عروض نهاية العام

تركي بن علي الميمان
عناصر الخطبة
  1. عظم عشر ذي الحجة .
  2. من الحسنات النفيسة في العشر من ذي الحجة .
  3. أهمية اغتنام العشر .

اقتباس

أَعْظَمُ ما يُتَقَرَّبُ إلى اللهِ في هذهِ العَشْر: فِعْلُ الواجبات، وتَرْكُ المحرّمات، وَأداءُ الأمانات، ثم اسْتَكْثِرْ ما اسْتَطَعْتَ مِن النوافلِ والمستحبّات؛ فقد كَان السلفُ يُعَظِّمُونَ ثَلاثَ عَشَرَاتٍ...

الخُطْبَةُ الأُوْلَى:

أمّا بعدُ: في نهايةِ كُلِّ عامٍ، تَنْشَطُ الأسواقُ والمحلات؛ لتقديمِ أفضلِ العُروضِ والتخفيضات! وهناكَ عُرُوضٌ إلهيّة، ومِنَحٌ رَبَّانِيَّة، تُفْتَحُ أَبْوابُها في نهايةِ كلِّ عامٍ هِجْرِي، إنَّها فُرْصَةٌ عظيمةٌ لِجَمْعِ الحسنات، وتكفيرِ السيئات، وهي أفضلُ عروضِ السَنَةِ على الإطلاق! إنَّها عَشْرُ ذي الحجة.

وعَشْرُ ذي الحجة؛ أفضلُ أيامِ الدنيا! فَقَد أَقْسَمَ اللهُ بها -واللهُ لا يُقْسِمُ إلا بِعَظِيم-: (وَالْفَجْرِ * وَلَيالٍ عَشْرٍ)[الفجر:1-2]، قال ابنُ كثير: "الْمُرَادُ بِهَا: عَشَرُ ذِي الْحِجَّةِ"؛ وقال -صلى الله عليه وسلم-: "مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ -يَعْنِي أَيَّامَ الْعَشْرِ-، قالوا: "وَلا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟!"، قال: "وَلا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، إِلا رَجُلًا خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، ثُمَّ لَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ"(أخرجه أحمد)، ويقول -صلى الله عليه وسلم-: "أفضلُ أيامِ الدنيا: أيامُ العشْرِ"(أخرجه البزار، وصححه الألباني).

وعَشْرُ ذِي الحجة، عَزَاءٌ لِمَنْ فَرَّطَ في رمضان! قال شيخُ الإسلام: "أيامُ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ؛ أَفْضَلُ مِنْ أَيَّامِ الْعَشْرِ مِنْ رَمَضَانَ"، وقال ابنُ حَجَر: "السَّبَبُ فِي امْتِيَازِ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ؛ لِمَكَانِ اجْتِمَاعِ أُمَّهَاتِ الْعِبَادَةِ فِيهِ، وَهِيَ: الصَّلَاةُ، وَالصِّيَامُ، وَالصَّدَقَةُ، وَالْحَجُّ، وَلَا يَتَأَتَّى ذَلِكَ فِي غَيْرِهِ".

وَمِنْ الحَسَناتِ العظيمة، في العَشْرِ النَّفِيْسَة، ما يلي:

أولاً: التوبة: فَاغْتَسِلْ بماءِ التوبةِ النَّصُوح؛ مادامَ البابُ مفتوح! فاللهُ (يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ)[البقرة:222]، واغْسِلْ قَلْبَك مِن أوساخِ الشِّرْكِ والشَّك، والرياءِ والحَسَد؛ ليكونَ طاهرًا سليمًا! (يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ)[الشعراء:88-89].

ثانيًا: الصيام؛ لا سيّما يوم عرفة؛ قال -صلى الله عليه وسلم-: "صِيَامُ يَومِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ علَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتي بَعْدَهُ"(أخرجه مسلم).

ثالثًا: الذِّكْر؛ قال تعالى: (وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ)[الحج:28]، قال ابنُ عباس: "هِيَ أَيَّامُ الْعَشْرِ، وقال -صلى الله عليه وسلم-: "فأَكثِرُوا فيهِنَّ مِنَ التَّهليلِ، والتَّكبيرِ، والتَّحميدِ"(أخرجه أحمد، وصحَّحَه أحمد شاكر)، قال البخاري: "كَانَ ابْنُ عُمَرَ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ: يَخْرُجَانِ إِلَى السُّوقِ فِي أَيَّامِ العَشْرِ يُكَبِّرَانِ، وَيُكَبِّرُ النَّاسُ بِتَكْبِيرِهِمَا"(صحيح البخاري).

رابعًا: الحج، ويتأكَّد لِمَن لم يَسْبِقْ له الحج، لِمَنْ استطاعَ إليه؛ قال -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ أَتَى هَذَا الْبَيْتَ، فَلَمْ يَرْفُثْ، وَلَمْ يَفْسُقْ؛ رَجَعَ كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ"(أخرجه مسلم).

خامسًا: حُسْنُ الخُلُق: بِكَفِّ الأذى، وَبَذْلِ النَّدَى، وأَنْ تَعْفُوَ عَمَّنْ ظَلَمَك، وتُعْطِيَ مَنْ حَرَمَك، وتَصِلَ مَنْ قَطَعَك.

الخُطبةُ الثانية:

عبادَ الله: أَعْظَمُ ما يُتَقَرَّبُ إلى اللهِ في هذهِ العَشْر: فِعْلُ الواجبات، وتَرْكُ المحرّمات، وَأداءُ الأمانات، ثم اسْتَكْثِرْ ما اسْتَطَعْتَ مِن النوافلِ والمستحبّات؛ فقد كَان السلفُ يُعَظِّمُونَ ثَلاثَ عَشَرَاتٍ: "الْعَشْرَ الأُوَلَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، وَالْعَشْرَ الأَخِيرَ مِنْ رَمَضَانَ، وَالْعَشْرَ الأُوَلَ مِنَ الْمُحَرَّمِ".

فالغنيمةَ الغنيمة، في هذه الأيامِ العظيمة، فما مِنْها عِوَضٌ ولا لها قِيْمَة، و "إن استطعْتَ ألا يَسْبِقَكَ إِلَى اللَّه أحدٌ فافعَلْ"، وكان سعيدُ بنُ جُبَيْرٍ إذا دخَلَت العَشْرِ؛ اجتَهَدَ اجتهادًا شديدًا، حتى ما يكادُ يَقْدِرُ عليه (رواه البيهقي في شعب الإيمان)!

اللهمَّ وَفِّقْنَا لعملِ الصالحات، واجْعَلْنَا مِن المسارعين في الخيرات.


تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي