تعالوا بنا نذهب بعيداً عن متاعب الحياة، وأنكاد الدنيا، وأكدار الأحداث، وتنغيصات الأخبار؛ تعالوا ننتقل من الأحزان إلى? السلوان، ومن الإرهاق إلى? الأشواق، ومن التعاسة والسياسة إلى? الوناسة، ومن ضيق الأمور إلى? انشراح الصدور، ومن جحيم الواقع إلى? الزلال النافع، والدواء الناجع.. تعالوا نعيش في دوحة من الحب، وروضة من الهوى?، وحديقة من الشوق، وواحة من الغرام؛ نعيش الحب حيث لا أجمل منه في إضفاء السرور، وإمتاع القلوب، وإشباع المشاعر، وطرد الهموم ..
أيها الأحبة: تعالوا بنا نذهب بعيداً عن متاعب الحياة، وأنكاد الدنيا، وأكدار الأحداث، وتنغيصات الأخبار؛ تعالوا ننتقل من الأحزان إلى السلوان، ومن الإرهاق إلى الأشواق، ومن التعاسة والسياسة إلى الوناسة، ومن ضيق الأمور إلى انشراح الصدور، ومن جحيم الواقع إلى الزلال النافع، والدواء الناجع.
تعالوا نعيش في دوحة من الحب، وروضة من الهوى، وحديقة من الشوق، وواحة من الغرام؛ نعيش الحب حيث لا أجمل منه في إضفاء السرور، وإمتاع القلوب، وإشباع المشاعر، وطرد الهموم، وتذوق الحياة، ومداواة الجراح!.
أيها المحبون: أجزم أنه ما من أحد منكم إلا وله حبيب قد ملك فؤاده، وأسر قلبه؛ حبيب يطرب لرؤيته، ويأنس لحديثه، ويتشوق للقائه؛ إما زوجةً حسناء، وإما ولداً باراً، وإما والداً عطوفاً، أو والدة حنوناً، أو زوجاً صالحاً، أو غير ذلك.
أريد كل واحد منكم أن يستحضر الآن في قلبه أعز حبيب لديه، وأغلى إنسان إليه؛ تصور لو غاب عنك هذا الحبيب الذي أُتْرِعْتَ به حُبَّاً، ومُلئت له شوقا، تصور لو غاب أسبوعاً أو شهراً أو سنةً، ماذا يكون من أمرك؟ كيف لو غاب عشر سنين، أو عشرين سنة، أو أكثر، كم يكون بك من الشوق؟ كم يمر بك من الضنى؟ كم تتجرع من مرارة الفراق؟ كم ستدمع عينك؟ كم سيتمزق قلبك؟.
بل ربما تعمى العين من البكاء، ويتهالك الجسم من العناء، بل ربما تموت حسرة، وتقضي ندما، تعيش كل يوم وأنت تتمنى أن تظفر بنظرة أو بسمة أو كلمة، تمني النفس باللقاء، وتعلل الفؤاد بالرؤية، وتطمع القلب بالأمل.
ما رأيكم أن هنالك قوما لهم حبيب ينتظرونه عشرات السنين، ويطربون لرؤيته، ويشتاقون للقائه، قد شربوا من كؤوس حبه، وتضلعوا من زلال قربه، ذابت له المهج، وأريقت لأجله الدماء، وبيعت الأنفس، وتطايرت الرؤوس، وذوت الأجسام، وحفيت الأقدام، وشحبت الألوان، وبكت العيون، وحورب النوم، وهجر النعيم، وبذل الغالي والنفيس؛ لكي يظفروا بلقائه، وينعموا بوصاله، ويمتعوا بالنظر إلى وجهه الجميل، فمن هو؟! هو الله.. هو الله.
بِعْتُ ذَاتِي عَلَى حَبِيبٍ قَرِيبٍ *** مِنْ فُؤادِي وَمِنْهُ حُبِّي وَذَاتِي
تَاهَ لُبِّي وَذَابَ قَلْبِي لِرَبِّي *** فَهْوَ حُبِّي وسَلْوَتِي فِي حَيَاتي
ولَهُ كُلُّ ذَرَّةٍ في كِيَانِي *** وَمَمَاتِي ومَنْسَكِي وصَلَاتِي
قديماً كان هنالك محبٌّ صادقٌ عاش في نعيم الحب الإلهي، والقرب الرباني، كان يأنس بين الفينة والأخرى بلقاء حبيبه الذي أضفى عليه من مِنَن الحب، وكساه من حلل القرب، كان يستمتع بالحديث إليه مباشرة، فتنساب الكلمات الإلهية إلى قلبه كالجدول الرقراق، والنسيم العليل؛ إنه موسى -صلى الله عليه وسلم-، كليم الله.
لكن موسى الذي حظي بهذه المنزلة السامقة، والميزة الفائقة،لم يزد بالحديث إلى ربه إلا شوقا إلى رؤيته، لقد أراد أن يجمع إلى متعة السمع متعة النظر، فأتيحت له فرصة من فرص رضا الحبيب، وهتاف الجليل، في إحدى المكالمات الربانية، فتلطف إليه غاية اللطف، وظهر له في قمة الضعف، وتشفَّع إليه بأسمى كلمات الحب والرضا، متوسِّلاً إليه بحبه الجم، وعبوديته الحقة, وإخلاصه المتناهي, وشوقه الغلاب، قال تعالى: (وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ) [الأعراف:143].
فأتاه الجواب يحمل في طياته التلطف ومراعاةَ مشاعر هذا المحب؛ فلم يزجره، ولم ينهره، ولم ينكر عليه، لعلمه بما يحمله قلبه من الصدق والشوق لحبيبه، فقال له: (لَنْ تَرَانِي)، ثم تلطف معه ثانية بأن زاد في إقناعه، وبين له السبب، وأوضح له المانع؛ إنك يا موسى ببشريتك، بضعفك، لا تطيق أن ترى مالك الملك، خالق الكون، عظيم العظماء، فهذا أمامك جبل شامخ، وعلَمٌ راسٍ، وسوف أتجلى له، وسترى ماذا يحدث له على عظمته، ومع أنه جماد لا روح له ولا قلب بين جنبيه كقلبك المحب الضعيف، (قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ) [الأعراف:143].
بمجرد أن تجلى الله -جل وعلا- للجبل انهار الجبل واندكَّ وذهب فتاتا، فلم يتحمل موسى -صلى الله عليه وسلم- هول الموقف وفداحة الخطب؛ ثم يتواصل الحديث الرباني، والتلطف الإلهي، والتذكير لهذا المحب بجمائل حبيبه عليه، وما حباه من فيوضاته: (قَاَل يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ) [الأعراف:144].
أيها المحبون: إن رؤية حبيبنا -جل وعلا- في الحياة الدنيا أمر مستحيل ممنوع لا يقوى عليه البشر، أما قوله تعالى في سورة النجم عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى *عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى) [النجم:13-14]، فالمقصود بذلك جبريل -عليه السلام-.
وعن مسروق قال: كنت متكئا عند عائشة فقالت: يا أبا عائشة ثلاث! من تكلم بواحدة منهن فقد أعظم على الله الفرية. قلت: ما هن؟ قالت: من زعم أن محمداً -صلى الله عليه وسلم- رأى ربه فقد أعظم على الله الفرية. قال: وكنت متكئا فجلست، فقلت: يا أم المؤمنين! أنظريني ولا تعجليني، ألم يقل الله -عز وجل-: (وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ) [التكوير:23]، (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى) [النجم:13]. فقالت: أنا أول هذه الأمة سأل عن ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: "إنما هو جبريل، لم أره على صورته التي خلق عليها غير هاتين المرتين، رأيته منهبطاً من السماء ساداً عظم خلقه ما بين السماء إلى الأرض".
وفي رواية قال مسروق -رضي الله عنه-: قلت لعائشة: فأين قوله: (ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى *فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى *فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى) [النجم:8-10]؟ قالت: إنما ذلك جبريل كان يأتيه في صورة الرجال، وأنه أتاه في هذه المرة في صورته التي هي صورته، فسد أفق السماء" أخرجه البخاري ومسلم. وأخبر -صلى الله عليه وسلم- أنه لم ير ربه في الدنيا وقال: "نور أنى أراه" أخرجه مسلم.
ولكنه -تعالى- جعل رؤيته الجزاء الأكبر، والعطاء الأوفى لمحبيه في جنات النعيم: (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ *إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ) [القيامة:22-23]، ناضرة حسنة، بهية مشرقة مسرورة، ناظرة إلى ربها، مستمتعة برؤيته، مستأنسة بلقائه؛ إنه أعظم جزاء، وأفضل ثواب. هل لدى المحب المدنف والمتيم العاشق أحسن وأفضل من أن يمتع ناظريه في تأمل وجه حبيبه؟ وهل هنالك أشقى وأنكى لدى المحب من احتجاب حبيبه عنه، وصرفه عن لقائه، وحرمانه من رؤيته؟.
لا شيءَ أسْعَدَ للْمُحِبِّ من اللِّقاءْ
هُوَ قِمَّةُ البُشْرَى هُوَ السَّعْدُ الكَبيرُ هو الهناءْ
هو سَلوةُ الروحِ المـُحِبَّةِ والنَّجاة من العناءْ
هُوَ لِلقلوب المثخَناتِ مِن الهَوى أحلى دواءْ
رؤيا المـُـحِبِّ لِمـَنْ يُحِبُّ هِي المـُنَى مـِمَّا يَشاءُ
إن الموتَ لدى بعض المحبين أهون من احتجاب حبيبه عنه، ولذلك كان أقسى عقاب، وأوجع حساب للكافرين أن يحرموا رؤيته -جل وعلا-، كما حرَموا قلوبهم في الدنيا رؤية شريعته، والنظر إلى آلائه، والاستنارة بنورة: (كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ) [المطففين:15].
إن المؤمنين المحبين الذين يدخلهم حبيبهم الجنة مع ما فيها من النعيم، وما بها من الأنس، حيث لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر؛ إن هذا النعيم المقيم كله ينسى ويقل ويضعف في جانب التنعم برؤية وجهه الكريم جل وعلا؛ فليس لأهل الجنة أحسن ثوابا منه، وليس على أهل النار أقسى عقابا من الحرمان منه.
يقول -صلى الله عليه وسلم-: "إذا دخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار، نادى مناد: يا أهل الجنة إن لكم عند الله موعداً، فيقولون: ألم تبيِّضْ وجوهنا؟ ألم تُدْخِلنا الجنة وتنجنا من النار؟ قال: فيتجلى لهم -عز وجل-، فينظرون إليه, فما أعطاهم الله عز وجل في الجنة شيئا أحب إليهم من النظر إلى ربهم -عز وجل-" أخرجه مسلم.
يا الله! يا الله! يا لها من نعمة! يا لها من منة! يا لها من أمنية! إنها اللذة كل اللذة، والمتعة كل المتعة، ولذلك كان المحب الأعظم -صلى الله عليه وسلم- لا يفتأ يدعو بها، ويأمل من حبيبه فيها، فيقول: "اللهم إني أسألك لذة النظر إلى وجهك، والشوق إلى لقائك" أخرجه النسائي وصححه الحاكم وابن حبان.
رؤية الله -عز وجل- مسألة عقدية هامة، زلت فيها أقدام، وتاهت أوهام، وكثرت آراء، وتعددت مذاهب، ولكن أهل السنة والجماعة -كما هم دائما- أهل المنهج الحق، والطريق الصدق، لا تذهب بهم الأهواء، ولا تغريهم الآراء، ولا تلعب بهم الشبهات، فهم أهل كتاب وسنة، يقبسون من نورهما، ويمضون على أثرهما.
فهنالك فرقاً ضالة أنكرت رؤية الله -عز وجل- في الدار الآخرة، وقالت بأن ذلك مستحيل عليه تعالى، وكأنهم أعلم بالله من نفسه، ومن رسله به! ومَن أنكر ذلك فقد كفر، فالأدلة أوضح من الشمس، وأبهى من القمر، وأضوأ من النجم، وليس هذا مجال مناقشة هذه الآراء والتفصيل فيها، فهو مبين في كتب العقائد والتفاسير، ولكنني أورد الأدلة الصريحة، والأقوال الصحيحة في إثبات رؤية المؤمنين لربهم جل وعلا، وذلك بإيجاز شديد:
الدليل الأول: قال تعالى: (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ *إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ) [القيامة:22-23]، يومئذ: أي يوم الجزاء والحساب. قال ابن كثير -رحمه الله-: أي تراه عيانا، وقال: وهذا مُجمَع عليه بين الصحابة والتابعين وسلف هذه الأمة، كما هو متفق عليه بين أئمة الإسلام، وهداة الأنام.
وقال الشوكاني -رحمه الله-: (إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ) هذا من النظر إليه، هكذا قال أهل العلم: والمراد به ما تواترت به الأحاديث الصحيحة من أن العباد ينظرون إلى ربهم كما ينظرون إلى القمر ليلة البدر.
الدليل الثاني: قال تعالى: (لِلَّذينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ) [يونس:26]، تلا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هذه الآية، وبيَّن أن الزيادة هي النظر إلى وجه الرحمن تبارك وتعالى، وقد أجمع المفسرون من أهل السنة والعلماء على أن الزيادة هي النظر إلى وجهه -جل وعلا-.
الدليل الثالث: قوله تعالى: (لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ) [ق:35]، قال علي بن أبي طالب وأنس ابن مالك، وابن جرير، وغيرهم: المزيد هو النظر إلى وجه الله -عز وجل-.
الدليل الرابع: الآيات الكثيرة التي تبين لقاء الله -عز وجل- للمؤمنين، مثل قوله تعالى: (تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ) [الأحزاب:44]، قال العلماء: إن لقاء الله تعالى يقتضي مشاهدته ومعاينته.
الدليل الخامس: قوله تعالى: (كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ) [المطففين:15]، دل على أن ثواب المؤمنين هو ما حرم منه الكفار، يقول الشافعي: لما حجب الله قوما بالسخط دل على أن قوما يرونه بالرضا، ثم قال: أما والله لو لم يوقن محمد الشافعي أنه يرى ربه في المعاد، لما عبده في الدنيا. ويقول ابن المبارك: ما حجب الله عنه أحدا إلا عذبه.
الدليل السادس: الأحاديث الكثيرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- التي ذكرنا بعضها، من ذلك أيضا قوله -صلى الله عليه وسلم- حينما سأله الصحابة، يا رسول الله، هل نرى ربنا؟ فقال -صلى الله عليه وسلم-: "هل تضارون في رؤية الشمس في الظهيرة في غير سحاب" قالوا: لا، قال: "فإنكم لا تضارون في رؤيته عز وجل يوم القيامة إلا كما تضارون في رؤيتهما" أخرجه البخاري ومسلم. وفي الحديث الآخر قال -صلى الله عليه وسلم-: «ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان ولا حجاب يحجبه" أخرجه البخاري ومسلم.
من مؤهلات الرؤية: لا شك أن الاستقامة على شرع الله، وامتثال أوامره، واجتناب نواهيه، وتقديم محبته ورضاه على كل شيء، هي مؤهلات عظمى للظفر برؤيته، والتلذذ بمناجاته.
إن الإحسان مع الله تعالى سبب للفوز بالحسنى وزيادة، الإحسان الذي يتمثله المؤمن في عبادته لربه تعالى وكأنه يراه، فإن لم يكن يراه فإن الله يراه، هذه العقيدة في قلب المؤمن مؤهل عظيم لرؤية ربه -جل وعلا-، وإن المؤمن يرى ربه في الحياة الدنيا بقلبه، ويراه في الآخرة بعينه.
وقد ذكر -صلى الله عليه وسلم- مؤهليْن عظيمين، وسببين كريمين، مَن تمسَّكَ بهما فقد أهَّلَ نفسه لتلك المرتبة الأسمى، والمنزلة الأعلى، فقال: "إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وصلاة قبل غروب الشمس فافعلوا"، ثم قرأ قوله تعالى: (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ) [ق:39]. أخرجه البخاري ومسلم.
فالمحافظة على صلاة الفجر وصلاة العصر سبب جميل يرضى به الحبيب عن محبيه، فيتجلى للقائهم، ويتكرم بمناجاتهم؛ إن صلاة الفجر وصلاة العصر هما الوقتان اللذان يجتمع فيهما الملائكة لرفع أعمال العباد، فلا يجدر بالمؤمن أن يفوته هذا الفضل العظيم، فهما أفضل الصلوات، فناسَبَ أن يكون جزاء الحفاظ عليهما أفضل الجزاء.
وقلْبِي وحُبِّي واشْتِياقِي ورَغْبَتِي *** وَأُنْسِي وسُلْوَانِي بِرَبِّ البريَّةٍ
وَإِنَّ حُداءَ الشَّوْقِ يحْدو بِمُهْجَتِي *** وَتَسْمُو على أنْغامِهِ مَعْنَوِيَّتي
وَليسَ مِن الأَعْمالِ مَا يبْلغُ المـُنَى *** ولكنَّ خوفي واشتياق مطيَّتي
أُمَنِّي فُؤادِي أنَّ رؤْيا حَبيبَهُ *** قريبَاً قَريباً في جِنانٍ رضِيَّةِ
اللهم إنا نسألك خشيتك في الغيب والشـهادة، ونسألك كلمـة الحق في الغضب والرضا، ونسألك القصد في الفقر والغنى، ونسألك نعيما لا ينفد، وقرة عين لا تنقطع، ولذة العيش بعد الموت، ولذة النظر إلى وجهك، والشوق إلى لقائك، ونعوذ بك من ضراءَ مُضِرَّة، وفتنةٍ مُضِلَّة.
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي