الغيرة على الأعراض

الشيخ د عبدالرحمن السديس
عناصر الخطبة
  1. حفاظ الشريعة على الأعراض .
  2. انتهاك الأعراض في كثير من المجتمعات .
  3. بيان الشُّبَهات التي يثيرها دعاة تحرير المرأة .
  4. التحذير من فتنة النساء .
  5. التحذير من الاختلاط .
  6. دعوة لتيسير الزواج .

اقتباس

وفي هذا العصر الطافح -مع شديد الأسى اللافِح- عمَّ التفريطُ في أرسان العِفَّة والحياء، والتصوُّن والإباء، ونهَضَ أقوامٌ خلف سراب التحرُّر -بلْهَ ضِرام الإغراء-، وأرخى كثيرٌ من الآباء والأزواج لمحارمهم الزِّمام، فلاطَفَت المرأةُ الرجلَ ومازَحَت، وتساهَلت في ..

 

 

 

 

 

الحمد لله الذي أسبغ علينا نعمًا لم تزَل تترى فِياضًا، أحمده -سبحانه- وعَدَ عبادَه المُتطهِّرين جناتٍ ألفافًا عِراضًا، فطُوبى ثم طُوبى لمن صانَ لمحارمِه أعراضًا، وأعرض عن الدنايا إعراضًا!.

الحمد لله حمدًا زاكِيَ الأثر، مُردَّد الذِّكر بالآصال والبُكَر، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادةً نسمو بها مقاصد وأغراضًا، وثباتًا على التُّقى وحِفاظًا، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدًا عبد الله ورسوله، بعثَ اللهُ به العفافَ والطُّهرَ بعد أن غاضَا.

صلَّى عليه الباري وعلى آله الطاهرين الطيبين الداعين إلى المكارم فِعالاً وألفاظًا، وصحبه الأُلَى نشروا الفضائل في العالمين وألظُّوا بذلك إلظاظًا، والتابعين ومن تبعهم بإحسانٍ يرجو من المنَّان شرابًا طهورًا وحِياضًا، وسلَّم تسليمًا مباركًا إلى يوم الدين ما تعاقبَ الملَوانَ وآضَا.

أما بعد، فيا عباد الله: أنفسُ ما يُنحَلُ من الوصايا المُنجِحات، والعِظات المُبهِجات: تقوى الله -عز وجل- ربِّ البريَّات، فالتقوى -رحمكم الله- لصيانة المحارم أوثقُ العُرى، وأغنى غناء لمن رامَ من المكارم الذُّرَى، وأعظمُ الزاد للشرف سَيرًا وسُرًى، (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى) [البقرة:197].

بُشْرَى لِمَنْ زُوِّد التَّقْوَى لمُنْقَلَبٍ *** حيَّاهُ مُدَّخرٌ فِيهِ ومُطَّلَعُ

أيها المسلمون: قصدَت شريعتُنا الغرَّاءُ تحقيق أعظم المصالح، وأسنى المقاصد، وتزكية النفوس دون البوائِق والمفاسد، فصاغَت مجتمعًا شريفًا أَنوفًا، للآفات والمُحرَّمات عَيُوفًا، وعن مساقط الأدران عَزوفًا، وبذلك قادَت أمتُنا المباركةُ حفظَ الأعراض بزمام، وبلغت من الذَّود عن المحارم الذِّروة والسَّنام؛ ومن ثَمَّ أذهَلت العالمين سلسال العفاف بعد الأُوام، يقول الملك العلاَّم: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) [آل عمران:110].

ومن تلك الخيرية الزكيَّةِ أنْ جعل الديَّانُ انتهاكَ الأعراض قرينَ الشركِ وقتل النفس المعصومة، يقول -جلَّ اسمه-: (وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا) [الفرقان:68]، فالمؤمنُ الغَيور يُؤثِر الموتَ على أن يرِد من الخَنا أكدارا، والفوتَ اختناقًا على أن يتنسَّم أقذَارا؛ بل إن خُدِشَ عِرضُه أبرقَ حميَّةً وثار، وأرعدَ واستثار، وكان كالقسورة إن دِيسَ عَرينُه أو وُسِم عِرنينُه، إنها الغيرةُ الإسلامية، والنخوة الإيمانية، التي ملأت عليه وجدانَه ونفسَه، وفِكرَه وحِسَّه.

وفي الحديث عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "المؤمنُ يَغار، والله أشد غيرة"، وفي رواية: "وغيرةُ الله أن يأتي المؤمنُ ما حرَّم الله عليه"؛ رواه البخاري ومسلم.

إخوة الإيمان: وفي هذا العصر الطافح -مع شديد الأسى اللافِح- عمَّ التفريطُ في أرسان العِفَّة والحياء، والتصوُّن والإباء، ونهَضَ أقوامٌ خلف سراب التحرُّر -بلْهَ ضِرام الإغراء-، وأرخى كثيرٌ من الآباء والأزواج لمحارمهم الزِّمام، فلاطَفَت المرأةُ الرجلَ ومازَحَت، وتساهَلت في صيانتها وتسامَحت؛ بل في كثيرٍ من المجتمعات هتَكَت الحياء، فكشَفَت عن مواطن الفتنة والإغراء، دون حرجٍ أو إغضاء، وما درَت أنها تُحاربُ المجتمع بسلاح الإثارة، وتُزنِقُ النفوسَ في أودية الغواية وحمأة الخطيئة.

وفي مُوازي ذلك تمُدُّ أوابدُ من البشر المُفترسة، وسباعٌ من الإنس الضاريةِ حبائلَ التحرُّش، وخُدَع الإغواء؛ لإيقاع الأنفس الطاهرة في الغيِّ الدنيء، والمُستنقَع الآسِن الوبِيء، وإرغام شُمِّ المعاطِس بتدنيس شرفهم النقي، وعِرضهم السنِيّ.

إنها النَّزوات الطائشات، والخيانات الهاصِرات، التي قوَّضت حِصنَ الأعراض، وكانت عن الغيرة في جفاءٍ وإعراض، خصوصًا في الإجازات عند المُنتجعات والسياحات، هنالك وهناك.

أصُونُ عِرْضِي بِمالٍ لا أُدَنِّسُهُ *** لا بارَكَ اللهُ بعدَ العِرْضِ بالمالِ

لأن اكتساب المال لصيانة الأعراض لا لابتذالها، ولعِزِّ النفوس لا لإذلالها.

ربَّاه ربَّاه! أين فوارس الحياء والحِشمة؟ أين لُيوث الشَّرف والعصمة؟! وا حرَّ قلباه إن تبلَّد الإحساس، وهانت المحارم لدى الناس!.

أيها المسلمون، أيها الشُّرفاء الغُير: هنا تُزمجِرُ الحروف، وتصطرخُ الكلمات، وتتفجَّرُ العبارات، وتتفجَّر شآبيبُ العَبَرات، حيالَ اغتصاب العِرض والشرف، وما جرَّ من كمدٍ وأسف؛ فكم من فتاةٍ فرَّطت في خَفرها فانطفأ سَناؤها؟ وكم من مُراهِقةٍ أغراها أغلفُ القلب صفيقُ الشعور فتحطَّم إباؤها؟ وكم من نفسٍ وادِعة اجتُثَّ صفاؤها؟ وكم من أُسرٍ هانئة مُزِّق هناؤها؟ فكانت الحسرات والجراحات، والحروقات والنشَّجات، إنَّ غَيمةً واحدة قد تحجُب شمسَ السعادة أبدًا؛ فكيف بهاتيك الصواعق والرُّهوب؟!.

يَا هَاتِكَاً حُرُمَ الرِّجَالِ وَقَاطِعاً *** سُبْلَ المَوَدَّةِ عِشْتَ غَيْرَ مُكَرَّمِ
عِفُّوا تَعِفُّ نِسَاؤُكُمْ في المـَحْرَمِ *** وتَجَنَّبُوا ما لا يليقُ بِمُسْلِمِ

ويا سبحان الله! أغاضَت ينابيعُ الغيرة في القلوب؟ وغدَت جذوةُ النَّخوة في لُغوب؟! وبآخره تتكسَّر النِّصالُ على النِّصال، في افتراسِ القاصِرات، تلكم الزَّهرات الزاهِرات، العَبقات الناصِعات؟!.

وأيْمُ الله! لئن كان سارق المال مجرمًا؛ فإن سارق الأعراض رأسُ الجُناة وأكبرُ المجرمين، وما شرَعَ الله الزواجِرَ والحدود، إلا لتطهير المجتمعات من كل غويٍّ لَدود، ولانزجار النفوس عن شُؤم تلك الجريمة، الباتِكة الأليمة، كانت العقوبة على سمع المؤمنين وبصرهم. يقول الحق -تبارك وتعالى-: (وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) [النور:2].

معاشر المسلمين: وصَوبَ هذه القضية التي انداحَ ضررُها، واستحَرَّ خطرُها، لزِمَ كشفُ الشُّبهة والمِرية، ودحضُ المُغالَطة والفِرية، وذلكم -يا رعاكم الله- أن فِئامًا عدُّوا حفظَ المكارم، وصَون المحارم من لدن الأُباة، تنكُّرًا لطبيعة الرُّقِيِّ في الحياة، ووأدًا للطموحاتِ وتقدُّمِ المجتمعات، واتهامًا للنوايا البريئات؛ بل هو ببُهتهم شِنْشِنَةٌ مادَت وبادَت.

والتأكيدُ على حجابِ المرأة وسِترها رأوه هضمًا لحقِّها، وحُكمًا برِقِّها، يا الله! والله أكبر! آلدعوةُ إلى حماية الشرفِ على هدْيِ خيرِ السلفِ معرَّةٌ تُدفَع، ومسبَّةٌ تُرفع؟! يُهاجمُها المأفونون دون بأسٍ وخجَل، أو استفظاعٍ ووجَل؟ يُعزّزُ أهواءَهم أقلامٌ مسمومة، تُروِّجُ لإبراز الوضيعات، ووصف الوَضاعات، وتأجيجِ الشهوات والنزوات، التي تدُكُّ معاقلَ النخوة والرجولة، وتبُكُّ الحفيظةَ والبطولة، وما ذلك إلا سقوطٌ بالفطرة العفيفة، وارتكاسٌ بالأخلاق الشريفة، وتمرُّدٌ على أحكام الديَّان، وشِرعة الرحمن.

ألا ليتَ شِعري يا أمة النخوة والإباء؛ لئن أُصيبت الغيرةُ على الأعراض، بخدشٍ أو مِقراض، ونحن عُصبةٌ أيقاظ، إنا إذًا لخاسرون! إنا إذًا لخاسرون! وغدًا لنادمون! وفي ديوان الحِكَم المأثورة: "الذَّبُّ عن الشرفِ والعِرض أربَى من الذِّيَاد عن الحِمَى والأرض، ومن أحبَّ المكارم غارَ على المحارم".

إِذَا المَرْءُ لَمْ يَدْنَسْ مِن اللُّؤْمِ عِرْضُهُ *** فَكُلُّ رِدَاءٍ يَرتَدِيهِ جَمِيلُ
وَإِنْ هُوَ لَمْ يَحْمِلْ عَلَى النَّفْسِ ضَيْمَهَا *** فَليسَ إلى حُسْنِ الثَّناء سبيلُ

أيتها الأخوات الشريفات، والحرائرُ المَصونات العفيفات: يا من أعزَّكنَّ الله بالحجاب، وشرَّفكنَّ بالسِّتر والجلباب! تمسَّكن بحجابكنَّ، اللهَ اللهَ في حيائكنَّ وعفافكنَّ! اعلَمن -يا رعاكنَّ الله- أن صحوةَ المرأة الحَصان الرَّزان، المُنبثِقَة عن مشكاةِ الشرع الحنيفِ ومقاصِده الكلية، وقواعد المرعيَّة العليَّة، هي التي تقود من مسيرة الفضيلة والذكاء مراكبها، وتتصدَّرُ من الدعوة للطُّهر والنقاء مواكِبها، يقول -عز وجل-: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى) [الأحزاب:33].

إنه -لَعَمرُ الحقِّ!- الخُلُق الحيِيُّ الرفيعُ، الخفِرُ البديع، لما يجبُ أن يكون عليه الأوانِسُ الطاهرات، والنساءُ الفُضليَات؛ حفظًا لفطرتهنَّ النفسية، ولطائفهنَّ الوجدانية، وتحقيقًا للفوز والحياة، والعصمة والنجاة.

وبعدُ، أمة الإسلام: ألا فلنحذَر على عِفَّتنا وعِزَّتنا وغيرتنا وكرامتنا من أحلاسِ الغريزة الخَسيسة، والنَّزوات الخبيثة التعيسة، التي تفتِكُ بالأمن والاطمئنان، وتُثيرُ الأضغانَ في المجتمع والعُدوانَ، لذلك يقول المُجتبى -عليه الصلاة والسلام-: "فإن الله قد حرَّم عليكم دماءَكم وأموالَكم وأعراضَكم" خرَّجه الإمام أحمد.

فجمع في التحريم بين الدم والعِرض، لِما فيه من إيغار الصدور، وإثارة الأعداء للشرور، هذا؛ وإن أهل الحِفاظ على الأعراض لا يرُومون لأمتهم إلا الحياةَ الفاضلةَ النظيفة، والعِيشَة الرضيَّة الشريفة، فضلاً من الله ومِنَّة، لا باكتسابٍ منَّا.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) [الأحزاب:59].

بارك الله في الجهود، وحقَّق أجلَّ المُنَى وأسنى القُصود، إنه غفورٌ ودود، أقول قولي هذا، وأستغفرُ الله العظيمَ الجليلَ لي ولكم ولكافة المسلمين والمسلمات من كل الذنوب والخطيئات، فاستغفروه وتوبوا إليه، إنه كان حليمًا غفورًا.

 

 

 

 

 

الخطبة الثانية:

 

 

 

الحمد لله على ما أسدَى من النِّعم، أحمده -سبحانه- حثَّ على حفظ الأعراض من بوائِق الغَشَم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له أجزلَ لأهل العفافِ المثوبَة والكرَم، وأشهد أن سيدنا ونبيَّنا محمدًا عبد الله ورسوله البالغُ من الطُّهر شُمَّ القِمَم، صلَّى الله وسلَّم وبارَك عليه وعلى آله وصحبه الأندَى من زَهر الأكَم، ذوي المناقِب السنيَّة والشِّيَم، والتابعين، ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

أما بعد: فاتقوا الله -عباد الله-، وصُونوا الأعراض عن الرِّيَب والتُّهم، تبلُغوا من الشرَف المَرومِ أسنى القِسَم، ومن تولَّى بعدُ فقد زاغَ وظلَم.

أيها المسلمون: ومن الرِّماح الهاتِكة لحِمَى العفاف والاحتشام، الدعوةُ إلى الاختلاط المحرَّم بين الإناث والذكور، الباعِث على الشرور والثُّبور، دون إنكارٍ أو اعتراض، أو توجيه من الآباء أو امتعاض، وكون ذلك - بزعمهم - من الثقة المحمودة الآثار، ولكن هيهات هيهات! لا يصحُّ ذلك إلا لدى الأغمار، فخضراءُ الدِّمَن شرَكُ الفتن، ومهوَى الحسرة والنَّدَم، يقول -عليه الصلاة والسلام-: "ما تركتُ بعدي فتنةً هي أضرّ على الرجال من النساء" متفق عليه.

وبحسب غيرةِ الأبَوين يكون الأبناءُ شجًى في الحلق، أو قُرَّةً للعين، أما منبَتُ الدنايا، ومسرحُ الرذائلِ والدنايا، التي ترشُقُ الشرفَ والحشمةَ بمُدمِّر الشظايا: وسائلُ الاتصالات، وأجهزةُ التِّقانات، وأعمدةُ المقالات والكتابات، وقنواتُ الفضائيات وشبكاتُ المعلومات، التي أجَّجَت الغرائز وألهَبَت الشهوات؛ وا لهفَتاه! كم استطالَت وعتَت، وأتَت من عقرِ الأعراض ما أتَت، حتى رمَت عفافَ الأمة عن قوسٍ واحدة، على حدِّ قوله -سبحانه-: (أَتَوَاصَوْا بِهِ؟) [الذاريات:53].

فيا هؤلاء وأولئك من الوالِغين في أعراض المسلمين: كُفُّوا عن أعراض الأمة جُشاءَكم، ويا ليتَ هذا السباقَ المحموم، والتكالُب المذموم، والتباكِيَ المزعوم على قضايا المرأة سُخِّر في نُصرة قضاياها الكُبرى، والمُطالبة بحقوقها العُظمى، والانتصار لها، ورفع الظلمِ الواقعِ عليها في شتى المجالات.

فالله المستعان، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وإلى الله المُشتكى، وهو حسبُنا في شرف المسلمين وأعراضهم وكفَى.

وأخيرًا إخوة الإيمان: فإنه للقضاء على داء انتهاك الأعراض، أو التحرُّش بالشريفات العفيفات لزِمَ الحثُّ على الزواج والتيسير في المهور؛ لأن الإحصانَ هو الحل الإسلامي الرشيد، والمنهجُ الشرعي السديد لقضية الغرائزِ والطِّباع التي تُبرَمُ في اندفاع، مع امتثال أمر الحق في رعاية الشباب والفتيات، وصونهنَّ عما يوردهنَّ المهالك والفوادِح الحوالِك، فإنهنَّ ربَّات الخُدور، وباعِثاتُ الشرفِ والفخرِ والسرور، ومحاضنهنَّ الأُسريَّةُ البَرَّة مِهادُ الرضا والخير الموفور، فاعتبِروا يا أولِي الأبصار، (فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) [الحج:46].

هذا؛ وصلُّوا وسلِّموا -رحمكم الله- على النبي الكريم، ذي المحتدِ الكريم، والأصل الفخِيم، كما أمركم المولى العظيم في الذكر الحكيم، فقال -جلَّ في عُلاه-: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب:56]. وقال -عليه الصلاة والسلام-: "من صلَّى عليَّ صلاةً صلَّى الله عليه بها عشرًا".

عَلَيهِ صلاةُ رَبِّ العرْشِ تَنْدَى *** كَمَا تَنْدَى الرِّياضُ بِكُلِّ فَجْرِ
يُواصِلُ عَرْفَهَا آلاً وصَحْبَاً *** كأنَّ ثناءَهُمْ نَفَحَاتُ زَهْرِ

اللهم صلِّ وسلِّم على الرحمة المُهداة، والنعمةِ المُسداة: نبيِّنا محمد بن عبد الله، وارضَ اللهم عن الخلفاء الراشدين المهديين: أبي بكرٍ، وعمر، وعثمان، وعليٍّ؛ وعن سائر الصحابة والتابعين، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمنًا مطمئنًّا، سخاءً رخاءً، وسائر بلاد المسلمين.

اللهم آمِنَّا في أوطاننا، اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأدِمِ الأمن والاستقرار في ديارنا، وأصلِح ووفِّق أئمتنا وولاة أمورنا، وأيِّد بالحق إمامَنا خادمَ الحرمَين الشريفين، اللهم وفِّقه للبِطانةِ الصالحةِ التي تدلُّه على الخير وتُعينُه عليه، اللهم اجمع به كلمةَ المسلمين على الحق والهدى يا رب العالمين، اللهم وفِّقه ونائبَيْه وإخوانه وأعوانه إلى ما فيه عِزُّ الإسلام وصلاحُ المسلمين، وإلى ما فيه الخيرُ للبلاد والعباد.

اللهم وفِّق جميع ولاة المسلمين، اللهم اجعلهم لشرعك مُحكِّمين، ولأوليائك ناصِرين يا رب العالمين.

يا حي يا قيوم، يا ذا الجلال، برحمتك نستغيث، فلا تكِلنا إلى أنفسنا طرفةَ عينٍ، وأصلِح لنا شأننا كلَّه.

اللهم أحسِن عاقِبتنا في الأمور كلها، وأجِرنا من خِزيِ الدنيا وعذابِ الآخرة، اللهم فرِّج همَّ المهمومين من المسلمين، ونفِّس كرب المكروبين، واقضِ الدَّيْنَ عن المدينين، واشفِ مرضانا ومرضى المسلمين، برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم اكشِف الغُمَّة، اللهم اكشِف الغُمَّة عن هذه الأمة، اللهم اكشِف الغُمَّة عن هذه الأمة، اللهم أصلِح أحوال الأمة في كل مكان، اللهم احفظ دينَهم وأنفسهم، واحقِن دماءَهم، اللهم احقِن دماءَهم، وصُن أموالَهم وأعراضَهم يا حي يا قيوم.

اللهم مَن أرادنا وأراد ديننا وأمنَنا وأعراضَنا بسوءٍ فأشغِله بنفسه، ورُدَّ كيدَه في نَحْره، واجعل تدبيرَه تدميرَه يا سميع الدعاء.

اللهم انصر إخواننا المُضطهدين في سبيلك، المُضطهدين في دينهم في كل مكان، اللهم انصر إخواننا المُستضعفين والمُضطهدين في دينهم في كل مكان، اللهم عجِّل بفَرَجهم يا ذا الجلال والإكرام.

(رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) [البقرة:201]، (رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) [الأعراف:23]، (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) [الحشر:10].

سبحان ربك ربِّ العزة عما يصِفون، وسلامٌ على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.

 

 

 

 

 


تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي