ذكَر الباحثون في دراساتهم أن السبب الرئيس الذي أدَّى إلى هزيمة الاحتلال الصهيوني عن بيت المَقْدِس هو استباحتهم للمسجد الأقصى المبارك، حيث احتلوا مكان العبادة الذي يرتبط بعقيدة جميع المسلمين في العالَم؛ مما أشعل الحمية الدينية في نفوس المسلمين جميعًا، فمَنْ حصَر صراعَ بيت المقدس بأهل فلسطين فهو مخطئ...
الحمد لله؛ (لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا)[التَّوْبَةِ: 40]، (إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا)[التَّوْبَةِ: 40]، الحمد لله، (لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا)[التَّوْبَةِ: 40]، (فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا)[التَّوْبَةِ: 40]، الحمد لله (لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا)[التَّوْبَةِ: 40]، (إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ)[الْأَنْفَالِ: 12]، الحمد لله، وللمحاصرين في غزة قالت قلوب الأحرار معهم: (لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا)[التَّوْبَةِ: 40]، وأعزَّ اللهُ غزةَ بثباتها، وملأت قلوبَنا كرامةً وعِزَّةً، (لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا)[التَّوْبَةِ: 40]، (يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ)[الْبَقَرَةِ: 19]، (لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا)[التَّوْبَةِ: 40]، (وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا)[الْحَشْرِ: 2]، واستجاب الله للشيوخ الركع، وللأطفال الرضع، (لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا)[التَّوْبَةِ: 40]، (إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا * وَأَكِيدُ كَيْدًا * فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا)[الطَّارِقِ: 15-17].
الكيد من القريب والبعيد على الأقصى اجتمع، فكان هباءً أمام كيد الله، (لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا)[التَّوْبَةِ: 40]، شهداؤنا في غزة وكل فلسطين أحياء عند ربهم يرزقون، جعل الله أرواحهم في أجواف طير خضر تَرِدُ أنهارَ الجنة، تأكل من ثمارها، وتأوي إلى قناديل مِنْ ذَهَبٍ معلَّقةٍ في ظل العرش.
القادر الله، القاهر الله، القوي الله، والعزة لله، جل جلال الله، أتى أمر الله، جاء نصر الله، (يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ)[الرُّومِ: 4-5]، ذهب الهم والغم بقدرة الله، وقفنا ضارعين بباب الله، ووقفَتْ فلسطينُ نصرةً لبيت الله، واحتسب المحاصَرون حبًّا في بيت الله، وَمَنْ عظَّم بيتَ الله نصَرَه اللهُ، لن يخيب الشاكي إلى الله، لن يضيع النازل في ساحة الله، دخلنا في كنف الله، نزلنا في حرم الله، احتمينا بحمى الله، فلن يضام أهلُ بيت المقدس وأهل غزة وأهل فلسطين، وهم ضيوف الله، ولن نهان ونحن عبيد الله.
وأشهد ألَّا إله إلا الله، يقينًا بوعد الله؛ (قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ)[الْبَقَرَةِ: 249]، (وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ)[آلِ عِمْرَانَ: 126].
اليأس يقطع أحيانا بصاحبه *** لا تيأسنَّ فإن الكافي اللهُ
الله يُحدِث بعدَ العسرِ ميسرةً *** لا تيأسنَّ فإن الفارج اللهُ
واللهِ ما لكَ غيرُ الله من أحدٍ *** فحسبُكَ اللهُ في كلٍّ لكَ اللهُ
(وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ)[التَّوْبَةِ: 14].
وأشهد أن سيدنا محمدًا رسول الله، -صلى الله عليه وسلم-، القائل: "وَدِوْتُ لو رأيتُ إخواني. قالوا: أَوَلَسْنَا إخوانكَ يا رسول الله؟ قال: بل أنتم أصحابي، إخواني قوم آمنوا بي ولم يروني، للواحد منهم أجر خمسين"، ثم قال: "إنكم تجدون على الحق أعوانًا، ولا يجدون على الحق أعوانًا"، صلى الله عليه وسلم، اللهم احشرنا في زمرته، ومتِّعْنا بشفاعته، واسقنا من حوضه شربة لا نظمأ بعدها أبدًا.
عليك الصلاة، عليك السلام، سيدي يا رسول الله، نُقرِئ لجنابك المطهَّر، من أرض الإسراء والمعراج تحيةً وسلامًا، تحية طيبة مباركة زكية، ألم تقل: "ما من أحد يُسلِّم عليَّ، إلا ردَّ اللهُ عليَّ روحي حتى أرد -عليه السلام-"، فإن أحبابك وإخوانك في فلسطين يقرؤونك السلام، السلام عليك سيدي يا رسول الله، متيقنينَ أنَّ سلامَكَ سيرد إلى أهل فلسطين، سلامًا يكون سكنًا لنا، سلامًا يكون تثبيتًا لنا، سلامًا يكون فرحًا وإخاءً لنا، ونسلِّم عليكَ سيدي يا رسول الله، باسم الجرحى والمعتقلينَ، ونسلِّم عليكَ باسم الأطفال، الذين لا زالت أشلاؤهم تحت الركام في غزة، ونسلم عليك سيدي يا رسول الله باسم الشهداء والثابتين والبازلين والمحاصَرين، فـ(إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ)[التَّوْبَةِ: 103].
اللهم صل على سيدنا محمد، طِبِّ القلوب ودوائها، وعافية الأبدان وشفائها، ونور الأبصار وضيائها.
كما نَبرُقُ من المسجد الأقصى المبارك، تحيةَ إكبار وإجلال للصامدين الثابتين، وللنساء الثكلى، ومن هُمْ بدون مأوى، ونسأل: ألم تشمل نساء غزة اتفاقية "سيداو"، التي تدعي حب الحرية والكرامة؟! لا حاجة لهن بسيداو، فقد صَدَّرْنَ كرامةً وثباتًا للعالَم أجمعَ، لقد صدَّرت نساء فلسطين كرامة لجميع الأمة الإسلامية، يقول سبحانه: (وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا)[الْفُرْقَانِ: 20]، جَرَتْ سُنَّةُ اللهِ في خلقه أن يُبتلى المؤمن بالكافر، ويُبتلى المظلوم بالظالم، والضعيف بالقوي، والفقير بالغني، ويُبتلى الشريف بالخائن، فينظر سبحانه لعباده؛ فمنهم مَنْ يجزع، ومنهم مَنْ يصبر؛ (أَتَصْبِرُونَ)[الْفُرْقَانِ: 20]، وكلما اشتدت المحن زاد الاستمساك بحبل الله المتين، وإن الإسلام بدأ غريبًا، وسيعود غريبًا كما بدأ، (لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا)[التَّوْبَةِ: 40]؛ فطوبى للغرباء، الجنة للقابضين على الجمر، الجنة لمن وقع عليه ظلم الجبابرة الطغاة، فالأقصى يجمعنا، والأقصى يوحدنا، لن يصل مكرُهم رباطَنا، ولن يخرق مكرهم صفنا بإذن الله.
(لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا)[التَّوْبَةِ: 40]، فما السبيل للمكر والضر والظلم والغم، عن جعفر الصادق -رضي الله عنه- أنه قال: "عجبتُ لمن ابتُلِيَ بالغم ولم يفزع إلى قول الله: (لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ)[الْأَنْبِيَاءِ: 87]، فإني سمعتُ اللهَ في عَقِبِها يقول: (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ)[الْأَنْبِيَاءِ: 88]، وعجبتُ لمن ابتلي بالضر ولم يفزع إلى قول الله: (أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ)[الْأَنْبِيَاءِ: 83]، فإني سمعتُ اللهَ في عَقِبِها يقول: (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ)[الْأَنْبِيَاءِ: 84]"، ربِّ إنَّا مسنا الضر بأموالنا وبيوتنا وأبنائنا ومساجدنا، ولا يكشف الضر إلا أنت، "وعجبتُ لمن ابتلي بالخوف ولم يفزع إلى قول الله: (حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ)[آلِ عِمْرَانَ: 173]، فإني سمعتُ الله بعقبها يقول: (فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ)[آلِ عِمْرَانَ: 174]، وعجبتُ لمن ابتلي بمكر الناس ولم يفزع إلى قول الله: (وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ)[غَافِرٍ: 44]، فإني سمعت الله بعقبها يقول: (فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا)[غَافِرٍ: 45]".
اللهم عليك بمَنْ أَهَمَّنا وغمَّنا ومكَر بنا وآذانا وعادنا.
(لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا)[التَّوْبَةِ: 40]، الله أنيسنا، الله ثقتنا، فمن أراد مؤنسًا فالله يكفيه، ومن أراد نصيرًا فالله يكفيه، ومن أراد ثباتًا فالله يكفيه، ومن أراد وحدة ورباطًا فالأقصى يكفيه، (فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ)[التَّوْبَةِ: 40]، اللهم أنزلن سكينة علينا، وعلى مسجدنا، وعلى مدننا، إنك على كل شيء قدير.
(لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا)[التَّوْبَةِ: 40]، (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ)[الرَّعْدِ: 28]، فلا مكان للمشككين، ولا متَّسَع للمثبِّطينَ، ولا قول للمُرجِفِينَ، وإن تكلموا باسم الدين، قال شيخ الإسلام العز بن عبد السلام: "مَنْ تكلَّم في حرمة الربا والناس ينتشر فيها الزنا فقد خان الأمانة"، والأقصى يقول: من تكلم في غسل الجنابة والناس يُغسِّلون شهداءهم فقد خان الأقصى والمسرى.
ضلَّ أبرهة الأشرم مع الفيلة الطريق، عندما أراد هدم الكعبة، بيت الله، فهرول إليه المهروِلون، وأتاه المهزومون، وأتاه المنتفعون الماكرون، أتاه أبو رغال، من الأعراب، وركب فوق الفيل ليدله على الطريق، وامتطى الفيل ودخل حدود مكة متبخترا متفاخرا بخيانته، ثم أخذته المنية، ترى ما هو الوسام الذي تركه أبو رغال لقبيلته وأحفاده وللتاريخ، لقد كان قبره مَرجَمًا تَرجُمُه العربُ في كل عام، ألا وإن لأبي رغال أحفادًا من الأعراب، فقد دخل العلقمي يتبختر على ظهر بغل لهولاكو حين احتل بغداد، فمشهد الخيانة ممَّن حولكم يقسم الظهر، ومَشاهِد الفتنة تُضعِف العزيمةَ، ولما اشتد الحصار على الكعبة أمسَك عبد المطلب بحلقة باب الكعبة داعيًا:
يا رب لا أرجو لهم سواك *** يا رب فامنع منهم حماك
إن عدو البيت مَنْ عاداكَ *** إنهم لن يقهروا قواكَ
(لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا)[التَّوْبَةِ: 40]، فما هي إلا سويعات وإذا بالطير الأبابيل تنزل من السماء، نصرة لبيت الله، تدك جمعه، وتفرق كلمة جيشه؛ (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ * أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ)[الْفِيلِ: 1-2]، وكل كيد دبر بليل للمسرى فإن الله سيبطله، (وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ * تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ)[الْفِيلِ: 3-4]، بعد أن اعتقد أبرهة الأشرم أن جيش الفيل لا يُغلَب، (فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ)[الْفِيلِ: 5]، فإن المساجد لها حرمة عند الله، منارات الهدى في الأرض، والمسجد الأقصى آية في كتاب الله، فأنتم الآن تعيشون في رحاب آية (سُبْحَانَ)[الْإِسْرَاءِ: 1]، فأي اعتداء على أماكن العبادة يخدش كرامة المؤمنين في الأرض، لقد ذكَر الباحثون في دراساتهم أن السبب الرئيس الذي أدَّى إلى هزيمة الاحتلال الصهيوني عن بيت المَقْدِس هو استباحتهم للمسجد الأقصى المبارك، حيث احتلوا مكان العبادة الذي يرتبط بعقيدة جميع المسلمين في العالَم؛ مما أشعل الحمية الدينية في نفوس المسلمين جميعًا، فمَنْ حصَر صراعَ بيت المقدس بأهل فلسطين فهو مخطئ، فقد قاد صلاح الدين الأيوبي المؤمنين من أقطار العالَم الإسلامي وحرَّر بيت المقدس، وممَّن رافَقَه الشيخ الجرَّاح، دفين الأرض الصامدة في الشيخ جرَّاح، وممَّن كان مع صلاح الدين الأيوبي القائد المجاهد أبو ذر، دفين الأرض المحاذية لبلدة سلوان الصامدة، فكل مساس بهذا المسجد يخدش كرامةَ المؤمنين جميعًا، ويُثير المنطقةَ بأسرها.
(لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا)[التَّوْبَةِ: 40]، يا أهل بيت المقدس وفلسطين عامة، يا أوتاد المسجد الأقصى المبارك: قال عليه الصلاة والسلام: "إن للمساجد أوتادًا، الملائكة جلساؤهم"، فاحرص أن يُكتَب اسمُكَ في قوائم المرابِطين في المسجد الأقصى المبارك.
إن الغادرين هم الذين يقلبون الأمور، وتقودهم أطماعهم ومصالحهم للوقوف مع المعتدين، ويثيرون الفتن بأموالهم وزياراتهم، ولكن أهل المسجد الأقصى ثابتون جسدًا واحدًا أمام المنافقين الغادرين -بإذن الله-، قال صلى الله عليه وسلم: "لكل غادر لواء يوم القيامة، يُرفَع له بقدر غدره، ألا ولا غادر أعظم من أمير عامة"، صدقتَ يا سيدي يا رسول الله، ستُعقَد ألويةُ الغدر للعملاء الذين غدروا المحاصَرين في غزة، ستُعقَد ألوية الغدر للسماسرة وستُعقَد ألوية الغدر يوم القيامة لأمراء السوء؛ (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ)[النِّسَاءِ: 145].
(لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا)[التَّوْبَةِ: 40].
وادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، فيا فوز المستغفرين، استغفِروا الله.
الحمد لله فالق الحب والنوى، منزل القطر والنوى، فارج الهم والغم ورافع البلا، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، (أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى)[الْإِسْرَاءِ: 1]، وأشهد أن سيدنا محمدًا رسول الله، -صلى الله عليه وسلم-، خير من وطئ الثرى، وصلى ببيت المقدس إمامًا بالأنبياء، وللقدس سرى.
(لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا)[التَّوْبَةِ: 40]، يا شباب الإسراء والمعراج: وكلكم في الرباط شباب، يا نضار الوجوه: لقد عشق المؤمنون الأحرار في العالم رباطكم، لقد سطَّر التاريخ تراحمكم وتعاطفكم؛ فكنتم جسدًا واحدًا نصرةً للمسجد الأقصى المبارك، ونسجتُم درعًا ذهبيًّا واقيًا للمسجد الأقصى المبارك؛ لذلك تُغبَطون، رغب العالَمُ في شد الرحال إليكم، لا للصلاة في المسجد فحسب، بل لعله يصيبه ما أصابكم من العزة والكرامة والأنفة والإباء، ولقد ذرفت العيون دموعا لوجع طفل رضيع تحت الركام في غزة، نصرة للأقصى، خمس وسبعون طفلًا كأصحاب الأخدود ما ذنبهم؟ وازداد الإباء والعزة في قلوب المرابطين، من احتساب المصابين بأنفسهم وبيوتهم فداء للمسجد الأقصى؛ أولئك لهم البشرى، سنجتمع معهم -بإذن الله- في ظل عرش الرحمن، يوم لا ظل إلا ظله، فالبشرى لمن قلبهم معلَّق بالمساجد.
(لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا)[التَّوْبَةِ: 40].
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا، اللهم لك الحمد كله، ولك الشكر كله، ولك الحمد بالنصر في الدين، اللهم إنا نسألك يا الله، يا ودود، يا ودود، يا ذا العرش المجيد، يا مبدئ يا معيد، يا فعالا لما يريد، يا الله، يا مغيث، أغث المسجد الأقصى المبارك وأهله المسلمين يا الله، اللهم ثبِّت أهلَنا المحاصَرين في غزة، اللهم اجبر كسرهم، اللهم كن لهم عونًا ونصيرًا، وسندًا وظهيرًا، اللهم اشفِ الجرحى والمصابينَ، وفُكَّ قيدَ الأسرى والمعتقَلين، اللهم أصلح ذات بيننا، وألِّف بين قلوبنا، اللهم وحِّد صفَّنا، واجمع على الحق كلمتنا، ولا تُشمِت بنا أعداءنا، اللهم اجعل كتاب شهداءنا في عليين يا أرحم الراحمين.
اللهم يا مَنْ جعلتَ الصلاةَ على النبي من القربات، نتقرب إليكَ بكل صلاةٍ صُلِّيَتْ عليه من أول النشأة إلى ما لا نهاية للكمالات، وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
وأنتَ يا مقيم الصلاة أقم الصلاة.
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي