كتبت ولم تعمل

عبد الله اليابس
عناصر الخطبة
  1. أصعب لحظات الإنسان .
  2. أهمية الحسنات وخطر السيئات .
  3. ما يكتب للعبد من السيئات ولم يفعله .
  4. ما يكتب للعبد من الحسنات ولم يفعله .

اقتباس

إِذَا عَلَّمْتَ شَخْصًا سُورَةً مِنَ القُرْآنِ, فَكُلَّمَا قَرَأَهَا سَيَكُونُ ذَلِكَ فِي حَسَنَاتِكَ, إِذَا عَلَمْتَهُ الطَهَارَةَ أَوِ الصَلَاةَ, أَوِ بَيَّنْتَ لَهُ شَيْئًا مِنْ أَحْكَامِ الصِّيَامِ أَوْ غَيْرِهَا، أَوْ أَرْسَلْتَ فِي ذَلِكَ رِسَالَةً، أَوْ غَرَّدْتَ بِهِ وَنَشَرْتَهُ؛ كُلُّ ذَلِكَ فِي مِيْزَانِ حَسَنَاتِكَ...

الخُطْبَةُ الأُولَى:

الحَمْدُ للهِ الذِي نَوَّرَ بِالقُرْآنِ القُلُوبَ، وَأَنْزَلَهُ فِي أَوْجَزِ لَفْظٍ وَأَعْجَزِ أُسْلُوبٍ، فَأَعْيَتْ بَلَاغَتُهُ البُلَغَاءَ، وَأَعْجَزَتْ حِكْمَتُهُ الحُكَمَاءَ، أَحْمَدُهُ -سُبْحَانَهُ- وَهُوَ أَهْلُ الحَمْدِ وَالثَّنَاءِ، وَأَشْهَدُ أَن لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحُدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ الـمُصْطَفَى، وَنَبِيُّهُ الـمُرْتَضَى، مُعَلَّمُ الحِكْمَةِ، وَهَادِي الأُمَّةِ، صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ الأَبْرَارِ، وَصَحْبِهِ الأَخْيَارِ، مَا تَعَاقَبَ الَّليْلُ وَالنَّهَارُ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.

أَمَّا بَعْدُ: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ)[الحشر: 18].

يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: مِنْ أَصْعَبِ اللَّحَظَاتِ فِي حَيَاةِ كُلِّ إِنْسَانٍ، هِيَ لَحْظَةٌ لَمْ تَأْتِ بَعْدُ!؛ يَنْبَنِي عَلَى هَذِهِ اللَّحْظَةِ كُلُّ شَيءٍ، فَإِمَّا سَعَادَةٌ وَإِمَّا شَقَاءٌ, إِنَّهَا لَحْظَةُ الحِسَابِ بَيْنَ يَدَيِ اللهُ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-.

فِي هَذِهِ اللَّحْظَةِ يُكْشَفُ لِلإِنْسَانِ كُلُّ مَا عَمِلَ، وَيَرَاهُ أَمَامَهُ، يَرَى كُلَّ شَيْءٍ, حَتَى مَثَاقِيلَ الذَّرِّ؛ (وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ)[الأنبياء: 47].

وَلَوْ أَنَّا إِذَا مِتْنَا تُرِكْنَا *** لَكَانَ الـمَوْتُ رَاحَةَ كُلِّ حَيٍّ

وَلَكِنَّا إِذَا مِتْنَا بُعِثْنَا *** وَنُسْأَلُ بَعْدَهَا عَنْ كُلِّ شَيْءٍ

(فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ)[الزلزلة: 7، 8], فِي ذَلِكَ الـمَوْقِفِ سَيَنْدَمُ كُلُّ شَخْصٍ عَلَى مَا عَمِل مِنْ سُوءٍ، وَمَنْ فَرَّطَ فسَيَقْدُمُ إِلَى ذَلِكَ الـمَوْقِفِ يَحْمِلُ مَعَاصِيْهِ عَلَى ظَهْرِهِ؛ (قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُوا يَاحَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ)[الأنعام: 31].

رَوَى البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا-, أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لَيْسَ أَحَدٌ يُحَاسَبُ إِلَّا هَلَكَ", قَالَت: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! أَلَيْسَ اللهُ يَقُولُ: (حِسَابًا يَسِيرًا)[الانشقاق: 8]؟, قَالَ: "ذَاكِ العَرْضُ، وَلَكِنْ مَنْ نُوقِشَ الحِسَابَ هَلَكَ".

لَا عَجَبَ فِي ذَلِكَ الـمَوْقِفِ أَنْ يَرَى الإِنْسَانُ أَعْمَالَهُ التِي عَمِلَهَا, إِنْ خَيْرًا فَخَيْرٌ، أَوْ شَرًا فَشَرٌّ, سَوَاءً نَسِيَهَا أَوْ ذَكَرَهَا, لَا عَجَبَ فِي ذَلِكَ, وَإِنَّمَا العَجَبُ كُلَّ العَجَبِ, أَنْ يَرَى الإِنْسَانُ أَعْمَالاً فِي صَحِيْفَتِهِ, كُتِبَتْ لَهُ أَوْ عَلَيْهِ وَلَمْ يَعْمَلْهَا!, رَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيْحِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَنْ دَعَا إِلَى هُدَىً؛ كَانَ لَهُ مِنَ الأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ، لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا، وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ؛ كَانَ عَلَيهِ مِنَ الإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ، لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا".

فِي هَذِهِ الأَزْمَانِ, وَمَعَ سُهُولَةِ نَشْرِ الـمَعْلُومَةِ، أَصْبَحَ تَحَمُّلُ الإِنْسَانِ لِلْأَوْزَارِ أَشَدُّ خُطُورَةً مِنْ ذِيْ قَبْلٍ، فَالكَلِمَةُ أَوِ الطُرْفَةُ أَوِ الـمَقْطَعُ أَوِ الصُوْرَةِ مِمَّا حَرَّمَ اللهُ يُرْسِلُهُا الوَاحِدُ، تَصِلُ إِلَى آلَافِ الأَشْخَاصِ فِي أَصْقَاعِ الأَرْضِ خِلَالَ دَقَائِقَ مَعْدُودَةٍ؛ بَلْ وَتَبْقَى إِلَى الأَبَدِ عَلَى الشَبَكَةِ العَنْكَبُوتِيَةِ.

وَأَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ بَعْضَ مَنْ تَصِلُ إِلَيْهِمْ قَدْ يَنْسَخُهَا وَيُرْسِلُهَا مَرَّةً أُخْرَى بِحِسَابَاتٍ أُخْرَى، فَتَتَشَعَّبُ سِلْسِلَةُ الـمُرْسِلِيْنَ، وَكُلُّ أَوْزَارِ مَنْ وَصَلَتْهُ هَذِهِ الرِسَالَةُ أَوِ الـمَنْشُوُرُ فِي مَيْزَانِ الـمُرْسِلِ الأَوَّلِ؛ بَلْ قَدْ تَسْتَمِرُّ هَذِهِ السَيِّئَاتُ الجَارِيَةُ عَلَيْهِ حَتَّى بَعْدَ وَفاتِهِ، وَتَصِلُهُ وَهُوَ فِي قَبْرِهِ؛ (لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ)[النحل: 25]؛ قَالَ مُجَاهِدٌ: "يَحْمِلُونَ ذُنُوبَهُمْ وَذُنُوبَ مَنْ أَطَاعَهُمْ، وَلَا يُخَفَّفُ عَمَّنْ أَطَاعَهُمْ مِنَ العَذَابِ شَيْئًا".

كَمْ كَلِمَةٍ أُطْلِقَتْ فِي مَجْلِسٍ، أَوْ مَجْمُوعَةٍ الكِتْرُونِيَّةٍ، لَمْ يُلْقِ صَاحِبُهَا لَهَا بَالاً، جَرَّأَتْ هَذِهِ الكَلِمَةٌ شَخْصًا عَلَى مَعْصِيَةِ اللهِ -جَلَّ جَلَالُهُ-!، وَكَانَتْ هَذِهِ الـمَعْصِيَةُ فِي مَيْزَانِ قَائِلِ تِلْكَ الكَلِمَةِ دُونَ أَنْ يَدْرِي، رَوَى البُخُارِيُّ فِي صَحِيْحِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إِنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللهِ، لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا؛ يَرْفَعُهُ اللهُ بِهَا دَرَجَاتٍ، وَإِنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللهِ، لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا؛ يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ".

كَمْ مِنْ شَخْصٍ تَصَدَّى لِلْنَّاسِ، فِي إِفْتَاءٍ أَوْ دَعْوَةٍ أَوْ وِلَايَةٍ، فَهَوَّنَ التَدَيُّنَ فِي قُلُوبِ النَّاسِ بِحُجَّةِ التَيْسِيْرِ، وَجَرَّءَهُمْ عَلَى مَا حَرَّمَ اللهُ -تَعَالَى-، فَعَمِلُوا بِالسَّيِّئَاتِ، وَاِنْغَمَسُوا بِالـمَلَذَاتِ، مُحْتَجِّيْنَ بِرَأْيِ هَذَا الـمُفْتِي أَوِ الدَاعِيَةِ، فَكُتِبَتْ عَلَيْهِ سَيِّئَاتُهُمْ وَلَمْ يَفْعَلْهَا!.

أَلَا إِنَّ الأَمْرَ -أَيُّهَا الإِخْوَةُ- خَطِيْرٌ جِدُّ خَطِير، والسَعِيْدُ مَنْ سَلَّمَهُ اللهُ, فَلَقِيَ اللهَ خَفِيفًا مِنْ ذُنُوبِهِ وَذُنُوبِ الآخَرِيْنَ.

بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ بِالقُرْآنِ العَظِيمِ، وَنَفَعَنَا بِمَا فِيهِ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الحَكِيمِ، قَدْ قُلْتُ مَا سَمِعْتُمْ, وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُم؛ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.

الخطبة الثانية:

الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ، وأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَه إِلَّا اللهُ رَبُّ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ, وَقَيَّومُ السَّمَاوَات وَالأَرَضِين، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى الْمَبْعُوثِ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، وَأَشْهَدُ أَنَّهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ, وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِين، وَعَلَى مَنْ سَارَ عَلَى هَدْيِهِ وَاقْتَفَى أَثَرَهُ إِلَى يَوْمِ الدِّين.

أَمَّا بَعْدُ: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران: 102].

يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: وَكَمَا أَنَّ الإِنْسَانَ قَدْ يَحْمِلُ أَوْزَارِ غَيْرِهِ دُونَ أَنْ يَعْمَلَهَا؛ فَكَذَلِكَ قَدْ تُكْتَبُ لَهُ حَسَنَاتٌ دُونَ أَنْ يَعْمَلَهَا، رَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيْحِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلْيهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ اِنْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلاثَةٍ: إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ".

فَالصَدَقَةُ الجَارِيَةُ يَجْرِي ثَوَابُهَا لِلإِنْسَانِ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَكَذَلِكَ العِلْمُ النَّافِعُ, كُلُّ مَنْ عَمِلَ بِالعِلْمِ, سَيَكُونُ فِي مِيْزَانِ حَسَنَاتِ مَنْ عَلَّمَهُ، إِذَا عَلَّمْتَ شَخْصًا سُورَةً مِنَ القُرْآنِ, فَكُلَّمَا قَرَأَهَا سَيَكُونُ ذَلِكَ فِي حَسَنَاتِكَ, إِذَا عَلَمْتَهُ الطَهَارَةَ أَوِ الصَلَاةَ, أَوِ بَيَّنْتَ لَهُ شَيْئًا مِنْ أَحْكَامِ الصِّيَامِ أَوْ غَيْرِهَا، أَوْ أَرْسَلْتَ فِي ذَلِكَ رِسَالَةً، أَوْ غَرَّدْتَ بِهِ وَنَشَرْتَهُ؛ كُلُّ ذَلِكَ فِي مِيْزَانِ حَسَنَاتِكَ -إِنْ شَاءَ اللهُ-.

 وكَذَلِكَ مِمَّا يَصِلُ إِلَى الإِنْسَانِ فِي قَبْرِهِ: دُعَاءُ الوَلَدِ الصَالِحِ لِأَبِيهِ بَعْدَ مَوْتِهِ، فَلْيَعْتَنِ الـمَرْءُ بِتَرْبِيَةِ أَبْنَائِهِ؛ فِإِنَّهُمْ مِنْ خَيْرِ مَا يُقَدِّمُهُ لِآخِرَتِهِ.

وَمِمَّا يُكْتَبُ لِلإِنْسَانِ مِنَ الخَيْرِ وَلَمْ يَعْمَلْهُ: الأَمْرُ بِالـمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الـمُنْكَرِ، فَكَمَا تَقَدَّمَ فِي الحَدِيثِ الذِي رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيْحِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَنْ دَعَا إِلَى هُدَىً؛ كَانَ لَهُ مِنَ الأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ، لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا".

وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي التَحْفِيزِ وَالحَثِّ عَلَى الأَمْرِ بِالـمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الـمُنْكَرِ إِلَّا هَذَا الحَدِيْثَ لَكَفَى بِهِ مُحَفِّزًا، فَكَيْفَ وَقَدْ تَظَافَرَتِ الآيَاتُ وَالأَحَادِيْثُ فِي فَضْلِ ذَلِكَ، وَأَنَّهُ سَفِيْنَةُ نَجَاةِ الـمُجْتَمَعَاتِ؟!.

أَيُّهَا الإِخْوَةُ: وَبَعْدُ فَـمَوْقِفُ الحِسَابِ مَهِيْبٌ، وَاليَوْمَ عَمَلٌ وَلَا حِسَابٌ، وَغَدًا حِسَابٌ وَلَا عَمَلٌ.

أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَيْطَانِ الرَّجِيْمِ: (لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ)[الرعد: 18].

يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أَكْثِرُوا مِنَ الصَّلَاةِ عَلَى نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- فِيْ كُلِّ وَقْتٍ وَحِيْنٍ، وَأَكْثِرُوا مِنْهَ فِي هَذَا اليَومِ الجُمُعَةِ، فَاللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آَلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.

عِبَادَ اللهِ: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)[النحل: 90]، فَاذْكُرُوا اللهَ العَظِيمَ الجَلِيلَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ، وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ، وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.


تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي