الـقَـــيُّـومُ -جل جلاله-

د عبدالله بن مشبب القحطاني
عناصر الخطبة
  1. اسم الله القيوم حقيقته ومعناه ودلائله .
  2. أثر الإيمان باسم الله القيوم سبحانه. .

اقتباس

وَرَبُّنَا الْقَيُّومُ هُوَ الَّذِي قَامَتْ بِهِ جَمِيعُ الْمَخْلُوقَاتِ؛ مَنْ فِي الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتِ، فَلَا بَقَاءَ لَهَا وَلَا صَلَاحَ إِلَّا بِهِ -سُبْحَانَهُ-؛ فَهِيَ فَقِيرَةٌ إِلَيْهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَهُوَ غَنِيٌّ عَنْهَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ؛ حَتَّى.. بَلْ هُوَ الْقَائِمُ عَلَى عِبَادِهِ، الْمُحْصِي لِأَعْمَالِهِمْ وَأَقْوَالِهِمْ، وَحَسَنَاتِهِمْ وَذُنُوبِهِمْ؛ فَهُوَ الَّذِي...

الخطبة الأولى:

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

 (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آلِ عِمْرَانَ: 102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النِّسَاءِ: 1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الْأَحْزَابِ: 70-71]، أَمَّا بَعْدُ:

يَا مِبْدَعَ الْأَكْوَانِ أَنْتَ الْوَاحِدُ *** كُلُّ الْوُجُودِ عَلَى وُجُودِكَ شَاهِدُ

يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ أَنْتَ الْمُرْتَجَى *** وَإِلَى عُلَاكَ عَلَا الْجَبِينُ السَّاجِدُ

جَاءَ عِنْدَ التِّرْمِذِيَ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ فِي صَلَاتِهِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنَّ لَكَ الْحَمْدَ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ الْمَنَّانُ، بَدِيَعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ! يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ.. يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ! فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ! لَقَدْ سَأَلَ اللَّهَ بِاسْمِهِ الْأَعْظَمِ الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ، وَإِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى"(حَدِيثٌ صَحِيحٌ).

هَذِهِ رِسَالَةٌ مِنْ نَبِيِّكَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى كُلِّ مَنْ صَرَخَتِ الْحَيَاةُ فِي وَجَهِهِ: أَقْبِلْ عَلَى رَبِّكَ، وَفَرِّغْ قَلْبَكَ مِنْ غَيْرِهِ، ثُمَّ ادْعُهُ بِـ (يَا حَيُّ.. يَا قَيُّومُ!)؛ فَإِنَّهُ يُجِيبُكَ.

إِلَيْهِ وَإِلَّا لَا تُشَدُّ الرَّكَائِبُ *** وَمِنْهُ وَإِلَّا فَالُمُؤَمِّلُ خَائِبُ

نَقِفُ فِي خُطْبَتِنَا هَذِهِ مَعَ اسْمٍ عَظِيمٍ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ الْحُسْنَى وَهُوَ: (الْقَيُّومُ): قَالَ اللَّهُ -تَعَالَى-: (وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ) [طه: 111].

فَرَبُّنَا الْقَيُّومُ؛ الْقَائِمُ بِنَفْسِهِ مُطْلَقًا، لَا يَحْتَاجُ فِي قِيَامِهِ وَدَوَامِهِ إِلَى أَحَدٍ، غَنِيٌّ بِنَفْسِهِ عَمَّا سِوَاهُ؛ (وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) [فَاطِرٍ: 15].

وَرَبُّنَا الْقَيُّومُ هُوَ الَّذِي قَامَتْ بِهِ جَمِيعُ الْمَخْلُوقَاتِ؛ مَنْ فِي الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتِ، فَلَا بَقَاءَ لَهَا وَلَا صَلَاحَ إِلَّا بِهِ -سُبْحَانَهُ-؛ فَهِيَ فَقِيرَةٌ إِلَيْهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَهُوَ غَنِيٌّ عَنْهَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ؛ حَتَّى الْعَرْشُ وَحَمَلَتُهُ، فَإِنَّ الْعَرْشَ إِنَّمَا قَامَ بِاللَّهِ، وَحَمَلَةُ الْعَرْشِ مَا قَامَتْ إِلَّا بِاللَّهِ -سُبْحَانَهُ-.

وَرَبُّنَا هُوَ الْقَائِمُ عَلَى كُلِّ الْعَالَمِ؛ الْعُلْوِيِّ وَالسُّفْلِيِّ، وَمَا فِيهِمَا مِنْ مَخْلُوقَاتٍ، فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهِمْ؛ بِتَدْبِيرِهِمْ وَأَرْزَاقِهِمْ وَحِفْظِهِمْ، وَفِي كُلِّ شُؤُونِهِمْ بِالْعِنَايَةِ وَالرِّعَايَةِ، فِي كُلِّ وَقْتٍ وَحِينٍ.

بَلْ هُوَ الْقَائِمُ عَلَى عِبَادِهِ، الْمُحْصِي لِأَعْمَالِهِمْ وَأَقْوَالِهِمْ، وَحَسَنَاتِهِمْ وَذُنُوبِهِمْ؛ فَهُوَ الَّذِي يُجَازِيهِمْ عَلَيْهَا فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ؛ (أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ أَمْ بِظَاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ وَصُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ) [الرَّعْدِ: 33].

وَمِنْ تَمَامِ أُلُوهِيَّتِهِ: أَنْ قَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَاسْتَقَرَّتَا وَثَبَتَتَا بِأَمْرِهِ وَقُدْرَتِهِ؛ بِلَا عَمَدٍ يَعْمِدُهَا؛ (إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا) [فَاطِرٍ: 41].

فَاللَّهُ هُوَ: الْحَيُّ الْقَيُّومُ، رَبُّ الْعَالَمِينَ، وَأَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ، وَأَقْدَرُ الْقَادِرِينَ، وَأَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ، الَّذِي لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ، وَبِيَدِهِ النَّفْعُ وَالضُّرُّ.

الْمَعْرُوفُ بِالْفِطْرَةِ.. الَّذِي أَقَرَّتْ بِهِ الْعُقُولُ، وَدَلَّتْ عَلَيْهِ كُلُّ الْمَوْجُودَاتِ، الْمَشْهُودُ وُجُودُهُ وَقَيْوُمَيَّتُهُ بِكُلِّ حَرَكَةٍ وَسُكُونٍ.. الَّذِي يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ، وَيُغِيثُ الْمَلْهُوفَ إِذَا نَادَاهُ، وَيَكْشِفُ السُّوءَ، وَيُفَرِّجُ الْكَرْبَ، وَيُقِيلُ الْعَثَرَاتِ؛ الْمُسْتَعَانُ بِهِ عَلَى كُلِّ نَائِبَةٍ وَفَادِحَةٍ، وَالْمَعْهُودُ مِنْهُ كُلُّ بِرٍّ وَكَرَامَةٍ، الَّذِي عَنَتْ لَهُ الْوُجُوهُ، وَخَشَعَتْ لَهُ الْأَصْوَاتُ؛ (وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ) [طه: 111].

أَحَقُّ مَنْ ذُكِرَ، وَأَحَقُّ مَنْ عُبِدَ، وَأَحَقُّ مَنْ حُمِدَ، وَأَوْلَى مَنْ شُكِرَ، وَأَنْصَرُ مَنِ ابْتُغِيَ، وَأَرْأَفُ مَنْ مَلَكَ، وَأَجْوَدُ مَنْ سُئِلَ، وَأَعْفَى مَنْ قَدَرَ، وَأَكْرَمُ مَنْ قُصِدَ، وَأَعْدَلُ مَنِ انْتَقَمَ.

وَحِلْمُهُ بَعْدَ عِلْمِهِ، عَفْوُهُ بَعْدَ قُدْرَتِهِ، مَغْفِرَتُهُ عَنْ عِزَّتِهِ، وَمَنْعُهُ مِنْ حِكْمَتِهِ؛ فَهُوَ اللَّهُ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَالْفَرْدُ الَّذِي لَا نِدَّ لَهُ؛ (اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) [الْبَقَرَةِ: 255].

أَوْضَحَ دَلَالَتَهُ لِلْمُتَفَكِّرِينَ، وَأَبْدَى شَوَاهِدَهُ لِلنَّاظِرِينَ، وَبَيَّنَ آيَاتِهِ لِلْعَالَمِينَ، وَقَطَعَ أَعْذَارَ الْمُعَانِدِينَ، وَأَدْحَضَ حُجَجَ الْجَاحِدِينَ؛ فَاسْتَنَارَتْ آيَاتُ الرُّبُوبِيَّةِ، وَسَطَعَتْ دَلَائِلُ الْأُلُوهِيَّةِ؛ فَاللَّهُ الْقَيُّومُ هُوَ الْمُقِيمُ لِمَخْلُوقَاتِهِ، لَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِمْ، وَهُمْ جَمِيعًا إِلَيْهِ مُحْتَاجُونَ، الْكُلُّ مُحْتَاجٌ إِلَيْهِ: الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ، وَحَمَلَةُ الْعَرْشِ، وَأَهْلُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ؛ (أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) [فَاطِرٍ: 15].

الْعِزَّةُ لَهُ، وَالْجَبَرُوتُ لَهُ، وَالْعَظَمَةُ لَهُ، وَالْكِبْرِيَاءُ لَهُ، وَالسُّلْطَانُ لَهُ، وَالْمُلْكُ لَهُ، وَالْحُكْمُ لَهُ، وَالْقُوَّةُ لَهُ، وَالتَّسْبِيحُ لَهُ، وَالتَّقْدِيسُ لَهُ.. كَمُلَ فِي أَوْصَافِهِ وَأَفْعَالِهِ؛ (اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) [الْبَقَرَةِ: 255].

فَاللَّهُ الْقَيُّومُ لَا يَنَامُ، وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ، صَحَّ عَنْهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ قَيُّومٌ لَا يَنَامُ، وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ، يَخْفِضُ الْقِسْطَ وَيَرْفَعُهُ، يُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ عَمَلِ النَّهَارِ، وَعَمَلُ النَّهَارِ قَبْلَ عَمَلِ اللَّيْلِ، حِجَابُهُ النُّورُ -النَّارُ- لَوْ كَشَفَهُ لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ مَا انْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِهِ"(أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ).

فَسُبْحَانَ مَنْ أَشْرَقَتْ لِنُورِهِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ، وَأَنَارَتْ بِوَجْهِهِ الظُّلُمَاتُ!

فَسُبْحَانَ الْحَيِّ الْقَيُّومِ!

هَذَا وَمِنْ أَوْصَافِهِ الْقَيُّومُ *** وَالْقَيُّومُ فِي أَوْصَافِهِ أَمْرَانِ

إِحْدَاهُمَا الْقَيُّومُ قَامَ بِنَفْسِهِ *** وَالْكَوْنُ قَامَ بِهِ هُمَا الْأَمْرَانِ

فَالْأَوَّلُ اسْتِغْنَاؤُهُ عَنْ غَيْرهِ *** وَالْفَقْرُ مِنْ كُلٍّ إِلَيْهِ الثَّانِي

وَالْوَصْفُ بِالقَيُّومِ ذُو شَأْنٍ كَذَا *** مَوْصُوفُهُ أَيْضًا عَظِيمُ الشَّانِ

أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ؛ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

الخطبة الثانية:

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

عِبَادَ اللَّهِ: مَنْ عَلِمَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْقَيُّومُ؛ انْقَطَعَ قَلْبُهُ عَنِ الْخَلْقِ، وَاسْتَرَاحَ قَلْبُهُ إِلَى خَالِقِهِ وَرَازِقِهِ وَمُدَبِّرِهِ، فَفِي النَّفْسِ حَاجَةٌ لَا يَرْوِيهَا الْمَالُ، وَلَا رِفْعَةُ الْمَكَانِ، وَلَا الْمُتَعُ، وَلَا الشُّهْرَةُ؛ لَا يَرْوِيهَا إِلَّا الْإِيمَانُ بِاللَّهِ الْقَيُّومِ، وَالِاطْمِئْنَانُ إِلَيْهِ وَالتَّوَكُّلُ عَلَيْهِ، فَاللَّهُ الْقَيُّومُ قَدْ قَالَ: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) [الرَّعْدِ: 28].

يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَهْلًا مَا الَّذِي *** بِاللَّهِ جَلَّ جَلَالُهُ أَغْرَاكَا

فَاسْجُدْ لِمَوْلَاكَ الْقَدِيرِ فَإِنَّمَا *** لَا بُدَّ يَوْمًا تَنْتَهِي دُنْيَاكَا

وَتَكُونُ فِي يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَاثِلًا *** تُجْزَى بِمَا قَدْ قَدَّمَتْهُ يَدَاكَا

اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ يَا حَيُّ.. يَا قَيُّومُ! أَنْ تَغْفِرَ ذُنُوبَنَا، وَتَسْتُرَ عُيُوبَنَا، وَتُعِينَنَا عَلَى طَاعَتِكَ، وَأَنْ تُدْخِلَنَا الْجَنَّةَ، وَتُجِيرَنَا مِنَ النَّارِ.

اللَّهُمَّ! إِنَّا نَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ وَعَمَلٍ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ وَعَمَلٍ.

اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالسَّدَادَ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى وَالْعِفَّةَ وَالْغِنَى، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ، وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ، وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ.

اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مِنَ الْخَيْرِ كُلِّهِ؛ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْنَا مِنْهُ وَمَا لَمْ نَعْلَمْ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّرِّ كُلِّهِ؛ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْنَا مِنْهُ وَمَا لَمْ نَعْلَمْ، وَأَنْ تَجْعَلَ كُلَّ قَضَاءٍ قَضَيْتَهُ لَنَا خَيْرًا.

اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا الَّتِي فِيهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَالْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ.

اللَّهُمَّ أَصْلِحْ ذَاتَ بَيْنِنَا، وَأَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِنَا، وَاهْدِنَا سُبُلَ السَّلَامِ، وَأَخْرِجْنَا مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ، وَبَارِكْ لَنَا فِي أَسْمَاعِنَا وَأَبْصَارِنَا وَقُوَّاتِنَا، وَأَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّتِنَا وَأَمْوَالِنَا، وَاجْعَلْنَا مُبَارَكِينَ أَيْنَمَا كُنَّا.

وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.


تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي