صفات أهل الإيمان

صالح بن فوزان الفوزان
عناصر الخطبة
  1. عظم نعمة الهداية .
  2. الإيمان اعتقاد وقول وعمل .
  3. من صفات أهل الإيمان . .
اهداف الخطبة
  1. بيان صفات أهل الإيمان للاقتداء بهم .

اقتباس

: إن في وقتنا هذا من يريد إيماناً بالتسمي فقط، فيريد إيماناً بلا أعمال، إيماناً بلا صلاة ولا زكاة ولا صيام ولا حج، بل يريد إيماناً بلا توحيد ولا عقيدة، يريد إيماناً مع عبادة القبور والأضرحة والأولياء والصالحين،مع أنه لابد لتحقق الإيمان من الكفر بالطاغوت.

 

  

الحمد لله ذي الفضل والإحسان، يمن على من يشاء بهدايته للإيمان، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق بين يدي الساعة بشيراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً –صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد:

أيها الناس اتقوا الله تعالى واعملوا أن أعظم نعمة ينالها العبد هدايته للإيمان: فاسألوا الله أن يحبب إليكم الإيمان، ويزينه في قلوبكم، ويكره إليكم الكفر، والفسوق والعصيان. إن الإيمان ليس بالتحلي والتمني، ولكنه ما وقر في القلوب وصدقته الأعمال، إن الإيمان قول باللسان واعتقاد بالقلب وعمل بالجوارح يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية –له أركان ستة. هي: الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره.

 

وللإيمان علامات وهو بضع وسبعون شعبة، أعلاها قول: لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان. والله تعالى ينادي أهل الإيمان في كثير من آيات القرآن فيأمرهم وينهاهم لأن إيمانهم يدعوهم إلى فعل الأوامر واجتناب المناهي –فالذي يقول بلسانه: إنه مؤمن لكنه لا يفعل ما أمره الله به، ولا يجتنب ما نهاه الله عنه، كاذب في دعواه الإيمان، قال الله تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ) [البقرة:8] (يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ) [البقرة:9] (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ)

 

والإيمان يصحح الأعمال ويجعلها مقبولة عند الله، قال الله تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) وعلى العكس لا يقبل مع عدما الإيمان أي عمل مهما كثر، قال تعالى: (وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً) أهل الإيمان هم الذين يتحاكمون عند النزاع والاختلاف إلى كتاب الله وسنة رسوله: (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)

 

أما أهل الكفر والنفاق فإنهم يعرضون عن حكم الله ورسوله ويأبون التحاكم إليهما ويريدون التحام إلى الطواغيت والقوانين الوضعية وفيهم يقول الله تعالى: (وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ) ويقول تعالى فيهم: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً) .

عباد الله: إن في وقتنا هذا من يريد إيماناً بالتسمي فقط، فيريد إيماناً بلا أعمال، إيماناً بلا صلاة ولا زكاة ولا صيام ولا حج، بل يريد إيماناً بلا توحيد ولا عقيدة، يريد إيماناً مع عبادة القبور والأضرحة والأولياء والصالحين، يريد إيماناً مع تحكيم القوانين، والطواغيت في فك المنازعات والمخاصمات، مع أنه لابد لتحقق الإيمان من الكفر بالطاغوت، قال تعالى: (فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انْفِصَامَ لَهَا) ولا بد لصحة العبادة من الكفر بالطاغوت قال تعالى: (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ) وقال تعالى: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً).

عباد الله: وهناك معاص دون ذلك لا تبطل الإيمان لكنها تنقصه وتضعفه، فيجب على المؤمن تجنب سائر المعاصي حفاظاً على إيمانه فلا يغش في المعاملة ولا يفجر في الخصومة ولا يكذب في الحديث ولا يخلف في الوعد ولا يخون في الأمانة ولا يغدر في العهد ولا يغتاب ولا يشتغل في النميمة، يتجنب المكاسب المحرمة فلا يأكل الربا ولا يأخذ الرشوة ولا يأكل مال اليتيم، يترفع عن الدنايا فلا يشتم ولا يسب، فليس المؤمن بالطعان ولا باللعان ولا الفاحش ولا البذيء، يحب لأخيه المؤمن ما يحب لنفسه، يصلح ذات البين عملاً بقوله تعالى:(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ) يتألم لألم إخوانه المؤمنين عملاً بقوله صلى الله عليه وسلم: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى"

 

ومن صفات المؤمنين –الشكر في حال الرخاء والصبر في حال الضراء- قال صلى الله عليه وسلم: "عجباً لأمر المؤمن إنَّ أمره كلّه له خير، وليس ذلك لأحدٍ إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر، فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر، فكان خيراً له" –أيها المؤمنون- وكما أن المعاصي تنقص الإيمان وتضعفه فإن الطاعات تزيد الإيمان وتقويه –قال تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً)

وقال تعالى: (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَاناً مَعَ إِيمَانِهِمْ) فالإيمان يزيد بتلاوة القرآن ويزيد بفعل الطاعات ويزيد بمجالسة الصالحين، ويزيد بذكر الله –قال تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) فعليكم يا عباد الله بما يقوي إيمانكم ويرفع درجاتكم. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ) الآية.

 

 

 


تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي