العيد مناسبة كبرى لمراجعة النفس والعمل، وإصلاح ذات البين، وصلة الأرحام، والرأفة باليتامى والمساكين، والإحسان إليهم، وإقامة أمر الله في الوالدين والأقربين، والألفة والمحبة بين المسلمين، والتزاور والتهنئة بهذه المناسبة؛ فبادروا أعماركم، وتنافسوا فيما بينكم، وأروا الله من أنفسكم خيرًا ..
إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً.
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
أيها الأخوة المؤمنون: اتقوا الله -تعالى-، فتقوى الله وصية الله لكم، يقول -سبحانه-: (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ) [النساء:131].
فاتقوا الله - عباد الله -، واعلموا بأن يومكم هذا يومُ عيدٍ وأكلٍ وشربٍ، وشكر وذكر لله تعالى، يومُ فرحٍ وسرورٍ لكم معشرَ الصائمين، (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) [يونس:58].
فكلوا واشربوا، واذكروا الله ربكم، وأظهِروا في هذا اليوم فرحكم وسروركم، ففي الحديث الصحيح، عن أنس -رضي الله عنه- قال: لما قدم النبي -صلى الله عليه وسلم- المدينة وجدهم -أي أهل المدينة- يحتفلون بعيدين، فقال -عليه الصلاة والسلام-: " كان لكم يومان تلعبون فيهما، وقد أبدلكم الله خيراً منهما: يوم الفطر ويوم الأضحى".
وأخرج الشيخان وأحمد عن عائشة قالت: إن الحبشة كانوا يلعبون عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في يوم عيد، فاطلعت من فوق عاتقه فطأطأ لي منكبيه فجعلت أنظر إليهم من فوق عاتقه حتى شبعت ثم انصرفت.
الله أكبر، الله اكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.
أيها الإخوة المؤمنون: ومما يزيد العيد عيدا، اجتماعه مع عيد آخَر مشروع، هو يوم الجمعة، والجمعة يوم عيد للمسلمين، فأعياد المسلمين ثلاثة لا رابع لهم، عيد الفطر، وعيد الضحى، وعيد الأسبوع يوم الجمعة، ليس بالإسلام -أيها الأخوة- أعياد غير هذه الأعياد الثلاثة، ليس في الإسلام عيد مولد نبي ولا تولي زعيم، ولا عيد انتصار على عدو، ولا غير ذلك.
فمِن نِعم الله -تعالى- اجتماع عيدين في يوم واحد، ولا أدلّ على ذلك من اهتمام الشرع بذلك، فاجتماعهما له أحكام خاصة، ففي الحديث الصحيح عن زيد بن أرقم -رضي الله عنه- أن معاوية بن أبي سفيان سأله: هل شهدت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عيدين اجتمعا في يوم واحد؟ قال: نعم. قال: كيف صنع؟ قال: صلى العيد ثم رخص في الجمعة فقال: "مَن شاء أن يصلي فليُصَلّ".
وفي صحيح البخاري عن أبي عبيد قال: شهدت العيدين مع عثمان بن عفان، وكان ذلك يوم الجمعة، فصلى قبل الخطبة ثم خطب فقال: يا أيها الناس! إن هذا يوم قد اجتمع لكم فيه عيدان، فمَن أحب أن ينتظر الجمعة من أهل العوالي فلينتظر، ومن أحب أن يرجع فقد أذنت له.
فمن حضر صلاة العيد، فإنه يرخص له بعدم حضور صلاة الجمعة، ويصليها ظهرا في وقت صلاة الظهر، ولكن إن صلى مع الناس الجمعة فهو أفضل، أما الذين لم يحضروا صلاة العيد فليس لهم رخصة في حضور صلاة الجمعة؛ لأنها واجبة في حقهم، ولا يشرع -أيها الإخوة- في هذا اليوم الأذان لصلاة الظهر، هذا ما أفتى به العلماء، بناء على أحاديث الرسول -صلى الله عليه وسلم-.
الله أكبر، الله اكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.
أيها الإخوة المؤمنون: العيد مناسبة كبرى لمراجعة النفس والعمل، وإصلاح ذات البين، وصلة الأرحام، والرأفة باليتامى والمساكين، والإحسان إليهم، وإقامة أمر الله في الوالدين والأقربين، والألفة والمحبة بين المسلمين، والتزاور والتهنئة بهذه المناسبة؛ فبادروا أعماركم، وتنافسوا فيما بينكم، وأروا الله من أنفسكم خيرًا.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله ولي ولكم ولجميع المسلمين فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
الحمد لله معيد الجمع والأعياد، أحمده -سبحانه- من إله يحكم بين العباد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، (جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ) [آل عمران:9].
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد: أيها المسلمون: اتقوا الله تعالى، واعلموا بأن الله -سبحانه- بشَّر المستقيمين على عبادته، والمستمرين في طاعته بالسعادة الكاملة في الدنيا والآخرة، فقال -سبحانه-: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) [فصلت:30]، قال العلماء: الاستقامة: المداومة على الطاعة. وقال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: معنى الاستقامة: أن تستقيم على الأمر والنهي ولا تروغ روغان الثعالب.
فحافظوا على الطاعات -ياعباد الله- وبادروا بصيام ستة أيام من هذا الشهر، فإن نبيكم -صلى الله عليه وسلم- يقول: "مَن صام رمضان وأتبعه ستا من شوال فكأنما صام الدهر كله".
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.
أيها الأخوة المؤمنون: اعلموا -رحمكم الله- بأن من السنة لمــَنْ خرج إلى المصلَّى يوم العيد من طريق أن يرجع من طريق آخر؛ اقتداء بالنبي -صلى الله عليه وسلم-، وإظهارا لشعائر الله.
معشر النساء: أيتها الفاضلات، التزمن بآداب الإسلام: (فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا * وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ...) [الأحزاب:32-33].
أخواتي الفاضلات: احذرن ما تفعله بعض النساء من كشف للعورات، وإظهار للمفاتن، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "صنفان من أهل النار لم أرهما بعد"، وذكر: "نساء كاسيات عاريات، مائلات مميلات، رؤوسهنّ كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها".
احذرن -أيتها المسلمات- كثرة اللعن، وجحود ما يتفضل به الأزواج، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: " رأيتكن أكثر أهل النار؛ لأنكن تكثرن اللعن، وتكفرن العشير".
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.
معشر المسلمين والمسلمات: هنيئا لكم عيدكم، جعلني الله وإياكم من الذين يُنادَى بهم: انصرفوا مغفورا لكم.
اللهم إنا نسألك وأنت في عليائك أن تغفر لنا في مقامنا هذا أجمعين، اللهم إنا عبادك، خرجنا إلى هذا المكان نرجو رحمتك ونأمل ثوابك، وبحاجة لفضلك، ونخاف عذابك وعقابك، فاللهم حقق لنا ما نرجو، وأمِّنَّا مما نخاف يا رب العالمين.
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك اللهم على محمد وآل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد.
وارْضَ اللهم عن الصحابة أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وإحسانك ورحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم أعِزَّ الإسلام وانصر المسلمين، وأذل الشرك والمشركين، اللهم أيد بنصرك المبين عبادك المجاهدين، اللهم أصلح ولاة أمور المسلمين، وهيئ لهم البطانة من عبادك الصالحين الناصحين.
اللهم فرِّجْ هَمَّ المهمومين، ونفِّسْ كرب المكروبين، واقض الدين عن المـــَدِينين، وارحم اللهم موتى المسلمين.
اللهم أنزل من بركات هذا اليوم على أهل القبور من المسلمين في قبورهم، وعلى أهل الدور من المسلمين في دورهم.
اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها، وأجِرْنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة.
ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم، وآتنا ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة، واجعلنا من المحسنين.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي