عيادة المريض

إسماعيل القاسم
عناصر الخطبة
  1. حرص الإسلام على مكارم الأخلاق .
  2. فضائل عيادة المريض .
  3. أهمية عيادة المريض .
  4. آداب عيادة المريض. .

اقتباس

عيادة المريض هي من أعظم الأعمال أجرًا؛ لأن فيها أنواعًا من الفوائد، فنوع يرجع إلى المريض، ونوع يعود على الزائر، ونوع يعود على أهل المريض، ونوع يعود على العامة. وهو عنوان تكاتفٍ بين المسلمين دينيًّا واجتماعيًّا.

الخطبة الأولى:

بُعث النبي -صلى الله عليه وسلم- ليتمم مكارم الأخلاق، فشارك -عليه السلام- الصحابة -رضي الله عنهم- أفراحَهم، فكان قدوةً لمن بعده في إجابة الداعي، وإكرامِ الضيف، وإبرار المُقْسِم. ولم يغفل عن مشاركتهم في أتراحهم، باتباع الجنائز، أو تخفيفِ المصاب كعيادة المريض.

بل جعل عيادةَ المريض حقًا من حقوق المسلم على أخيه المسلم؛ كردِّ السلام، واتباع الجنائز، وإجابة الدعوة، وتشميت العاطس. وقد حرص النبي -صلى الله عليه وسلم- على عيادة المريض وأَمَر بها بقوله: "أطعموا الجائع، وعودوا المريض، وفكوا العاني"(رواه البخاري).

وقد عَرَفَ الأئمةُ قَدْر هذه الشعيرة، فبوَّب الإمام البخاريُّ -رحمه الله- بابًا في صحيحه سماه: "باب وجوب عيادة المريض"، وكذلك الإمام مسلم -رحمه الله- وضع بابًا في صحيحه سماه: "باب فضل عيادة المريض".

ويكفي في فضل عيادة المريض أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن الله -عز وجل- يقول يوم القيامة يا ابن آدم: مرضت فلم تعدني، قال يا رب: كيف أعودك وأنت رب العالمين؟ قال: أما علمت أن عبدي فلانًا مرض فلم تعده، أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده، يا ابن آدم: استطعمتك فلم تطعمني، قال يا رب: وكيف أطعمك وأنت رب العالمين؟ قال: أما علمت أنه أستطعمك عبدي فلان فلم تطعمه، أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي، يا ابن آدم: استسقيتك فلم تسقني، قال يا رب: كيف أسقيك وأنت رب العالمين؟ قال: استسقاك عبدي فلان فلم تسقه، أما إنك لو سقيته وجدت ذلك عندي"(رواه مسلم).

قال ابن عباس -رضي الله عنهما- في تفسير قوله -تعالى-: (وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ)[الجُمُعَة: 10]: "إنما هي عيادة المريض، وحضورُ الجنائز، وزيارة أخ في الله".

وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- في فضلها: "من عاد مريضًا لم يزل في خُرفة الجنة"، قيل: يا رسول الله! وما خرفة الجنة؟ قال: "جناها"(رواه مسلم).

وقال -صلى الله عليه وسلم-: "من أتى أخاه المسلم عائدًا، مشى في خرافة الجنة حتى يجلس، فإذا جلس غَمَرتْه الرحمة، فإن كان غدوة صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يمسي، وإن كان مساء صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يصبح"(رواه ابن ماجه).

بل إن عيادة المريض سبب من أسباب دخول الجنة، كما في سؤال النبي -صلى الله عليه وسلم- الصحابةَ -رضي الله عنهم- بقوله -صلى الله عليه وسلم-: "من أصبح منكم اليوم صائمًا؟ فقال أبو بكر: أنا، فقال: من أطعم منكم اليوم مسكينًا؟ قال أبو بكر: أنا، فقال: من تبع منكم اليوم جنازة؟ فقال أبوبكر: أنا، قال: من عاد منكم مريضًا؟ قال أبو بكر: أنا، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ما اجتمعت هذه الخصال قط في رجل إلا دخل الجنة"(رواه مسلم).

عيادة المريض هي من أعظم الأعمال أجرًا؛ لأن فيها أنواعًا من الفوائد، فنوع يرجع إلى المريض، ونوع يعود على الزائر، ونوع يعود على أهل المريض، ونوع يعود على العامة.

وهو عنوان تكاتفٍ بين المسلمين دينيًّا واجتماعيًّا.

فاللهم إنا نسألك العفو والعافية، ومتعنا اللهم بأسماعنا، وأبصارنا، وقوتنا أبدًا ما أبقيتنا.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.

الخطبة الثانية:

هناك آداب ينبغي للزائر أن يتحلى بها عند عيادة المريض:

أولها: الإخلاص لله في أداء هذه الشعيرة، واستصحابُ ما يكون فيها من أجور للزائر، ونفعٍ للمزور، حتى ولو كان المريض لا يُدْرِك من زاره، قال جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما-: مرضت مرضًا، فأتاني النبي -صلى الله عليه وسلم- يعودني وأبو بكر وهما ماشيان، فوجداني أُغمي عليَّ، فتوضأ النبي -صلى الله عليه وسلم-، ثم صبَّ وَضوءه عليّ فأفقتُ"(رواه البخاري).

ثانيها: الدعاء للمريض بالدعاء النبوي فيقول: "لا بأس طهور إن شاء الله"(رواه البخاري)، أو كدعاء النبي -صلى الله عليه وسلم-: "اللهم اشف سعدًا، اللهم اشف سعدًا، اللهم اشف سعدًا"(رواه مسلم).

ومن الأدعية المشروعة: "اللهم رب الناس، أذهب البأس، اشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاءً لا يغادر سقمًا"(متفق عليه).

ومنها: "أعيذك بكلمات الله التامة، من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة"(رواه البخاري). أو يُذكّرُ المريض بالدعاء، كما أمر النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- عثمانَ بنَ عفانَ -رضي الله عنه- فقال: "ضع يدك على الذي تألم من جسدك وقل: بسم الله -ثلاثًا- وقل سبع مرات: أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر"(رواه مسلم).

ثالثها: سؤال المريض أو أهلِه عن حاله، كما سأل الصحابة -رضي الله عنهم- عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه- عن حال النبي -صلى الله عليه وسلم- في وجعه الذي تُوفِّي فيه؛ فقال: "أصبح بحمد الله بارئًا"(رواه البخاري).

رابعها: أن تكون الزيارة في أول المرض، إذا لم يكن على المريض مشقة كما في الحديث: "إذا مرض فعده"(متفق عليه)، ولِمَا فيها من استباقٍ للخيرات، والأِثر النفسي على المريض.

وإذا صاحب الزيارةَ دعوةٌ وتوجيهٌ فإن الأجر مضاعف، كما في زيارة النبي -صلى الله عليه وسلم- للغلام اليهودي الذي يخدم النبي -صلى الله عليه وسلم- فمرض، فعاده النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقعد عند رأسه فقال له: "أسلم"، فنظر الصبي إلى أبيه وهو عنده، فقال: أطع أبا القاسم، فأسلم، فخرج النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو يقول: "الحمد لله الذي أنقذه من النار"(رواه البخاري).

كما ينبغي للزائر أن يتحرَّى الوقت المناسب للزيارة، ويتحلَّى بتخفيف السلام، وتقليل الكلام، وتعجيل القيام إن كان ذلك يشق عليه.

وهي تُذَكِّر المرءَ بنعمة الصحة والعافية، حيث وهبك الله صحةً في بدنك، وسلامةً في عقلك، فاحفظها من الزوال بشكر المُنعِم -سبحانه-، وبملازمةِ الدعاء، كما كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يسأل ربه العفو والعافيَة.

فاللهم اشف مرضانا، وارحم موتانا.

ثم اعلموا أن الله أمركم بالصلاة والسلام على نبيه؛ فصلوا عليه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.


تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي