حج النبي صلى الله عليه وسلم حجةً واحدة، كانت أعظم حجة في التاريخ وأفضلها، أقام فيها شعائر الله تعالى، وعظَّم حرماته، وصدع بدينه، وبيَّن للناس مناسكهم، وخطب فيهم يعلمهم ويبشرهم وينذرهم... وسميت حجته تلك حجة الوداع؛ لأنه عليه الصلاة والسلام ودَّع أصحابه فيها، وبيَّن لهم مناسكهم وهو يقول: "لعلي لا أراكم بعد عامي هذا" ..
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران:102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء:1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب: 70-71].
أما بعد: فإن أحسن الحديث كلام الله تعالى، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
أيها الناس: فَضْلُ الله تعالى على عباده ليس يحصيه العد؛ خلقهم ورزقهم، وعافاهم واجتباهم، وكلفهم وهداهم، وفتح لهم أبواب التوبة، ونوَّع لهم سبل الخير، وجعل لهم مواسم وأياماً يفضل العمل فيها على غيرها؛ فضلاً منه على عباده، ورحمة بهم، وزيادة في ثوابهم إذا هم عمروا هذه الأيام الفاضلة بطاعة الله عزَّ وجلَّ.
وإن أفضل أيام يعمل فيها بالصالحات هي أيام عشر ذي الحجة كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ما العمل في أيام العشر أفضل من العمل في هذه"، قالوا: ولا الجهاد؟ قال: "ولا الجهاد، إلا رجل خرج يخاطر بنفسه وماله فلم يرجع بشيء" رواه البخاري.
وإذا كانت عشر رمضان الأخيرة فُضلت لياليها بليلة القدر، فإن أيام عشر ذي الحجة فضلت بيوم عرفة، والعملُ فيها أفضل من العمل في أيام عشر رمضان كما هو نص الحديث.
ومن العمل فيها صيامُها، وخاصةً صوم يوم عرفة لغير حاج، وهو يكفر السنة الماضية والسنة الباقية، كما صح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من حديث أبي قتادة -رضي الله عنه-.
والذكر فيها مأمور به في قول الله تعالى: (وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ) [الحج:27]، وفي قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد" رواه أحمد.
وشرعت فيها الأضحية يوم النحر، وأعظم عبادة يُتقرب بها إلى الله تعالى في ذلك اليوم هي إهراقُ الدم عقب الصلاة، ومن أراد أن يضحي فلا يأخذ من شعره ولا من أظفاره منذ دخول الشهر، كما أمر بذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. وأكبر عبادة في هذا الموسم العظيم: حج بيت الله الحرام، وزيارة مشاعره، وتعظيم شعائره.
إن الحج ركنُ الإسلام الخامس، وفيه عبادات متنوعة، وشعائر معظمة؛ تعظم بها الأجور، وتكثر فيها المنافع: (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ) [الحج:27-28].
حج النبي -صلى الله عليه وسلم- حجةً واحدة، كانت أعظم حجة في التاريخ وأفضلها، أقام فيها شعائر الله تعالى، وعظم حرماته، وصدع بدينه، وبين للناس مناسكهم، وخطب فيهم يعلمهم ويبشرهم وينذرهم.
لما عزم -عليه الصلاة والسلام- على الحج أَذَّنَ في الناس به؛ فتجهزوا للخروج معه، وسمع ذلك مَنْ حولَ المدينة، فقدموا يريدون الحج مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ووافاه في الطريق خلائق لا يحصون، فكانوا من بين يديه، ومن خلفه، وعن يمينه وعن شماله مدّ البصر.
كلهم شرفوا بالحج مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهل حجةٌ أفضل من حجةٍ يؤمهم فيها أفضل البشر، وخاتمُ الرسل، يهتدون بهديه، ويستنون بسنته، ويقلدونه في أفعاله، وينعمون برؤيته، ويستمعون إلى خطابه، ويأخذون عنه مناسكهم، ويشاركونه في تعظيم الله تعالى وذكره وشكره؟!.
فيا لله العظيم! ما أعظم تلك الحجة! ويا لسعادة من حضرها!.
إن من حضرها طاف مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالبيت، ووقف معه في عرفة، وفي المشعر الحرام في مزدلفة، وشاركه في الهدي، وفي الجمار، وبات معه في منى، واستمع إليه وهو يخطب في الناس يعلمهم مناسكهم ودينهم، ويحضهم على ما فيه فلاحهم، وينهاهم عما يضرهم. فلو كان الأمر بالاختيار لاختار كل المسلمين أن يحجوا معه -عليه الصلاة والسلام-؛ ولكن ذلك فضل من الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم.
وقف -عليه الصلاة والسلام- يوم الجمعة في عرفة، وخطب الناس خطبة عظيمة بليغة بيَّن فيها الحقوق والحرمات، ووضعَ فيها مآثر الجاهلية تحت قدميه، وأوصى بالنساء، ودلَّهم على سبيل العصمة من الضلال.
ثم أشهدهم على بلاغه، فشهدوا في ذلك الجمع العظيم شهادةً ما اجتمع حشدٌ مثلَه يشهدون على مثل ما شهدوا عليه، فقال -عليه الصلاة والسلام- في تلك الجموع العظيمة: "إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا. ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع، ودماءُ الجاهلية موضوعة، وإن أول دم أضع من دمائنا دم ابن ربيعة بن الحارث -كان مسترضعًا في بني سعد فقتلته هذيل-، وربا الجاهلية موضوع، وأول ربًا أضع ربانا، ربا عباس بن عبد المطلب فإنه موضوع كله.
فاتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمان الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولكم عليهم أن لا يُوطئن فرشكم أحداً تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضرباً غير مبرِّح، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف.
وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به: كتاب الله، وأنتم تسألون عني، فما أنتم قائلون؟" قالوا: نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت، فقال بإصبعه السبابة يرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس: "اللهم اشهد، اللهم اشهد، اللهم اشهد".
وخطبهم -عليه الصلاة والسلام- يوم النحر خطبة عظيمة، قال فيها: "إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض، السنة اثنا عشر شهرًا، منها أربعة حرم، ثلاث متواليات: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، ورجبٌ، شهر مضر الذي بين جمادى وشعبان".
ثم قال: "أي شهر هذا؟" قلنا: الله ورسوله أعلم، فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، فقال: "أليس ذو الحجة؟" قلنا: بلى، قال: "فأيُّ بلد هذا؟" قلنا: الله ورسوله أعلم، فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، قال: "أليس البلدة؟" قلنا: بلى، قال: "فأيُّ يوم هذا؟" قلنا: الله ورسوله أعلم، فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، قال: "أليس يوم النحر؟" قلنا: بلى يا رسول الله. قال: "فإن دماءَكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا، وستلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم، فلا ترجعنَّ بعدي ضُلَّالاً يضرب بعضكم رقاب بعض، وليبلغ الشاهدُ الغائب، فلعل بعض من يبلغه يكون أوعى له من بعض من سمعه"، ثم قال: "ألا هل بلغت؟" رواه الشيخان.
وخطبهم -عليه الصلاة والسلام- في أوسط أيام التشريق خطبة علمهم فيها مناسكهم، وكانت خطبه -عليه الصلاة والسلام- تبلغ الناس في منازلهم وخيامهم أينما كانوا، يُبلغها رب العالمين جلَّ جلاله، فعن عبد الرحمن بن معاذ التميمي رضي الله عنه قال: خطبنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بمنى ففتح الله أسماعنا حتى إن كنا لنسمع ما يقول ونحن في منازلنا، فطفق النبي -صلى الله عليه وسلم- يعلمهم مناسكهم. رواه أبو داود والنسائي واللفظ له.
وسميت حجته تلك حجة الوداع؛ لأنه -عليه الصلاة والسلام- ودَّع أصحابه فيها، وبيَّن لهم مناسكهم وهو يقول: "لعلي لا أراكم بعد عامي هذا"، وقال: "يا أيها الناس، خذوا عني مناسككم، فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه" أخرجه مسلم وغيره.
قال النووي -رحمه الله تعالى-: فيه إشارةٌ إلى توديعهم، وإعلامهم بقرب وفاته -صلى الله عليه وسلم-، وحثهم على الاعتناء بالأخذ عنه، وانتهازِ الفرصة من ملازمته، وتعلم أمور الدين، وبهذا سميت حجة الوداع.
أسأل الله تعالى أن يقبل منا ومن المسلمين، وأن يستعملنا في طاعته، وأن يحشرنا في زمرة النبيين والصديقين، إنه سميع مجيب، وأقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم...
الحمد لله حمدًا طيبًا كثيرًا مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى، أحمده وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداهم إلى يوم الدين.
أما بعد: فاتقوا الله -عباد الله- واعمروا أوقاتكم بذكره، وعظموا شعائره، (وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى القُلُوبِ) [الحج:32].
أيها الناس: كانت خطب النبي -صلى الله عليه وسلم- في حجته التي ودَّع الناس فيها متضمنةً لمعانٍ عظيمة، وجامعةً لما يحتاجه المسلمون أفرادًا وجماعاتٍ؛ ففيها بيانُ حرمةِ الدم والمالِ والعرض، والتحذير من الاختلاف والفتنة، ووضع مآثرِ الجاهلية وأعرافِها وأخلاقها، والوصية بالنساء وبيان حقهن وما عليهن، والحث على الاعتصام بكتاب الله تعالى؛ فمن اعتصم بهديه فلن يضل.
إن هذه الخطبة الجامعة لما يجب أن يكون عليه المسلم تعظم أهميةُ تدبرها، والأخذ بما فيها في هذا الزمن الذي اختلط فيه الأمر، وعظم الشر، وكثر الهرج، وانفتحت أبوابُ الفتن، وخاصة ما ينفثه المنافقون، وما يدعو إليه الكافرون من التخلي عن الدين، ونبذ أحكامه؛ بحجة أنها رجعية لا تناسب هذا العصر، والنبي -صلى الله عليه وسلم- في حجته قد أوضح للأمة أن من اعتصم بكتاب الله تعالى، وأخذ بما فيه فلن يضل، ولكن الكافرين والمنافقين يقهرون المسلمين على التخلي عن كتاب الله تعالى، وتركِ العمل بما فيه؛ ليوردوهم موارد الضلال والإثم والهلاك في الدنيا والآخرة.
وقد بلغ من سخريتهم بنا وبديننا أنهم يجتمعون في بلادنا، يتآمرون على ديننا وأخلاقنا، ويبحثون شأننا الاقتصادي، في ثلة ممن يسمونهن سيدات المجتمع، سافرات متبرجات، قد اختلطن بالرجال، فيهن العجوز المتصابية، وفيهن المراهقة الجاهلة، وقد استضافوا في مؤتمرهم من تلطخت أيديهم بدماء المسلمين، ومن نهبوا ثرواتهم؛ ليحلوا لهم مشاكلهم الاقتصادية.
والحديث في المؤتمر كان بلغة غير لغتنا، ولباس أصحابه كان اللباس الإفرنجي، وكبيرهم من الرأسماليين الذين نهبوا ثروات العالم صار يفتي في ديننا، ويعلمنا كيف يفكر رسولنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، وبنو دينه وقومه كانوا بالأمس وإلى اليوم يسبون النبي -صلى الله عليه وسلم-، ويتهمونه بالتطرف والإرهاب!.
وبعض النساء المختارات لهذا المؤتمر لسن يعرفن من مشاكلنا وبلادنا شيئًا، ونسبتهن إليها تنحصر في أن لهن أجدادًا كانوا يومًا ما من بلادنا، فلغتهن هي لغة البلاد التي عشن فيها، وتزوجن فيها، وأخلاقهن هي أخلاقهم، حتى أموالهن وأموال آبائهن شُغِّلت في البلاد التي عشن فيها، ولم ينتفع بها المسلمون.
ثم تقوم الصحافة المنحرفة، والإعلام المأفون بتصوير هؤلاء السافرات على أنهن سيدات المجتمع، والممثلات لنساء المسلمين، ويصادر حق الملايين من النساء العفيفات، والفتيات المحصنات المؤمنات، ولا يُعرض رأيهن في الحجاب وفي الاختلاط وغير ذلك من قضايا النساء، من أجل هذه الشرذمة القليلة من السافرات المتبرجات، اللائي يعرضن رأيهن المنحرف في ذلك بأقوالهن وسلوكهن، ثم يعمم ذلك على أنه رأي الجميع، فأين هي الموضوعية التي يتشدق بها من يُسمون بالمفكرين والصحفيين؟! وأين العدل؟ أين العدل؟.
إنهم يريدون فرض رؤيتهم الفكرية على الناس بالقوة، في إرهاب فكري وإعلامي لا مثيل له، وفي الوقت الذي يشتكون فيه من الاستبداد والتسلط السياسي والديني؛ فإنهم يمارسون أبشع صور الاستبداد والتسلط على ديننا وأخلاقنا وأعرافنا، وعلى حق نسائنا في حجابهن وعفتهن وحفظهن، وهم وهن ثلة من المنحرفين والمنحرفات لا تمثل إلا نفسها، بل وتمثل من يدفعها إلى ذلك من الكفار والمنافقين الذين لا يريدون الخير بالمسلمين، ويحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا.
إن هذا المنكر العظيم يجب إنكاره بالوسائل المأذون فيها شرعًا، وحسب القدرة والاستطاعة، وكل بحبسه، كما يجب فضح الأطروحات الفكرية المنحرفة التي تغلف بأغلفة تخالف مضمونها كالإصلاح، والتقدم، والتطور، وحرية المرأة، وإعطائها حقوقها، وغير ذلك من الشعارات.
وقد رأينا بلادًا حولنا كثيرة أُخرجت فيها المرأة من بيتها، ونبذت حجابها، وخالطت الرجال، ونافستهم في أعمالهم، وصارعتهم في ميادينهم، فما رأينا بلادهم تقدمت؛ بل ازدادت جهلاً إلى جهلها، وفقرًا إلى فقرها، وتخلفًا إلى تخلفها، وتفككت كثير من أسرهم، وضاع كثير من أولادهم، وعمّ الجهل بالدين وأحكامه أرجاء بلادهم، ولا حصلوا الدنيا التي من أجلها نبذوا الدين، وأفسدوا المرأة والأسرة، فصاروا كالمُنْبَتِ، لا ظهرًا أبقى، ولا أرضًا قطع، ونعوذ بالله من خسران الدنيا والآخرة.
ألا فاتقوا الله ربكم، واستمسكوا بدينكم، واحفظوا بيوتكم، وخذوا على أيدي السفهاء منكم؛ فإن العقوبة إذا نزلت عمت، ولا تخص المفسدين وحدهم؛ بل تعم الجميع، (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ العِقَابِ) [الأنفال:25].
وإن من أعظم ما يدرأ العقوبات، ويرفع البلاءَ الأمرُ بالمعروف، والنهي عن المنكر، والسعي بالصلاح والإصلاح: (فَلَوْلَا كَانَ مِنَ القُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ * وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ القُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ) [هود: 116-117].
أسأل الله تعالى بمــَنِّه وكرمه أن يصلح أحوالنا وأحوال المسلمين، وأن يكفينا شر أنفسنا، وشر كل مفسد ومُفْسِدة، وأن يجنبنا والمسلمين الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يحفظ بلادنا وبلاد المسلمين من كيد الكائدين، وشر المتربصين، وحسد الحاسدين، وأن يرد كيدهم إلى نحورهم، إنه سميع مجيب، والحمد لله رب العالمين.
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد.
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي