ورابطة الإسلام هي رابطة أداء الحقوق لأهلها، وبأداء الحقوق يأمن الإنسان على نفسه ويأمن على ماله وعلى ولده وعلى عرضه وقبل ذلك على دينه.
الحمد لله الذي اصطفى الأنبياء أهل العبادة في الشدة والرخاء، والقدوة في الإخاء، والسبق في البذل والعطاء، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له مجيب الدعاء ونصير الأولياء وهازم الأعداء، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله إمام الأنبياء وأول الشفعاء، صلى الله عليه وسلم كلما اهتم بأمر المسلمين وعرف العدو المبين..
أما بعد:
فيا أيها المسلمون اتقوا الله الذي اختار لكم الإسلام وأخرجكم به من الظلام وشرفكم به على الأنام ورفع به المقام وضاعف به الأجور وغفر به الذنوب والآثام ونشر به المودة والوئام، فيا سعادة من ثبت عليه واستقام، وكان من أهل العمل الصالح على الدوام، وحفظ الليالي والأيام، وأحبّ لقاء الملك العلام، واهتم بأمر أهل الإسلام الذين اشتد عليهم البلاء وتكالب عليهم الأشقياء ووجب علينا نصرهم من الأعداء، فالمؤمنون بعضهم أولياء بعض.
يقول صلى الله عليه وسلم: "انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً" قالوا: ننصره يا رسول الله لو كان مظلوماً فكيف ننصره لو كان ظالماً؟ فقال: "بمنعه من ظلمه" ومن حق المسلم على المسلم أن ينصره إذا استنصره.
ولقد ضعفت أخوة الإسلام من قلوب كثير من الناس، وما ضعفها إلا دليل على ضعف الإيمان، يقول صلى الله عليه وسلم: "أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله".
ولا ينال الإنسان حلاوة الإيمان إلا إذا حقق هذه الأخوة، ففي الحديث قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ثلاث من كنَّ فيه وجد بهنَّ حلاوة الإيمان، أن يكون الله ورسوله أحبَّ إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار". وأقوى الروابط بين الناس وأعظم الصلات رابطة الإسلام لأنها الرابطة التي تتلاشى أمامها الأشكال والألوان و اللغات واللهجات والمناصب ويكون أكرم الناس أمامها هو التقي، وهي الرابطة التي تسلم بها القلوب من أمراضها لتكون سليمة من الأحقاد والشحناء والبغضاء، فكأن قلوب المسلمين قلب واحد، وبهذه السلامة تسلم من عذاب الله وتنال رضوان الله، يقول الله تعالى: (يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ إِلا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) [الشعراء:88-89] وما سلامتها إلا لأنّ همّها الإسلام لتسلم في الدنيا والآخرة، وهمها الإيمان لتأمن في الدنيا والآخرة، وهمّها الإحسان لتكون من أهل الحسنى وزيادة. ورابطة الإسلام هي رابطة التآلف والتراحم والتعاطف والتعارف يرحم الكبير الصغير ويوقر الصغير الكبير، يقول صلى الله عليه وسلم: "ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا" ويقول: "الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف".
ورابطة الإسلام هي رابطة أداء الحقوق لأهلها، وبأداء الحقوق يأمن الإنسان على نفسه ويأمن على ماله وعلى ولده وعلى عرضه وقبل ذلك على دينه. ورابطة الإسلام هي رابطة حب الخير للغير، فلا يعيش الإنسان لنفسه فقط وإنما يعيش لنفسه ولغيره، فيحب للناس ما يحبه لنفسه ويكره منهم ما يكرهه من نفسه، يقول صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى يحبَّ لأخيه ما يحب لنفسه". ويتولد من هذه المحبة خلق الإيثار الذي مدح الله أهله ووعدهم بالفلاح، فقال سبحانه فيهم: (وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [الحشر: من الآية9] وقد ورد أنَّ رجلاً باع أرضاً على أخ له في الله فوجد المشتري في بطنها جرة من ذهب فردها على البائع فقال له البائع: بعتُك الأرض بما فيها، وقال المشتري: اشتريتُ الأرض لوم أشترِ جرة الذهب، فاختصما كل منهما يؤثر الآخر على نفسه حتى احتكما إلى ذي القرنين، فزوج ابن أحدهما ببنت الآخر وأعطاهما الجرة.
ورابطة الإسلام هي التي تقوم على أمر الآخرة فيتجرد أهلها من الدنيا ومتاعها ويرغبون في الآخرة ونعيمها فتزداد أخوتهم. قال تعالى: (وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ) [الحجر:47] وأخوة الإسلام هي الأخوة التي لا ترتبط بمال ولا بجاه ولا بدنيا، وإنما ترتبط بالاستقامة والإسلام والإيمان، وهي الأخوة الدائمة التي لا تنقطع بموت فهي أقوى من أخوة النسب لأن أخوة النسب تنقطع بالكفر في الدنيا والآخرة، يقول الله تعالى: (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ) [المجادلة: من الآية22].
ويقول سبحانه: (فَلا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ ) [المؤمنون: من الآية101]، ويقول:(يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ) [عبس:34-35] ويقول: (الأَخِلاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلا الْمُتَّقِينَ) [الزخرف:67].
ولذا تبرأ نوح من زوجته لما كفرت، وتبرأ من ابنه لما كفر، وتبرأ إبراهيم من أبيه، وتبرأ لوط من زوجته، وتبرأ مصعب بن عمير من أخيه، وتبرأ عبد الله بن عبد الله بن أُبيّ من أبيه، وتبرأ سعد بن أي وقاص من أمه.
وبرابطة الإسلام كان المسلمون إخوة لأن ربهم واحد لا شريك له، يتوجهون إليه ولا يتوجهون لغيره، ويعبدونه ولا يعبدون سواه، ولأن نبيهم واحد يقتدون به ويسيرون على إثره، ويعبدونه ولا يعبدون سواه، ولأن نبيهم واحد يقتدون به ويسيرون على إثره، ويطيعونه فيما أمر ويجتنبون ما عنه نهى وزجر، ويتخلقون بأخلاقه، ولأن دينهم واحد وهو الإسلام فلا يبتغون دنياً غيره، ولأن كتابهم واحد يحتكمون إليه ويهتدون به، ولأن طريقهم واحد وهو الصراط المستقيم، طريق واحد لا اعوجاج فيه يتسع للسالكين يوصل للمقصود، يقول الله تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) [الحجرات: من الآية10] ويقول صلى الله عليه وسلم: "وكونوا عباد الله إخواناً"، ويقول: "المسلم أخو المسلم".
وبرابطة الإسلام كان المسلمون كالجسد الواحد الذي يتكلم بلسان واحد وينظر بعين واحدة ويسمع بسمع واحد، وسرورهم واحد وحزنهم واحد، ويقول صلى الله عليه وسلم: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد والواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر".
وبرابطة الإسلام كان المسلمون كالبنيان الذي يشدُ بعضه بعضاً، يقول تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ) [الصف:4].
ويقول صلى الله عليه وسلم: "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشدُ بعضه بعضاً".
وقد ظهرت هذه الرابطة في الصدر الأول من الإسلام عندما آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار وزالت العصبيات الجاهلية، وآخى بين العربي والعجمي وبين الأسود والأبيض وبين الحر والعبد، وغذى هذه الروابط بالاجتماعيات اليومية في الصلوات الخمس ليزيد التآلف والترابط ولتقوى المحبة، وغذاها بالاجتماعات الأسبوعية في صلاة الجمعة، وغذاها بالاجتماعات الحولية في رمضان عندما يصوم أهل البلد في آن واحد ويفطرون في آن واحد، وكل هذا يدلُ على وجوب الاهتمام بأمر المسلمين.
ومن المسلمين الذين يجب أن نهتم بهم إخوانا المسلمين في كوسوفا الذين عانوا من الشيوعية الأمرَّين وها هم يعانون من الصليبية الأمرّين كذلك، وما لهذه المعاناة سبب إلا لأنهم مسلمون يقولون: ربنا، ويجب علينا أن نعلم أنهم إخوان لنا في الإسلام، ربنا وربهم واحد لا شريك له، وكتابنا وكتابهم واحد نقرؤه ويقرؤونه ونعمل به ويعملون به ونصدق به ويصدقون به ونحتكم إليه، ويحتكمون إليه، ونبينا ونبيهم واحد نسير خلفه ونقتدي به، وديننا ودينهم واحد وهو الإسلام، ويجب أن نعلم أنهم يوحدون الله في بلد لا يعرف الإله ولا يعترف به وهم الشيوعية، أو يقول بأن الإله ثلاثة وهم النصارى ويصلون في بلد لا يعرف الأذان بل يحاربه ويهدم المساجد على المصلين فلا يصلون إلا خفية في بيوتهم أو في أماكن تحت الأرض، ويقرؤون القرآن في بلد يحارب القرآن فلا يجدون من القرآن إلا بعض صفحاته، ويصومون في بلد لا يعرف إلا الفجور والخمور، فهم في كرب شديد؛ أوذوا في دينهم، إذ حوربوا من أجل دينهم يُدعون إلى التنصُّر فيأبون.. ولسان حالهم: (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الأِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) [آل عمران:85] ويتذكرون قول الرسول صلى الله عليه وسلم لخباب وهو يطلب منه النصرة: "لقد كان الرجل فيمن كان قبلكم يحفر له في الأرض فينشر إلى نصفين لا يردّه ذلك عن دينه".
وأوذوا في أنفسهم إذ سامهم النصارى سوء العذاب قتلوهم وأحرقوهم وهم أحياء، وقطعوا جوارحهم وهم أحياء حتى ماتوا، ومثلوا بهم وحفروا الصليب في أجسادهم، وما تركوا نوعاً من أنواع العذاب إلا وعذبوهم به، وإنّ الله لهم لبالمرصاد وهو الذي يمهل ولا يهمل وأنه يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته، وليس هذا الفعل وليد اليوم فلقد أحضر ملك الروم في عهد عمر رجلين من المسلمين في أسره وأحرقهما بالماء الحار الذي قطع اللحم وكسر العظم، وأراد حرق عبد الله بن حذافة السهمي بعد أن دعاه للنصرانية فأبى.
وأوذوا في أموالهم إذ اغتصبت أراضيهم وأخرجوا منها، وسرقت أموالهم ولم يبقَ لهم أرض ولا مال ولا سكن، بل أصبحوا مشردين في الأرض يهيمون على وجوههم حتى يقتلهم الجوع ويقتلهم العطش ويقتلهم البرد ويقتلهم العراء وتقتلهم الحسرة والألم، كلما قدموا إلى بلد طردوهم، ولا نملك إلا أن نقول: حسبنا الله ونعم الوكيل.
ونقول لإخواننا في كوسوفا: لكم في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة، فقد أخرجه أهل مكة فذهب إلى الطائف فطرده أهل الطائف بالحجارة، وأخرج الصحابة من بلدهم مكة إلى الحبشة ثم إلى المدينة، ولكن النصر مع الصبر والفرج مع الكرب، وإن مع العسر يسراً.
وأوذوا في أولادهم يتَّموهم من الآباء وتركوهم يبكون على أبيهم وهو مقتول بين أولاده، وحرموهم من حنان الأم عندما قتلوها بين أولادها وقتلوا الأولاد بين يدي آبائهم وأمهاتهم حتى قيل بأن رجلاً من الصرب دخل على امرأة وهي تطبخ عذاءها وغذاء أولادها فقال: أين اللحم؟ قالت: لا يوجد عندي لحم، قال: أن آتيك به، ثم ذهب وذبح ابنها وقطعه ثم أعطاها إياه مقطعاً.
بل وكم من الأطفال الصغار تاهوا وضاعوا وشردوا لفقدهم لأسرهم.
وأوذوا في أعراضهم إذ ينتهك عرض الزوجة أما زوجها، وينتهك عرض البنت أمام أبيها وأمها وأخيها، وينتهك عرض الأخت أمام أخيها، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
وهذا الأذى يدلُ على حقد النصارى على المسلمين وبغضهم لهم ورغبتهم في إزالتهم من على وجه الأرض (يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) [الصف:8].
ويريدون إخراج الإسلام من صدور المسلمين وما علموا أنّ زوال الجبال أهون من زوال الإسلام لأنه دين الفطرة ودين النجاة في الدنيا والآخرة، وعداوة النصارى ليست وليدة اليوم وإنما هي قديمة وقد بين الله تعالى أنهم لن يرضوا عن المسلمين حتى يتبعوا ملتهم، قال تعالى: (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ) [البقرة: من الآية120] ولعنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عند موته وأمرنا بمخالفتهم.
وقد روى "أحد ملوك النصارى في عهد عمر بن عبد العزيز استدعى أسيراً من المسلمين وقال له: إما أن تتنصَّر وإما أن أكوي عينيك فتعيش أعمى، قال المسلم: والله ما عيناي بأغلى من ديني بل أغلى منهما، ولن أتنصَّر ولو أعطيتني الدنيا كلها، فحاول فيه فأبى فسمل عينيه –أي كواهما بالنار- حتى عميتا، ثم كلفه بعمل شاق آخر وهو طحن اثنى عشر صاعاً يومياً مع عماه، فشقَّ ذلك العمل على المسلم ودعا الله أن يجعل له مخرجاً، فعلم بذلك عمر بن عبد العزيز فكتب إلى ملك النصارى وقال: علمتُ أن أحد المسلمين في سجنك وأنك سملتَ عينيه وكلفته ما لا يطق. أطلقه وأبعثه إليَّ وإلا أرسلتُ لك جيشاً أوله عندك وآخره عندي، فلما وصل الخطاب أطلق الرجل وأرسل به إلى عمر رضي الله عنه".
أقول ما تسمعون وأستغفر الله العظيم.
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أنّ محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن سلك طريقه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.
أما بعد:
أيها المسلمون.. اعلموا أنّ الواجب لإخواننا المسلمين في كوسوفا أن نذكّر الناس بحالهم وما يعيشون فيه من الخوف الشديد والجوع الشديد والعطش الشديد والعري الشديد والمرض الشديد والحزن الشديد والتغريب الشديد، فيقوى الإسلام في النفوس ونعزّزه، وبهذا التذكير نحزن لحزنهم ونفرح لفرحهم ونسهر لسهرهم ونتألم لألمهم ويجب لهم علينا أن ندعو لهم فإن الدعاء أمر الله تعالى به فقال تعالى: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) [غافر: من الآية60] وهو العبادة في قوله صلى الله عليه وسلم: "الدعاء هو العبادة". وهو قرين الأعمال الصالحة، فما من عمل صالح إلا وفيه دعاء، والدعاء هو هدي الرسل جميعاً، وقد دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم ربَّه في بدر وفي الأحزاب فندعو لإخواننا في صلواتنا، والدعاء للمسلم بظهر الغيب مستجاب ولا ننساهم من الدعاء كلما دعونا لأنفسنا.
ومن حقهم علينا أن نواسيهم بأقوالنا ونجاهد معهم بالمال فإنّ الله تعالى دعا إلى الجهاد بالمال قبل الجهاد بالنفس في كثير من آيات القرآن، ولأن الجهاد بالمال هو مقدورنا وقد يكون هو الأنفع لإخواننا ولا يعذر مسلم بترك النفقة فيها لينال البر، والبر يهدي إلى الجنة، وبها يضاعف الأجر إلى سبعمائة ضعف، وبها تدخل السرور على إخوانك وتنفس عنهم وتيسر عليهم، وفي الحديث: "من نفس عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة" الحديث.
وبالصدقة تفتح أبواب الخير وتغلق أبواب الشر وبالصدقة وبالصدقة تطفأ الخطيئة وبها يطفأ غضب الرب، وبها تدفع ميتة السوء، وبها يشفى مرضك ومرض أهلك، وبها تدخل الجنة من باب الصدقة، وبها تنصر إخوانك وتهزم أعداءك، فبادروا بالإنفاق ولا تبخلوا، ولو تصدقتم كل يوم لكان هذا ملطوباً، ولو قسمتم نفقة اليوم بينكم وبين إخوانكم لكان هذا عملاً جليلاً، فكل متصدق بمقدوره من مال أو ذهب أو عتاد أو ثياب أو نحوها، وتذكروا حال الأعرابي الذي تصدق بناقة لا يملك غيرها، وحال الذي لا يملك إلا فراشه، والمرأة التي لا تملك إلا إسوارة معها، والرجل الذي لا يملك إلا شماغه الذي على رأسه، وما تنفقوا من شيء فإن الله به عليم.
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي