فضل المسجد الأقصى

إسماعيل القاسم
عناصر الخطبة
  1. فضائل المسجد الأقصى .
  2. تاريخ بناء المسجد الأقصى .
  3. فضائل بلاد الشام .
  4. زيارة المسجد الأقصى والصلاة فيه .
  5. المسجد الأقصى لا تنطبق عليه أحكام الحرم. .

اقتباس

والمسجد الأقصى ثالث المساجد المقدسة، وليس ثالثَ الحرمين فليس هناك أماكنُ أخرى يقال لها: حرم إلا مكة والمدينة، فإنهما حرمان وهما حرمان تجري عليهما الأحكام الشرعية، فلا يقطع منها الشجر، ولا يُصاد الصيد، وغير ذلك مما يترتب عليه أحكام الحرم.

الخطبة الأولى:

فُضّل المسجد الأقصى بميزات عديدة، فهو قبلة المسلمين الأولى، ومسرى رسولِ رب العالمين، وقد صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والمسلمون إليها ستة عشر أو سبعة عشر شهرًا قبل أن تُحوَّل القبلة إلى الكعبة، قال -سبحانه-: (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ)[البَقَرَة: 144].

وإليه أُسري برسولنا -صلى الله عليه وسلم- قال -تعالى-: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى)[الإسرَاء: 1]، قال ابن كثير -رحمه الله- في مناقب المسجد الأقصى: "إنه معدن الأنبياء من لدن إبراهيمَ الخليلِ -عليه السلام-، ولهذا جُمعوا له هناك كلُّهم، فَأمَّهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في مَحَلَّتهم، ودارهم، فدل على أنه هو الإمام الأعظم، والرئيس المقدَّم، -صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين-، قال -عليه الصلاة والسلام-: "فحانت الصلاة فأَمَمتهم"(رواه مسلم).

وهو ثاني المساجدِ في الأرض، قال أبو ذر -رضي الله عنه-: "قال: قلت يا رسول الله! أي مسجد وُضِعَ في الأرض أول؟ قال: "المسجد الحرام"، قال: قلت ثم أيّ؟ قال: "المسجد الأقصى"، قلت: كم كان بينهما؟ قال: "أربعون سنة، ثم أينما أدركتك الصلاة بَعْدُ فَصَلِّهِ فإن الفضل فيه"(متفق عليه).

وأول من بنى المسجدَ الأقصى حفيدُ إبراهيمَ -عليه السلام- يعقوبُ بنُ إسحاقَ بنِ إبراهيم - وسليمانُ -عليه السلام- جدده بعد ذلك، وإذا صح هذا فهو قريب مما أفاده الحديث من المدة بين المسجدين، كما جزم به الحافظ ابن كثير -رحمه الله-.

وهو أحد المساجد الثلاثة التي تُشَد الرحال إليها، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا تُشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجد الرسول، ومسجد الأقصى"(متفق عليه).

والشام أرض المحشر والمنشر، قالت ميمونة بنتُ سعدٍ مولاةُ النبي -صلى الله عليه وسلم-: "يا نبي الله! أفتنا في بيت المقدس؟ فقال: "أرض المحشر والمنشر"(رواه ابن ماجه).

قال المَنَاوي -رحمه الله-: "أيّ البقعة التي يُجمع الناسُ فيها إلى الحساب، وينشرون من قبورهم، ثم يساقون إليها، وخُصَّت به؛ لأن أكثر الأنبياء بُعِثُوا منها، فانتشرت في العالم شرائعُهم، فَنَاسَب كونها أرضَ المحشر والمنشر".

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "دلَّت الدلائل المذكورة على أن مُلْكَ النبوة بالشام، والحشرَ إليها، فإلى بيت المقدس وما حوله يعود الخلق والأمر، وهناك يُحشر الخلق، والإسلام في آخر الزمان يكون أظهر بالشام".

والمسجد الأقصى وما حوله مبارك، قال -تعالى-: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ)[الإسرَاء: 1]، أي: في الزروع والثمار وغيرها.

ودعا النبي -صلى الله عليه وسلم- لعموم أرض الشام فقال: "اللهم بَارِكْ لنا في شامنا، اللهم بارك لنا في يمننا"(رواه البخاري).

عمّر الله قلوبنا بالإيمان.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.

الخطبة الثانية:

أجمع العلماء على استحبابِ زيارةِ المسجد الأقصى، والصلاةِ فيه، وعلى فضله، قال -تعالى-: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ)[الإسرَاء: 1].

وفي حديث عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن سليمان بن داود لما بنى بيت المقدس سأل الله -عز وجل- خلالاً ثلاثة: سأل الله -عز وجل- حُكمًا يُصادف حكمه فأُوتيه، وسأل الله -عز وجل- مُلكًا لا ينبغي لأحدٍ من بعده فأوتيه، وسأل الله -عز وجل- حين فرغ من بناء المسجد أن لا يأتيه أحد لا يَنْهَزُهُ -أي: لا يحركه ويدفعه- إلا الصلاة فيه أن يخرجه من خطيئته كيومَ ولدته أمه"(رواه أحمد).

وليعلم أن الفضائلَ والأحداثَ التي في قصة الإسراء والمعراج للمسجد الأقصى وتخصيصَه بالإسراء إليه، ثم العروجِ إلى السماء وهبوطِ الأنبياء -عليهم السلام- وعودتِه منه إلى مكة، تُبين فضلَ هذا المكان.

قال ابن حجر -رحمه الله-: "قيل الحكمة في ذلك: أن يَجمع في تلك الليلة بين رؤية القبلتين، أو لأن بيت المقدس كان هجرة َغالبِ الأنبياء قبله، فحصل له الرحيل إليه في الجملة، ليجمع بين أشتات الفضائل، أو لأنه محل الحشر، وغالب ما اتفق له في تلك الليلة يناسب الأحوال الأخروية، فكان المعراج منه أليق بذلك، أو للتفاؤل بحصول أنواع التقديس له حسًا ومعنى، أو ليجتمع بالأنبياء".

ووجه تسميته بالأقصى: لبعد المسافة بينه وبين الكعبة، أو لأنه لم يكن وراءه موضع عبادة.

والمسجد الأقصى ثالث المساجد المقدسة، وليس ثالثَ الحرمين فليس هناك أماكنُ أخرى يقال لها: حرم إلا مكة والمدينة، فإنهما حرمان وهما حرمان تجري عليهما الأحكام الشرعية، فلا يقطع منها الشجر، ولا يُصاد الصيد، وغير ذلك مما يترتب عليه أحكام الحرم.

وصلوا وسلموا على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي