إن أعظم قضية يجب أن تشغل بال كل واحد منا -معاشر المسلمين- هي قضية وجوده، والغاية من حياته، ومستقبله الحق، وشقاؤه وسعادته، ومن فضل الله على عباده أن هذه وتلك لا تشترى بالدرهم ولا الدينار، ولكنها تنال بالهمم والجد في عمل الصالحات، والسير إلى الله، والموفق من أيقن واستيقظ لحقائق القرآن، وسائل نفسك: ألشيء خلق الله الموت والحياة، والجواب حاضر في قوله ..
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم عليه، وعلى سائر الأنبياء والمرسلين، وارض اللهم عن أصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) [الحشر: 18-19].(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً * إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْأِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً) [الأحزاب: 70-72].
أيها المسلمون: كثيرة هي أدواؤنا التي تحتاج إلى الدواء الناجع لعلاجها، ولكن ثمة داء يهيمن على كثير من هذه الأدواء، وربما كان السبب الأكبر لها… وهذا الداء المهيمن تتعدد مظاهره، وتتسع دائرته لتشمل الشيوخ والشباب، والنساء والرجال، وأهل العلم والدعوة، وأصحاب المال والسلطان.. ولا تسأل عن غفلة ما سوى هؤلاء؟ وإن كانت الغفلة نسباً، والناس فيها بين مقل ومستكثر.
إن أعظم قضية يجب أن تشغل بال كل واحد منا -معاشر المسلمين- هي قضية وجوده، والغاية من حياته، ومستقبله الحق، وشقاؤه وسعادته، ومن فضل الله على عباده أن هذه وتلك لا تشترى بالدرهم ولا الدينار، ولكنها تنال بالهمم والجد في عمل الصالحات، والسير إلى الله، والموفق من أيقن واستيقظ لحقائق القرآن، وسائل نفسك: ألشيء خلق الله الموت والحياة، والجواب حاضر في قوله تعالى: (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) [الملك: 2]، وبل ولأي شيء خلقت أنت؟ (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) [الذريات:56].
ويتحاشى الناس، كل الناس الخسارة والفشل في الحياة الدنيا، ولكن القلة منهم من يتأمل في الخسران والفشل الأخروي: (قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ) [الزمر: 15].
أيها المسلمون: إن الغفلة عن قيمة الحياة، وهدف الوجود سبب للضياع والقلق في هذه الحياة، والنهاية مؤلمة حين الورود على الله، وهاهي الصورة تقرب لك، والمشهد يعرض عليك صباح مساء، فهل أنت مذكر: (وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ * وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ * وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ * لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ) [قّ:19-22].
أي عبدالله: أي خير ترتجي، وأي نهاية تنتظر إذا كنت من الغافلين الذين لا يرجون لقاء الله، ورضيت بالحياة الدنيا واطمأننت إليها… تأمل ملياً قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ * أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) [يونس: 7-8].
يا ابن آدم: حسبك بالقرآن واعظاً: (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ * مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ * لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ) [الأنبياء:1-3].
إنها آيات تهز الغافلين هزاً، فالحساب يقترب وهم في غفلة، والآيات تعرض وهم معرضون عن الهدى، والموقف جد وهم لا يشعرون بالموقف وخطورته، وكلما سمعوا الحق قابلوه باللهو والاستهتار، واستمعوه وهم هازلون.
إن النفوس حين تستحوذ عليها الغفلة لا تصلح للنهوض بعبء، ولا للقيام بواجب، تغدو الحياة فيها عاطلة هينة رخيصة، وحين يهون المرء في نظر نفسه يهون على الآخرين، وحين ينسى العبد ربه، ينساه الله وتحيق به الخسارة في الدارين.
أيها المسلم والمسلمة: لقد ميزتم بحواس ومدارك تفضلون بها غيركم، وتدركون بها ما يضركم وما ينفعكم، وحين تعطل هذه الحواس، وتحيط الغفلة بالناس ينحدرون إلى درك الأنعام، بل هم أضل: (وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ) [الأعراف:179].
عباد الله: إن مظاهر الغفلة في حياتنا الانفتان بالدنيا والتخوف والتحوط لها، في مقابل الإعراض عن الآخرة وعدم التفكير بجد في نعيمها أو جحيمها، ومن مظاهر الغفلة الغضب للدرهم والدينار، وضعف الغيرة لدين الله. ومن مظاهر الغفلة في حياتنا الضعف في أداء الواجبات والزهد في عمل المستحبات، والتسامح في مقارفة السيئات، وهتك أستار المحرمات. ومن مظاهر الغفلة تعلق نفوسنا بتوافه الأمور، وعجزها عن التعلق بالمعالي، وكسلها عن جلائل الأعمال الصالحة.
نغفل عن الموت وسكرته، وعن الحساب وشدته، نغفل عن ذوات أنفسنا وما يصلحا أو يفسدها، وآن لنا أن نستيقظ لمخططات أعدائنا وما يريدونه لنا، وأنى لنا أن نكشف النفاق ونميز المنافقين وتلك حالنا.
أيها المؤمنون: وكثيرة هي الأسباب الجالبة للغفلة، فأنفسنا الأمارة بالسوء تدعونا للغفلة، وشياطين الجن يقعدون لنا بكل طريق من طرق الخير، وإبليس يعدنا ويمنينا ويخوفنا تارة، ويزين لنا أخرى، ويأتينا من بين أيدينا، ومن خلفنا، وعن أيماننا وعن شمائلنا، ولكن الله لم يجعل له سلطاناً من فوقنا، وجعل الباب بيننا وبينه مفتوحاً، فمن استعاذ به أعاذه، ومن لاذ بحماه أجاره، ومن استعان به أعانه: (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ) [الحجر:42]، ويتلمس شياطين الإنس المراصد والوسائل التي بها يصدوننا عن ديننا، وتستحكم الغفلة في قلوبنا، ومن أبرز وسائلهم الفن الرخيص، والرياضة الفاتنة، وكم نسي المسلمون قضاياهم الكبرى بسبب هذه الوسائل الملهية الفاتنة؟ وكم غفلوا عن مخططات أعدائهم في سبيل الترويح عن أنفسهم -كما يقولون-.
أيها الناس: وأورثت الغفلة طول الأمل، فقست القلوب، وقل أثر المواعظ في النفوس، وكثر الفسوق والفجور، ودونكم هذا التشخيص لهذا المرض فاعقلوه، يقول ابن قدامة يرحمه الله: واعلم أن السب في طول الأمل شيئان: أحدهما: حب الدنيا، والثاني: الجهل. أما حب الدنيا فإن الإنسان إذا أنس بها وبشهواتها ولذاتها ثقل على قلبه مفارقتها، فامتنع قلبه من الفكر في الموت الذي هو سبب مفارقتها، وكل من كره شيئاً دفعه عن نفسه، والإنسان مشغول بالأماني الباطلة، فيمني نفسه أبداً بما يوافق مراده من البقاء في الدنيا، ما يحتاج إليه من مال وأهل ومسكن، فيلهو بذلك عن الموت ولا يقدر قربه، فإذا خطر له الموت في بعض الأحوال، والحاجة للاستعداد له سوف بذلك ووعد نفسه، وقال: الأيام بين يديك إلى أن تكبر ثم تتوب، وإذا كبر قال: إلى أن تصير شيخاً، وإن صار شيخاً قال: إلى أن يفرغ من بناء هذه الدار، وعمارة هذه الضيعة أو يرجع من هذه السفرة، فلا يزال يسوف ويؤخر إلى أن تتخطفه المنية في وقت لا يحتسبه، فتطول عند ذلك حسرته.
السبب الثاني: الجهل، وهو أن الإنسان يعول على شبابه ويستبعد قرب الموت مع الشباب، ولو تفكر المسكين أن مشايخ بلده لو عدوا لما كانوا عشرة؟ لأدرك أنهم إنما قلوا لأن الموت في الشباب أكثر، وإلى أن يموت شيخ قد يموت ألف صبي، وقد يغتر بصحته ولا يدري أن الموت يأتي فجأة، ولو تفكر أن الموت ليس له وقت مخصوص ولا يبعده الشباب أو تدفعه الصحة واكتمال القوى لعظم ذلك عنده واستعد للموت وما بعده.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ * إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ) [الأعراف: 205-206].
الحمد لله شرح صدور المؤمنين لطاعته وذكره، وتوعد القاسية قلوبهم بالويل والضلال المبين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له بذكره تطمئن القلوب، والمستهترون بآياته حقهم الران على القلوب… ومصيرهم الجحيم، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أمره ربه بذكره تضرعاً وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال، وألا يكون من الغافلين، وامتثل أمر ربه، وكان قدوة الذاكرين وموقظاً للغافلين، اللهم صل وسلم عليه وعلى إخوانه المرسلين.
عباد الله: وفي حياتنا اليومية ضروب وأشكال من الغفلة، ومنا من يصبح مع الشيطان ويسمي، وعند الطعام الشراب والكساء، وخيرنا من لا يجد الشيطان عليه سبيلاً. وجماع ذلك وأسبابه الذكر أو الغفلة، قال عليه الصلاة والسلام: "إذا دخل الرجل بيته فذكر الله تعال عند دخوله وعند طعامه، قال الشيطان لأصحابه: لا مبيت لكم ولا عشاء، وإذا دخل فلم يذكر الله تعالى عند دخوله قال الشيطان: "أدركتم المبيت والعشاء".
لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مستحضراً لذكر الله آناء الليل وأطراف النهار، مذكراً بأهوال يوم القيامة، عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذهب ثلث الليل قام فقال: "يا أيها الناس اكروا الله، جاءت الراجفة، تتبعها الرادفة، جاء الموت بما فيه، جاء الموت بما فيه".
أيها الناس: لا بد لمن يريد علاج ضعف إيمانه من الإكثار من ذكر الله وعدم الغفلة، قال تعالى: (وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيت) [الكهف: 24]. قال العارفون: "في القلب قسوة لا يذيبها إلا ذكر الله تعالى". وقال رجل للحسن: "يا أبا سعيد أشكو إليك قسوة قلبي؟ قال: أذبه بالذكر". وإذا كان الذكر شفاء القلب ودواءه، فالغفلة داؤه وشقاؤه.
وهناك صنف من الناس بلغت الغفلة بهم حد قول القائل:
فنسيان ذكر الله موت قلوبهم *** وأجسامهم قبل القبور قبور
وأرواحهم في وحشة من جسومهم *** وليس لهم حتى النشور نشور
أيها المسلمون: وإذا كان الذكر علاجاً للغفلة، فقراءة كتاب الله وتدبر آياته ووعده ووعيده، والاتعاظ بقصصه كفيل بيقظة الإنسان وتذكره، قال تعالى: (فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ) [قّ: 45].
ومن وسائل علاج الغفلة: مصاحبة الأخيار، وحضور مجالس الذكر، وملازمة العلماء، فذلك -وإن احتاج إلى صبر ومجاهدة- فعاقبته حميدة، ومعالجته للغفلة ظاهرة، قال تعالى -وهو أصدق القائلين: (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً) [الكهف:28].
ومما يعين على علاج الغفلة: زيارة المقابر، قال عليه الصلاة والسلام: "كنت نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها، فإنها تذكركم الموت…" حديث صحيح وتشييع الجنائز، وتذكر ساعة الاحتضار… كل ذلك موقظ من الغفلة لمن في قلبه حياة، ويصف ابن الجوزي ساعة الاحتضار ويقول: "من أظرف الأشياء إفاقة المحتضر عند موته، فإنه ينتبه انتباهاً لا يوصف، ويقلق قلقاً لا يحد، ويتلهف على زمانه الماضي، ويود لو ترك يتدارك ما فاته، ويصدق في توبته على مقدار يقينه بالموت، ويكاد يقتل نفسه قبل موتها بالأسف، ولو وجدت ذرة من تلك الأحوال في أوان العافية حصل كل مقصود من العمل بالتقوى، فالعاقل من مثل تلك الساعة وعمل بمقتضى ذلك"، وصح في الخبر أنه صلى الله عليه وسلم قال: "عودوا المريض واتبعوا لجنازة تذكركم الآخرة"، وقال الأعمش: "كنا نشهد الجنازة ولا ندري من المعزى فيا لكثرة الباكين، وإنما كان بكاؤهم على أنفسهم لا على الميت"، وحين مرت بالحسن البصري جنازة قال: "يا لها من موعظة ما أبلغها وأسرع نسيانها، يا لها من موعظة، لو وافقت من القلوب حياة، ثم قال: يا غفلة شاملة للقوم، كأنهم يرونها في النوم، ميت غد يدفن ميت اليوم".
ومن أنفع الأدوية لعلاج الغفلة: المداومة على محاسبة النفس، وحسب العاقل أن يقف في محاسبته لنفسه على قوله تعالى: (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ) [آل عمران:30]. وصدق من قال: "حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوها قبل أن توزنوا…".
أيها الناس: اعملوا على مهل، وكونوا من الله على وجل، ولا تغتروا بالأمل ونسيان الأجل، وقفوا عند قول الحق: (إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ) [لقمان: 33]، كان مطرف بن عبدالله يقول: "إن هذا الموت قد أفسد على أهل النعيم نعيمهم، فاطلبوا نعيماً لا موت فيه".
هل فكرت في نوع حياتك بعد الممات؟ الله يقول: (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ) [آل عمران:185].
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي