هذا البلد الآمن له خصائصه التي لا يشابهه غيره فيها، فلا يوجد في زمننا بلد يحكم بالكتاب والسنة في الجملة، ويتبنى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إلا هذه البلاد المباركة، مع وجود الأخطاء والفساد الذي يعترف به حكام هذه البلاد، ويمكن الإصلاح عن طريق الحوار، وإيصال الهموم إلى المسؤولين، ولعلهم اعتبروا بما حصل في بعض البلاد العربية ..
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله.
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) [النساء:1].
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) [الحشر:18].
أَمَّا بَعْد: فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ، وَخَيْرَ الْهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ.
منذ حكم الآيات إيران بدأ ما يسمى بتصدير الثورة، وتم استغلال شباب الشيعة من قِبل الآيات، ولما لم تنجح العمليات العسكرية في اضطراب دول الخليج لجأ شيعة إيران لنوع آخر من تصدير الثورة، وذلك بإثارة الشيعة في دول الخليج عبر المظاهرات، والزعم بأنهم مظلومون، وبدأت المطالب تلو المطالب؛ فما تتحقق لهم مطالب إلا ويبدؤون بمطلب أكبر؛ فماذا يريد الموطنون الشيعة في دول الخليج؟.
ولعلي قبل أن أحاول الإجابة على هذا السؤال أذكر أهم معتقدات الشيعة في أهل السنة والجماعة؛ حتى نستطيع أن نفهم الأحداث فهما صحيحا، ونعرف المطالب الحقيقية، ولا ننخدع بتلبيسات الشيعة بأن هذه الأحداث ليس وراءها أهداف عقائدية؛ لأنهم ينفون أنها أحداث طائفية؛ ليغرروا ببعض أهل السنة؛ ليثوروا ضد حكوماتهم.
فالسنة الذي هم النواصب عند الشيعة كفار أنجاس، لا تحل ذبائحهم، ولا الصلاة عليهم، ولم تصدق قيادات الشيعة في داخل المملكة وخارجها حينما قالوا هذه الآراء عند متقدميهم ، وليس لها وجود إلا في الكتب؛ أما المتأخرون فينكرون ذلك، ويتبرؤون منه. وليت ذلك الادعاء صحيح، فنتمنى رجوعهم للحق، وتركهم ما هم عليه من ضلال، لكنها التقية، فآخر أئمتهم ومنظريهم الخميني يقول: النواصب والخوارج لعنهم الله تعالى، فهما نجسان… فتحل ذبيحة جميع فرق الإسلام عدا الناصب، وإن أظهر الإسلام… ولا تجوز [الصلاة] على الكافر بأقسامه، حتى المرتد، ومن حكم بكفره ممن انتحل الإسلام كالنواصب والخوارج... اهـ (نقلا عن التقريب 2/242).
فإذا كان النواصب أهل السنة كفارا أنجاسا لا تحل ذبائحهم ولا الصلاة عليهم فلا حرمة لدمائهم وأموالهم وأعراضهم، وليس لهم ولاية على الشيعة؛ فالاعتداء على أهل السنة والنيل منهم وزعزعة دولهم أمر مباح في أقل الأحول عندهم. يقول الخميني: والأقوى إلحاق الناصب بأهل الحرب في إباحة ما اغْتُنِم منهم، وتعلق الخمُس به؛ بل الظاهر جواز أخذ ماله أينما وجد، وبأي نحو كان، ووجوب إخراج خمسه. اهـ (نقلا عن التقريب 2/243). فلا نستغرب تكفير أهل السنة حكاما وشعوبا من عوام الشيعة!.
إخوتي: الشيعة يرون أن مكة والمدينة تحت الاحتلال، ويتمنون اليوم الذي يتم تحرريهما من الاحتلال، يقول أحد آياتهم المعاصرين، حسين الخراساني: إن طوائف الشيعة يترقبون من حين وآخر أن يوما قريبا آت يفتح الله لهم تلك الأراضي المقدسة لمرة أخرى يدخلونها آمنين مطمئنين فيطوفون ببيت ربهم... إلى آخر ما قال، وأقيم احتفال بعبدان سنة 1979 فخطب أحد كبرائهم د/محمد مهدي صادقي، ومما قال في خطبته: أصرح يا إخواني المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها أن مكة المكرمة حرم الله الآمن يحتلها شرذمة أشد من اليهود ا.هـ. (نقلا عن التقريب 2/80). هذا الكلام يؤمن به عامتهم، ويتحينون الفرصة لتحرير الحجاز والمنطقة الشرقية والجنوبية من الاحتلال. وهذا ليس سرا أو استنتاجا أو رجما بالغيب، بل هو موجود في منتدياتهم عبر شبكة الإنترنت، ويصرح به بعض قياداتهم؛ خيب الله آمالهم، وحرس هذه البلاد وسائر بلاد المسلمين من كيدهم ومكرهم.
فمن أهداف هذه الثورات في دول الخليج تحريرها أو بعضها من الحكم الناصبي الكافر، وإنشاء كيانات شيعية تتلقى توجيهها من آيات قم والنجف، فالقيادات الدينية الشيعية الموجودة في الخليج قيادات مقلدة وليست مجتهدة، فهم وكلاء لآيات قم والنجف، ينفذون توجيهاتهم، وهذا أمر -هم- يعترفون به، فقياداتهم الدينية بمثابة عوام أهل السنة يقلدون علماءهم؛ فماذا تظنون بتوجيه القيادات الشيعية في قم والنجف لعوام شيعة الخليج؟
من أهداف قيادات الشيعة إشغال دول الخليج عن طريق شيعة الداخل والخارج بحرب طويلة تستنزف قوتها، ومن ثم يتم بعدها الانقضاض عليها لتحريرها من احتلال النواصب -بزعمهم-.
ومن أهداف هذه الثورات تخفيف الضغط الواقع على إيران حينما تتجاوز الخطوط التي اتفق معها الغرب النصراني، فيشتغل العالم بهذه الثورات، وهذه فرصة لاستمرار إيران في برنامجها النووي.
إخوتي: خلافنا مع الشيعة خلاف عقدي في أصول الدين، لا كما يموهون به على البعض أن الخلاف في الفروع كخلاف المذاهب الأربعة، بل نحن لسنا في عداد المسلمين عندهم؛ فما يظهرونه لنا ما هو إلا كذب من باب التقيَّة؛ فكيف يوثق بأناس يتعبدون لله بالكذب والنفاق، ويرون أن هذا من أصول دينهم، ومن لا يفعل ذلك لا دين له؟ وقد تبين ذلك لدعاة التقريب الذين يجهلون عقائد هؤلاء، وحينما تبينت لهم حقيقة القوم تركوهم وحذروا منهم.
الشيعة إذا ملكوا القدرة، وأصبحت لهم السلطة والشوكة، كشروا عن أنيابهم، وساموا أهل السنة سوء العذاب، واستباحوا دماءهم وأموالهم وأعراضهم، والواقع شاهد بذلك، فضلاً عن التاريخ الماضي، فهم الذين تواطؤوا مع الغرب في احتلال العراق، ومن ثم سلم العراق لحكومة شيعية في الجملة، وهم الذين ساعدوا الغرب في احتلال أفغانستان، فهم يصدق عليهم قول ربنا: (كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لاَ يَرْقُبُواْ فِيكُمْ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً، يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ) [التوبة:8].
من أسباب جراءة الأقلية الشيعية على حكوماتها في الدول العربية شعورها بالدعم الخارجي من إيران، والنجاح الذي حققه حزب الله في لبنان، فهم يريدون انفصالا عن بلدانهم، أو على أقل تقدير يريدون في كل بلاد "حزب الله" يكون حكومة ثانية في البلاد يفرض إرادته بقوة السلاح.
لا ينبغي أن ننظر للقلاقل التي تثيرها الأقليات الشيعية في الدول العربية على أن الأمر خاص بطائفة معينة حوثية أو اثني عشرية، فالأمر أعظم من ذلك، فالواجب أن يعطى هؤلاء المبتدعة حقوقهم وفق كتاب الله وسنة نبيه -صلى الله عليه وعلى آله- ولا يهضمون منه شيئا، ولا يمكَّن لهم لإظهار شركهم وبدعهم، فهذا من المنكر الذي يجب منعه مع القدرة عليه.
هذه الثورات تبين مسيس الحاجة لنشر مذهب أهل السنة والجماعة، وتعليمه الناس عبر الوسائل المختلفة، حيث يلبِّس الشيعة على عوام المسلمين بأنهم دعاة لمذهب أهل البيت، وكذلك مسيس الحاجة للتصدي لبعض الإعلاميين الذين يخدمون أعداءنا من الشيعة بوصفهم بالاعتدال والتمكين لهم في وسائل إعلامنا والمنافحة عنهم. فالمشاهد أن هناك توطؤ من قبل العلمانيين مع الشيعة، والسكوت عن انحرافاتهم، فهذه الظروف تعري هؤلاء، وتبين بعدهم عن الوطنية التي يتشدقون بها، وهم أبعد الناس عنها!.
(لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ) [النور:11]. في هذه الأحداث ينكشف مدعي الاعتدال من الشيعة ممن يدندنون على المحافظة على نسيج المجتمع، وتسقط التقية التي يتترسون بها، ولاء الشيعة ليس لبلدانهم ولاحكامها، بل لإيران؛ فلذا تجدهم في هذه الثورات وغيرها يحملون صور الرموز الدينية والسياسية للقيادات الشيعية الخارجية.
هذا البلد الآمن له خصائصه التي لا يشابهه غيره فيها، فلا يوجد في زمننا بلد يحكم في الكتاب والسنة في الجملة، ويتبنى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إلا هذه البلاد المباركة، مع وجود الأخطاء والفساد الذي يعترف به حكام هذه البلاد، ويمكن الإصلاح عن طريق الحوار، وإيصال الهموم إلى المسؤولين، ولعلهم اعتبروا بما حصل في بعض البلاد العربية.
المحافظة على الأمن مطلب، فالحذرَ من الانسياق وراء الدعوات التي تحرض على التجمهر! فشرها أعظم من نفعها، فكم من متربص يريد تحقيق أهدافه؛ تأملوا في العواقب الدنيوية التي يمكن أن تكون من انفلات أمن، واعتداء على الحرمات. انظروا إلى العواقب الدينية، فالعلمانيون يطمحون بحكومة مدنية تفصل الدين عن الدولة، والشيعة ينادون بالتمكين لشركهم وبدعهم ومناسباتهم المبتدعة. وبقية المبتدعة ينادون بالتمكين لبدعهم الحولية، وبثها عبر وسائل الإعلام الرسمية وغير الرسمية؛ الغرب النصراني يقف في صف العلمانيين لنشر التغريب في هذه الأمة، وقاموا بما قاموا به مع ضعفهم في الجملة، فكيف إذا كانت لهم دولة تتبنى أفكارهم؟.
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي