من مظاهر تكريم الله لبني آدم

علي عبد الرحمن الحذيفي
عناصر الخطبة
  1. الإنسان مخلوق عجيب .
  2. تكريم بني آدم عامّ وخاصّ .
  3. بأعمال الإنسان الصالحة تصلح الحياة .
  4. عاقبة من أساء العمل في الأمم السابقة .
  5. نعم الله تستحق الشكر الدائم .

اقتباس

وما نوَّه اللهُ -عز وجل- بذكر الإنسان منذ أن خلَق اللهُ آدمَ -عليه السلام- بيده، وما بيَّن من أطوار وأحوال هذا الإنسان إلا ليبيِّن له مهمتَه في هذه الحياة، ويُعلمه بوظيفته، والحكمة من خلقه، وأنه محلٌّ لتكليفه وأمره ونهيه، وأنه حاملٌ أمانةَ الشريعة، وشرفَ عبادة ربه...

ألقيت أيضا بتاريخ 14/1/1441هـ

الخطبة الأولى:

الحمد لله، الحمد لله العزيز الغفار، يقلِّب الليلَ على النهار، ويقلب النهارَ على الليل، إن في ذلك لعبرةً لأُولي الأبصار، أحمد ربي وأشكره على نعمه التي لا يحصيها غيرُه، مما نعلم ومما لا نعلم، تقدَّست أسماءُ ربنا، وعَظُمَتْ صفاتُه، لا إلهَ إلا اللهُ الواحد القهار، وأشهد أن نبيَّنا وسيدَنا محمدًا عبدُه ورسولُه، المبشِّر برحمة الله وجنته، والمنذِر من عقوبات الدنيا ومن النار، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِكْ على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه الأبرار.

أما بعد: فاتقوا الله -سبحانه وتعالى- بطلب مرضاته، وباتقاء غضبه وعقوباته، قال الله -سبحانه-: (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ)[الْقَصَصِ: 68]، فالربُّ -جل وعلا- خلَق الخلقَ بقدرته، وعِلْمه وحكمته ورحمته، وأوجَد هذا الكونَ المشاهَدَ، وجعَل له أجلًا ينتهي إليه لا يَعْدُوهُ، وخلَق في هذا العالَم المشاهَد الأسبابَ وخلَق ما يكون بالأسباب، وهو الخالق للأسباب ومسبِّباتها، فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، قال الله -تعالى-: (اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ * لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ)[الزُّمَرِ: 62-63]، وقال سبحانه: (أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ)[الْأَعْرَافِ: 54].

والإنسان مخلوق من مخلوقات الله عجيب، جمَع اللهُ به من عجائب الصفات ما تفرَّق في غيره، قال سبحانه: (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ)[التِّينِ: 4]، وقال عز وجل: (وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ)[الذَّارِيَاتِ: 21]، وقال سبحانه: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ)[الرُّومِ: 20]، وامتنَّ اللهُ -تبارك وتعالى- على بني آدم بالتكريم لهم، فقال عز وجل: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا)[الْإِسْرَاءِ: 70].

والتكريم من الله -تعالى- لبني آدم تكريم عامٌّ للبَرِّ والفاجِرِ، لهذه الدنيا بالنعم، والتكريم الخاص في الآخرة برضوان الله وجنات النعيم، للمؤمنين وليس للكافر نصيب في الآخرة، (وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا)[الْكَهْفِ: 49]، بل لا يكرِّم اللهُ في الآخرة إلا مَنْ أطاعَه من الإنس والجن، روى ابن عساكر من حديث أنس بن مالك، -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن الملائكة قالوا: ربَّنا خلقتَنا وخلقتَ بني آدم، فجعلتَهم يأكلون الطعامَ، ويشربون الشرابَ، ويلبسون الثيابَ، ويتزوجون النساءَ، ويركبون الدوابَّ، ينامون ويستريحون ولم تجعل لنا من ذلك شيئًا، فاجعل لهم الدنيا ولهم الآخرةَ، فقال الله -عز وجل-: لا أجعل مَنْ خلقتُ بيديَّ ونفختُ فيه من روحي كمن قلتُ له كن فكان"(وله شاهِد من حديث عبد الله بن عمرو، رواه الطبراني).

ومن عظائمِ نعمِ اللهِ على بني آدم ما سخَّرَه لهم من المنافع والمصالح والآلاء، قال الله -سبحانه-: (أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً)[لُقْمَانَ: 20]، وقال عز وجل: (وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)[الْجَاثِيَةِ: 13]، والحكمةُ من إسباغ النعم على بني آدم ليُسْلِمُوا بالطاعة لله -تعالى-، ويشكروه ولا يُشْرِكوا به أحدًا، قال عز وجل: (كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ)[النَّحْلِ: 81]، قال ابن كثير -رحمه الله- في تفسيره: "أَيْ: هكذا يجعل لكم ما تستعينون به على أمركم، وما تحتاجون إليه ليكون عونًا لكم على طاعته وعبادته" انتهى.

وما نوَّه اللهُ -عز وجل- بذكر الإنسان منذ أن خلَق اللهُ آدمَ -عليه السلام- بيده، وما بيَّن من أطوار وأحوال هذا الإنسان إلا ليبيِّن له مهمتَه في هذه الحياة، ويُعلمه بوظيفته، والحكمة من خلقه، وأنه محلٌّ لتكليفه وأمره ونهيه، وأنه حاملٌ أمانةَ الشريعة، وشرفَ عبادة ربه، قال الله -تعالى-: (أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى)[الْقِيَامَةِ: 36]، قال الشافعي -رحمه الله-: "لا يُؤْمَرُ ولا يُنْهَى"، وقال تعالى: (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ)[الْمُؤْمِنَونَ: 115].

ومما بيَّن اللهُ لنا -سبحانه- من سنن هذا الكون وما خلَق فيه من الأسباب التي تؤثِّر في وجود ما بعد هذه الأسباب مما بيَّن اللهُ لنا أنه -سبحانه وتعالى- بيَّن لنا من سُنَنِه في هذه الحياة أن أعمال الإنسان تصلُح بها الحياةُ إذا كانت أعمالُه صالحةُ، ويدخل الفسادُ في الحياة إذا كانت أعمالُ ابنِ آدمَ فاسدةً، وأن أعمال الإنسان يسري صلاحُها أو فسادُها حتى في الحيوان والنبات والثمار؛ رحمةً من الله وعدلًا؛ ليلزم الإنسانُ الطاعاتِ، ويهجُر المحرماتِ، قال الله -تعالى- في بركات الحياة وخيراتها، بصلاح أعمال الإنسان: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ)[الْأَعْرَافِ: 96]، وقال تعالى: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ * وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ)[الْمَائِدَةِ: 65-66]، والقرآن هو الذي أنزله اللهُ للمسلمينَ ولأهل الكتاب لم يُبَدِّلْه أحدٌ لحفظه، وقال تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ)[الْأَنْعَامِ: 82]؛ أي: لم يخلطوا إيمانَهم بشِرْك كما فسَّره النبيُّ صلى الله عليه وسلم.

وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ)[مُحَمَّدٍ: 7]؛ أي: إن تنصروا دين الله ينصركم، وقال عز وجل: (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ)[الْحَجِّ: 41]، قال ابن كثير في التفسير: "خطَب عُمَرُ بنُ عبدِ العزيزِ -رحمه الله- فقرأ هذه الآيةَ وقال: ألا إنها ليست على الوالي وحدَه، ولكِنَّها على الوالي والمولَّى عليه؛ ألا أنبئكم بما لكم على الوالي من ذلكم، وبما للوالي عليكم منه؟ إن لكم على الوالي من ذلكم أن يؤاخذكم بحقوق الله عليكم، وأن يأخذ لبعضكم من بعض، وأن يهديكم للتي هي أقوم ما استطاع، وإن عليكم الطاعةَ".

وفي قوله -تعالى-: (وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ)[الْحَجِّ: 41]، أمانٌ لمن قام بهذه الأمور الأربع، من الغِيَر، وكيدِ الأعداءِ، كما قال الله -سبحانه-: (وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ)[آلِ عِمْرَانَ: 120]، وكما أن صلاح عمل الإنسان يعمُّ بالخير فهو يخصُّ العاملَ نفسَه أيضا، كما قال عز وجل: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)[النَّحْلِ: 97]، ويقابِل هذا أن فساد عمل الإنسان يضرُّ العاملَ، ويُدخِل الفسادَ على الحياة، قال تعالى: (وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ)[الْمُؤْمِنَونَ: 71]، وقال تعالى: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)[الرُّومِ: 41]، وقال تعالى: (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ)[الشُّورَى: 30].

وتَدَبَّرْ -أيها الإنسانُ- حالَ الذين أساؤوا العملَ ماذا نزَل بهم في الأمم السالفة، قال تعالى: (وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنْشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ)[الْأَنْبِيَاءِ: 11]، وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: "قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: خمسٌ بخمس: ما ظهرت الفاحشةُ في قوم حتى يُعلنوا بها إلا ظهَر فيهم الطاعونُ والأمراضُ التي لم تكن في أسلافهم، وما لم تحكم أئمتُهم بكتاب الله إلا جعَل اللهُ بأسَهم بينهم، وما منَع قومٌ زكاةَ أموالهم إلا حُبِسَ عنهم القطرُ من السماء، ولولا البهائمُ لم يُمطروا، وما طَفَّفوا المكيالَ والميزانَ إلا أُخذوا بالسنينَ وشدةِ المؤنةِ وجور السلطان، ولا نقضوا عهدَ الله وعهدَ رسوله إلا سَلَّطَ اللهُ عليهم عدوًّا فأخَذ بعضَ ما في أيديهم" (رواه ابن ماجه).

قال الله -تعالى-: (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى * ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى * وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى)[النَّجْمِ: 39-42].

بارَك اللهُ لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذِّكْر الحكيم، ونفعنا بِهَدْيِ سيدِ المرسلينَ وقولِه القويمِ، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين.

الخطبة الثانية:

الحمد لله العزيز الغفور، الحليم الشكور، أحمد ربي وأشكره وأتوب إليه وأستغفره، فلربي الحمدُ في الدنيا والآخرة، على فضله ومننه، ما عَلِمْنا منها وما لم نعلم، وأشهد ألا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له، العليم بذات الصدور، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدًا عبدُه ورسولُه المبعوثُ بالهدى والنور، اللهم صلِّ وسلم وبارِكْ على عبدِكَ ورسولِكَ محمدٍ وعلى آله وصحبه السابقين إلى كل عمل مبرور.

أما بعدُ: فاتقوا الله -تعالى- لِتَتَّخِذُوا إلى الله سبيلا، يدخلكم إلى جناته، وتفوزوا بمرضاته.

أيها الإنسانُ: انظر ما أنعَم اللهُ به عليكَ من النعم التي لا يقدِر غيرُ الله أن يحصيها، وقم بشكرها، فلو سَلَبَ منك أقلَّ نعمة لم يقدر أحدٌ غير الله أن يردها، وليس في نعم الله قليل، وأنتَ -أيها الإنسانُ- باستقامتِكَ وإصلاحِكَ وَبَذْلِكَ للخيرِ، وكفِّكَ عن الشر تكون مُعِينًا على الحفاظ على مجتمعك، ومُنقِذًا لنفسك من الشرور والعقوبات، واعلم بأنكَ مسئول عن أعمالك في حياتك وبعد مماتك، فانظر ماذا تقول لربك، قال الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ * فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا * وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا * وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ * فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا* وَيَصْلَى سَعِيرًا)[الِانْشِقَاقِ: 6-12]، وفي الحديث: "لن تزول قدمَا عبدٍ حتى يُسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفَقَه، وعن علمه ماذا عمل به".

واعلم -أيها الإنسانُ- أن داركَ الباقيةَ الدائمةَ هي التي أمامَكَ بعد الموت، فطوبى لكَ إن عمَّرْتَها بالصالحات، وويل لكَ إن رضيتَ بدنياكَ ونسيتَ أُخراك، فدنياكَ مُدبِرَةٌ عنكَ، إن أحببتَ أو كرهتَ، والآخرةُ مُقبِلَةٌ عليكَ على ما قدمتَ ودائمةٌ.

عبادَ اللهِ: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الْأَحْزَابِ: 56].

وقد قال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صلَّى عليَّ صلاةً واحدةً صلَّى اللهُ عليه بها عشرًا"، فصَلُّوا وسلِّموا على سيد الأولينَ والآخرينَ، وإمامِ المرسلينَ.

اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، وسلم تسليما كثيرا، اللهم وارض عن الصحابة أجمعين، اللهم وارض عن الخلفاء الراشدين الأئمة المهديين؛ أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، اللهم وارض عن سائر الصحابة أجمعين، اللهم وارض عن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، اللهم وارض عنا معهم، بمنك وكرمك ورحمتك، يا أرحم الراحمين.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، ودمر أعداءك أعداء الدين يا رب العالمين.

اللهم يا ذا الجلال والإكرام، اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك محمد -صلى الله عليه وسلم-، اللهم أظهر هدي نبيك محمد -صلى الله عليه وسلم-، اللهم وانصر هدي نبيك محمد -صلى الله عليه وسلم-، اللهم وأظهر دينك على الدين كله ولو كره المشركون يا رب العالمين.

اللهم اغفر لموتانا وموتى المسلمين، اللهم اغفر لموتانا وموتى المسلمين أجمعين يا رب العالمين، اللهم اغفر لهم وارحمهم ونور عليهم قبورهم برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم اغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا وما أسررنا وما أعلنا وما أنت أعلم به منا، أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت، اللهم ارفع عن المسلمين الكربات، اللهم اكشف عن المسلمين الشدائد والنوازل والعقوبات يا رب العالمين، فإنك أرحم الراحمين.

اللهم أعذنا وأعذ ذرياتنا من إبليس وذريته وشياطينه وأوليائه يا رب العالمين، وجنوده إنك على كل شيء قدير، اللهم أبطل سحر السحرة عن المسلمين يا رب العالمين، اللهم أبطل سحر السحرة عن المسلمين يا رب العالمين، اللهم إنهم قد طغوا وبَغَوْا وأفسدوا يا ذا الجلال والإكرام، اللهم يا ذا الجلال والإكرام اللهم أعذ المسلمين كلهم أجمعين من كيد هؤلاء أتباع الشياطين إنك على كل شيء قدير.

اللهم اشف مرضانا، اللهم اشف مرضانا ومرضى المسلمين، اللهم اشف مرضانا ومرضى المسلمين، اللهم فرج هم المهمومين من المسلمين، ونفس كرب المكروبين، اللهم واقض الدين عن المدينين من المسلمين يا رب العالمين، إنك على كل شيء قدير.

اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه، إنك على كل شيء قدير، تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم، نسألك اللهم الجنة وما قرب إليها من قول وعمل، ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول وعمل، اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها، وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة، اللهم ثبتنا، اللهم ثبت قلوبنا على طاعتك يا رب العالمين.

اللهم نسألك أن تحفظ بلادنا، اللهم احفظ بلادنا من كل شر ومكروه، اللهم احفظ جنودنا المرابطين يا رب العالمين، اللهم احفظهم وانصرهم على القوم المعتدين الظالمين، واحفظ هذه البلاد من مكر الماكرين واعتداء المعتدين يا ذا الجلال والإكرام، اللهم احفظ بلادنا من كل ذي شر تعلمه إنك على كل شيء قدير.

اللهم وفِّق خادمَ الحرمين الشريفين لما تحب وترضى، اللهم وفقه لهداك واجعل عمله في رضاك، اللهم وفقه وأعنه على كل خير، اللهم وفقه للعمل الرشيد، والرأي السديد، وانفع به الإسلام والمسلمين، يا رب العالمين.

اللهم وفِّق وليَّ عهده لما تحب وترضى، اللهم خذ بناصيته للبر والتقوى، اللهم وفقه للعمل الرشيد، وللرأي السديد، وانفع به يا ذا الجلال والإكرام الإسلام والمسلمين، وانصر به دينك إنك على كل شيء قدير.

اللهم أذل أهل البدع، الذين يصدون عن سبيلك، اللهم أذل أهل البدع التي تضاد دينك، وتضاد ما جاء به نبيك محمد -صلى الله عليه وسلم-، وتصاد الإسلام الذي ارتضيته لنفسك، وارتضيه للمسلمين يا رب العالمين، اللهم إنا ندرأ بك في نحورهم، ونعوذ بك اللهم من شرورهم يا ذا الجلال والإكرام.

اجعل هذه البلاد آمنة مطمئنة، وسائر بلاد المسلمين يا رب العالمين.

عباد الله: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)[النَّحْلِ: 90]، فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم، (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)[الْعَنْكَبُوتِ: 45].


تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي