إن الاستغفار له مكانته العظيمة، ومنزلته العليّة في دين الله؛ فهو أساس لاستجلاب الخيرات، وحلول البركات، ونزول النّعم، وزوال العقوبات والنقم, الاستغفار -عباد الله- يرفع العبد من المقام الأدنى إلى المقام الأعلى، ومن المقام الناقص إلى المقام الأتم والأكمل, الاستغفار -عباد الله- به تقال العثرات، وتغفر الزلات، وتكفر الخطيئات، وترتفع الدرجات، وتعلو المنازل عند الله -تبارك وتعالى-.
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وصفيه وخليله، وأمينه على وحيه، ومبلّغ الناس شرعه، فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
معاشر المؤمنين عباد الله: اتقوا الله تعالى، واعلموا أن تقواه -عز وجل- أساس الفلاح والسعادة والفوز في الدنيا والآخرة.
عباد الله: وتقوى الله -جل وعلا- عمل بطاعة الله، على نور من الله، رجاء ثواب الله، وترك معصية الله، على نور من الله، خيفة عذاب الله.
عباد الله: خرج الخليفة الراشد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- في عام مجاعة وقحط، خرج بالناس يستسقي, فلم يزد على الاستغفار، فقيل له في ذلك فقال: لقد سألت الله -عز وجل- بمجاديح السماء التي يُستنزل بها المطر. ثم تلا قول الله تعالى: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلْ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً) [نوح:10-12].
معاشر المؤمنين: إن الاستغفار له مكانته العظيمة، ومنزلته العليّة في دين الله؛ فهو أساس لاستجلاب الخيرات، وحلول البركات، ونزول النّعم، وزوال العقوبات والنقم, الاستغفار -عباد الله- يرفع العبد من المقام الأدنى إلى المقام الأعلى، ومن المقام الناقص إلى المقام الأتم والأكمل, الاستغفار -عباد الله- به تقال العثرات، وتغفر الزلات، وتكفر الخطيئات، وترتفع الدرجات، وتعلو المنازل عند الله -تبارك وتعالى-.
جاء في الحديث الصّحيح عن نبينا -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: "طوبى لمن وجد في صحيفته استغفارًا كثيرًا", وصح عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: "من أحب أن تسره صحيفتُه يوم القيامة فليكثر فيها من الاستغفار"، وقد كان -عليه الصلاة والسلام- أكثر الناس استغفارًا، مع أنه -صلى الله عليه وسلم- قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، يقول الأغَرّ المُزَني -رضي الله عنه- قال -صلى الله عليه وسلم-: "إنه لَيُغَانُ على قلبي، وإني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم مائة مرة"، بل جاء عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: "كنا نعدُّ لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: رب اغفر لي وتب عليّ في المجلس الواحد مائة مرة"، بل جاء أعظم من ذلك، وهو ما ثبت في سنن النسائي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: "ما رأيت أحدًا أكثر من قول: أستغفر الله وأتوب إليه من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-". رأى أبو هريرة -رضي الله عنه- عُبَّادَ الصحابة، وخيار المؤمنين، وأكثر الناس استغفارًا، فلم ير أحدًا أكثر من رسول الله -صلوات الله وسلامه عليه- في الاستغفار والتوبة إلى الله -جل وعلا-.
لقد كانت حياة نبينا -صلى الله عليه وسلم- عامرة بالاستغفار في أوقاته كلها، ومجالسه جميعها، إلى أن ختم حياته المباركة وعمره الشريف -صلوات الله وسلامه عليه- باستغفار الله -عز وجل-؛ روى البخاري في صحيحه عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- وهي تروي قصة موت نبينا -عليه الصلاة والسلام- قالت: مات -عليه الصلاة والسلام- وظهره إلى صدري، وسمعته يقول: "اللهم اغفر لي وارحمني، وألحقني بالرفيق الأعلى". فكما أن حياته -عليه الصلاة والسلام- مليئة بالاستغفار، وطاعاته -عليه الصلاة والسلام- مختومة بالاستغفار، فقد ختم حياته العامرة بالاستغفار؛ ما يدل -عباد الله- على مكانة الاستغفار العلية، وشأنه العظيم في دين الله، وأن حاجتنا إليه حاجة ماسة.
يجب علينا -عباد الله- أن نكثر من الاستغفار في أوقاتنا كلها، وأحوالنا جميعها، ولاسيما في الأوقات التي يتأكد فيها ذلك، كأدبار الصلوات، والثلث الأخير من الليل، ونحو ذلك من الأحوال والأوقات, وقد كان -عليه الصلاة والسلام- يستغفر الله في سجوده، ويستغفر الله في أول صلاته في بعض الاستفتاحات، ويستغفر الله في خاتمة صلاته قبل أن يسلم، وإذا سلم قال ثلاث مرات: "أستغفر الله, أستغفر الله, أستغفر الله"، فكان -عليه الصلاة والسلام- كثير الاستغفار، وقد قال الله -جل وعلا-: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً) [الأحزاب: 21], فاللهم وفقنا للاقتداء بنبيك، وحسن الاتباع له، واجعلنا من عبادك التوابين المستغفرين، يا ذا الجلال والإكرام.
أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه يغفر لكم، إنه هو الغفور الرحيم.
الحمد لله عظيم الإحسان، واسع الفضل والجود والامتنان, وأشهد أن لا إله إلا وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد:
عباد الله: فقد شكا كثير من الناس جفاف الأرض، وقلة الأمطار، وتضرّر الماشية، وحصول المضار المتنوعة بسبب تأخر الأمطار وقلة نزولها، فما أحوجنا -عباد الله- والحالة هذه، بل ما أحوجنا في كل حالة، إلى ملازمة الاستغفار، والإكثار منه, جاء رجل إلى الحسن البصري -رحمه الله- يشكو جفاف بستانه؛ فقال له: استغفر الله. وجاءه آخر يشكو الفقر والحاجة فقال له: استغفر الله. وجاءه ثالث يشكو عدم الإنجاب فقال له: استغفر الله. فقيل له في ذلك, فقال: لم أزد على كتاب الله -عز وجل-، وتلا قول الله تعالى: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلْ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً) [نوح: 10 - 12].
اللهم اغفر لنا ذنوبنا كلها، دقها وجلها، أولها وآخرها، سرها وعلنها. اللهم اغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا، وما أسررنا وما أعلنا، وما أنت أعلم به منا، أنت المقدم وأنت المؤخر، لا إله إلا أنت. اللهم اغفر لنا جدنا وهزلنا، وخطأنا وعمدنا. اللهم اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات.
اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفارًا، فأرسل السماء علينا مدرارًا، اللهم اسقنا وأغثنا, اللهم اسقنا وأغثنا, اللهم اسقنا وأغثنا، اللهم أغث قلوبنا بالإيمان، وديارنا بالمطر، اللهم سقيا رحمة لا سقيا هدم ولا عذاب ولا غرق.
اللهم أغثنا, اللهم أغثنا, اللهم أغثنا، اللهم أعطنا ولا تحرمنا، وزدنا ولا تنقصنا، وآثرنا ولا تؤثر علينا، اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين, اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من اليائسين.
اللهم إنا نسألك بأسمائك الحسنى، وصفاتك العظيمة العليا، وبأنك أنت الله الذي لا إله إلا أنت، يا من وسعت كل شيء رحمة وعلمًا، اللهم إنا نسألك غيثًا مغيثًا، هنيئًا مريئًا، سحًّا طبقًا نافعًا غير ضار، عاجلاً غير آجل.
اللهم ارفع عنا الغلاء والوباء والزلازل والمحن، والفتن كلها، ما ظهر منها وما بطن. اللهم أصلح لنا شأننا كله، ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين، ربنا آتنا في الدنيا حسنة،، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار.
اللهم آت نفوسنا تقواها، زكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها، اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا، واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير، والموت راحة لنا من كل شر، اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين.
اللهم وفق ولي أمرنا لهداك، اللهم وفقه لما تحب وترضى من سديد الأقوال وصالح الأعمال يا ذا الجلال والإكرام، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد, وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد.
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي