نحن وأولادنا (2)

عبد العزيز بن عبد الله السويدان
عناصر الخطبة
  1. التفريق في التعامل مع الأولاد بين الوعظ والنهي عن المنكر .
  2. الهدي النبوي في بناء العلاقة مع الصغار على الحب والاحترام .
  3. الوسائل المعينة على تهيئة جو من الحب والاحترام .
  4. كيف نتعامل مع التحديات الخطرة التي تواجه المربين؟. .

اقتباس

إن فن الإقناع لا يقتصر على عذوبة الأسلوب وغزارة العلم فحسب، بل أيضا على اعتبار المخاطَب وراحته النفسية؛ ولذا فإن من تهيئة الجو إصلاح العلاقة، نعم، فالعلاقة إذا كانت ضعيفة أو سيئة فلا يرجى أن تلقى استجابة، وحبذا لو كان أساس العلاقة عريقا من زمن مبكر، فالمحبة الصادقة التي يلمسها الطفل في أبيه في صغره لن ينساها إذا كبر ..

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له؛ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وسلم.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران:102].

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء:1].

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب:70-71].

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

إكمالا للموضوع الماضي عن التعامل مع الأولاد يجب أن نفرق بين الوعظ وبين النهي عن المنكر، فالوعظ يكون حسنا ومتنوعا وبالحكمة ولا يُكثر منه، فإن القلب يمل ويتبلد بكثرة الوعظ.

ولذلك كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يتخول صحابته الكرام بالموعظة مخافة السآمة، يراعي أوقات النشاط واللحظات المناسبة في تذكيرهم ولا يفعل ذلك كل يوم.

أما النهي عن المنكر فهذا موضوع مختلف، فاقتراف الولد لأي منكر يجب ألا يسكت عنه، بل لو فعل المنكر ينهى عنه في حينه وفي كل وقت.

أيها الإخوة: إن من الوسائل التي تعين على وصول النصيحة لقلب الشاب ما يهيئه المربي من جو نفسي دافئ وهادئ قبل أن يبدأ في النصح، حتى تقبل نصيحته؛ ولذلك لما جاء ذلك الشاب إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقال: ائذن لي بالزنا. أقبل القوم عليه بحماسة الغيرة على الدين، فزجروه وقالوا مَهْ مَهْ.

وإذا بالنبي -صلى الله عليه وسلم- يبدأ في معالجة الموقف بحكمته المعهودة، وأسلوبه العذب، وكأنما يقول لأصحابه وأمته تمهلوا لا تنفعلوا أثناء النصح، فالأمر ليس منكراً قائماً يجري أمامكم، ولكنه مجرد طلب!.

فقال -صلى الله عليه وسلم- للشاب: "ادنهْ" فدنا منه قريبا فجلس، قال: "أتُحبه لأمك؟" قال: لا والله! جعلني الله فداءك. قال: "ولا الناس يحبونه لأمهاتهم". قال: "أفتحبه لابنتك؟" قال: لا والله يا رسول الله! جعلني الله فداءك. قال: "ولا الناس يحبونه لبناتهم"...

وهكذا أخذ النبي -صلى الله عليه وسلم- يوضح للشاب شناعة الفاحشة ويصورها في أقرب وأحب الناس إليه: أفتحبه لأختك؟ أفتحبه لعمتك؟ أفتحبه لخالتك؟ ثم وضع النبي -صلى الله عليه وسلم- يده عليه وقال: "اللهم اغفر ذنبه، وطهر قلبه، وحصن فرجه"، فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء.
 

أيها الناس: أيها الإخوة: أيها المربون: إن فن الإقناع لا يقتصر على عذوبة الأسلوب وغزارة العلم فحسب، بل أيضا على اعتبار المخاطَب وراحته النفسية؛ ولذا فإن من تهيئة الجو إصلاح العلاقة، نعم، فالعلاقة إذا كانت ضعيفة أو سيئة فلا يرجى أن تلقى استجابة، وحبذا لو كان أساس العلاقة عريقا من زمن مبكر، فالمحبة الصادقة التي يلمسها الطفل في أبيه في صغره لن ينساها إذا كبر.

ولذلك نرى المربي الأعظم -صلى الله عليه وسلم- يغمر الأطفال بمحبته وشفقته، بينما النبي -صلى الله عليه وسلم- يخطب إذ أقبل الحسن والحسين وعليهما قميصان أحمران يقومان ويعثران، فنزل إليهما النبي -صلى الله عليه وسلم- وأخذهما وقال: "إنما أموالكم وأولادكم فتنة".

ويطيل السجود -صلى الله عليه وسلم- لما ركب الحسن وهو طفل صغير –إن صح الحديث- حتى يُشبع الطفل لهوه ولعبه.

ويقدر -عليه الصلاة والسلام- لأنس صغر سنه وشغف الصغير باللعب، يقول أنس: كان رسول الله عليه وسلم من أحسن الناس خلقا، فأرسلني يوما لحاجته فقلت في نفسي: والله لا أذهب. أي في نفس الوقت الذي أمرني فيه نبي الله.

فخرجت حتى أمر على صبيان وهم يلعبون بالسوق فإذا رسول الله قد قبض بقفاي من ورائي، ونظرت إليه وهو يضحك ويقول: "يا بُنَيّ، أذهبت حيث أمرتك؟"[ويعرف أنه لم يذهب]، قال: قلت: نعم، أنا أذهب يا رسول الله.

فعلى هذا الهدي النبوي ينبغي المسلم أن يبني علاقته بصغاره على الحب والرحمة لا على العنف والقسوة، وإذا كبر الطفل فأصبح شابا فحاجته للحب لا تقل عن حاجته له في صغره إن لم تصبح حاجته أكبر.

ولذلك ينبغي أن نهيئ الجو لإظهار تلك المحبة لا إخفائها، وينبغي أن تكون المحبة بلا دلال يرهل الأخلاق، وأن تكون المحبة كذلك خالصة خالية من المنة، مع أن المنة بعد الله للوالدين بلا نزاع، هذا ما دل عليه القرآن في العديد من الآيات عند ذكر فضل الوالدين، فلهما كل العرفان والشكر والتقدير من الأولاد.

وفي الحديث الصحيح: "لا يشكر اللهَ مَن لا يشكر الناس"، وأيُّ شخص أحق بالشكر من الوالدين؟.

لكننا نتكلم عن الجانب التربوي للأولاد بشكل عام، فمن الأولاد -أبناء وبنات- مَن يقدر هذه المكانة والمنة للوالدين، ومنهم -مع الأسف!- مَن لا يقدرها، ومن ثَم كانت المحبة الخالية من المنة أوقع في التأثير.

لقد اتخذ فرعون موسى -عليه السلام- ولدا، ورباه وأنعم عليه بوافر النعم، وغمره بالكثير من المزايا؛ لكن فرعون لم يكن خالصاً في عطائه، بل احتفظ بتلك المزايا ولم ينسها، وفي أول فرصة أظهر المنة بها على موسى: (أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ) [الشعراء:18]؟.

فتعداد المنح والعطايا بين الحين والآخر أمام الابن أو الابنة على سبيل المنة لا يقرب بل يباعد، أنا الذي فعلتُ لك كذا، أنا الذي أعطيتك كذا وكذا، أنا الذي زوجتك، أنا الذي ربيتك.

فالحب الخالص هو الحب الذي يساوي ثمن والحب غير مشروط، صح عند أحمد في مسنده قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "بينما امرأتان معهما ابنان لهما[أي رضيعان] جاء الذئب فأخذ أحد الابنتين أو أحد الابنين، فتحاكما إلى داوود، فقضى به للكبرى.

فخرجت، فدعاهما سليمان وقال: هاتوا السكين أشقُّه بينكما. فقالت الصغرى: يرحمك الله! هو ابنها لا تشقّه. فقضى به للصغرى.

لقد علم سليمان أن التي تضحي بعيش ابنها بعيدا عنها في سبيل مصلحة بقائه على قيد الحياة مباشرة هكذا هي أمه الحقيقة، هذا هو المقصود بالحب الخالص.

ومن وسائل تهيئة الجو أن نقدر للولد سنه وانفعالاته في مرحلة الشباب، ونبدي له الرحمة، ونعامله باللين والسماحة فيما ليس حراماً.

في صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها تقول: رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- يسترني بردائه وأنا أنظر إلى الحبشة يلعبون في المسجد حتى أكون التي أسأم، فاقدروا قدر الجارية الحديثة السن، الحريصة على اللهو. هكذا يقدر النبي -صلى الله عليه وسلم- للشاب احتياجاته.

هذه -أيها الإخوة- آداب نبوية، لا فلسفة اجتماعية، ولا مجرد منهج تربوي، لا، هي خلق رباني يتقرب به العبد إلى ربه، المهم أن نسعى لأن نكسب محبة الأولاد، لا أن نكسب خوفهم منا، وكرههم لنا.

فالمـُكْرَهُ قد ينضبط أمامك خوفا منك، لكنه إذا خلا بنفسه فعل المحذور؛ ولذلك ربط الله تعالى بين الاستجابة وبين الرحمة واللين بقوله: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) [آل عمران:159].

أيها الإخوة: لعلي أن أذكِّر بشيءٍ وإن كان معلوما، وهو أن الأولاد ليسو على قلب واحد، ولا على خلق واحد، فالأخلاق بقسميها الفطري والمكتسب تتفاوت بين إنسان وآخر، فبعض الشباب في التعامل أهون من بعض، وبعضهم أعقل من بعض.

فالناس كما قال -صلى الله عليه وسلم- معادن كمعادن الذهب والفضة،
الناسُ أخلاقُهُم شَتَّى، وإِنْ جُبِلُوا *** عَلَى تَشَابُهِ أرواحٍ وأجسادِ

إن من المتوقع أن يستبعد البعض شيئاً مما تقدم من وسائل، فيقول: تقدير سن، إظهار محبة. أنت ما تعرف اللي عندي يا شيخ! يقصد سوء أخلاق بعض أولاده وشدة عنادهم.

وهنا أذكِّر نفسي وإياكم بأمرين مهمين جداً: الأول أن الواجب على المؤمن أن يتفاءل؛ لأن التفاؤل مرتبط بحسن الظن بقضاء الله وبحكمه، فمهما تأخر الفجر لا يأس مع الإيمان.

وقد تحدثنا من قبل عن استمرار تفاؤل زكريا -عليه السلام- برحمة ربه حتى وهن عظمه واشتغل رأسه شيباً، وهو ثابت على تفاؤله، وعن محاولات نوح مع ابنه سنواتٍ طوالاً، مئات السنين، إلى آخر رمق: (يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ) [هود:42].

فينبغي على المربي أن يكون شديد التفاؤل، وأن لا يستعجل النتائج، وأن يستمر في المحاولات، وأن يدعو ربه، ويصبر.

الثاني: إن الوسائل التي تقدم ذكرها وسائل عامة، فليس بالضرورة أن تصلح كل وسيلة لكل حالة دون غيرها من الوسائل، ولذلك حبذا لو اعتاد المربى على سؤال المتخصصين في المجال النفسي والاجتماعي عما يعاني منه بالتحديد، وحبذا لو حرص على حضور بعض الدورات التدريبية في هذا المجال، فإنها -بإذن الله- نافعة، وتفتح للمربي آفاقًا لم تكن في حسبانه.

أيها الإخوة: إن من تهيئة الجو النفسي للتلقي احترامُ الولد، لا أقصد بالاحترام الخضوع وطأطأة الرأس، لا، وإنما أقصد أن يكون لرأي الولد ثقل فيما يصير أن يبدي فيه الرأي، وأن يكون لحضوره قيمة في المجلس.

في صحيح البخاري: أُتي النبي -صلى الله عليه وسلم- بشراب، فشرب منه وعن يمينه غلام وعن يساره أشياخ، فقال للغلام: "أتأذن لي أن أعطي هؤلاء؟" لأن السنة أن يدور الشراب عن يمين الشارب لا عن يساره.

فقال له الغلام: "والله يا رسول الله! لا أوثر بنصيبي منك أحدا"، قال: فتَلَّهُ رسول الله ‏ ‏-صلى الله عليه وسلم- ‏ ‏في يد الغلام. هكذا يعطي النبي للصبي قيمته من الاستئذان منه أولا، وإعطائه حقه ثانيا.

والغربيون في الجملة متفوقون في هذا الجانب، يحكي لي أحد الإخوة الأفاضل عن صديق له كان في أحد محلات الملابس في سوق الدمام يريد أن يشتري لطفله الصغير (6سنوات) معطفاً، ولسبب ما لم يحضر معه طفله، فكان حائراً في المقاس.

فإذا به يرى في نفس المحل رجلاً غربياً مع ابنه الصغير، وكان طول ابن الغربي هذا الصغير قريبا من طول ابنه، فتقدم إلى الرجل يستأذنه في أن يقيس المعطف على ابنه ليتأكد من المقاس، فابتسم الرجل في وجهه وقال: أنا شخصيا لا أمانع، عليك أن تستأذنه هو.

يقصد أن الصبي هو الذي تطلب منه أن يلبس لك المعطف وليس أنا، فاستأذنه هو. يقول: تعجبتُ كيف يحترمون أطفالهم؟.

ومن مظاهر الاحترام منْحُهم الثقة، كيف؟ بتكليفه بمهام عادة ما يقوم بها الأب، والسيرة مليئة بتكليف النبي -صلى الله عليه وسلم- الصحابة الشباب بالعديد من المهام حتى يحسوا بالمسئولية ويشعروا بقيمتهم في المجتمع، ولقد أمَّر النبي -صلى الله عليه وسلم- أسامة بن زيد على الجيش وهو ابن ستة عشر عاماً.

أيها الإخوة: هناك المزيد، ولكن الوقت محدود، والقصد أن كل هذه التدابير وأساليب التعامل مما يجمع بين قلب المربي وولده، ومما يهيئ لقبول النصح والاستجابة.

أسأل الله أن يصلحنا وأولادنا إنه هو المسؤول، وأستغفر الله فاستغفروه، إنه غفور رحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى من سار على نهجه واهتدى بهداه إلى يوم الدين.

أما بعد: فإن التحديات التي يواجهها المربون في بناء العلاقة بينه وبين أولادهم كثيرة، ومنها مشاركة أطراف أخرى في تربية أولادهم.

نحن يشاركنا في تربية أولادنا أطراف أخرى، هناك الشارع والمدرسة، والأصدقاء والأقارب، والفضائيات والانترنت، والسوق؛ كل هؤلاء يربون، فما الحل إذن؟.

يقول الأستاذ الدكتور محمد قطب -حفظه الله-: ثم في النهاية سيخرج الطفل إلى المجتمع الواسع الذي يعجُّ بالفساد كالمستنقع الآثم، ولا حيلة لك ولا خيار[لابد].

إن حجزْتَه عن التعامل مع المجتمع أشَعْتَ الكساح في كيانه النفسي، وإن أطلقته يجيء إليك كل يوم متَّسخاً بالأقذار، ولا خيار، ولا حلول فكرية.

الغسيل اليومي الشاق المرهق الذي قد يفلح مع ذلك تماما وقد لا يفلح، ولكنه على كل حال سيخفف من الأدران ويمحو شيئاً من آثارها، وسينشأ الطفل ذاته محيَّرَاً بين قِيَمِكَ ومفاهيمك الإسلامية التي تنشئه عليها، وبين ما يكتسبه من المجتمع من مفاهيم مخالفة، ويظل بين الشد والجذب حتى يستقيم عوده، ويأخذ المناعة، ويستقيم على أمر الله.

الدكتور هنا يتحدث عن الأطفال، فهل ينفع هذا الحل مع الشاب والفتاة؟ والجواب أنه ينفع، ولكن إلى حد بسيط.

فالغسيل اليومي الذي يذكره الدكتور يليق بالطفل أكثر من الشاب؛ لأن أسلوب التلقين لا يهواه الشاب بقدر ما يهوى الإقناع، ولهذا فإن المهمة مع الشباب أصعب بكثير. نسأل الله الثبات على الحق.

يا إخوة: التيارات الضالة كثيرة، وأعاصير التغيير البعيدة عن أخلاق الإسلام وحياء الإسلام وقيم الإسلام أعاصير شديدة أيضا، ووسائل الاتصال ميسرة جدا، والإغراءات الشيطانية على أشدها، والناعقون كثيرون.

وقد سخرت لهم الإمكانات والداعمين لهم على جميع المستويات، وحفت النار بالشهوات، وأعداد الشباب الغفيرة ينادي بعضها بعضا بشتى أنواع وأنماط السلوك بلا تحفظ، ويتواصون بمختلف الأخلاق، منها الرديء ومنها الحسن.

فينبغي -أيها الإخوة- أن نعي الخطر، وأن نبادر بالقيام بدورنا التربوي، وأن نُعِين كل جهة تربوية خيرية بالدعم المعنوي والمادي، سواء كانت نشاطاً مدرسيا، أو مكتبة طلابية، أو دار تحفيظ، أو مركزَ حَيٍّ خيمات، أو جمعيات .

وكما صح في السنة: "يد الله مع الجماعة"، فكل من يساهم في المجال التربوي السليم فهو ناصح لله ولكتابه ولرسوله وللمسلمين.

وحتى نحفظ أنفسنا وأولادنا وديننا لابد ثم لابد من مدافعة المنكر ومقاومة المفسدين، فهي وصية الله لنا: (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [آل عمران:104]، وهكذا شأن الأنبياء وأتباعهم.

أسأل اللهم الهداية للجميع، اللهم أصلحنا وأولادنا.
 


تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي