أيهما يقدم صيام القضاء أم ستٍّ من شوال؟

عبد الله بن محمد الطيار
عناصر الخطبة
  1. الاستمرار في الطاعة من التقوى.
  2. أحكام تتعلق بقضاء الصوم وصيام الست من شوالِ .
  3. استهداف الأعداء لبلاد الحرمين .

اقتباس

سادساً: إذَا مَنَعَ الزوجُ زوجتَه من صيامِ القضاءِ في الوقتِ المتَّسعِ فيلزمُها طاعتُه، وأمَّا إذا ضاقَ الوقتُ ولم يبقَ على رمضانَ الآخرِ إلا بقدرِ ما عليهَا من أيامِ القضاءِ؛ فلا يلزمُها طاعتُه...

الخُطْبَةُ الأُولَى:

الحمدُ للهِ فاطرِ الأكوانِ وباريْها، ومُسيِّرِ الأفلاكِ ومُجْريْها، وخالقِ الدَّوابِ ومُحصِيْها، ومُقسِّمِ الأرزاقِ ومُعْطِيْها، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدهُ لا شريكَ لهُ، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُ اللهِ ورسولُه، صلَّى اللهُ وسلَّم عليهِ وعلى آلِه وصحبِه إلى يومِ الدينِ.

أما بعدُ: فاتقوا اللهَ عبادَ اللهِ، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُون)[الحشر:18].

أيُّها المؤمنونَ: ودَّعنا بالأمسِ شهرَ رمضانَ، وقد فازَ فيه أقوامٌ عمَّروا نهارَه بالصيامِ، وليلَه بالقيامِ، واجتهدوا في سائرِ الأعمالِ الصالحةِ, ومَثَلُ هؤلاءِ كمثلِ مَنْ يَبْني بناءً، فَهُمْ في هذه الأيامِ مجتهدونَ لإتمامِه، وهكذا الأخيارُ المتَّقون؛ كلُّ حياتِهم عبادةٌ وطاعةٌ، يتقلَّبون فيها بينَ حمدٍ وذكرٍ وصلاةٍ وصيامٍ وقراءةٍ وصلةِ رحمٍ، فليسَ لهُم وقتٌ خاصٌ بالطاعةِ، وصَدَقَ اللهُ العظيمُ: (قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِين * لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِين)[سورة الأنعام].

وهذه هي آثارُ التَّقوى؛ فالصائمونَ يتلذَّذونَ بالطاعةِ بعدَ رمضانَ، كما هي حالُهم في رمضان.

أيُّها المؤمنونَ: اعلموا -باركَ اللهُ فيكم- أنَّ ممَّا يتأكَّدُ التنبيهُ عليه في مثلِ هذهِ الأيامِ ما يتعلَّقُ بصيامِ القضاءِ، وصيامِ ستٍّ من شوالِ، وأوجزُ ذلكَ فيمَا يأتي:

 أولاً: المبادرةُ في قضاءِ رمضانِ؛ لأنَّ المسلمَ لا يدري ما يعرضُ له.

ثانياً: الأولى تقديمُ القضاءِ على صيامِ ستٍّ من شوالِ، وغيرِه من النفلِ.

ثالثا: لا يجوزُ الفطرُ في قضاءِ رمضانِ إلا بعذرٍ يُبيحُ له الفطرَ في رمضان؛ كسفرٍ، أو مرضٍ، أو حيضٍ، أو نفاسٍ بالنسبةِ للمرأةِ.

رابعاً: صيامُ القضاءِ لا يلزمُ فيه التَّتابع.

خامسا: صيامُ القضاءِ يلزمُ له تبييتُ النٍّيِّةِ من الليلِ؛ لأنَّه مثلُ صيامِ رمضانَ في ذلك.

سادساً: إذَا مَنَعَ الزوجُ زوجتَه من صيامِ القضاءِ في الوقتِ المتَّسعِ فيلزمُها طاعتُه، وأمَّا إذا ضاقَ الوقتُ ولم يبقَ على رمضانَ الآخرِ إلا بقدرِ ما عليهَا من أيامِ القضاءِ؛ فلا يلزمُها طاعتُه.

سابعاً: لا يجوزُ جمعُ نيةِ القضاءِ وستٍّ من شوالَ في يومٍ واحدٍ.

وصَدَقَ اللهُ العظيمُ: (فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُون)[البقرة:184].

باركَ اللهُ لي ولكمْ في القرآنِ العظيمِ, ونفعني وإيَّاكم بما فيهِ من الآياتِ والعظاتِ والذِّكرِ الحكيمِ، فاسْتَغفروا اللهَ إنَّه هو الغفورُ الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، والصلاةُ والسلامُ على الرسولِ الكريمِ محمدِ بنِ عبدِ اللهِ النبيِّ الأمينِ، صلى اللهُ عليه وعلى آلهِ وصحبِه أجمعين. أما بعدُ: 

فاتَّقوا اللهَ -عبادَ اللهِ-، واعلموا أنَّ ممَّا يتعلَّقُ بمسألةِ القضاءِ وستٍّ من  شوالَ أيضًا:

ثامناً: صيامُ ستٍّ من شوالَ لا يلزمُ له نيّةٌ من الَّليلِ، بلْ لو نوى في أي وقتٍ من النهارِ فصيامُه صحيحٌ.

تاسعاً: يجوزُ إفرادُ الجمعةِ بالصيامِ إذا كان قضاءً، أو ستًّا من شوال، أو كانَ صيامُ عرفةَ، أو عاشوراءَ.

عاشراً: لا حَرَجَ أن يفطرَ الصائمُ في النَّهارِ إذا كانَ صيامُه نفلاً؛ لأنَّ الصائمَ المتطوعَ أميرُ نفسِه، إن شاءَ صامَ، وإن شاءَ أفطرَ.

الحادي عشر: صيامُ ستٍّ من شوالَ يجوزُ متتابعًا ومتفرقًا، والأمرُ في ذلكَ واسعٌ وللهِ الحمدُ.

الثاني عشر: الصِّغارُ غيرُ البالغينَ ذكورًا وإناثًا، لا يلزمهم قضاءُ ما أفطروا في رمضانَ، ولكنْ لو تمَّ توجيهُهم للقضاءِ من بابِ التربيةِ والتدرُّبِ على الطاعةِ فهذا حسنٌ.

الثالث عشر: لا ينبغي الصيامُ في السفرِ إذا كان الصومُ نفلاً، وشقَّ ذلك على الصائمِ؛ لأنَّ الفطرَ في السفرِ مشروعٌ إذا كانَ الصيامُ واجبًا، ومِنْ بابِ أولى إذا كانَ نفلاً.

عبادَ الله: واعلموا -رحمكم الله- أنَّ أعداءَ هذه البلادَ يستهدفونها في كل مقدَّراتها ومكتسباتها، وما هذه الصواريخ التي يطلقونها إلا لونٌ من ألوان العداء الصريح والمخالفة الواضحة لجميع الأعراف والقوانين؛ فكونوا يدًا واحدةً في الدفاع عن بلادكم, واحذروا أراجيف الأعداء ومكائدهم.

أسأل الله -تعالى- أن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال والأقوال.

هذا, وصلُّوا وسلِّموا على الحبيبِ المصطفَى, والقدوةِ المجتبى؛ فَقَد أمَرَكُم اللهُ بذلكَ فقالَ -جلَّ وعلا-: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب: 56].


تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي