لقاح كورونا وجهود الدولة لتأمينه

محمد بن سليمان المهوس
عناصر الخطبة
  1. مُسلَّمات وقواعد شرعيَّة مُهمَّة في مواجهة الوباء .
  2. جهود المملكة في مواجهة فيروس كورونا .
  3. الحث على أخذ لقاح كورونا .
  4. التحذير من نقل الإشعاعات .
  5. وجوب التداوي. .

اقتباس

فِي ظِلِّ هَذَا الْوَبَاءِ الْمُنْتَشِرِ كُورُونَا تَبْرُزُ مُسَلَّمَاتٌ مَتِينَةٌ، وَأُصُولٌ عَظِيمَةٌ فِي عَقِيدَةِ الْمُسْلِمِ يَجِبُ الإِيمَانُ بِهَا؛ مِنْ أَهَمِّهَا: الإِيمَانُ بِالْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ حُلْوِهِ وَمُرِّهِ، وَأَنَّ مَا شَاءَ اللهُ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ، وَأَنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ، وَمَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ، وَأَنَّ هَذَا الْخَلْقَ كُلَّهُ طَوْعُ تَدْبِيرِ خَالِقِهِ، وَتَصْرِيفِ مُوجِدِهِ...

الخُطْبَةُ الأُولَى:

 

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ؛ نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.

 

أَمَّا بَعْدُ: أَيُّهَا النَّاسُ: أُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ -تَعَالَى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُمْ مُّسْلِمُونَ)[آل عمران: 102].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: فِي ظِلِّ هَذَا الْوَبَاءِ الْمُنْتَشِرِ كُورُونَا تَبْرُزُ مُسَلَّمَاتٌ مَتِينَةٌ، وَأُصُولٌ عَظِيمَةٌ فِي عَقِيدَةِ الْمُسْلِمِ يَجِبُ الإِيمَانُ بِهَا؛ مِنْ أَهَمِّهَا: الإِيمَانُ بِالْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ حُلْوِهِ وَمُرِّهِ، وَأَنَّ مَا شَاءَ اللهُ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ، وَأَنَّ مَا أَصَابَكَ -أَيُّهَا الْعَبْدُ- لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ، وَمَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ، وَأَنَّ هَذَا الْخَلْقَ كُلَّهُ طَوْعُ تَدْبِيرِ خَالِقِهِ، وَتَصْرِيفِ مُوجِدِهِ -جَلَّ فِي عُلاَهُ-؛ (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا)[الطلاق:12]؛ فَهُوَ الَّذِي أَوْجَدَ هَذَا الْوَبَاءَ وَخَلَقَهُ وَسَيَّرَهُ، وَجَعَلَ النَّاسَ فِيهِ بَيْنَ نَاجٍ مِنْهُ، وَمُصَابٍ فِيهِ، وَكُلُّ ذَلِكَ بِتَقْدِيرِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ.

 

رَوَى التَّرْمِذِيُّ وَأَحْمَدُ وَغَيْرُهُمَا, وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ، عَنِ الوَلِيدِ ابْنِ الصَّحَابِيِّ الْجَلِيلِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى وَالِدِيِ، وَهُوَ مَرِيضٌ أَتَخَايَلُ فِيهِ الْمَوْتَ، فَقُلْتُ: يَا أَبَتَاهُ أَوْصِنِي وَاجْتَهِدْ لِي، فَقَالَ: أَجْلِسُونِي؛ فَلَمَّا أَجْلَسُوهُ، قَالَ: يَا بُنَيَّ إِنَّكَ لَنْ تَطْعَمَ طَعْمَ الْإِيمَانِ، وَلَنْ تَبْلُغَ حَقَّ حَقِيقَةِ الْعِلْمِ بِاللهِ، حَتَّى تُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ. قَالَ: قُلْتُ: يَا أَبَتَاهُ وَكَيْفَ لِي أَنْ أَعْلَمَ مَا خَيْرُ الْقَدَرِ مِنْ شَرِّهِ؟ قَالَ: تَعْلَمُ أَنَّ مَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ، وَمَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ. يَا بُنَيَّ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "إِنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللهُ الْقَلَمُ، ثُمَّ قَالَ: اكْتُبْ، فَجَرَى فِي تِلْكَ السَّاعَةِ بِمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ"، يَا بُنَيَّ إِنْ مِتَّ وَلَسْتَ عَلَى ذَلِكَ دَخَلْتَ النَّارَ.

 

وَمِنَ الْمُسَلَّمَاتِ الَّتِي يَجِبُ الإِيمَانُ بِهَا فِي ظِلِّ هَذَا الْوَبَاءِ الْمُنْتَشِرِ: التَّوَكُّلُ عَلَى اللهِ، وَتَفْوِيضُ الأَمْرِ إِلَيْهِ فِي هَذَا الْمَرَضِ وَفِي غَيْرِهِ، بَعْدَ فِعْلِ الأَسْبَابِ الْمَشْرُوعَةِ لِلْوِقَايَةِ مِنْهُ قَبْلَ وُقُوعِهَا، وَالأَخْذِ بِأَسْبَابِ الشِّفَاءِ وَالْعَافِيَةِ بَعْدَ الإِصَابَةِ بِهَا، وَمِنْ ذَلِكَ هَذَا اللِّقَاحُ الْمُكْتَشَفُ بِعَالَمِ الْيَوْمِ، وَالَّتِي أَكَّدَتْ وَزَارَةُ الصِّحَّةِ فِي بِلاَدِنَا بَعْدَ دِرَاسَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ وَمَرَاحِلَ اخْتِبَارٍ مُتَطَوِّرَةٍ مَأْمُونِيَّتَهُ وَفَاعِلِيَّتَهُ -بِإِذْنِ اللهِ تَعَالَى-.

 

فَكَانَتْ بِلاَدُنَا الْمَمْلَكَةُ الْعَرَبِيَّةُ السُّعُودِيَّةُ مِنْ أَوَائِلِ الدُّوَلِ الَّتِي وَفَّرَتْ جُرْعَاتِ لِقَاحِ فَيْرُوسِ كُورُونَا الْمُسْتَجَدِّ، وَبِشَكْلٍ مَجَّانِيٍّ لِجَمِيعِ الْمُوَاطِنِينَ وَالْمُقِيمِينَ، وَدَعَتْ كُلَّ مُوَاطِنٍ وَمُقِيمٍ إِلَى التَّطْعِيمِ، بَلْ سَبَقَهُمْ إِلَى أَخْذِ هَذَا اللِّقَاحِ وَلِيُّ عَهْدِ هَذِهِ الْبِلاَدِ؛ لِيُبَرْهِنَ بِذَلِكَ حُبَّهُ الصَّادِقَ لِكُلِّ مُوَاطِنٍ وَمُقِيمٍ، وَحِرْصَهُ عَلَيْهِمْ، وَوَفاءَهُ لَهُمْ، وَتَشْجِيعَهُمْ عَلَى أَخْذِهِ.

 

وَلاَ شَكَّ أَنَّ حِرْصَ وُلاَةِ أَمْرِنَا عَلَى شَعْبِهَا وَاقِعٌ تَعِيشُهُ هَذِهِ الْبِلاَدُ بَيْنَ الْحَاكِمِ وَالْمَحْكُومِ؛ مِنْ مَحَبَّةٍ وَوِئَامٍ، وَوُدٍّ وَإِخَاءٍ، وَتَبَادُلِ دُعَاءٍ بَيْنَهُمَا، وَقَدْ جَاءَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "خِيَارُ أَئِمَّتِكُمْ الَّذينَ تُحِبُّونَهُمْ وَيُحِبُّونَكُمْ، وَتُصَلُّونَ عَلَيْهِمْ وَيُصَلُّونَ عَلَيْكُمْ -أَيْ: تَدْعُونَ لَهُمْ وَيَدْعُونَ لَكُمْ- وَشِرَارُ أَئمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُبْغِضُونَهُمْ وَيُبْغِضُونَكُمْ، وتَلْعَنُونَهُمْ وَيَلْعَنُونَكُمْ".

 

فَاتَّقُوا اللهَ -عِبَادَ اللهِ-، وَاحْمَدُوا اللهَ وَاشْكُرُوهُ عَلَى مَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَيْكُمْ مِنَ النِّعَمِ الْكَثِيرَةِ فِي هَذِهِ الْبِلَادِ الْمُبَارَكَةِ، وَالَّتِي مِنْ أَجَلِّهَا -بَعْدَ نِعْمَةِ الدِّينِ-: نِعْمَةُ هَذِهِ الْقِيَادَةِ الْحَكِيِمَةِ، الّتِي تَسْعَى وَتَبْذُلُ الْغَالِي وَالنَّفِيسِ لِلْارْتِقَاءِ بِالْوَطَنِ وَالْمُواطِنِ حَتَّى أَصْبَحَتْ بِلَادُنَا مَضْرِبَ الْمَثَلِ فِي الْأَمْنِ وَالِاسْتِقْرَارِ مِمَّا لَمْ تَظْفَرْ بِهِ أُمَّةٌ مِنَ الْأُمَمِ الَّتِي تَمْلِكُ السِّلَاحَ وَالْقُوَّةَ الْمَادِّيَّةَ، بِفَضْلٍ مِنَ اللهِ ثُمَّ بِفَضْلِ تَمَسُّكِهَا بِدِينِهَا وَاجْتِمَاعِ كَلِمَتِهَا وَوَحْدَةِ صَفِّهَا، وَتَضَافُرِ جُهُودِ أَفْرَادِهَا لِصَدِّ كُلِّ فِكْرٍ مُخَرِّبٍ، مُتَمَثِّلَةً قَوْلَ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا)[النِّسَاءِ: 59].

 

وَإِنَّنَا نَتَوَجَّهُ إِلَى اللهِ رَبِّنَا سَائِلِينَهُ –سُبْحَانَهُ- بِأَسْمَائِهِ الْحُسْنَى وَصِفَاتِهِ الْعُلْيَا، وَبِأَنَّهُ اللهُ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ؛ أَنْ يُتِمَّ عَلَيْنَا أَجْمَعِينَ فِي هَذَا الْوَطَنِ الْمُبَارَكِ فِي ظِلِّ وِلاَيَةِ الْمَلِكِ سَلْمَانَ السِّلْمَ وَالأَمَانَ، وَالإِسْلاَمَ وَالإِيمَانَ، وَالْبِرَّ وَالْخَيْرَ وَالإِحْسَانَ؛ فَإِنَّهُ -جَلَّ وَعَلاَ- وَحْدَهُ الْمُسْتَعَانُ وَعَلَيْهِ التُّكْلاَنُ.

 

أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ؛ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم.

 

 

الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:

 

الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَلاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ تَعْظِيمًا لِشَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوانِهِ، صَلَّى اللهُ عَليْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَعْوَانِهِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.

 

أَمَّا بَعْدُ: أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: اتَّقُوا اللهَ -تَعَالَى-، وَاعْلَمُوا أَنَّ مِنْ أَخْطَرِ الأَسْلِحَةِ الْمُدَمِّرَةِ لِلْمُجْتَمَعَاتِ عَامَّةً وَلِمُجْتَمَعِنَا خَاصَّةً: الشَّائِعَاتِ وَالْمَعْلُومَاتِ الْمَغْلُوطَةَ فِي أَمْرٍ يُهِمُّ الْعَامَّةَ فِي صِحَّتِهِمْ؛ فَقَدْ سَمِعَ الْجَمِيعُ مَا تَنَاقَلَهُ بَعْضُ الْمُرْجِفِينَ مِنْ عَدَمِ فَاعِلِيَّةِ اللِّقَاحِ، وَأَنَّهُ يُسَبِّبُ أَعْرَاضًا وَأَمْرَاضًا خَطِيرَةً، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الأَقَاوِيلِ وَالأَبَاطِيلِ الْكَثِيرَةِ.

 

 فَعَلَى الْمُسْلِمِ الْعَاقِلِ النَّاصِحِ أَنْ يَتَثَبَّتَ مِمَّا يَقُولُ وَيَسْمَعُ؛ وَذَلِكَ بِأَخْذِ الْمَعْلُومَاتِ مِنْ مَصَادِرِهَا الرَّسْمِيَّةِ؛ كَمَا قَالَ -تَعَالَى-: (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ)[النساء: 83].

 

وَقَالَ نَبِيُّنَا -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ"(رواه مسلم)، وَعَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إِنَّ اللهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ: عُقُوقَ الأُمَّهَاتِ، وَوَأْدَ الْبَنَاتِ، وَمَنْعاً وَهَاتِ، وَكَرِهَ لَكُمْ: قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةَ الْمَالِ"(متفق عليه).

 

ثُمَّ إِنَّنَا نَقُولُ: الشِّفَاءُ كُلُّهُ دِقُّهُ وَجِلُّهُ، صَغيرُهُ وَكَبِيرُهُ مِنَ اللهِ -تَعَالَى-، وَالدَّاءُ وَالدَّوَاءُ خَلْقُهُ، وَالشِّفَاءُ وَالْهَلاَكُ فِعْلُهُ، وَرَبْطُ الأَسْبَابِ بِالْمُسَبَّبَاتِ بِحِكْمَتِهِ وَحُكْمِهِ، فَكُلُّ ذَلِكَ بِقَدَرِ اللهِ، وَقَدْ يَسَّرَ اللهُ لِعِبَادِهِ فِعْلَ الأَسْبَابِ الَّتِي تُوَصِلُهُمْ إِلَى دَفْعِ الْمَضَرَّاتِ وَالْوُصُولِ إِلَى مَا فِيهِ مَنْفَعَتُهُمْ. وَقَدْ قَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَا أَنْزَلَ اللَّهُ دَاءً إِلاَّ أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً"(رواه البخاري).

 

فَالْوَاجِبُ عَلَيْنَا فِي مِثْلِ هَذِهِ الظُّرُوفِ وَفِي غَيْرِهَا : أَنْ نَقِفَ صَفًّا مَعَ مَنْ وَلاَّهُ اللهُ أَمْرَنَا، وَأَنْ نَحْذَرَ وَنُحَذِّرَ مِنَ الشَّائِعَاتِ عَبْرَ وَسَائِلِهَا الْمُخْتَلِفَةِ، وَأَنْ نَكُونَ وَاعِينَ وَمُدْرِكِينَ لِمَا يُرَادُ لِبِلاَدِنَا، وَأَنْ لاَ نَكُونَ أَبْوَاقًا تُرَدِّدُ مَا يَقُولُهُ الْمُغْرِضُونَ، وَلَا نَبْتَلِعَ السُّمُومَ الَّتِي يُلْقِيهَا الْحَاقِدُونَ، وَأَنْ نَتَوَجَّهَ إِلَى رَبِّنَا بِالدُّعَاءِ أَنْ يَحْفَظَ دِينَنَا، وَأَنْ يُتِمَّ أَمْنَنَا وَأَنْ يُصْلِحَ وُلاَةَ أَمْرِنَا.

 

هَذَا، وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُم كَمَا أَمَرَكُمْ بِذلِكَ رَبُّكُمْ، فَقَالَ: (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب:56]، وَقَالَ ‏-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً وَاحِدَةً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا"(رَوَاهُ مُسْلِم).

 

 


تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي