قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن سورة من كتاب الله، ما هي إلا ثلاثون آية! شفَعَت لرجل حتى غُفِر له: (تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ)" ..
الحمد لله القائل: (تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [الملك:1]، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله، المنزل عليه القرآن، صلَّى اللهُ عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبِعَهُم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
أما بعد:
فيا أيها المسلمون: أوصيكم ونفسي بتقوى الله في السر والعلن، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران:102].
وحديثنا اليوم عن سورة الملك، أو سورة تبارك، أو الواقية، أو المنجِّية، أو المانعة؛ وهي ثلاثون آية، وهي السابعة والستون في ترتيب المصحف الشريف، وهي مَكِّيَّةٌ.
جاء في فضلها ما أخرجه أحمد وغيره عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن سورة من كتاب الله، ما هي إلا ثلاثون آية! شفَعَت لرجل حتى غفر له، (تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ)".
وأخرج الترمذي وغيره عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: ضرب بعض أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- خباءه، فإذا قبر إنسان يقرأ سورة الملك حتى ختمها، فأتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فأخبره، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "هي المانعة، هي المنجِّية، تنجيه من عذاب القبر".
وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لوددت أنها في قلب كل إنسان من أمتي"، فعليك -يا أخي المسلم- بقراءتها كل يوم إن أمكنك صباحاً ومساء.
وقد بدأت السورة بقوله تعالى: (تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ)، البركة: النماء والزيادة، أي: تعالى وتعاظم الله -عز وجل- عن صفات المخلوقين، وتقدس الله الذي بيده ملك السماوات والأرض في الدنيا والآخرة، يعز من يشاء، ويذل من يشاء، ويرفع من يشاء، ويضع من يشاء.
(وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [الملك:1]، أي: بليغ القدرة، لا يعجزه شيء من الأشياء، يتصرف في ملكه كيف يريد من إنعام وانتقام، ورفع ووضع، وإعطاء ومنع.
(الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ)، هذه صفة لله -عز وجل- وحده، والموت: انقطاع تعلُّقِ الروح بالبدن، ومفارقتها له، والحياة تَعَلُّقُ الروحِ بالبدن، واتصالها به؛ وقدم الموت على الحياة لأن أصل الأشياء عدم الحياة، والحياة عارضة لها، فالكل منا قبل أن يُخلَق عدم، وبعد الحياة الموت.
(لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ) [2]، أي: ليختبركم أيها الناس فيجازيكم على ذلك، وليعرف مَن أحسن عملاً للقاء الله؛ وقيل: أيكم أكثر للموت ذكراً، وأشد منه خوفاً.
(الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا)، صِفَةٌ أخرى لله -عز وجل-، أي خلقها بعضها فوق بعض، (مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ)، أي: ما ترى يا محمد في خلق الرحمن من تناقض ولا تباين ولا اعوجاج ولا تخالُف؛ بل هي مستوية مستقيمة دالة على خالقها.
(فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ) [3]، الفُطور: الشقوق والصدوع والخروق، أي: أردد طرفك حتى يتضح لك ذلك بالمعاينة، (ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ)، أي: رجعتين، مرة بعد مرة، (يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ) [4]، أي: كليل منقطع.
(وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ)، أي: جمـــَّلْناها بالكواكب التي تضيء كإضاءة السراج، وجعلها لله سبحانه وتعالى رجوما يرجم بها الشياطين الذي يسترقون السمع، (وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ) [5]، أي: أعتدنا للشياطين في الآخرة بعد الإحراق في الدنيا بالشهب عذاب السعير، وهو أشد الحريق.
(وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ) من كفار بني آدم (عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) [6]! أي: بئس ما يصيرون إليه! وهو جهنم.
(إِذَا أُلْقُوا فِيهَا)، أي: طُرحوا كما يُطْرَحُ الحطب في النار (سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا)، أي: صوتا كصوت الحمير عند أول نهيقها، وهو أقبح الأصوات، (وَهِيَ تَفُورُ) [7]، أي: الحال أنها تغلي بهم كغليان المرجل أي القدر.
(تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ)، أي: تكاد تتقطَّع وينفصل بعضها عن بعض من تغيُّظِها عليهم، (كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ) [8]؟ أي: كلما ألقى فيها جماعة من الناس سألهم خزنتها من اللائمة سؤال توبيخ وتقريع: ألم يأتكم في الدنيا مَن ينذركم مِن هذا اليوم ويحذركم منه؟.
فأجابوا: (قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ)، أي: بلى جاءنا فأنذرنا فكذبنا ذلك النذير، وقلنا ما أنزل الله من شيء من الوحي، (إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ) [9]، أي: في ذَهَابٍ عن الحق، وبُعْدٍ عن الصواب.
(وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ) [10]، أي: لو كنا نسمع ما خاطبَنا به الرسلُ أو نعقل شيئا من ذلك ما كنا في عداد أهل النار، قال سبحانه (فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ)، أي: الذي استحقوا به عذاب النار، وهو الكفر وتكذيب الأنبياء، (فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ) [11]، أي: فبعداً لهم من رحمته! وهلاكاً لأهل النار!.
ولما فرغ سبحانه من ذكر أحوال أهل النار ذكر حال أهل الجنة فقال: (إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ)، أي: يخشون عذابه ولم يروه، فهم يؤمنون به خوفاً من عذابه، (لَهُمْ مَغْفِرَةٌ) عظيمة يغفر الله بها ذنوبهم، (وَأَجْرٌ كَبِيرٌ) [12]، وهو الجنة.
ثم عاد سبحانه إلى خطاب الكفار فقال: (وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) [13]، أي: إن أخفيتم كلامكم أو جهرتم به في أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فكل ذلك يعلمه الله، لا تخفى عليه منكم خافية، فهو يعلم السر ومضمَرات القلوب.
قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: نزلت في المشركين، كانوا ينالون من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيخبره جبريل بما قالوا: فقال بعضُهُم لبعض: أسِروا قولكم حتى لا يسمع إلهُ محمد! فأخبره الله أنه لا يخفى عليه خافية.
(أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ)؟! الاستفهام للإنكار، أي: بلى! يعلم مَن خلَق ذلك وأوجده، (وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) [14]، أي: لطف علمه بما في القلوب، الخبير بما تسره وتضمره من الأمور.
ثم امتنَّ اللهُ سبحانه على عباده فقال: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا)، أي: سهلة لينة تستقرون عليها، ولم يجعلها خشنة بحيث يمتنع عليكم السكون فيها، والمشي عليها، (فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا)، أي: طرقها وأطرافها وجوانبها. وقيل: مناكبها جبالها، (وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ)، أي: مما رزقكم الله وخلَقه لكم في الأرض، (وَإِلَيْهِ النُّشُورُ) [15]، أي: وإليه البعث من قبوركم، لا إلى غيره، وفي هذا وعيد شديد.
ثم خوف سبحانه الكفار فقال: (أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ)، أي: يقلعها ملتبسة بكم، (فَإِذَا هِيَ تَمُورُ) [16]؟ أي: تضطرب وتتحرك على خلاف ما كانت عليه من السكون، وتهتز بكم اهتزازاً شديداً عنيفاً.
(أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا)، أي: يرسل عليكم حجارة من السماء، وفيه وعيد وتهديد شديد، (فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ) [17]، أي: إنذار اذا عاينتم العذاب.
(وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ)، أي: الذين قبل كفار مكة من كفار الأمم السابقة، كقوم نوح وعاد وثمود وغيرهم، (فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ) [18]؟ أي: فكيف كان إنكاري عليهم بما أصَبْتُهُم به من العذاب الفظيع؟!.
(أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ)؟ أي: أَغَفلوا ولم ينظروا إلى الطير صافَّةً أجنحتها في الهواء، وتبسطها عند طيرانها، (وَيَقْبِضْنَ)، أي: يضممن أجنحتهن. (مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ)، أي: ما يمسكهن في الهواء عند الطيران إلا الرحمن القادر على كل شيء، (إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ) [19]، لا يخفى عليه شيءٌ، كائنا ما كان.
(أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ)، أي: إنه لا جند لكم يمنعكم من عذاب الله، والجند: الحزب والمنعة، (إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ) [20]، أي: في غرور عظيم، حيث غرهم الشيطان.
(أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ)؟ أي: مَن الذي يدرّ عليكم الأرزاق من المطر وغيره، إن أمسك الله ذلك ومنعه عنكم؟ (بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ) [21]، أي: لم يتأثروا، بل تمادوا في عناد واستكبار عن الحق، ونفور منه.
ثم ضرب الله سبحانه مثلا للمشرك والموحد لإيضاح حالهما، وبيان مآلهما، فقال: (أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى)؟ المــُكِبّ: الساقط على وجهه، أي هل هذا الذي يمشي على وجهه أهدى إلى المقصد الذي يريده، (أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) [22]؟ أي: يمشى معتدلا ناظراً إلى ما بين يديه على مستوى لا اعوجاج به، ولا انحراف فيه.
ثم أمر الله سبحانه رسوله -صلى الله عليه وسلم- بأن يخبرهم أن الذي أنشأهم النشأة الأولى من العدم هو الله سبحانه فقال: (قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ) [23]، أي: خلقكم وجعل لكم ما تُدركون به المسموعات والمبصرات والمعقولات؛ إيضاحاً للحجة، وقطعاً للمعذرة، وذما لهم على عدم شكرهم نعم الله عليهم.
(قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) [24]، أي: الذي خلقكم في الأرض، وكثَّركم فهيا، وأن مرجعكم للجزاء والحساب إلى الله لا إلى غيره.
ثم ذكر الله سبحانه أنهم يستعجلون العذاب فقال: (وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) [25]؟ أي: متى ذلك الوعد الذي تذكرونه لنا من الحشر، والقيامة، والنار، والعذاب، إن كنتم صادقين في ذلك؟
فأمَر الله سبحانه رسوله -صلى الله عليه وسلم- أن يجيبهم فقال: (قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ)، أي: إن وقت الساعة علمه عند الله لا يعلمه غيره، (وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ) [26]، أي: أنذركم وأخوفكم عاقبة كفركم، وأبين لكم ما أمرني الله ببيانه.
ثم بين الله سبحانه حالهم عند معانية العذاب فقال: (فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً)، يعني رأوا العذاب قريبا منهم، (سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا) واسودت وعلَتها الكآبة، وغشِيَتها الذلة، (وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ) [27]، أي: قيل لهم توبيخاً وتقريعاً: هذا المشهد الحاضر من العذاب هو الذي كنتم تطلبونه في الدنيا، وتستعجلون به استهزاء وتكذيباً.
(قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَنْ مَعِيَ)، أي: أخبروني إن أهلكني الله بموت أو قتل أنا ومن معي من المؤمنين (أَوْ رَحِمَنَا) بتأخير ذلك إلى أجل، أو لم يعذبنا، (فَمَنْ يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ) [28]؟ أي: فمَن يمنعهم ويؤمِّنهم من العذاب؟.
(قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آَمَنَّا بِهِ) وحده لا نشرك به شيئاً، (وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا) لا على غيره، والتوكُّلُ تفويض الأمر إلى الله -عز وجل-، (فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ) [29]، منا ومنكم، وفي هذا تهديد شديد، مع إخراج الكلام مخرج الإنصاف.
ثم احتجَّ الله سبحانه عليهم ببعض نِعَمه، وخوَّفَهم بسلب النعمة عنهم فقال: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا)، أي: اخبروني: إن صار ماؤكم غائراً في الأرض لا يبقى له وجود فيها أصلا، أو صار ذاهبا في الأرض إلى مكان بعيد بحيث لا تناله الدِّلاء؟ وقيل الغائر: الناضب، (فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ) [30]؟ أي: مَن يأتيكم بماء طاهر تراه العيون، وتناله الدلاء؟ أي هل يأتيكم به غير الله؟ لا والله!.
عباد الله: أسأل الله أن أكون قد أعطيت فكرة موجزة عن بعض معاني آيات سورة الملك، التي سميت المانعة أيضا، وأن يبارك الله لنا فيها، وفي كتابه الكريم، وما جاء فيه من الذكر الحكيم، وبهدي رسوله الكريم، صلى اله عليه وسلم، أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين واشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمداً عبه ورسوله -صلى الله عليه وسلم- وعلى آله وصحبه أجمعين ومن والاه واتبع هداه إلى يوم الدين، أما بعد:
أما بعد: عباد الله! سورة الملك عالَجَت موضوع العقيدة في أصولها الكبرى، وتناولت ثلاثة أهداف رئيسية هي:
1- إثبات عظمة الله وقدرته على الإحياء والإماتة، فالله -عز وعلا- بيده الملك والسلطان، وهو المهيمن على الأكوان، الذي تخضع لعظمته الرقاب، وتعنوا له الجباه، وهو المتصرِّف في الكائنات بالخلق والإيجاد.
2- إقامة الأدلة على وحدانية رب العالمين، فتحدثت عن خلق السماوات السبع، وما زيَّن اللهُ به السماء الدنيا من الكواكب الساطعة، والنجوم اللامعة.
3- بيان عاقبة المكذبين الجاحدين للبعث والنشور، وما حل بالأمم السابقة المكذِّبة، وحذَّرَتْ من عذاب الله وسخطه أن يحل بأولئك الكفرة الجاحدين ما حل بالمكذبين ممن سبقهم، حيث أشارت السورة الكريمة بالإنذار والتحذير للمكذبين بدعوة الرسول من حلول العذاب لهم في الوقت الذي كانوا يتمنون فيه موت الرسول -صلى الله عليه وسلم- وهلاك المؤمنين، (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَنْ يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ) [28].
عباد الله: احرصوا على قراءة هذه السورة كل يوم، ولْيَعْمَلْ كل منكم على حفظها، فهي تذكر المسلم بالموت، أسأل الله لي ولكم النجاة من عذابه، إنه سميع قريب مجيب الدعاء.
وصلوا وسلموا عباد الله على خاتم رسل الله نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-.
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي