ صِفَتُهُ التَّعَفُّف دُونَ الْإِلْحَاحِ"(الفتح ج5 ص97).
فما أحوجنا إلى الحياء لتغيب عن مجتمعاتنا مظاهر التسول القبيحة من الذين يؤذون المصلين في المساجد عقب كل صلاة، أو الذين يحرجون الآكلين أثناء تناول الطعام، أو المتعلقين بالسائرين في الطرقات إلحاحاً وإصرارًا.
4- أثر قلة الحياء في حياة الفرد والمجتمع
موت القلب، قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: "مَن قلَّ حياؤه قلَّ ورعه، من قل ورعه مات قلبه"، وقال ابن مسعود -رضي الله عنه-: "مَن لا يستحي من الناس لا يستحي من الله".
ومن ذلك: نقص الإيمان أو ذهابه بالكلية؛ عياذاً بالله -تعالى-، والإقدام على المعاصي وعدم الحياء؛ حتى إن إبليس إذا رآه تهلل وجهه، فمن لا يستحي يكون ممقوتاً من الله ومن الناس.
وصلوا وسلموا....
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي