ما هو شعورك لو أن ساحراً خبيثاً يكفر بالله العظيم، يريد أن يفرق بينك وبين زوجتك لا قدر الله ، أو يتسبب لك حفظك الله بشيء من الأمراض.. أو أن وافداً خبيثاً قد اتخذ مصنعاً للخمر بجوار بيتك، يوشك أن يبث الخمرة الملعونة بين أبنائك وإخوانك.. أو أن شاباً فاسداً يعاكس أخواتك أو يتحرش ببناتك.. فجاءت تلك اليد الحانية الحازمة، فقبضت على الساحر فأبطلت كيده ..
أيها المسلم: ما هو شعورك لو أن ساحراً خبيثاً يكفر بالله العظيم، يريد أن يفرق بينك وبين زوجتك لا قدر الله ، أو يتسبب لك حفظك الله بشيء من الأمراض.. أو أن وافداً خبيثاً قد اتخذ مصنعاً للخمر بجوار بيتك، يوشك أن يبث الخمرة الملعونة بين أبنائك وإخوانك.. أو أن شاباً فاسداً يعاكس أخواتك أو يتحرش ببناتك.. فجاءت تلك اليد الحانية الحازمة، فقبضت على الساحر فأبطلت كيده، وداهمت الخمّار فقطعت شره، وأوقفت الشاب فمنعت فساده.. كل ذلك لتنعم أنت وأنا وكل مسلم ومسلمة بالأمان ، ونعيش في كنف العفة والفضيلة.
إنهم.. رجال الهيئات ، أُسْدُ الشّرى, ونمور الورى, وحماة الفضيلة، وحراس الأعراض، وصمامو الأمان.
رجال نذروا أنفسهم, وحملوا أرواحهم على أكفهم, صيانة لأعراض نسائنا, وفلذات أكبادنا من لصوص العورات وسُرَّاق العفة!
يكفي أن هؤلاء الرجال الأبطال ، يقومون بشعيرة هذه الأمة ، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، الشعيرةٌ التي نلنا بسببها الخيرية على سائر الأمم , قال تعالى: (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ).
ووصف الله أهل الإيمان بأنهم: (يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ).
إن من نعم الله الكبرى علينا في هذا البلد وجود جهاز حكومي يعنى بأعمال الحسبة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، يعمل جنباً إلى جنب مع أجهزة الأمن الأخرى ، برجال أمنها وفقهم الله وسددهم.
هذا الجهاز المبارك، من خصائص هذه الدولة المباركة التي قامت على الشريعة والملة.
تأمل في كثيرٍ من المجتمعات التي ضعف فيها جانب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ ترى جهلاً بالسنن , وانتشارا للبدع , وإهمالاً للصلوات , واتِّباعاً للشهوات. وإن من سنن الله الماضية أن يسلط العقوبات والنكبات على تلك المجتمعات ، فإن المنكر متى ما فشا في مجتمع ولم يجد من يقف في طريقه؛ حلُّ بالأمة العذاب والهلاك.
ففي الصحيحين من حديث زينب رضي الله عنها أنها قالت: "يا رسول الله أنهلِك وفينا الصالحون؟ قال: ((نعم , إذا كَثُرَ الخَبَث".
نعم.. إن وجود المصلحين في الأمة هو صمَّام الأمان لها , وسبب نجاتها من الهلاك العام , ولهذا قال تعالى: (وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ) ولم يقل صالحون.
وروى أبو داوود والترمذي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنَّ الناس إذا رأوُا الظالم فلم يأخُذوا على يديه أوشكَ أن يعمَّهم الله بعقابٍ منه".
الله أكبر.. إنه تهديد يهزُّ القلوب الحية , ويحثُّ على المسارعة إلى إحياء هذه الشعيرة والعمل بها وحمايتها والدفاع عن القائمين عليها.
فيا أيُّها المسلم: مُرْ بالمعروف وانْهَ عن المنكر بعلمٍ وحلم , ورفقٍ وصبرٍ ، مستعملا كل وسيلةٍ مباحة متاحة , سواء كان ذلك عن طريق الكلمة الهادفة , أو الكتيِّب المناسب , أو النَّشرة الصغيرة , أو الشريط المفيد , أو الهاتف أو الجريدة أو الرسالة الشخصية، أو غير ذلك من الوسائل التي تقطع المنكرَ أو تخفِّفه, والدال على الخير كفاعله , والمسلمون نَصَحَة , والمنافقون غَشَشَة , ومن يتحر الخير يُهْدَ إلى طريقه , ومن عمل صالحاً فلأنفسهم يُمَهِّدُون.
عباد الله: ظل رجال الهيئة يتوارثون هذه المهمة الشريفة منذ عشرات السنين، حتى نبتت في مجتمعنا المحافظ نابتة خبيثة من أرباب الشهوات، وعشاق الرذيلة؛ فبدأت تُظهر امتعاضها وكراهتها لوظيفة الحسبة، وتجاهر بعدائها لهذا الجهاز ، وظل الهمز واللمز والتجريح والتقبيح ديدن غويلمة الصحافة الذين طالما دبجّوا المقالات وسوّدوا الصفحات بمكائدهم وأكاذيبهم.
أنجم الهيئات لم يسلم حماهم *** من نجاسات الأيادي والمحابر
طالبوا إغلاقها تبت عقول *** تبعت في فكرها أذناب كافر
إنما الهيئات تاج للمصلي *** ولأهل البغي شوك في الحناجر
إنما الهيئات سر الخير فينا *** منبر بالفعل لا كل المنابر
عباد الله: لا شك أن لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر دور عظيم في إصلاح المجتمع والحفاظ على أمنه واستقراره ، فرجال الحسبة يحمون أعراض المسلمين ويحافظون على عقائدهم ، ويذّكرون الناس بإقامة شعائر الله ، ويحاربون الفساد، فكم من مروج للمخدرات قبضوا عليه ، وكم من وكر للدعارة كشفوه، وكم من مصنع للخمور أغلقوه ، وكم من دجال وساحر كبتوه، وكم من شاب ضال إلى الحق ردوه.
كم من عصابة تروج للفساد قمعوها، وكم من فتاة مغرر بها ستروا عليها وحفظوا عرضها، والحقائق والأرقام تشهد بهذا.. مع قلة الحوافز، وضعف الإمكانيات، وقلة الكوادر، وفي وقت تتسع فيه البلاد وتكثر المناشط ويقوى المؤثر الخارجي والإنفتاح العالمي.
بل أقول: كم عدد المجرمين الذين منَّ الله عليهم بالهداية رجالاً ونساءً بسبب نصح هؤلاء المصلحين.
فهذا شابٌّ يلاحق فتاةً في الشوارع ويقف ينتظرها عند مشغلٍ تجاري، فيقبض عليه وتنهمر عيناه بالبكاء ويعلن التَّوبة على يد عضو الهيئة الذي أسمَعَه موعظةً بليغة.
وهذه امرأةٌ اعتادت الفساد تبكي وتُعلن توبتها في المركز بعد أن وقف أحد الأعضاء ينصحها ويعظها وهو تحت وابل المطر وقد تجاوبت عيناه مع السماء فأخذ يعظها ويبكي فتتأثر بكلامه وتقول: أدركت فعلاً أنَّه رجلٌ صادق.
هذه نماذج قليلة وغيضٌ من فيض مما يقوم به حماة الفضيلة، الذين أصبح حظهم وللأسف عند بعض الناس التندُّر بهم في المجالس , ونقل الشائعات ضدهم , وعدم التثبُّت مما يُقال عنهم , وتضخيم الأخطاء وتكبيرها , والله المستعان.
ومع هذا نقول: إن جهاز الهيئة ليس بمعصوم، بل يقع منه أخطاء من قبل بعض منسوبيه كسائر الأجهزة الحكومية الأخرى ذات الاحتكاك المباشر بالجمهور ، لكن هذه الأخطاء مغمورة في بحر الحسنات والمصالح.
سيظل رجال الحسبة بشراً يصيبون ويخطئون، ولكننا نجزم بأن أكثرهم لا يتعمد الخطأ ولا يتقصد الظلم ، كما أن هذه الأخطاء لا تمثل نظام الهيئة، وإنما تمثل سلوكيات بعض المنسوبين لها من حصول تهور واستعجال، أوعدم حكمة، والواجب استصلاح هؤلاء دون تعميم الأحكام، وتحميل الجهاز كله هذه الأخطاء ومعاداة هذه الشعيرة، فإن ذلك من سبل الإفساد التي ينتهجها أعداء الهيئة.
من هم أعداء جهاز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ أعداء الهيئة على أصناف:
فمنهم دعاة العلمانية واللبرالية الذين لا يؤمنون بالأمر والنهي أصلاً، وينادون بالحرية المطلقة.. ومنهم أهل الشهوات والمجاهرة بالمحرمات ، الذين يعادون الهيئة لأنها تقطع عليهم شهواتهم وتفسد برامجهم من السكر والعربدة والعبث ببنات المسلمين.. ومنهم من وقع له قصة مع الهيئة أو موقف شخصي ، وبنى على هذا الموقف عداوة عامة لجهاز الهيئة.. ومنهم بعض الجهلة الذين بنوا موقفهم العدائي تجاه الهيئة على قصص وأخبار دون تثبت وتفهم مع موافقة هوى في نفوسهم ، مع أن كثيراً مما يروى عن الهيئة كذب ملفق ليس له خطام ولا زمام.
فليحذر المسلم من التهوين من أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو يطعن في القائمين بهذه الشعيرة، أويشكك في مقاصدهم أو يشوه سمعتهم ، فإن رأى خطئاً أو نقصاً فليقصد المسؤولين في رئاسة الهيئات وليناصحهم ، وهم بحمد الله حريصون على الإصلاح والتسديد.
نسأل الله أن يصلح أحوال البلاد والعباد إنه قريب مجيب.
الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه
عباد الله: إنَّ مِمَّا يُؤذِن بشرٍّ عظيم ، ما انتشر في الآونة الأخيرة من تكرر الاعتداءات من بعض الْمُفسدين على أعضاء الحسبة أثناء تأديتهم لواجبهم.
وكان من آخر هذه الاعتداءات، ما وقع في الجمعة قبل الماضية في المنطقة الشرقية، حيث كانت دورية الهيئة تمارس عملها لمعتادة في الأسواق والأماكن العامة، فشاهدت الدورية مخالفة على بعض الأشخاص مما استدعى إحضارهم للمركز لتقديم النصح لهم واتخاذ الإجراء المتبع، وفي نفس اليوم، حضر أحد الشباب ومعه عدد كبير من أقاربه ودخلوا مبنى الهيئة، ثم قاموا بضرب أحد الأعضاء، وجره إلى الشارع مما نتج عنه إصابات متفرقة في وجهه وجسده نقل على إثرها إلى المستشفى.. ثم تم بعد ذلك القبض على المتورطين من قبل الجهات الأمنية وهم موقوفون رهن التحقيق، بينما بدأ الأخ المصاب بالتماثل بالشفاء بحمد الله.
وإن من حق هذا العضو المصلح علينا أن ندعو الله له بالشفاء العاجل، نسأل الله أن يشفيه ويعظم أجره.. ومن حقه على المجتمع أن يؤخذ على؟أيدي أولئك السفهاء وتشدد عليهم العقوبة، جزاءً لهم وردعاً لأمثالهم.
ولهذا الأخ ولكل المحتسبين نقول: أنتم أتباع الرسل، وحماة الدين والوطن، فاصبروا وصابروا ورابطوا, واحتسبوا الأجر عند الله، فإن أجركم عظيم، وثوابكم جزيل.. قد يقابلكم البعض بالنكران والجحود, وقد يتهمكم البعض بالقسوة والجمود,ولكن، حسبكم من عملكم دعوةٌ صالحةٌ من أمٍ أنقذتم ابنتها من غائلة الانحلال, ومن أبٍ أنقذتم ابنه من براثن الفساد, ومن أسرةٍ سرتم بها إلى بر النجاة، وأنقذتموها من التشرد والضياع.
والله يوفقكم ويرعاكم ويسدد على طريق الحق خطاكم ، وتذكروا قول الله تعالى: (وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ).
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد...
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي