وما ابتُلي المسلمون اليومَ بقلّةِ الأمطار وغَوْر المياه، وانتشارِ الجدب والقحطِ، وغلبةِ الجفَاف والمجاعة والفَقر في بقاعٍ كثيرة من العالم إلا بسببِ ذنوبهم، وانتشارِ المعاصي بينهم، وتفشِّي المنكراتِ في مجتمعاتهم، ولن يُرفَع ما هم فيه من شدّةٍ وبلاء وجدب وقحط وعناء إلا بإقبالهم على ربّهم، وعودتِهم إلى دينهم، وكثرةِ توبتهم واستغفارِهم لربِّهم من تقصيرهم. فالمعاصي ـ يا عبادَ الله ـ ما حلَّت في قلوبٍ إلا أظلمَتها، ولا في نفوسٍ إلا أفسدَتها، ولا في ديارٍ إلا أهلكتها، ولا في مجتمعات إلا دمَّرتها، يقول ابن القيم رحمه الله: "وهل في الدنيا والآخرة شرّ وبلاء إلا وسببُه الذنوب والمعاصي؟!".
أما بعد: فيا عبادَ الله، اتّقوا الله تبارك وتعالى وأطيعوه، وتوبوا إليه واستغفِروه، فتقوى الله أمانٌ من الرزايا، وسلامة مِن البَلايا، (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ) [الطلاق:2، 3].
أيها المسلمون، لقد خلقكم ربُّكم تبارك وتعالى لغايةٍ عظمى ومهمّة كبرى، ألا وهي تحقيقُ العبودية له سبحانه، يقول عزّ وجل: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ) [الذاريات:56]، فإياكم ـ عباد الله ـ والغفلةَ عن حكمة خلْق الله لكم في هذه الحيَاة، (فَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلاَ يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ)[ لقمان:33].
أيها المسلمون، إنَّ ربّكم تبارك وتعالى يوالي نعمَه على عباده لتكونَ عوناً لهم على طاعتِه والتقرّب إليه، فإذا استعانوا بنعمِه على معصيته وفرّطوا في جنبِه وأضاعوا أوامرَه واستهانوا بنواهيه واستخفّوا بحرماتِه غيّرَ عليهم حالَهم جزاءً وِفاقاً، (وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّـامٍ لّلْعَبِيدِ) [فصلت:46]، (إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ) [الرعد:11].
فإذا غيَّر العباد الطاعة بالمعصية غيَّر الله عليهم الغنى بالفقر، والنعمَ بالنقم، والخصبَ بالجدب، والمطرَ بالقحط، والخيرَ بالشدَّة والمؤونة، فلم ينزل بلاءٌ من الله إلا بذنوب العباد وتقصيرهم وإعراضهم عن ربِّهم وإقبالهم على شهواتِهم، (وَمَا أَصَـابَكُمْ مّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ) [الشورى:30]، (أَوَ لَمَّا أَصَـابَتْكُمْ مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَـذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ) [آل عمران:165]، (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِى الْبَرّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِى النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِى عَمِلُواْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) [الروم:41].
وما ابتُلي المسلمون اليومَ بقلّةِ الأمطار وغَوْر المياه، وانتشارِ الجدب والقحطِ، وغلبةِ الجفَاف والمجاعة والفَقر في بقاعٍ كثيرة من العالم إلا بسببِ ذنوبهم، وانتشارِ المعاصي بينهم، وتفشِّي المنكراتِ في مجتمعاتهم، ولن يُرفَع ما هم فيه من شدّةٍ وبلاء وجدب وقحط وعناء إلا بإقبالهم على ربّهم، وعودتِهم إلى دينهم، وكثرةِ توبتهم واستغفارِهم لربِّهم من تقصيرهم. فالمعاصي ـ يا عبادَ الله ـ ما حلَّت في قلوبٍ إلا أظلمَتها، ولا في نفوسٍ إلا أفسدَتها، ولا في ديارٍ إلا أهلكتها، ولا في مجتمعات إلا دمَّرتها، يقول ابن القيم رحمه الله: "وهل في الدنيا والآخرة شرّ وبلاء إلا وسببُه الذنوب والمعاصي؟!".
فالمعاصي تقُضُّ المضاجع، وتدع الديار بلاقع، وتجلِب البلايا والفواجِع.
رأيتُ الذنوب تميت القلوب وقد يُورث الذلَّ إدمانُها
وتركُ الذنوب حياةُ القلوب وخيرٌ لنفسك عصيانُها
إنَّه إذا أجدَبت القلوبُ والضمائر وقحطتِ الأحاسيسُ والمشاعر من المُثُل والقيَم المعنويّة حصل الجدبُ والقحط في الأمور الحسّيّة.
ولقد خرجتُم ـ أيها المسلمون ـ تستغيثون ربَّكم للغيث الحسِّيّ، وإنه لجديرٌ بنا أن نهتمَّ بالغيث المعنويِّ غيثِ القلوب والأرواح، لأنَّ به حصولَ الغيث الحسّيّ، يقول جلّ وعلا: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى ءامَنُواْ وَاتَّقَوْاْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَـاتٍ مّنَ السَّمَاء وَالأرْضِ) [الأعراف:96].
إخوة الإسلام، لقد شكوتُم إلى ربّكم جدبَ دياركم، وتأخّرَ المطرِ عن إبَّان نزوله على بلادِكم وأوطانِكم، وسقي زروعكم وحروثكم، فما أحرى ذلك أن يدفعَكم إلى تلمُّسِ أسبابِه، ليكون عونًا لكم على تشخيص الداء الذي أصابكم، فإذا تشخَّص الداء سهُل وصفُ الدواء.
وإنَّ من أسبابِ منعِ القطر من السماء ـ يا عباد الله ـ غفلةَ العباد عن طاعةِ ربهم، وقسوةَ قلوبهم بما ران عليها من الذنوب والمعاصي، وتساهلَهم بتحقيق الإيمان والتقوى، وتقصيرَهم في أداء الصلاة وإيتاء الزكاة، يقول صلى الله عليه وسلم: ((لم ينقُص قومٌ المكيالَ والميزانَ إلا أُخِذوا بالسنين وشدّة المؤونة وجورِ السلطانِ عليهم، ولم يمنَعوا زكاةَ أموالهم إلا مُنِعوا القطرَ من السماء، ولولا البهائمُ لم يمطَروا)) خرَّجه البيهقي والحاكم وصحّحه من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، ويقول مجاهد رحمه الله: "إنَّ الحُبارى في أوكَارها لتَلعَن عصاةَ بني آدَم إذا أجدَبتِ الأرضُ وحُبس القطر، تقول: هذا بشؤم معصيةِ بني آدم".
وإنّ من الأسباب لمنع القطر ـ يا عباد الله ـ إعراضَ كثير من الناس عن التوبَة إلى ربّهم واستغفاره، وهما من أعظم أسبابِ نزول الغيث، يقول تعالى عن نوحٍ عليه السلام: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُمْ مِّدْرَاراً وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّـاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً) [نوح:10-12]، ويقول تعالى عن هودٍ عليه السلام: (وَياقَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُمْ مّدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ) [هود:52]، وقد خرَج عمرُ رضي الله عنه للاستسقاء فلم يزِد على الاستغفار، فقيل له في ذلك، فقال: (لقد طلبت الغيثَ بمجاديحِ السماء التي يُستَنزَل بها المطر).
معاشر المسلمين، إنّه ما نزل بلاءًُ إلا بذنب، ولا كُشِف إلا بتوبَة، وإن ذنوبنا ـ يا عباد الله ـ كثيرة وعظيمة، وإنَّ تقصيرَنا لشديد وكبير، وإن شؤمَ الذنوبِ والمعاصي لعظيمٌ وخطير، ألم نقصِّر في الإيمان والعبادةِ والإخلاص والتقوى؟! ألم تظهرِ المنكراتُ وتعمّ المحرمّات في كثيرٍ من المجتمعات؟! أما هذه الصلاةُ قد طاش ميزانُها عند كثيرٍ من الناس وهي عمودُ الإسلام والفارقُ بين الكفرِ والإيمان؟!
أمَا هذه الزكاة المفروضة قد بَخل بها كثيرٌ من الناسِ فلم يخرجوا حقَّ الله فيها؟! أمَا هذه الموبقاتُ والجرائم من القتل والزّنا والرّبا وشربِ الخمور والمسكرات وتعاطِي المخدّرات موجودةٌ في كثيرٍ من المجتمعات؟! أمَا ظلمُ العباد وغشّهم ومطلهم حقوقَهم وبخسهم في المكاييل والموازين والمقاييس منتشرٌ بين صفوف كثيرٍ من المسلمين وفي أسواقِهم ومعاملاتِهم؟! أما مُلئت بعض قلوب ضعافِ النفوس بالحسَد والشحناء والحِقد والبغضاء؟! أمَا مظاهر التبرّج والسّفور والاختِلاط وهي من أكبرِ دواعي الفسادِ ظاهرةٌ منتشِرة في بعضِ المجتمعات؟!
أمَا هَذا الزَّخَم الهائل من المناظرِ السيّئة والمظاهِر المحرّمة موجودٌ في بعض المجتمعات؟! وحدِّث ولا كرامة عن عفَن القنوات الفضائية والشبكات المعلوماتيّة والوسائل الإعلاميّة، مع التقصيرِ في القيام بواجب الدعوة إلى الله والحسبَة والإصلاح والأمرِ بالمعروف والنهي عن المنكر الذي هو قِوام هذا الدين، وبه نالت هذه الأمةُ الخيريّةَ على العالمين، (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ) [آل عمران:110]
فلا بد من إعزاز جانب الحسبة، ورفع هامات المحتسبين، ورفع راية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لما فيه من صمام أمان وطوق نجاةٍ للأمة حتى لا تغرق سفينة المجتمع، فإنه إذا طُوي بساط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأُغيض جناحه ونكِّست أعلامه ولُفَّ نشرُه وانتقصَت عَشْرُه وأهمِل عِلمُه وعمله حلَّت بالأمَّة المثلات وأصيبت الأمَّة بالنّكبات وأخِذت بألوانِ العقوبات، فإلى الله المشتكى، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
أمَا هذا القصور في مجالات الفكر والثقافة والتربية والإعلام ظاهرٌ للعيان؟! فأين الغيرة الإسلامية؟! وأين الحميّة الدينية؟! وأين الشّهامة العربيّة؟! وأين الكرامة الإنسانية؟! فرحماك ربَّنا رُحماك، وعفوَك يا مولانا، وعافيتَك يا الله، واللهم سلِّم سلِّم، (أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُم بَأْسُنَا بَيَـاتاً وَهُمْ نَائِمُونَ أَوَ أَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللَّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَـاسِرُونَ) [الأعراف:97-99].
ألا ما أحلمَ اللهَ على عباده، لكن لعلَّنا نُرحَم ونُغاث بحال المستضعفين، من الشيوخ الرّكَّع، والأطفال الرُّضَّع، والبهائم الرّتَّع.
فاتّقوا اللهَ عباد الله، واعلَموا أنَّه ليس طلب الغيثِ بمجرّد القلوب الغافلة والعقول اللاهية، وإنّما يتطلّب تجديدَ العهد مع الله، وفتحَ صفحة جديدةٍ ملؤها الطاعات والقرُبات، بعيداً عن المعاصي والمحرمّات، وإصلاحاً شاملاً في كلّ مرافق الحياة، فحاجةُ الأمة إلى الاستغاثة العمليَة التطبيقيّة لا تقلّ أهميّةً عن استغاثتها القوليّة والدعائيَّة، (اعْمَلُواْ ءالَ دَاوُودَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مّنْ عِبَادِىَ الشَّكُورُ) [سبأ:13].
وإنَّه مع كلّ هذا التّقصير والتفريط في جنب الله فعفوُ الله واسع، ورحمتُه وسعَت كلَّ شيء، وعفوه عمَّ كلَّ التائبين، فما ضاقَ أمر إلا جعَل الله منه مَخرجاً، ولا عظُم خطبٌ إلا جعَل الله معَه فرجاً، ها هو مولاكم جلَّ وعلا يدعوكم للتّوبة والإنابة، ويطلُب منكم دعاءَه واستغفارَه: (قُلْ ياعِبَادِىَ الَّذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) [الزمر:53]، ويقول سبحانه: (وَإِنّى لَغَفَّارٌ لّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَـالِحَاً ثُمَّ اهْتَدَىا) [طه:82]، ويقول جلّ وعلا: (أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوء وَيَجْعَلُكُمْ حُلَفَاء الأرْضِ أَءلَـهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ) [النمل:62]، (وَقَالَ رَبُّكُـمْ ادْعُونِى أَسْتَجِبْ لَكُمْ) [غافر:60]، (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنّي فَإِنّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِى وَلْيُؤْمِنُواْ بِى لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) [البقرة:186] .
أيّها الإخوة في الله، وما أنزل الله بأهلِ الأرض من شدّةٍ وعناء، ولا أصَابهم من محنةٍ وبلاء إلا ليعلَم الله الذين صدَقوا ويعلمَ الكاذبين، ولينظرَ سبحانه من يُحدِث منهم توبة. وإنَّ من حكمتِه جلّ وعلا أن لا يديمَ عبادَه على حالةٍ واحدة، بل يتعهَّدهم بالشدّة والرخاء، ويبتليهم بالسرّاء والضرّاء، نعَمًا ونِقما، مِنَحا ومحَنًا، (وَنَبْلُوكُم بِالشَّرّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ) [الأنبياء:35].
وإنما يُخوّفكم الله بالجفاف والقحط والجدب ومنعِ القطر وشدّة المؤونة في الأرزاق لئلا تستمرّوا في ذنوبكم وتصرّوا على غفلتكم. وإنَّ مواهبَ ربّنا لجليلة وعطاياه لجزيلة، بابه للسائلين مفتُوح، وعطاؤه للراغبين ممنوح، وفضله على الجميع يغدو ويروح، فاشكروه على المنن والعطاء، وارجعوا عن الذنوب والأخطاء، واطلبوا كلَّ شيء منه سبحانه، وأخلِصوا له التوحيدَ والعبادة، فهو المتكفِّل بإنزالِ الغيث وتقديرِ الأرزاق، وتوجَّهوا إلى الله جلّ وعلا في هذه الساعة المباركة، والأزمنة والأمكنة المباركة، لا سيما في هذا الحرم العظيم والشهر الكريم شهرِ الخيرِ والبركات وإجابة الدعوات..
توجَّهوا إلى الله بالتوبةِ والاستغفَار، حقِّقوا التوبةَ إلى الله من ذنوبكم، بشروطها الشرعيّة، بالنّدم على ما حصل من الذنوب والإقلاع عنها والعزمِ على عدم العودِ إليها مرّة أخرى، رُدّوا المظالمَ إلى أهلها، من كان عنده مظلمة لأخيه من مالٍ أو عِرض فليتحلَّله اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، جدِّدوا التوبة إلى الله من ذنوبكم قبل فوات الأوان، جرِّدوا القلوب ـ يا عباد الله ـ من الحسَد والحِقد والبغضاء والغيبة والنميمة والبهتان والشحناء، أدّوا زكاةَ أموالكم، ولا تبخَسوا الناس أشياءَهم، ولا تنقصوا المكيال والميزان، تسامَحوا وتراحَموا، لا تحاسَدوا ولا تَباغضوا، صِلوا الأرحام، برّوا الوالدين، أحسِنوا إلى الفقراء والمساكين والأرامل والأيتام والمحاويج، أكثِروا من الصدقاتِ والإنفاق والجودِ في سبيل الله، وكونوا إخوةً متحابّين، على الخير متعاونِين، فمتى ما علِم الله إخلاصَكم وصدقكم وصحّة توبتِكم وإنابَتكم وإلحاحَكم عليه بالدعاء أغاث قلوبَكم بالإنابة إليه، وبلدَكم بإنزال المطر عليه، (وَفِى السَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ) الذاريات:22.
لا إله إلا الله غياث المستغيثين، وجابر كسر المنكسرين، وراحم المستضعفين، ومجيب دعوة المضطرين، وكاشف كرب المكروبين، ورافع البلاء عن المستغفرين، نستغفر الله، نستغفر الله، نستغفر الله، نستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم ونتوب إليه.
اللهم يا حي يا قيوم برحمتك نستغيث، فلا تكلنا إلى أنفسنا طرفةَ عين ولا أقلَّ من ذلك، لئن لم يرحمنا ربنا ويغفر لنا لنكونن من الخاسرين، لا إله إلا أنت سبحانك إنا كنّا من الظالمين، لا إله إلا أنت سبحانه إنّا كنا من الظالمين، لا إله إلا أنتَ سبحانه إنّا كنا من الظالمين.
(رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلَـانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَـافِرِينَ) [البقرة:286].
(رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَـاسِرِينَ) [الأعراف:23].
(عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لّلْقَوْمِ الظَّـالِمِينَ وَنَجّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكَـافِرِينَ)[ يونس:85، 86].
اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم اسقنا وأغثنا ، اللهم أغث قلوبنا بالإيمان واليقين، وبلادنا بالخيرات والأمطار والغيث العميم، اللهم إنا خلق من خلقك، فلا تمنع عنا بذنوبنا فضلك، اللهم إنا نستغفرك إنّك كنت غفاراً، فأرسل السماء علينا مدراراً
اللهم أغثنا غيثاً مغيثاً هنيئاً مريئاً مريعًا سحًّا غدقاً طبقا واسعا مجلِّلا نافعاً غير ضار، عاجلاً غير آجل، اللهم سقيا رحمة، اللهم سقيا رحمة، لا سقيا عذاب ولا بلاء ولا هدم ولا غرق، اللهم اسق عبادك وبهائمك، وانشر رحمتك، وأحي بلدك الميت، اللهم أغثنا غيثاً مباركا، تحيي به البلاد، وترحم به العباد، وتجعله بلاغا للحاضر والباد
اللهم أنزل علينا الغيث واجعل ما أنزلته قوة لنا على طاعتك وبلاغا إلى حين، اللهم أنبت لنا الزرع، وأدرَّ لنا الضرع، وأسقنا من بركاتك، وأنزل علينا من بركات السماء، وأخرج لنا من بركات الأرض، اللهم ارفع عنا القحط والجفاف والجوع والجهد، واكشف ما بالمسلمين من البلايا، فإنَّ بهم من الجهدِ ما لا يكشفه إلا أنت، اللهمّ اكشف الضرّ عن المتضررين، اللهم اكشف الضر عن المتضررين، والكربَ عن المكروبين، وأسبغ النعم على عبادك أجمعين
اللهم لا تهلكنا بالسنين، ولا تجعلنا من الآيسين، اللهم أخرج في أرضنا زينتها، وأعمنا خيرها وبركتها، اللهم هؤلاء عبادك رفعوا أكف الضراعة إليك يسألونك الغيث، اللهم فأعطهم سؤلهم، اللهم فأعطهم سؤلهم، اللهم حقِّق أملهم، اللهم يا مغيث أغثنا، اللهم يا مغيث أغثنا، واجعل ما أنزلته عونا لنا على طاعتك وبلاغا إلى حين، يا حي يا قيوم، يا ذا الجلال والإكرام.
أيّها المسلمون المستغيثون، لقد كان من سنّة نبيّكم صلى الله عليه وسلم بعدَما يستغيث ربَّه أن يقلبَ رداءه، فاقلبوا أرديتَكم اقتداءً بسنة نبيكم صلى الله عليه وسلم ، وتفاؤلا أن يقلب الله حالكم من الشدة إلى الرخاء، ومن القحط إلى الغيث، وألحوا على الله بالدعاء، فإنه سبحانه يحبّ الملحّين في الدعاء.
ربّنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم، واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين، يا حي يا قيوم، اللهم لا تردّنا خائبين، ولا عن بابك مطرودين، ولا من رحمتك محرومين، سبحان ربك ربّ العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله ربّ العالمين، وصلّى الله على النبي المصطفى والرسول المجتبى والحبيب المرتضى نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن اقتفى، وسلم تسليماً كثيراً.
خطبة الثانية:
لم ترد.
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي