للعيد فرحة ببلوغ شهر رمضان يوم تصرّمت أعمارٌ عن بلوغه، وفرحٌ بتوفيق الله وعونه على ما يسَّر من طاعته، فقد كانت تلك الأيام الغرّ والليالي الزُّهْر مُتَنَزَّلَ الرحمات والنفحات، اصطفَّت فيها جموع المسلمين، تُقطِّعُ الليل تسبيحاً وقرآنا، فكم تلجلجت الدعوات في الحناجر، وترقرقت الدموع في المحاجر، وصفت القلوب، وشفَّت النفوس، ورقَّت، حتى كأنما يعرج بها إلى السماء، تعيش مع الملائكة، وتنظر إلى الجنة والنار رأي عين ..
أما بعدُ:
أيها الناس: فهنيئاً لكم ولأمة الإسلام ما تفضل الله به من عظيم النعمة ووافر المنة، حيث أكمل لنا العدة، وأتم ويسَّر لنا الدين، وجعلنا من خير أمة أخرجت للناس.
فالحمد لله، ثم الحمد لله، سبحانه! لا نحصي ثناء عليه ولو حرصنا، ولكن، هو سبحانه كما أثنى على نفسه.
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
أيها المسلمون: للعيد فرحة كبيرة، فرحة بفضل الله ورحمته، وكريم إنعامه، ووافر عطائه، فرحة بالهداية يوم ضلت فئام من البشر عن صراط الله المستقيم.
يجمع العيدُ المسلم بإخوانه المسلمين، فيحس بوثيق انتمائه لهذه الأمة ولهذا الدين، فيفرح بفضل الله الذي هداه يوم ضل غيره، (قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) [يونس:58].
أيُّ نعمةٍ أعظم، وأيّ منّة أمَنُّ وأفضل من أن الله هدانا للإسلام، فلم يجعلنا مشركين ولا ضالين، وإنما اجتبانا على ملة أبينا إبراهيم، ودين نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-؟.
للعيد فرحة ببلوغ شهر رمضان يوم تصرّمت أعمارٌ عن بلوغه، وفرحٌ بتوفيق الله وعونه على ما يسَّر من طاعته، فقد كانت تلك الأيام الغرّ والليالي الزُّهْر مُتَنَزَّلَ الرحمات والنفحات، اصطفَّت فيها جموع المسلمين، تُقطِّعُ الليل تسبيحاً وقرآنا، فكم تلجلجت الدعوات في الحناجر، وترقرقت الدموع في المحاجر، وصفت القلوب، وشفَّت النفوس، ورقَّت، حتى كأنما يعرج بها إلى السماء، تعيش مع الملائكة، وتنظر إلى الجنة والنار رأي عين، في نعمة ونعيم لا يعرف مذاقَها إلا مَن ذاقها، فحُقَّ لتلك النفوس أن تفرح بعدُ بنعمة الله، بهذا الفيض الرباني الكريم .
وللعيد فرحة بإكمال العدَّة، واستيفاء الشهر، وبلوغ يوم الفطر بعد إتمام شهر الصوم، فلله الحمد على ما وهب وأعطى، وامتَنَّ وأكرم، ولله الحمد على فضله العميم، ورحمته الواسعة.
ومن مشاهد السرور بالعيد بين يدي النبي -صلى الله عليه وسلم- ما فعله الحبشة، حيث اجتمعوا في المسجد يلعبون بالدرق والحراب، واجتمع معهم الصبيان حتى علت أصواتهم، فسمعهم النبي -صلى الله عليه وسلم- فنظر إليهم، ثم قال لعائشة -رضي الله عنها وعن أبويها-: "يا عائشة، أتحبين أن تنظري إليهم" قالت: نعم، فأقامها -صلى الله عليه وسلم- وراءه، خدها على خده يسترها، وهي تنظر إليهم، والرسول -صلى الله عليه وسلم- يغريهم ويشجعهم، ويقول: "دُونَكُم يا بني أرفدة، لتعلم يهود أن في ديننا فسحة، إني بعثت بالحنيفية السمحة".
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله و الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
أمة الإسلام: ورغم ما تعيشه أمتنا من مصائب متطاولة، وأحزان متواصلة يجب استشعارها والتفاعل معها، إلا أن العيد موسم كريم يجب أن نجعله محطة وقود للتزود بالتفاؤل، وبعث الرجاء، وإجمام النفوس، وشحن الهمم، لتعامل أعلى وأجدى مع هموم الأمة الكلمى؛ فينبغي علينا جميعاً أن نستحضر سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- في إظهار الفرح وإقرار السرور بين الصحابة مع ما كان يكابده ويعانيه من هموم لا يقدر قدرها إلا الله.
فيا أمة الإسلام: أبشروا وأمِّلوا ما يسركم، فعُمر الإسلام أطول من أعمارنا، وآفاق الإسلام أوسع من أوطاننا، والمصائب ليست ضربة لازب، لا تحول ولا تزول، والله -عز وجل- لا يعجل لعجلتنا، ولا تتحوّل سننه لأهوائنا، فسنن الله لا تحابي أحداً.
ولنتذكر في هذا العيد ما أبقى الله لنا من خير، وما تطوَّل به علينا من فضل، فنحن أحوج ما نكون إلى أمَلٍ يدفع إلى عمل، وفأل ينتج إنجازاً، أما المهموم المحزون فهو غارق في آلامه، متعثر في أحزانه، مدفون في هموم يومه، لا يرجو خيراً ولا يُرجى منه كثيرُ خير، والله غالب على أمره، ولكنّ أكثر الناس لا يعلمون.
أيها المؤمنون: شهر رمضان شهر بركة وإقبال، فمن عباد الله من أقبل على المساجد في رمضان ولم يكن يعرفها من قبل إلا لماماً، فلما أقبل على الله أقبل الله عليه، ولما تقرب إلى الله علم منه الصدق فتقرب إليه، فكانت بدايته بداية خير، فاستقامت حاله، وطابت نفسه، وصلح قلبه، وعزم على الاستقامة، وعاهد الله على الإيمان، وسأله الثبات عليه.
نعم، أقبلوا إلى المساجد، سمعوا الذكر، قرؤوا القرآن، صلوا مع المسلمين، فما رأوا الصلاة حملاً ثقيلاً ولا عملاً شاقاً؛ وإنما وجدوا في الصلاة راحة النفس، واطمئنان القلب، وأيقنوا أن الله لا يأمر إلا بالعدل والإحسان، وأنه أعلم بما يُصْلِحُ عباده، فهو خلقهم وهو أعلم بما يصلحهم، فما أمرهم بالصلاة والذكر والطاعة إلا وهو يعلم ما في ذلك من الخير والصلاح لهم.
ألا فلْيُرَبِّ الإنسان نفسه على تعظيم الصلاة، وليَدْعُ ربه أن يفتح عليه فيها، وليتذكر أن وقت الصلاة محدّد من عند الله، لا يقبل الله الصلاة في غيره، وأن تأخير الصلاة عن وقتها من غير ما سبب أعظم جرماً من الزنا والربا والسرقة، بل هو سبب للمروق من الدين عند جمع من أهل العلم.
ومما يجب التنبيه عليه والتواصي به: شأن الزكاة: فإن شأنها عند الله عظيم يقول الله -عز وجل- في محكم التنزيل : (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ) [التوبة:34-35]، فجزاؤهم من جنس عملهم، فهذه أموالهم التي تمتعوا بها في الدنيا ولم يراعوا حق الله فيها أصبحت عليهم وبالاً، فيا حسرتهم! ويا لشدة ندامتهم! يود أحدهم أنه عاش في دنياه فقيراً ونجا من شدة هذا العذاب.
وفي الصحيحين عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صُفِّحَت له صفايح من نار فأحمي عليها في نار جهنم، فيكوى بها جنبُه وجبينه وظهره، كلما بردت أعيدت، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة".
ومن المعاصي التي يفرَق من وعيدها -عبادَ الله- أكل الربا، سواء كان صريحاً أو كان داخلاً ضمن المعاملات التجارية المختلفة كمعاملات البنوك، وما يكتنف بعض أنواع تجارات الأسهم، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ) [البقرة:278-279]، وهذا كاف في بيان شناعة هذه الجريمة عند الله -عز وجل-.
وقال -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه مسلم: "لعن الله آكل الربا، وموكله، وكاتبه، وشاهديه"، وقال: "هم سواء"، وصح في مسند الإمام أحمد -رحمه الله- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "درهم ربا يأكله الرجل وهو يعلم أشد من ست وثلاثين زنية". فاتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين.
ومن المعاصي سماع الغناء، وقد قال -صلى الله عليه وسلم- كما عند البخاري مُعَلَّقاً" "لَيكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف"، فانظر -يا عبد الله- كيف أخبر بإنهم استحلوها بعدما كانت حراما، وقرنها بالزنا والخمر ولبس الحرير.
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله و الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
أيها المسلمون: أخرج الإمام في صحيحه حديثاً عظيماً كان السلف يعظمونه ويجلونه، إنه ذلك الحديث القدسي العظيم الذي قال فيه تبارك وتعالى "إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا"، فبدأ ذلك الحديث العظيم بالتحذير من الظلم، وبتحريمه على نفسه وعلى العباد.
ألا وإن من الظلم ظلم الزوجات، وظلم الأولاد، والتفضيل بينهم؛ ومن الظلم أيضاً ظلم الخدم والعمال بتكليفهم مالا يطيقون، أو ببخسهم وعدم إعطائهم حقوقهم، وإني أحذر هؤلاء بتحذير الله لهم، ففي الحديث القدسي الذي أخرجه البخاري يقول الله تبارك وتعالى: "ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة" وذكر منهم رجلاً "استأجر أجيراً فاستوفى منه ولم يعطه أجره".
وإن من ظلم العمال إساءة المعاملة معهم بإهانتهم وضربهم وشتمهم، وهو واقع موجود، فاستمعوا إلى هذه القصة التي تدل على شناعة هذا الذنب وسوء عاقبته، أخرج الإمام مسلم في صحيحه من عن أبي مسعود الأنصاري -رضي الله عنه- قال: "كنت أضرب غلاماً لي بالسوط، فسمعت صوتاً من خلفي فإذا هو رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو يقول: اعلم أبا مسعود أن الله -عز وجل- أقدر عليك منك على هذا الغلام"، وفي رواية فقلت: "هو حُر لوجه الله" فقال -صلى الله عليه وسلم-:" لو لم تفعل لَلَفَحَتْكَ النار".
وفي الحديث الصحيح أن رجلا قعد بين يدي النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله، إن لي مملوكين يكذبونني ويخونونني ويعصونني، وأشتمهم وأضربهم، فكيف أنا منهم؟ فقال: "إذا كان يوم القيامة يحسب ما خانوك وعصوك وكذبوك، وعقابُك إياهم، فإن كان عقابك إياهم بقدر ذنوبهم كان كفافاً، لا لك ولا عليك، وإن كان عقابك إياهم دون ذنوبهم كان فضلا لك، وإن كان عقابك إياهم فوق ذنوبهم اقتُصَّ لهم منك الفضل".
قال: فتنحى الرجل فجعل يبكي ويهتف، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "أما تقرأ كتاب الله: (وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا)؟ [الأنبياء:47]". فقال الرجل: والله يا رسول الله، ما أجد لي ولهم شيئا خيراً من مفارقتهم، أُشهدك أنهم أحرار كلهم.
أيها المؤمنون: بيوتنا هي الحصن الأخير الذي ينبغي أن يحاط بكل أسباب الحيطة والحذر من الفتن، ومع أنها محضن الأجيال، ومُتَخَرّجُ الرجال، إلا أن كثيراً من أولياء أمور تلك البيوت قد تساهلوا في حفظها من بعض أسباب الفساد، وأول ذلك وأكثره خطراً إدخال القنوات الفضائية التي تمطر بلاد الإسلام خاصة، وبلاد الدنيا عامة، بوابل مقصود من البلاء، يراه بِعُجَرِه وبُجَرِهِ الصغار والشبان والفتيات والكبار بالغدو والآصال.
وإنكم -أيها الآباء- المسؤولون عن ذلك في بيوتكم، فبموعظة نبيكم وإمامكم وحبيبكم أحذرِّكم، فقد ثبت عنه أنه قال، كما في الحديث المتفق عليه: "ما من عبد يسترعيه الله رعيته يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة".
وإني اسألك أيها المسلم: أي غش أعظم من أن يدخل الرجل على زوجته وأبنائه وبناته جهازاً ينشر الكفر والمجون والغناء؟ والفاضح من صور الرجال والنساء؟ إلى أمور أراد بها أعداء الله إفساد عباد الله! فلا حول ولا قوة إلا بالله!.
فيا عبدَ الله! إن رُمت السلامة فعليك بالجزم والعزم على إخراجها، وإن أبقيت هاتيك الشرور في بيتك فعليك إثمها وإثم كل من نظر إليها أو سمعها.
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
أما بعد، أيها المؤمنون والمؤمنات: اذكروا الوقوف بين يدي الله تعالى، واعلموا أن هذه الدنيا دار ممرّ، واسألوا الله تعالى حسن الخاتمة، واعلموا أن أبواب الله مشرعة لمن يريد الفضل والإحسان، فإنه -سبحانه- التواب الرحيم الذي وسعت رحمته كل شيء، لكن رحمته قريب من المحسنين الرجَّاعين التائبين الذين إذا أذنبوا استغفروا، وإذا ذُكِّروا تذكروا.
فليس الشأن في وقوع الذنب فحسب، لكن المصيبة الكبرى والداهية العظمى هي أن يألف المرء الذنب ثم يتساهل بخطره فلا يحدث منه توبة ولا استغفاراً.
والله رحيم بعباده، رحمته سبقت غضبه، هو والله أرحم بعباده من آبائهم وأمهاتهم، ففي الصحيحين أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما انتهى من حرب هوازن أُتي إليه بعد المعركة بأطفال الكفار ونسائهم، ثم جُمِعوا في مكان، فالتفت النبي -صلى الله عليه وسلم- إليهم، فإذا امرأة من السبي أمٌّ ثكلى تجر خطاها تبحث عن ولدها وفلذة كبدها، قد اضطرب أمرها، وطار صوابها، واشتدّ مصابها، تطوف على الأطفال الرُّضَّع تنظر في وجوههم، تتمنى لو أن طفلها بين يديها تضمه ضمة، وتشمه شمة، ولو كلفها ذلك حياتها.
فبينما هي على ذلك إذ وجدت ولدها، فلما رأته انكبت عليه وأخذت تضمه وتقبله، ثم ألصقته بصدرها، وألقمته ثديها.
فنظر الرحيم الشفيق إليها، فلما رأى ذلها وانكسارها وفجيعتها بولدها التفت إلى أصحابه ثم قال: "أترَون هذه طارحة ولدها في النار؟" فعجب الصحابة الكرام! كيف تطرحه في النار وهو فلذة كبدها، وعصارة قلبها؟! فقال -صلى الله عليه وسلم-: "واللهِ لَلَّهُ أرحم بعباده من هذه بولدها".
نعم، ربنا أرحم بنا من آبائنا وأمهاتنا، ومن سعة رحمته أنه عرض التوبة على كل أحد مهما فسق وفجر، أو طغى وتجبر، فإن الرحمة معروضة عليه، وباب التوبة مشرع بين يديه.
وانظر إلى ذاك الشيخ الهرم الذي كبرت سنه، وانحنى ظهره، ورق عظمه، أقبل على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو جالس بين أصحابه يوماً، أقبل يجر خطاه، وقد سقط حاجباه على عينيه، جاء يمشي حتى قام بين يدي النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال بصوت تصارعه الآلام: يا رسول الله! أرأيت رجلاً عمل الذنوب كلها، فلم يترك منها شيئاً، وهو في ذلك لم يترك حاجة ولا داجة -أي صغيرة ولا كبيرة- إلا أتاها، لو قسّمت خطيئته بين أهل الأرض لأوبقتهم، فهل لذلك من توبة؟.
فرفع النبي -صلى الله عليه وسلم- بصره إليه فقال له -صلى الله عليه وسلم-: "فهل أسلمت؟" قال: نعم. فقال -صلى الله عليه وسلم-: "تفعل الخيرات، وتترك السيئات، فيجعلهن الله لك خيرات كلهن" فقال الشيخ: وغدراتي وفجراتي؟ فقال: "نعم". فصاح الشيخ: الله أكبر! الله أكبر! الله أكبر! فما زال يكبِّر حتى توارى عنهم. رواه الطبراني والبزار، وقال المنذري: إسناده جيد قوي، وصححه جمع من المحققين.
فتدارك يا عبد الله أيامك، وأقبل إلى ربك العظيم فضله، وأبشر برحمة الله وغفرانه، بل وبتبديل السيئات إلى حسنات، وكان الله غفوراً رحيماً.
أيتها المؤمنة الشريفة: أوصيك بتقوى الله فإنها سبب للسعادة في الدنيا والآخرة، وكم من امرأة تريد السعادة تظنها في الغناء واللهو والذهاب والإياب، وما علمت أن ذلك لا يزيدها إلا هماً وغماً، فإن أردتِ السعادة وطيب العيش في الدنيا فكوني من المصليات التاليات، الذاكرات، المتصدقات، العفيفات.
اللهم تقبل منا أعمالنا، وكفر عنا سيئاتنا؛ اللهم أعز الإسلام والمسلمين...
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي