وسميت بهذا الاسم الجليل (المؤمنون) تخليداً لهم، وإشادة بمآثرهم وفضائلهم الكريمة، التي استحقوا بها الفلاح والفوز والسعادة، والحصول على البغية؛ وذلك لخشوعهم في صلاتهم، وإعراضهم عن لغو الكلام من الكذب والشتم وغيره، وأدائهم لزكاة أموالهم، طيبة بها نفوسهم، وحفظهم لفروجهم من الحرام، وعما لا يحل من الزنا واللواط وكشف العورات، إلا من زوجاتهم وما ملكت أيمانهم من الإماء ..
الحمد لله الذي أعلى شان المؤمنين، وأورثهم الفردوس أعلى منازل الجنة هم فيها خالدون، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه ومن والاه واتبع هداه إلى يوم الدين.
فيا عباد الله: مَن هم المؤمنون؟ إنهم المصدِّقُون بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخِر، والقدَرِ خيرِه وشَرِّهِ.
والإيمان في اللغة: التصديق، وفي الشرع تصديقٌ بالقلب، وعملٌ بالجوارح، وفي كتاب الله سورة المؤمنون، وهي السورة الثالثة والعشرون في ترتيب المصحف الشريف، وآياتها ثمان عشرة ومائة آية، وهي مكية تعالج أصول الدين في التوحيد والرسالة والبعث.
وسميت بهذا الاسم الجليل (المؤمنون) تخليداً لهم، وإشادة بمآثرهم وفضائلهم الكريمة، التي استحقوا بها الفلاح والفوز والسعادة، والحصول على البغية؛ وذلك لخشوعهم في صلاتهم، وإعراضهم عن لغو الكلام من الكذب والشتم وغيره، وأدائهم لزكاة أموالهم، طيبة بها نفوسهم، وحفظهم لفروجهم من الحرام، وعما لا يحل من الزنا واللواط وكشف العورات، إلا من زوجاتهم وما ملكت أيمانهم من الإماء، ولا يتجاوزون ذلك إلى ما حرَّم الله، والذين يحفظون أماناتهم ولا يخونوها إذا ائتمنوا، ويداومون على أداء الصلوات الخمس ويؤدونها في أوقاتها.
فمن اجتمعت له هذه الأوصاف فهم المؤمنون حقاً، الجديرون بوراثة جنات النعيم، بل ويرثون أعالي الجنة التي تتفجر منها أنهار الجنة، وفي الحديث: "إذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه أواسط الجنة، ومنه تَفَجَّرُ أنها الجنة" أخرجه مسلم.
قال تعالى: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) [المؤمنون:1-11].
ثم عرضت السورة بعض الأدلة والبراهين على قدرة الله ووحدانيته، فقال سبحانه: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ) [12]، أي: ولقد خلقنا جنس الإنسان من صفوة وخلاصة استُلَّتْ من طين، قال ابن عباس -رضي الله عنهما- هو آدم؛ لأنه أنسل من الطين.
(ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ) [13]، أي: ثم جعلنا ذرية آدم وبنيه منيَّاً ينطف من أصلاب الرجال في مستقَرٍّ مُتَمَكِّنٍ هُوَ الرَّحِم.
(ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً)، أي: ثم صيَّرْنا هذه النطفة دماً جامداً يشبه العلقة، (فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً)، أي: جعلنا الدم الجامد قطعة لحم لا شكل فيها ولا تخطيط، (فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا)، أي: صيَّرْنا قطعة اللحم عظاماً صلبة لتكون عموداً للبدن، (فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا)، أي: سترنا تلك العظام باللحم وجعلناه كالكسوة لها، (ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آَخَرَ)، أي: ثم بعد تلك الأطوار نفخنا فيه الروح فصيرناه خلقاً آخر في أحسن تقويم، حيث جعله الله خلقاً مُبايِنَاً للخَلْق الأول فصار إنساناً وناطقاً سمعياً وبصيراً، وأودع الله في كل عضو من أعضائه عجائب فطرة، وغرائب فيها من الحكمة الربانية ما لا يحيط بها وصف الواصفون، (فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) [14].
(ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ) [15]، أي: ثم إنكم أيها الناس بعد تلك النشأة والحياة لصائرون إلى الموت، (ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ) [16]، أي: تُبْعَثون من قبوركم للحساب والجزاء.
وعرضت السورة الكريمة لدلائل القدرة والوحدانية، مُصَوَّرةً في هذا الكون العجيب في الإنسان -كما ذكرنا-، والحيوان، والنبات، ثم في خلق السماوات البديعة، ذات الطرائق وفي الآيات الكونية المـــُنْبَثَّة فيما يشاهده الناس في العالم المنظور من أنواع النخيل والأعناب والزيتون والرمان، والفواكه والثمار، والسفن الكبيرة التي تمخر عباب البحار، وغير ذلك من الآيات الكونية الدالة على وجود الله -جل وعلا-، وقدرته، وعظمته.
وقد عرضت السورة لقصص بعض الأنبياء، تسليةً لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- عمّا يلقاه من أذى المشركين، فذكرت قصة نوح، ثم قصة هود، ثم قصة موسى، ثم قصة مريم البتول وولدها عيسى، عليهم جميعاً السلام.
وفي قصة نوح -عليه السلام- دعا قومه إلى عبادة الله فكذبوه واتهموه بالجنون، ثم دعا الله أن ينصره عليهم بعد أن يئس من إيمانهم بعد تسعمائة وخمسين سنة يدعوهم إلى توحيد الله وعبادته، فأوحى الله إليه أن يصنع الفلك بأمر الله وتعليمه، فإذا جاء أمر الله بإنزال العذاب، (وَفَارَ التَّنُّورُ) [27]، أي: فار الماء في التنور الذي يُخبَز فيه.
قال المفسرون: جعل الله ذلك علامة لنوح على هلاك قومه، عند ذلك أمره الله سبحانه أن يُدخل في السفينة من كل صنف من الحيوانات زوجين ذكراً وأنثى؛ لئلا ينقطع نسل ذلك الحيوان، وأن يحمل أهله أيضاً، إلا مَن سبَقَ عليه القول بالهلاك ممن لم يؤمن بالله، كزوجته وابنه، ونهاه الله سبحانه أن يسأله الشفاعة للظالمين عند مشاهدة هلاكهم، فقد قضى الله بأنه محكوم عليهم بالغرق.
كما أمره إذا استوي على السفينة وعلا عليها هو ومَن معه من المؤمنين أن يحمد الله على تخليصه لهم من الغرق، وأمَره أن يقول أيضاً: (وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبَارَكًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ) [29]، أي: أنزلني إنزالاً مباركاً يحفظني من كل سوء وشر، قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: هذا حين خرج من السفينة. وأنت يا رب خير المنزلين لأوليائك، والحافظين لعبادك، وإن فيما جرى على قوم نوح لدلائل وعبر يستدل بها أولو الأبصار.
وأشارت السورة إلى قصة مريم البتول وابنها عيسى -عليهما السلام- في آية واحدة، حيث قال تعالى: (وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آَيَةً)، أي: معجزة عظيمة تدل على كمال قدرة الله، (وَآَوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ) [50]، أي: وجعلنا منزلهما ومأواهما إلى مكانٍ مرتفِعٍ من أرض بيت المقدس مستوية يستقر عليها، وماء جار ظاهر للعيون.
وبعدها خاطب الله الرسل بقوله: (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) [51]، أي: كلوا من الحلال، وتقرَّبوا إلى الله بالأعمال الصالحة، إني عالم بما تعملون، ولا يخفى عليَّ شيء ٌمن أمركم؛ وفيه وعيد وتحذير.
(وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ) [52]، أي: دينكم -يا معشر الأنبياء- دين واحد، وملتكم ملة واحدة وهي دين الإسلام، وأنا ربكم لا شريك لي فخافوا عذابي وعقابي.
وروى الإمام أحمد في سورة المؤمنين عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يقول: كان إذا نزل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الوحي يُسمع عند وجهه دويٌّ كدويِّ النحل، فمكثنا ساعة، فاستقبل القبلة ورفع يديه فقال: "اللهم زدنا ولا تنقصنا، وأكرمنا ولا تُهِنَّا، وأعطنا ولا تحرمنا، وآثرنا ولا تؤثر علينا، وارض عنا وأرضِنا"، ثم قال: "لقد أنزلت عليَّ عشرُ آياتٍ، من أقامهن دخل الجنة"، ثم قرأ علينا (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ)، حتى ختم العشر، أي الأول، منها.
وقد عرضت السورة أيضا لكفار مكة وعنادهم ومكابرتهم للحق بعد أن سطع كسطوع الشمس في رابعة النهار، وأقامت الحجج والبراهين على البعث والنشور، وهو المحور الذي تدور حوله السورة، وأهم ما يجادل فيه المبطلون، فقصمت بنيانها الساطع ظهر الباطل، (فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ * فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ * أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ * نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لَا يَشْعُرُونَ) [53-56].
ولما ذم اللهُ المشركين وتوعدهم عقب على ذلك بمدح المؤمنين، وذكَّرهم بأغلب صفاتهم فقال: (إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ * وَلَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ) [57-62].
ثم يعود الكلام عن المجرمين الكفرة: (بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِنْ هَذَا) [63]، أي: في غطاء وغفلة وعماية عن القرآن، (وَلَهُمْ أَعْمَالٌ مِنْ دُونِ ذَلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ * حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ) [63-64]، أي: يصيحون ويرفعون أصواتكم بالاستغاثة، (لَا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ إِنَّكُمْ مِنَّا لَا تُنْصَرُونَ * قَدْ كَانَتْ آَيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ تَنْكِصُونَ) [65-66]، أي: كنتم تنفرون عن تلك الآيات كما يذهب الناكص على عقبيه بالرجوع إلى ورائه، وهذا تمثيل لإعراضهم عن الحق بالرجوع إلى الخلف، (مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُونَ) [67]، أي: مستكبرين بسبب القرآن عن الإيمان، متحدثين في سمركم ليلاً بالطعن وسب النبي -صلى الله عليه وسلم-.
وتمضي السورة إلى إيضاح حال المشركين مما آمل أن تُقرأ مع تفسيرها، داعياً الله العزيز الجليل أن ينفعنا بها وبما سمعنا، وبهدي كتابه الكريم، وسنة نبيه خاتم المرسلين، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين؛ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله، اللهم صَلِّ وسلِّم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبِعَهُم بإحسان إلى يوم الدين.
عباد الله: استكمالاً للحديث عن سورة المؤمنون فقد تحدثت السورة في الجزء الأخير منها عن الأهوال والشدائد التي يلقاها الكفار وقت الاحتضار، في سكرات الموت، وقد تمنوا العودة إلى الدنيا ليتداركوا ما فاتهم من صالح العمل، ولكن هيهات! فقد انتهى الأجل، وضاع الأمل.
(حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) [99-100]، والبرزخ هو الحاجز الذي يمنعهم من الرجوع إلى الدنيا يلبثون فيه إلى يوم القيامة.
(فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ) [101]، أي: فلا قرابة ولا نسابة تنفعهم يوم القيامة، ولا يسأل بعضهم بعضاً عن شأنه؛ لاشتغال كل واحد بنفسه.
(فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ * تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ) [102-104]، أي: وهم في جهنم عابسون. قال ابن مسعود -رضي الله عنه-: قد بدت أسنانهم وتقلصت شفاههم كالرأس المشيط بالنار.
(أَلَمْ تَكُنْ آَيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ * قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ * رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ * قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ) [105-108]، أي: ذلوا في النار وانزجِروا كما تُزْجَر الكلاب، ولا تكلموني في رفع العذاب.
(إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آَمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ * فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ) [109-110]، أي: استهزأتم بهم حتى نسيتم بتشاغلكم بهم واستهزائكم بهم طاعتي وعبادتي، وكنتم تضحكون عليكم في الدنيا.
(إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ) [111]، أي: بالنعيم المقيم في الجنة، ثم سأل الله الكفار عن مدة مكثهم في الدنيا للتبكيت والتوبيخ: (قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ * قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ) [112-113]، أي: مكثنا يوماً أو أقل من يوم فأسال الحاسبين المتمكنين من العد، فرد عليهم الله -عز وجل- بقوله: (قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) [114]، والغرض تعريفهم قلة أيام الدنيا في مقابلة أيام الآخرة.
(أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ * فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ) [115-116]، أي: تنزه وتقدس عن كل عيب ونقص.
(وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ * وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ) [117-118]، اللهم اغفر برحمتك التي وسعت كل شيء يا أرحم الراحمين، اللهم آمين، يا سميع الدعاء.
وصلُّوا وسلِّموا -عباد الله- على خاتم رسل الله نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-.
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي