ومن اختار الإسلام دينا له فإنه لا يجوز الحكم بكفره إلا بناقض ينقض إسلامه ، بعد أن تبين له الحجة ، وتزال عنه الشبهة ، فإن أصر بعد ذلك على ما بسببه يكفر فلا يجوز الحكم بإسلامه ، وإلا لكان دين الإسلام ألعوبة في أيدي السفهاء والمحرفين ، كما هو حال الأديان المحرفة أو الموضوعة..
الحمد لله ؛ خلق عباده فكلفهم ، وأنعم عليهم فهداهم ، ويوم القيامة يجزاهم ، أحمده على تتابع نعمه ، وأشكره على عظيم مننه ، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له (أَمَرَ أَلا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) [يوسف: من الآية40] وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ؛ أقام الحجة ، وأوضح المحجة ، ونصح للأمة ، وجاهد في الله تعالى حق جهاده حتى توفاه الله تعالى ، لا خير إلا دلنا عليه ، ولا شر إلا حذرنا منه ؛ صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ؛ وصفهم الله تعالى بأنهم (أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ) [الفتح: من الآية29] والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد :
فأوصيكم -أيها الناس- ونفسي بتقوى الله عز وجل ؛ فإنها نعم العدة ، ليوم تستحكم فيه الشدة ، وتشتد المحنة ، وتعظم الكربة، حين يلجم الناس عرقهم ؛ فاتقوا ربكم للنجاة من ذلك اليوم العصيب (وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ) [الزمر:60] أيها الناس: شريعة الله تعالى وسط بين إفراط المفرطين ، وتفريط المفرطين وسط بين غلو الغالين ، وجفاء الجافين ، وهي الدين الحق الذي هو دين الأنبياء كلهم ، ولا يقبل يوم القيامة من الأديان سواه (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْأِسْلامُ ) [آل عمران: من الآية19] (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْأِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) آل عمران:85].
ومن اختار الإسلام دينا له فإنه لا يجوز الحكم بكفره إلا بناقض ينقض إسلامه ، بعد أن تبين له الحجة ، وتزال عنه الشبهة ، فإن أصر بعد ذلك على ما بسببه يكفر فلا يجوز الحكم بإسلامه ، وإلا لكان دين الإسلام ألعوبة في أيدي السفهاء والمحرفين ، كما هو حال الأديان المحرفة أو الموضوعة.
إن المسلم لا يكفر إلا إذا أنكر معلوما من الدين بالضرورة ، أو اعتقد اعتقادا ، أو قال قولا ، أو فعل فعلا ، قد انعقد الإجماع ، أو دل الدليل الصحيح الصريح على أنه كفر ناقل عن الملة ، ولا يكفر بارتكاب الكبائر والموبقات ، ولو جاءت النصوص بلعن صاحبها أو غضب الله تعالى عليه، أو جاء فيها وعيد شديد بالعذاب والنار ، إلا أن يستحلها فيكفر بالاستحلال لا بمجرد الفعل.
ولا يلزم من وقوع المسلم في مكفر من المكفرات الواضحة الحكم بكفره ابتداء حتى ينقطع عذره بتوافر الشروط ، وارتفاع الموانع من الجهل والتأويل والإكراه ، وعلى ذلك دلت نصوص الكتاب والسنة ، وانعقد إجماع سلف الأمة ،خلافا للفرق الضالة في هذا الباب.
أما الإكراه فقد رخص الله تعالى لمن غلب على ظنه أنه يقتل أو يعذب أن يقول الكفر أو يفعله مع سلامة قلبه منه ، وطمأنينته بالإيمان (مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْأِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) [النحل:106] نزلت هذه الآية في عمار بن ياسر رضي الله عنهما حين عذبه المشركون ، وما تركوه حتى سب النبي صلى الله عليه وسلم ، وذكر آلهتهم بخير ، فشكا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "يا رسول الله ، ما تركت حتى سببتك وذكرت آلهتهم بخير ، قال: كيف تجد قلبك ؟ قال: مطمئنا بالإيمان ، فقال: إن عادوا فعد" قال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى:ولهذا اتفق العلماء على أن المكره على الكفر يجوز له أن يوالي إبقاء لمهجته .
وهذه الرخصة رحمة من الله تعالى بعباده ، فما كل الناس يطيق العذاب ، ويواجه الموت في سبيل دينه ، ومن ثبت على دينه ولو أفضى ذلك إلى تعذيبه وقتله فهو أفضل عند الله تعالى.
كما ثبت بلال رضي الله عنه ، وأغاظ المشركين وهم يفعلون به الأفاعيل ؛ حتى كانوا يضعون الصخرة العظيمة على صدره في شدة الحر ويأمرونه بالشرك بالله فيأبى عليهم وهو يقول: أحد أحد، ويقول: والله لو أعلم كلمة هي أغيظ لكم منها لقلتها رضي الله عنه وأرضاه .
وكذلك حبيب بن زيد الأنصاري لما قال له مسيلمة الكذاب: أتشهد أن محمدا رسول الله ؟ قال: نعم ، فيقول مسيلمة: أتشهد أني رسول الله؟ فيقول: لا أسمع ، فلم يزل يقطعه إربا إربا وهو ثابت على ذلك حتى لقي الله تعالى ، فرضي الله عنه وأرضاه.
وقد نهى الله تعالى عباده المؤمنين أن يتخذوا الكافرين أولياء إلا أن يخافوهم على أنفسهم ، فيصانعوهم ؛ درءا لشرهم ، وردا لخطرهم ، مع بغضهم لهم ، ومعونة المؤمنين عليهم (لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ) [آل عمران:28] أي: إلا أن تخافوا على أنفسكم في إبداء العداوة للكافرين، فلكم في هذه الحال الرخصة في المسالمة والمهادنة ، لا في التولي الذي هو محبة القلب الذي تتبعه النصرة.
قال ابن كثير رحمه الله تعالى وقوله تعالى: (إِلا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً) أي: إلا من خاف في بعض البلدان والأوقات من شرهم فله أن يتقيهم بظاهره لا بباطنه ونيته؛ كما قال البخاري: عن أبي الدرداء رضي الله عنه أنه قال: "إنا لنكشر في وجوه أقوام وقلوبنا تلعنهم".اهـ
والجهل مانع من وصف المسلم بالكفر، إذا كان مثله يجهل الكفر الذي قاله أو فعله ، ولو أتى ناقضا من نواقض الإسلام؛ حتى يرفع جهله بالعلم ، وتقام عليه الحجة ,عن أبي سعيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم "أن رجلا كان قبلكم رغسه الله مالا- أي: كثر ماله أو جعل له أصلا من مال - فقال لبنيه لما حضر: أي أب كنت لكم قالوا : خير أب قال فإني لم أعمل خيرا قط فإذا مت فأحرقوني ثم اسحقوني ثم ذروني في يوم عاصف ، ففعلوا فجمعه الله عز وجل فقال: ما حملك ؟ قال مخافتك ، فتلقاه برحمته" وفي رواية: "فجمعه الله فقال: لم فعلت؟ قال: من خشيتك ، فغفر له" رواه البخاري.
وفي رواية لمسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "أسرف رجل على نفسه ، فلما حضره الموت أوصى بنيه فقال: إذا أنا مت فأحرقوني ثم اسحقوني ثم أذروني في الريح في البحر فوالله لئن قدر علي ربي ليعذبني عذابا ما عذبه به أحدا ، قال: ففعلوا ذلك به ، فقال الله تعالى للأرض: أدي ما أخذت، فإذا هو قائم ، فقال له: ما حملك على ما صنعت؟ فقال: خشيتك يا رب ، أو قال: مخافتك فغفر له بذلك" .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: "فهذا الرجل اعتقد أن الله تعالى لا يقدر على جمعه إذا فعل ذلك أو شك ، وأنه لا يبعثه ، وكل من هذين الاعتقادين كفر يكفر من قامت عليه الحجة لكنه كان يجهل ذلك ، ولم يبلغه العلم بما يرده عن جهله وكان عنده إيمان بالله وبأمره ونهيه ووعده ووعيده ، فخاف من عقابه فغفر الله له بخشيته ، فمن أخطأ في بعض مسائل الاعتقاد من أهل الإيمان بالله وبرسوله وباليوم الآخر والعمل الصالح لم يكن أسوأ حالا من هذا الرجل فيغفر الله تعالى خطأه أو يعذبه إن كان منه تفريط في اتباع الحق على قدر دينه ، وأما تكفير شخص علم إيمانه بمجرد الغلط في ذلك فعظيم".اهـ
وقال ابن القيم رحمه الله تعالى: "غفر الله تعالى له ورحمه لجهله؛ إذ كان ذلك الذي فعله مبلغ علمه، ولم يجحد قدرة الله تعالى على إعادته عنادا أو تكذيبا".اهـ
والمسلم قد تعرض له شبهة فتوقعه في الغلط، فيفهم النصوص على غير وجهها، فيقول كفرا أو يفعله ، فليس لأحد أن يحكم عليه بالكفر حتى يزيل شبهته، ويصحح غلطه، فإن أصر بعد ذلك على ما به يكفر كفر ظاهرا وأقيم عليه حد الردة، وسريرته إلى الله تعالى، وقد وقع لبعض الصحابة شيء من ذلك؛ كما روى عبد الله بن عامر رضي الله عنهما: "أن عمر رضي الله عنه استعمل قدامة بن مظعون رضي الله عنه على البحرين فقدم الجارود سيد عبد القيس على عمر رضي الله عنهما فقال: يا أمير المؤمنين إن قدامة شرب فسكر وإني رأيت حدا من حدود الله حقا علي أن أرفعه إليك فقال: عمر رضي الله عنه من شهد معك؟ قال: أبو هريرة ، فدعا عمر أبا هريرة رضي الله عنهما فشهد عليه عند عمر ، ثم كتب عمر إلى قدامة أن يقدم عليه من البحرين، واستشهد عمر زوجة قدامة فأقامت الشهادة على زوجها ، فقال عمر لقدامة رضي الله عنهما : إني حادك ، فقال: لو شربت كما يقولون ما كان لكم لتجلدوني، فقال عمر رضي الله عنه: لم ؟ قال قدامة رضي الله عنه: قال الله عز وجل: (لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا...) [المائدة: من الآية93] قال عمر رضي الله عنه: أخطأت التأويل ، إن اتقيت الله عز وجل اجتنبت ما حرم الله تعالى عليك ، فجلده عمر حد الخمر"
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: "وقد كان بعض الصحابة ظن أن الخمر حرمت على العامة دون الذين آمنوا وعملوا الصالحات، فشربها متأولا، فأحضره عمر ، واتفق هو وأئمة الصحابة كعلي وغيره على أنهم إن أصروا على استحلالها كفروا ، وان اقروا بالتحريم جلدوا ، فأقروا بالتحريم ، ثم حصل لذلك نوع من اليأس والقنوط لما فعل ، فكتب إليه عمر (حم تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ) [غافر:1-3] وأظنه قال: ما أدري أي ذنبيك أعظم: استحلالك الرجس أم يأسك من رحمة الله تعالى ، وهذا من علم أمير المؤمنين وعدله ؛ فإن الفقيه كل الفقيه لا يؤيس الناس من رحمة الله تعالى ، ولا يجرئهم على معاصي الله تعالى ، واستحلال المحرمات كفر واليأس من رحمة الله عز وجل كفر ؛ ولهذا كان دين الله تعالى بين الحرورية والمرجئة".اهـ
أسأل الله تعالى أن يرزقنا الفقه في الدين ، وأن يثبتنا على الحق المبين، وأن يحفظنا وإخواننا المسلمين من مظلات الفتن والأهواء، إنه سميع قريب.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ) [صّ:26].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ..
الخطبة الثانية
الحمد لله ؛ قضى بالحق ، وأمر بالعدل ، وهو بكل شيء عليم ، وعلى كل شيء شهيد ، أحمده وأشكره ، وأتوب إليه وأستغفره ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداهم إلى يوم الدين .
أما بعد :
فاتقوا الله تعالى - أيها المسلمون - وأطيعوه (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) [الأحزاب:70-71].
أيها المسلمون:قضية الإيمان والكفر من أخطر القضايا في دين الله تعالى ، وقد ضل فيها طوائف كثيرة في كثير من الأمصار والأزمان ، واحتار كثير من الناس بسبب الاختلاف فيها بين المفرطين والمفرطين ؛ فأقوام عرضت لهم بعض الشبهات في إخوانهم المسلمين فكفروهم ثم قاتلوهم بناء على تكفيرهم لهم ، ونتج عن ذلك مفاسد عظيمة من إيقاع الكفر على من لا يستحقه ، ثم الاعتداء عليه ، واستباحة دمه وماله ؛ وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "لا يحل دم امريء مسلم إلا بإحدى ثلاث: رجل كفر بعد إسلامه ، أو زنى بعد إحصانه، أو قتل نفسا بغير نفس".
ومن الظلم العظيم في هذا الباب : القول بالإرجاء ، ونفي الكفر عمن يستحقه من الكفار الأصليين كاليهود والنصارى والوثنيين ، أو المرتدين الذين يعلنون رفضهم لشريعة الله تعالى مع قيام الحجة عليهم ، واستبانة المحجة لهم ، بحجة أن وصفهم بالكفر لا يتناسب مع ثقافة الحوار ، وقبول الرأي الآخر ، وغير ذلك من الحجج الواهية التي تلغى بها شريعة رب العالمين ؛ إرضاء للكافرين والمنافقين ، ومن وافقهم من الظالمين والجاهليين ؛ بل إن بعض من ضلوا في هذا الباب يزعمون أن الحق خفي ، أو أن الأديان كلها موصلة لرضا رب العالمين ، فلا يجوز الاختلاف بسببها،وكل هذه الأقاويل ظلمات بعضها فوق بعض ، وضلال كبير ، من قال به فهو يلغي الإسلام جملة وتفصيلا ، وقد كفر الله تعالى من استحق الكفر من عباده ، فقال عز وجل (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ) [المائدة: من الآية17] وقال سبحانه: (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ ) [المائدة: من الآية73] وكثر في سنة النبي صلى الله عليه وسلم لعن اليهود والنصارى ، والحكم عليهم بالنار خالدين فيها أبدا ما داموا على عدم إيمانهم بالنبي صلى الله عليه وسلم كما روى مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار".
فالحق أحق أن يتبع ، ودين الله تعالى وسط بين الغالين والجافين ، ولن يضره ضلال الضالين ، ولا تحريف المحرفين ، ولا تخذيل المخذلين ، الذين جعلوا من مهماتهم تحريف الكلم عن مواضعه ، وتبديل كلام الله تعالى ، وتصدير الفتاوى الشاذة التي ليس لهم فيها سلف ، وهي مصادمة للنصوص القطعية من الكتاب والسنة ؛ ليشتروا بها ثمنا قليلا ، ولينالوا عرضا من عرض الدنيا ، كما فعل أسلافهم من أحبار اليهود ، ورهبان النصارى (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ) [البقرة:79] ألا فاتقوا الله ربكم ، واستمسكوا بدينكم ، وعضوا عليه بالنواجذ ، ولا تغرنكم أقوال المخذلين ، وتشكيك المشككين ، وتلاعب المتلاعبين بدين الله تعالى ؛ فإنهم يضرون أنفسهم،ولن يضروا الله تعالى ولا شريعته شيئا، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.
وصلوا وسلموا على نبيكم...
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي