لقد هانت هذه الأمة حين ظهر فيها تفرق الكلمة، واختلاف الأغراض، وتجاذب الأهواء، لقد برزت فيها الأحقاد.. شُغِل بعضهم ببعض، انقسموا إلى قوميات، وتفرقوا في دويلات. لهم في عالم السياسات مذاهب، ولهم في الاقتصاديات مشارب، ولهم في شعاب الدنيا وجهاتٌ ومنازع.
الحمد لله الواحد الأحد، الفرد الصمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحدٌ. أحمده سبحانه وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره، وأعوذ به من شرِّ النفاثات في العقد ومن شر حاسد إذا حسد، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبدهُ ورسوله مبعوث الحنيفية السمحة والنهج الأرشد.
صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعدُ:
أيها الإخوةُ: لقد هانت هذه الأمة حين ظهر فيها تفرق الكلمة، واختلاف الأغراض، وتجاذب الأهواء، لقد برزت فيها الأحقاد.. شُغِل بعضهم ببعض، انقسموا إلى قوميات، وتفرقوا في دويلات. لهم في عالم السياسات مذاهب، ولهم في الاقتصاديات مشارب، ولهم في شعاب الدنيا وجهاتٌ ومنازع.
استولت عليهم الفرقة، ووقعت عليهم الدَّبَرةُ، بل نهشَ بعضُهم بعضاً، وسلبَ بعضهم حقوق بعض، حتى صيح بهم من كل جانب فانصرفوا عن قضاياهم الكبرى، واستغل الأعداء هذه الأجواء فزادوا من وقود هذه النار.
في هذه الأجواء المظلمة والأحوال القاتمة يزداد الصهاينة في مقدساتنا عتواً وفساداً وتقتيلاً وتخريباً، يريدون في زعمهم أن يبنوا هيكلهم المزعوم على أنقاض ثالث المسجدين الشريفين، ألا ساء ما يزعمون. كذبوا وخسئوا.. العزة لله ولرسوله وللمؤمنين، والذلة والصغار والمسكنة لمن غضب الله عليه ولعنه وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت أولئك شرٌ مكاناً وأضلّ عن سواء السبيل.
أيها المسلمون: والله ثم والله لا عز لهذه الأمة ولا جامع لكلمتها إلا كتاب الله وسنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم فكفى بالنعرات فرقة. كفوا عن العصبيات والالتواءات السياسات؛ فما زادت أصحابها إلا خساراً وخبالاً. وليس بغير دين الله معتصم؛ به العز والمنعة، وعليه وحده تجتمع الكلمة. ولن يكون لهذه الأمة ذكرٌ ومجدٌ إلا به (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلونَ) [الزخرف:44].
لقد تبين لكل ذي لبّ أن النزاع مع هؤلاء الصهاينة نزاع هوية ومصير، وإن حقوق الأمة لن تُنال بمثل هذا الخور. لقد أوضحتْ الانتفاضةُ كما أوضحتْ أفغانستان أن الجهاد في سبيل الله هو السبيل الأقوم والطريق الأمثل لأخذ الحقَ والاعتراف به، وأيقن المسلمون أن راية الدين إذا ارتفعت تصاغرت أمامها كلُّ رايةٍ.
بالجهاد ترُد عاديات الطغيان، ويكون الدين كله لله، ويبقى دينُ محمدٍ صلى الله عليه وسلم مصدقاً لما بين يديه من الحق ومهيمناً عليه.
إن حقاً على أهل الإسلام أن تربيهم التجارب و الوقائع، وتصقلهم الابتلاءات والمحن. من الابتلاء ما جلب عزاً، وخلد ذكراً، وكتب أجراً، وحفظ حقاً.
كيف تحلو الحياة لمن يضيع دياره، وإذا ضاع الحمى فهل بعد ذلك من خسارة؟ ولتعلموا أن الكفاح في طريق مملوء بالعقبات الكئود عند أصحاب الحق والكرامة والصرامة ألذُّ وأجمل من القعود والتخلف من أجل راحةٍ ذليلة وحياةٍ حقيرة لا تليق بهمم الرجال المطالبين بالحقوق.
فاتقوا الله رحمكم الله، وتناصروا بدين الله، وخذوا بعزائم الأمور، واعتصموا بإخوة الإسلام؛ فالولاءُ لله ولرسوله ولدينه.
هذا وصلوا وسلموا على نبي الرحمة والملحمة نبيكم محمد بن عبد الله فقد أمركم بذلك ربكم فقال عز من قائل: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) [الأحزاب:56].
اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأزواجه وذريته وارض اللهم عن الصحابة أجمعين والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وعنا معهم بعفوك وكرمك يا أكرم الأكرمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين واحم حوزة الدين.
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي