التثبت

عبد الله اليابس
عناصر الخطبة
  1. سبب نزول قوله تعالى-: (إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا) .
  2. التحذير من العجلة في نقل الأخبار .
  3. نماذج للتثبت من الأخبار .
  4. وجوب التأكد من المعلومة قبل نشرها. .

اقتباس

تَشْتَدُّ الحَاجَةُ إِلَى التَذْكِيْرِ بِأَهَمِّيَةِ التَثَبُّتِ مِنَ الأَخْبَارِ، خُصُوصًا إِنْ كَانَتِ الأَخْبَارُ تَمَسُّ أَدْيَانَ النَّاسِ أَوْ أَمْنَهُمْ أَوْ صِحَّتَهُم أَوْ تَمَسُّ سَمْعَةَ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ؛ وَلِذَلِكَ يَنْبَغِي لِكُلِّ سَامِعٍ أَنْ يَتَحَرَّى فِي كُلِّ مَعْلُومَةٍ تَصِلُهُ، وَلَا يُسَارِعَ إِلَى تَصْدِيقِهَا فَضْلاً عَنْ نَقْلِهَا إِلَّا بَعْدَ التَأَكُدِ...

الخُطْبَةُ الأُولَى:

 

الحَمْدُ للهِ الذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالهُدَى وَدِينِ الحَقِّ؛ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَو كَرِهَ الـمُشْرِكُونَ، وَأَشْهَدُ أَن لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، يَعْلَمُ مَا كَانَ وَمَا يَكُونُ، وَمَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعلِنُونَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الصَّادِقُ الـمَأْمُونُ، صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ الذِينَ كَانُوا يَهْدُونَ بِالحَقِّ وَبِهِ يَعدِلُونَ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمَاً كثِيرًا إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ -عِبَادَ اللهِ- وَرَاقِبُوهُ فِيْ السِّرِّ وَالَّنَجْوَى، وَاِعْلَمُوا أَنَّ أَجْسَادَنَا عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى.

 

يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: رَوَى اِبْنُ جَرِيرٍ عَنِ اِبْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- بَعَثَ الْوَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ إِلَى بَنِي الْمُصْطَلِقِ -بَعْدَ أَنْ أَسْلَمُوا-؛ لِيَأْخُذَ مِنْهُمُ الصَّدَقَاتِ -أَيِ: الزَكَاةَ-، وَإِنَّهُمْ لَمَّا أَتَاهُمُ الْخَبَرُ فَرِحُوا وَخَرَجُوا يَتَلَقَّوْنَ رَسُولَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-، وَأَنَّهُ لَمَّا حُدِّثَ الْوَلِيدُ أَنَّهُمْ خَرَجُوا يَتَلَقَّوْنَهُ رَجَعَ الْوَلِيدُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -أَيْ: كَأَنَّهُ خَافَ مِنْ أَنَّهُمْ يُرِيدُونَ قَتْلَهُ-، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ بَنِي الْمُصْطَلِقِ قَدْ مَنَعُوا الصَّدَقَةَ؛ فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- مِنْ ذَلِكَ غَضَبًا شَدِيدًا، فَبَيْنَا هُوَ يُحَدِّثُ نَفْسَهُ أَنْ يَغْزُوَهُمْ إِذْ أَتَاهُ وَفْدُ بَنِي الـمُصْطَلِقِ فَقَالُوا: "يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّا حُدِّثْنَا أَنَّ رَسُولَكَ رَجَعَ مِنْ نِصْفِ الطَّرِيقِ، وَإِنَّا خَشِينَا أَنَّ مَا رَدَّهُ كِتَابٌ جَاءَ مِنْكَ لِغَضَبٍ غَضِبْتَهُ عَلَيْنَا، وَإِنَّا نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ غَضَبِهِ وَغَضَبِ رَسُولِهِ، وَإِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- اِسْتَغَشَّهُمْ وَهَمَّ بِهِمْ، فَأَنْزَلَ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- عُذْرَهُمْ فِي الْكِتَابِ فَقَالَ: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ)[الحجرات: 6]".

 

التَثَبُّتُ وَالتَيَقُنُ وَالتَبَيُّنُ مَنْهَجُ الصَالحِينَ مِنْ كُلِّ مِلَّةٍ، وَالعَاقِلِينَ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ, هَذَا سُلَيْمَانُ -عَلَيْهِ السَلَامُ- لَمَّا فَقَدَ الهُدهُدَ تَثَبَّتَ قَبْلَ أَنْ يُوقِعَ عَلَيْهِ العُقُوبَةَ؛ (وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ * لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ)[النمل: 20، 21].

 

العَجَلَةُ فِي نَقْلِ الأَخْبَارِ وَتَصْدِيْقِهَا مَذْمُومَةٌ عِنْدَ العُقَلَاءِ، قَالَ بَعْضُ الحُكَمَاءِ: "إِيَّاكَ وَالعَجَلَةَ، فَإِنَّ العَرَبَ كَانَتْ تُكَنِّيهَا أُمَّ النَّدَامَةِ؛ لِأَنَّ صَاحِبَهَا يَقُولُ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ، وَيُجيِبَ قَبْلَ أَنْ يَفْهَمَ، وَيَعْزِمَ قَبْلَ أَنْ يُفَكِّرَ، وَيَقْطَعَ قَبْلَ أَنْ يُقَدِّرَ، وَيَحْمَدَ قَبْلَ أَنْ يُجَرِّبَ، وَيَذُمَّ قَبْلَ أَنْ يَخْبُرَ، وَلَنْ يَصْحَبَ هَذِهِ الصِّفَةَ أَحَدٌ إِلَّا صَحِبَ النَّدَامَةَ، وَاِعْتَزَلَ السَّلَامَةَ".

 

 قَدْ يُدْرِكُ الـمُتَأَنِّي بَعْضَ حَاجَتِهِ *** وَقَدْ يَكُونُ مَعَ الـمُسْتَعْجِلِ الزَلَلُ

 

التَثَبُّتُ عِنْدَ سَمَاعِ الأَخْبَارِ وَاجِبٌ، فَقَدْ تَكُونُ الحَقِيقَةُ عَلَى غَيْرِ الصُورَةِ الظَاهِرَةِ، رَوَى أَبُو نُعَيمٍ عَنْ خَالِدِ بنِ مَعْدَانٍ قَالَ: "استَعْمَلَ عَلَيْنَا عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ بِحِمْصٍ سَعِيدَ بنَ عَامِرٍ بنِ جُذَيْمٍ الجُمَحيَّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، فَلَمَّا قَدِمَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ حِمْصًا، قَالَ: يَا أَهْلَ حِمْصٍ! كَيْفَ وَجَدْتُم عَامِلَكُم؟ فَشَكَوْهُ إِلَيهِ، وَكَانَ يُقَالُ لِأَهْلِ حِمْصٍ: الكُوَيْفةُ الصُّغرى -تَصْغِيرُ الكُوفَةِ-؛ لِشِكَايَتِهم العُمَّالَ، قَالُوا: نَشْكُو أَرْبعًا، لَا يخرُجُ إِلَينَا حَتَّى يَتعَالَى النَّهارُ، قَالَ: أَعْظِمْ بِهَا، قَالَ: وَمَاذَا؟ قَالُوا: لَا يُجيبُ أَحَدًا بِلَيْلٍ، قَالَ: وَعَظيمَةٌ، قَالَ: وَمَاذَا؟ قَالُوا: وَلَهُ يَومٌ فِي الشَّهْرِ لَا يَخْرُجُ فِيهِ إِلَيْنَا، قَالَ: عَظِيمَةٌ، قَالَ: وَمَاذَا؟ قَالُوا: يَغْنَظُ الغُنْظَةَ بَيْنَ الأَيَّامِ -يَعْنِي تَأْخُذُه غَشْيَةٌ وَمَوْتةٌ-، قَالَ: فَجَمَعَ عُمَرُ بينَهُمْ وَبَيْنَهُ، وَقَالَ: اللَّهُمَّ لا تُخَيِّب رأيِي فِيهِ اليَوْمَ، مَا تَشْكُونَ مِنْهُ؟ قَالُوا: لَا يَخْرُجُ إِلَيْنَا حَتَّى يَتعَالَى النَّهَارُ، قَالَ: وَاللهِ إِنْ كُنْتُ لَأكْرَهُ ذِكْرَهُ، لَيْسَ لِأَهْلِي خَادِمٌ؛ فَأَعجِنُ عَجِينِي, ثُمَّ أَجْلِسُ حَتَّى يَختَمِرَ ثُمَّ أَخْبِزُ خُبُزِي, ثمَّ أتوَضَّأُ ثمَّ أَخْرُجُ إِلَيْهِمْ، فَقَالَ: مَا تَشْكُونَ مِنْهُ؟ قَالُوا: لَا يُجِيبُ أحَدًا بِلَيلٍ، قَالَ: مَا تَقُولُ؟ قَالَ: إِنْ كُنْتُ لَأَكْرَهُ ذِكْرَهُ، إِنِّي جَعَلْتُ النَّهَارَ لَهُمْ وَجَعَلْتُ اللَّيلَ للهِ -عَزَّ وَجَلَّ-، قَالَ: وَمَا تَشْكُونَ؟ قَالُوا: إنَّ لَهُ يَوْمًا فِي الشَّهرِ لَا يخرُجُ إِلَيْنَا فِيهِ، قَالَ: مَا تَقُولُ؟ قَالَ: لَيْسَ لِي خَادِمٌ يَغْسِلُ ثِيَابِي وَلَا لِي ثِيَابٌ أُبدِّلُها، فَأَجْلِسُ حَتَّى تَجِفَّ ثمَّ أُدَلِّكَها ثُمَّ أَخْرُجُ إِلَيْهِم مِنْ آخِرِ النَّهَارِ، قَالَ: مَا تَشْكُونَ منه؟ قَالُوا: يَغْنَظُ الغُنْظَةَ بَينَ الأيَّامِ، قَالَ: شَهِدْتُ مَصْرَعَ خُبَيْبٍ الأنْصَاريِّ بِمَكَّةَ، وَقَدْ بَضَّعَتْ قُريشٌ لَحْمَهُ ثُمَّ حَمَلُوهُ عَلَى جَذَعةٍ، فَقَالُوا: أَتُحِبُّ أَنَّ مُحَمَّدًا مَكَانَكَ؟ فَقَالَ: وَاللهِ مَا أُحِبُّ أَنِّي فِي أَهْلِي وَوَلَدِي وَأَنَّ مُحَمَّدًا شِيكَ بِشَوْكةٍ، ثُمَّ نَادَى يَا مُحَمَّدُ، فَمَا ذَكَرْتُ ذَلِكَ اليَومَ وتَرْكِي نُصْرَتَه فِي تِلْكَ الحَالِ وَأَنَا مُشْرِكٌ لَا أُومِنُ بِاللهِ العَظِيمِ إِلَّا ظَننْتُ أَنَّ اللهَ -عَزَّ وَجَلَّ- لَا يَغفِرُ لِي بِذَلِكَ الذَّنْبِ أَبَدًا، قَالَ: فَتُصِيبُنِي تِلْكَ الغُنْظَةُ، فَقَالَ عُمَرُ: الحَمْدُ للهِ الَّذي لَمْ يُفَيِّلْ فَراسَتِي -أَيْ لَمْ يُخَيِّبهَا-".

 

وَذُو التَثَبُّتِ مِنْ حَمْدٍ إِلَى ظَفَرٍ *** مَنْ يَرْكَبِ الرِّفْقَ لَا يَسْتَحْقِبِ الزَّلَلَ

 

بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ بِالقُرْآنِ العَظِيمِ، وَنَفَعَنَا بِمَا فِيهِ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الحَكِيمِ، قَدْ قُلْتُ مَا سَمِعْتُمْ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُم؛ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ، وأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَه إِلَّا اللهُ رَبُّ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ وَقَيَّومُ السَّمَاوَات وَالأَرَضِين، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى الْمَبْعُوثِ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، وَأَشْهَدُ أَنَّهُ رَسُولُ اللهِ, صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِين، وَعَلَى مَنْ سَارَ عَلَى هَدْيِهِ وَاقْتَفَى أَثَرَهُ إِلَى يَوْمِ الدِّين.

 

أَمَّا بَعْدُ: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران: 102].

 

يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: فِي ظِلِّ الاِنْفِجَارِ الـمَعْرِفِيِّ، وَسُهُولَةِ تَنَاقُلِ الأَخْبَارِ وَسُرْعَتِهَا، تَشْتَدُّ الحَاجَةُ إِلَى التَذْكِيْرِ بِأَهَمِّيَةِ التَثَبُّتِ مِنَ الأَخْبَارِ، خُصُوصًا إِنْ كَانَتِ الأَخْبَارُ تَمَسُّ أَدْيَانَ النَّاسِ أَوْ أَمْنَهُمْ أَوْ صِحَّتَهُم أَوْ تَمَسُّ سَمْعَةَ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ؛ وَلِذَلِكَ يَنْبَغِي لِكُلِّ سَامِعٍ أَنْ يَتَحَرَّى فِي كُلِّ مَعْلُومَةٍ تَصِلُهُ، وَلَا يُسَارِعَ إِلَى تَصْدِيقِهَا فَضْلاً عَنْ نَقْلِهَا إِلَّا بَعْدَ التَأَكُدِ مِنْ صِحَّتِهَا، وَمِنْ جَدْوَى نَقْلِهَا، قَالَ الشَيْخُ عَبْدُالرَّحْمَنِ السَعْدِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى-: "مِنَ الغَلَطِ الفَاحِشِ الخَطِر قَبُولُ قَولِ النَّاسِ بَعْضِهِم فِي بَعْضٍ، ثُمَّ يَبْنِي عَلَيهِ السَّامِعُ حُبًّا وَبُغْضًا، وَمَدْحًا وَذَمًا، فَكَمْ حَصَلَ بِهَذَا الغَلَطِ أُمُورٌ صَارَ عَاقِبَتَهَا النَّدَامَةُ!، وَكَمْ أَشَاعَ النَّاسُ عَنِ النَّاسِ أُمُورًا لَا حَقَائِقَ لَهَا بِالكُلِّيَةِ!، أَوْ لَهَا بَعْضُ الحَقِيقَةِ فَنُمِّيَتْ بِالكَذِبِ وَالزُّورِ، وَخُصُوصًا مِمَّنْ عُرِفُوا بِعَدَمِ الـمُبَالَاةِ بِالنَّقْلِ، أَو عُرِفَ مِنْهُمُ الهَوَى، فَالوَاجِبُ عَلَى العَاقِلِ التَثَبُتُ وُالتَّحَرُزُ وَعَدَمُ التَسَرُّعِ، وَبِهَذَا يُعرَفُ دِينُ العَبْدِ وَرَزَانَتُهُ وَعَقْلُهُ".

 

مَنْ نَقَلَ كُلَّ مَا جَاءَهُ دُونَ تَثَبُّتٍ فَلَا بُدَّ أَنْ يَنَالَ حَظَّهُ مِنَ الكَذِبِ، أَخْرَجَ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "كَفَى بِالـمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ".

 

فَاللهَ اللهَ لِكُلِّ عَاقِلٍ أَنْ يَعْرِضَ الكَلَامَ عَلى مِيْزَانِ الشَرْعِ، وَمِيزَانِ العَقْلِ قَبْلَ تَصْدِيقِهِ، ثُمَّ يَتَفَكَّر فِي جَدْوَى نَقْلِهِ وَنَشرِهِ قَبْلَ أَنَ يَخْرُجَ مِنْهُ، اللهُمَّ أَلْهِمْنَا رُشْدَنَا وَقِنَا شَرَّ أَنْفُسِنَا يَا رَبَّ العَالَمِينَ.

 

يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: أَكْثِرُوا مِنَ الصَّلَاةِ عَلَى نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- فِيْ كُلِّ وَقْتٍ وَحِيْنٍ، وَأَكْثِرُوا مِنْهَ فِي هَذَا اليَومِ الجُمُعَةِ، فَاللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آَلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.

 

عِبَادَ اللهِ: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)[النحل: 90]، فَاذْكُرُوا اللهَ العَظِيمَ الجَلِيلَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ، وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ، وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.

 


تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي