إن الملاحظ -أيها الإخوة- أن إفراغ الوُسْعِ لدى أولئك الدعاة هو في الفلسفة والكلام المنمَّق، وكثرة الحديث عن الإبداع والأفكار والتميُّز، ولا ترى أحدهم -حين حديثه عن ذلك- يستشهد بالنصوص الشرعية التي تنادي بالإبداع والتميز وإحسان العمل، أو حتى على الأقل يوفَّق للصلة بين الناس وبين دينهم ..
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له؛ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وسلم.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران:102].
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء:1].
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب:70-71].
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
نحن اليوم مع أخر وقفة مع موضوع التدين الجديد الذي ذكرنا في السابق بأنه لا يفرق بين الأقسام الثلاثة: الظالم لنفسه، والمقتصد، والسابق بالخيرات؛ بالرغم من الآية فرقت بينهم بحسب طاعتهم ومعصيتهم.
فالمذيعة الكاشفة لوجهها بشيء من الماكياج الخفيف تطلع على الناس من خلال الشاشة في محطة دينية لتقدم برنامج إسلاميا تربويا، وتلتقي بضيوفها من الرجال والنساء، وتتلقى المكالمات، وقد تضحك وقد تمازح ولا حرج، وبالرغم من هذا كله فهي تُعد عندهم امرأة داعية من ضمن الدعاة، هذا هو التدين الجديد.
وهناك مثال من أمثلة من تأثر بهذا المنهج، ففي موقع يُعد إسلاميا في زاوية "حلول الشباب" أرسلت فتاة في العشرين من عمرها إلى تلك الزاوية مشكلتها، تقول: تعرفت على شاب في الجامعة على مستوى عالٍ من التربية والأدب، وقامت بيننا علاقة حب لكن في إطار الاحترام والمحافظة على تقاليد ديننا.
ولكن بعد ارتباطنا بعام ونصف تطورت العلاقة بيننا، بدأت بلمسة ثم قُبَل، وهذا حصل ثلاث مرات، والآن أنا وهو ندمنا على ما حصل وقررنا أن نتوب إلى الله، والحمد لله أننا الآن محترمان، لكن المشكلة أنا أخاف عقاب الله وأريد أن أرضي ربي بأي طريقة.
وقلت لحبيبي إنني أريد الانفصال عنه لكي نُرضي ربنا، ثم كتبت ملحوظة: أخلاقي أنا وحبيبي محترمة جدا، وكان من المستحيل أن نفكر في أن نفعل مثل هذا الخطأ، ولكن كان غصباً عنا والله العظيم.
وتلاحظون أن الأدب والمحافظة وتقاليد الدين في مفهومها لا تتنافي تماماً مع اللقاءات مع حبيبها،كما أن الاحترام لا يمعنها من إطلاق كلمة حبيبي عليه، وهي كذلك ترى أن علاقتهما المتضمنة لحديث العشاق والأحبة بينه وبينها ليست محرمة، وإنما اللمس والتقبيل فقط.
هكذا هي عواقب التربية على التدين الجديد! إن دعاته يبسطون كل عمل، ويقولون في نهاية المطاف حتى يجمعوا الناس على الدين ويهدونهم إليه، يقولون لا تخافوا من الإسلام. ترى الإسلام يسمح بكذا وكذا، والإسلام لا ينهى عن كذا وكذا.
هذا الاعتذار دليل ضعف وهزيمة من جهة، ودليل إغفال لمصدر الهداية؛ لأنه لا أنا ولا أنت نهدي بل هو الله وحده، (لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ) [البقرة:272]. وإنه إنما علينا الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، ونحن بعد ذلك غير مكلفين بهداية قلوب الناس، بل مكلفون بإرشادهم إلى الحق فقط، وحتى لو كان الحق صعبا على نفوس بعض الناس فإننا لا نُخفي الحق ولا نلف ولا ندور حوله، ولا نستحي من إطلاع الناس عليه أيا كانوا.
إن الملاحظ -أيها الإخوة- أن إفراغ الوُسْعِ لدى أولئك الدعاة هو في الفلسفة والكلام المنمق، وكثرة الحديث عن الإبداع والأفكار والتميز، ولا ترى أحدهم حين حديثه عن ذلك يستشهد بالنصوص الشرعية التي تنادي بالإبداع والتميز وإحسان العمل، أو حتى على الأقل يوفَّق للصلة بين الناس وبين دينهم.
بل تراه يحاول طمأنة الناس على أن الدين لا يقيد تلك الأفكار المطلقة وذلك الابداع إلا من باب عدم مخالفة الإبداع والأفكار للحكم الشرعي القطعي فقط! يتكلم على هذا المنوال أوقات طويلة، ولا يذكر الله إلا قليلاً مع الأسف! وكأنما يقول: يكفي الناس ما يسمعونه من الكلام الشرعي في برامج أخرى!.
يعني داعية متخصص في العلم الشرعي أكثر كلامه لا في قال الله وقال رسوله وقال الصحابة وقال أئمة العلم، بل في التجارب الإنسانية، وفي الشعر، وفي قال فلان من المفكرين، وقال فلان من الحكماء! أنت داعية -يا أخي- علمك شرعي، فليكن كلامك مصبوبا بهذا الشرف، وإذا لم يربِّ الدعاة الشرعيون الناس على احترام النص الشرعي والاعتياد على سماعه والاعتياد على مرجعيته ورفعه فوق كل نص، فمن يربيهم إذن؟.
وحتى إذا جاء سؤال في قضايا حساسة كحفلات أعياد الميلاد، والزواج العرفي، والسفر إلى بلاد المشركين، وسفر المرأة بلا محرم، وما شابه ذلك، ترى الواحد منهم يترفق في الإجابة بشكل غريب، ويبدأ ينتقي من العبارات كأنما يبحث عن مخرج أو طريقة يخفف بها على السائل، هذا إذا لم يبح للسائل ما كان خائفاً من فعله، وتراه يُغفِل أقوال أهل العلم الراسخين في هذه القضية، ولا يذكر أقوالهم، حتى لا يفسد ما ذهب إليه من الإباحة.
والسؤال: ألهذا السبب يتجمهر الناس حوله ويحبونه ويتابعون أقواله؟! أم لأنه يقول الحق ويحرص على صحة الدليل الشرعي؟ أم لأنه يلامس أهواءهم ورغباتهم ويطرد عنهم هاجس الحرج الشرعي فيما يرغبون فيه؟!
ولا شك يا إخوة أن رجاء رحمة الله وغفران الذنوب لا إنكار عليه، فكلنا نرجو رحمة الله، لكن الإلحاح على الرجاء كأنه المسار الوحيد والخيار النهائي دون الالتفاف إلى الخوف والرهبة منه -جل وعلا- أوجد خللاً لدى المستأنسين بهذا الخطاب، والمتجمهرين حوله؛ لأن تأكدهم من مغفرة الله لهم أدى بهم إلى مزيد من الجرأة على الحرام!.
فتركيز الدعاة الذين يتابعوهم ويسمعون لهم على أعمال القلوب، وبالذات الرجاء، مع إغفال أعمال الجوارح إلا في أقل القليل، أدى إلى ذلك؛ مع أن الله تعالى قرن الرجاء بالعمل الصالح فقال: (إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [البقرة:218]، وقال سبحانه: (أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ[أي من الملائكة أو مؤمني الجن] يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ[وسائل الطاعة] وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا) [الإسراء:57].
معاشر المسلمين: إن من العجب أن لا يكون منهج أولئك الدعاة في تعزيز السعادة الدنيوية لدى الناس وإرشادهم إلى مفاتيحها هو منهج القرآن، هو حثهم على حياة الإيمان والعمل الصالح وذكر الله تعالى قبل حثهم على الإكثار من المباحات، هذا هو منهج القرآن في بيانه للناس طريقة الحصول على السعادة.
قال تعالى (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً) [النحل:97]، وقال تعالى (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ) [الأعراف:96]، وقال سبحانه (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) [الطلاق:2-3]، وقال سبحانه (الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) [الرعد:28].
ولا يذكرون الناس بأن الحياة بلا ذكر لله مآلها الضيق والضنك كما في قوله تعالى: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا) [طه:124] لا ليس هذا منهجهم، وإنما منهج أولئك الدعاة في تعزيز السعادة الدنيوية لدى الناس في حث الناس على الانطلاق في فنون الحياة وإبدعاتها، والتزود من متعها وشهواتها، وتكرار طمأنتهم بخلو الحياة من القيد الديني إلا في الكبائر المعروفة، وكأنما الدين هو قيد ومصدر تعاسة وكدر.
كأنما يقولون للناس: أنسوا الماضي وتصالحوا مع الدين، وافتحوا صفحة جديدة كلها أمل وسعادة. واللهِ -يا إخوة- إن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ولا يخاف لومة لائم، وكان يذكر الناس بالله في كل حين، ويقول -كما في صحيح الترغيب والترهيب-: "من سعادة ابن ادم استخارته الله".
وكما صح في السنن يقول للأعرابي الذي سأله فقال: "إن شرائع الإسلام قد كثرت عليّ فأنبئني منها بشيء أتشبت به. قال: "لا يزال لسانك رطباً من ذكر الله عز وجل". (أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) [الرعد:28].
وكان يخوفهم، يخوفهم فيقول -كما في صحيح البخاري-: "والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا, ولبكيتم كثيرا, وما تلذذتم بالنساء على الفرش, ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله؛ والله! لوددت أنى كنت شجره تعضد!"؛ ويرغبهم في الوجه الآخر، ويقول -كما في صحيح البخاري أيضا-: "أتاني جبريل وبشرني أنه مَن مات لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة".
هذا هو منهجه -صلى الله عليه وسلم-، يرغِّب ويرهِّب، وهو أرحم الناس بأمته، قال تعالى: (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) [التوبة:128]، وقال سبحانه: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) [الأنبياء:107]
يقول الإمام الشنقيطي -رحمه الله- في تفسيره للآية: ذكر -جلا وعلا- في هذه الآية الكريمة أنه ما أرسل هذا النبي الكريم -صلوات الله وسلامه عليه- للخلائق إلا رحمة لهم؛ لأنه جاءهم بما يسعدهم وينالون به كل خير من خير الدنيا والآخرة إن اتبعوه، ومن خالف ولم يتبع فهو الذي ضيع على نفسه نصيبه من تلك الرحمة العظمى.
فسبحان الله! كيف هدى الله بهذا المنهج ملايين البشر؟ وأستغفر الله فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبي الله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى من سار على نهجه واستن بسنته إلى يوم الدين.
أما بعد: فإن هناك فرقاً شاسعاً بين أن يُنظر إلى التدين باعتباره قيمة اجتماعية وأن ينظر إليه باعتباره تصديقاً بوحي ورسالة، فالأول إذا تأسس في أذهان الناس سرعان ما يبدأ التحريف في الدين، أما الثاني: فالقدسية الشرعية تمنع ذلك التلاعب.
وقد يتضح في أطروحات دعاة المنهج العصري ظاهرة التمرد على الرأي الفقهي القديم والموقف الشرعي القديم، ولو كان مبنيا على أقوى الأدلة، ويكثرون حديثهم حول حقوق الإنسان والتسامح، حتى مع الغزاة المحاربين، والتعايش الحسي معهم، والحوار مع الآخر، وإجابة مفهوم البراءة من المشركين، والحديث عن الحريات الخاصة، وحقوق المرأة، وكأنما يشم المستمع والمشاهد اللبيب رائحة التغريب تفوح من هذا الطرح.
وقد جاء في تقرير مؤسسة راند للأبحاث الأمريكية قبل ما يقارب الخمس سنوات، جاء باب في ذلك التقرير بعنوان: "ما بعد الحادي عشر من سبتمبر" نادى فيه بمساعدة المسلمين المعتدلين الليبراليين، وإسقاط الأصوليين.
ثم في تقرير المؤسسة راند قبل ثلاث سنوات بعد أن فشلت في إسقاط أولئك الأصوليين أصدرت مذكرة بعنوان "بناء شبكات مسلمة معتدلة" تحدثت فيها عن ضرورة خوض حرب أفكار جديدة، وحول كيفية دعم الصوفية، وبناء شبكات مسلمة معتدلة -طبعا حسب وصفهم ومقياسهم- تتناغم مع الحداثة الغربية، وتكتسح الفكر الإسلامي الأصولي.
والموضوع يطول، لكن نقول خلاصته؛ لأن الواجب على المسلم أن يتذكر وصية النبي -صلى الله عليه وسلم- باتباع منهج السلف الصالح، فهو القائل: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي"، وأن يدرك أنه سيأتي الله يوم القيامة فردا، وأن خلاصه ليس في رقبة فلان من الدعاة ولا علان، بل خلاصه منوط برحمة الله بعد صدقه بطلب الحق، صدقه هو، يقول الله تعالى (كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ) [المدثر:38].
في الصحيح من حديث عدي بن حاتم قال، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه، ليس بينه وبينه تَرْجمان فينظر أيمن منه، فلا يرى إلا ما قدم [من عمله] وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تِلقَاءَ وجهه، فاتقوا النار ولو بِشِقِّ تمرة، فمن لم يجد فبكلمة طيبة".
وفي سنن أبي داوود عن يزيد بن عميرة، وكان من أصحاب معاذ بن جبل -رضي الله عنه- قال: كان معاذ لا يجلس مجلساً للذكر حين يجلس إلا قال: اللَّهُ حَكَمٌ قِسْطٌ هَلَكَ الْمُرْتَابُونَ.
ثم قال يوما -أي معاذ بن جبل- إن من ورائكم فتنا يكثر فيها المال، ويفتح فيها القرآن [بياناً عن كثرة قراءة القرآن] حتى يأخذه المؤمن والمنافق، والرجل والمرأة، والصغير والكبير، والعبد والحر، فيوشك قائل أن يقول: ما للناس لا يتبعوني وقد قرأت القرآن؟ ما هم بمتبعيَّ حتى أبتدع لهم غيره. فإياكم وما ابتدع! فإن ما ابتدع ضلالة، وأحذركم زيغة الحكيم، فإن الشيطان قد يقول كلمة الضلالة على لسان الحكيم، وقد يقول المنافق كلمة الحق.
قال: قلتُ لمعاذ: ما يُدريني -رحمك الله- أن الحكيم قد يقول كلمة الضلالة، وأن المنافق قد يقول كلمة الحق؟ قال: بلى، اجتنب من كلام الحكيم المشتَهِرات التي يقال لها ما هذه؟ ولا يثنينك ذلك عنه؛ فإنه لعله أن يراجع[أي يترك المشتهرات]، وَتَلَقَّ الحقَّ إذا سمعتَه، فإن على الحق نوراً.
اللهم أصلح حالة أمة محمد -صلى الله عليه وسلم-.
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي