معرفة الله بالتوحيد

سامي بن خالد الحمود
عناصر الخطبة
  1. أهمية التوحيد .
  2. أقسام التوحيد .
  3. معرفة الله .
  4. كلمة التوحيد .
  5. شروط (لا إله إلا الله) .
  6. وقوع الأمة في بعض ما يناقض أصل التوحيد أو يناقض كماله .

اقتباس

إنه الله الذي لا إله إلا هو.. المتوحد بالجلال بكمال الجمال.. المتفرد بتصريف الأمور على التفصيل والإجمال. إنه الله العليم الذي أحاط علمه بجميع المعلومات.. وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو، ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين، عالم الغيب والشهادة، وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه، وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب ..

أما بعد: فهذه هي الخطبة الأولى التي تقام في هذا الجامع "جامع الصفدي" غفر الله لبانيه، ومن أسهم في بنائه أو القيام عليه.

ووالله لا أجد أمراً أستفتح به هذه الخطبة الأولى أعظمَ من الفريضة الأولى.

إنها أول الفرائض، وأهم الواجبات، وأعظم الحقوق، كيف لا وهي حق الله تعالى على عباده.

هذه الفريضة هي معرفة الله.. معرفة الله بالتوحيد. توحيد الله هو أول الأمر وآخره.

هو أول الأمر؛ لأن الله تعالى لا يقبل من عبد صرفاً ولا عدلاً حتى يحقق التوحيد، وفي الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ لما بعثه إلى اليمن:"فليكن أولَ ما تدعوهم إليه شهادةُ أن لا إله إلا الله" وفي رواية:"إلى أن يوحدوا الله".

والتوحيد آخر الأمر كما في حديث معاذ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من كان آخرُ كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة" رواه أبو داود والحاكم وصححه ووافقه الذهبي وصححه الألباني.

توحيد الله هو دين الرسل، من أولهم وهو نوح عليه السلام، إلى آخرهم وخاتَمهم وهو محمد. قال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ).

وما هو التوحيد؟ إذا أردنا معرفة التوحيد باختصار، فالتوحيد نوعان: توحيد علمي، وتوحيد عملي.

أما التوحيد العلمي فيشمل توحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات.

وملخص توحيد الربوبية: إفراد الله تعالى بالخلق والرزق والملك والتدبير وغيرِ ذلك من أفعاله سبحانه.

وأدلة هذا التوحيد في هذا الكون لا تعد ولا تحصى، في الآفاق من حولنا، وفي أنفسنا وذواتنا. (وَفِي الْأَرْضِ آَيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ * وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ).

فالله تعالى هو الرب الخلاق، الملك الرزاق.. خلق الإنسان في أحسن تقويم، وفطر السماوات والأرض، وسخر الشمس والقمر، وجعل الظلمات والنور، وهو الذي يرسل الرياح، ويُنْزِل المطر، ويخرج النبات، ويدبر الأمر ويفصل الآيات (أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ).

ومن تأمّل هذه الآياتِ، امتلأ قلبه إجلالاً وتعظيماً لله سبحانه.. فأعرف النّاس بالله هو أشدّهم له تعظيمًا وإجلالاً: (فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ).

وأما توحيد الأسماء والصفات فملخصه: إثبات ما أثبته الله لنفسه أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من الأسماء والصفات إثباتاً يليق بجلال الله تعالى، دون تحريف أو تعطيل أو تكييف أو تمثيل (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ).

وهذا التوحيد أعني توحيدَ الأسماء والصفات هو روح الإيمان، فإنه متى ما عرف العبد أسماء الله وصفاتِه، وعلم ما تدل عليه من المعاني العظيمة، وتعبد الله بهذه الأسماء والصفات، ودعاه بها؛ انفتح لقلبه باب التوحيد الخالص والإيمان الكامل.

أخي: هل عرفنا الله؟ هل ذكرناه بقلوبنا قبل أن نذكره بألسنتا؟.

إنه الله الذي لا إله إلا هو.. المتوحد بالجلال بكمال الجمال.. المتفرد بتصريف الأمور على التفصيل والإجمال. إنه الله العليم الذي أحاط علمه بجميع المعلومات.. وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو، ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين، عالم الغيب والشهادة، وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه، وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب، إن ذلك على الله يسير.

العزيز الذي لا مغالب له، الجبار الذي له الجبروت والعظمة، المتكبر الذي لا ينبغي الكبرياء إلا له. القهار الذي قصم بسلطان قهره كلَّ مخلوق وقهره. الغفار الذي لو أتاه العبد بقراب الأرض خطايا، ثم لقيه لا يشرك به شيئاً لأتاه بقرابها مغفرة.

إنه الله الحليم، الذي لا يعاجل أهل معصيته بالعقاب، بل يعافيهم ويمهلهم ليتوبوا فيتوب عليهم إنه هو التواب. إنه الله الكريم، الذي لو أن أول الخلق وآخرهم وإنسهم وجنهم قاموا في صعيد واحد فسألوه، فأعطى كل واحد منهم مسألته ما نقص ذلك مما عنده إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر.. يقابل الإساءة بالإحسان، والذنب بالغفران، ويقبل التوبة ويعفو عن التقصير. إنه الله المجيب لدعوة الداعي إذا دعاه، في أي مكان كان، وفي أي زمان، لا يشغله سمع عن سمع، ولا تختلف عليه المطالب، ولا تشتبه عليه الأصوات، فيكشف الغم، ويذهب الهم، ويفرج الكرب، ويستر العيب.

إنه الله الجليل الأكبر *** الخالق البارئ والمصور
باري البرايا منشئ الخلائق *** مبدعهم بلا مثال سابق
الأول المبدي بلا ابتداء *** والآخر الباقي بلا انتهاء
الأحد الفرد القدير الأزلي *** الصمد البر المهيمن العلي
علوَّ قهر وعلوَّ الشان *** جل عن الأضداد والأعوان
كذا له العلو أو الفوقية *** على عباده بلا كيفية
ومع ذا مطلع إليهمو *** بعلمه مهيمن عليهم
وهو الذي يرى دبيب الذر *** في الظلمات فوق صم الصخر
وسامع للجهر والإخفات *** بسمعه الواسع للأصوات
وعلمه بما بدا وما خفي *** أحاط علماً بالجلي والخفي

عباد الله: إن معرفة الله بجلاله وعظمته توصل العبد إلى درجة الإحسان، وتورث القلب الشعورَ الحيّ بمعيّته سبحانه.

ها هو رسول الله عندما لجأ هو وصاحبه إلى الغار, واقترب الأعداء منهم حتى كانوا قابَ قوسين أو أدنى, قال أبو بكر رضي الله عنه: يا رسول الله، لو أنّ أحدَهم نظر إلى قدميه لرآنا، فيردّ عليه رسول الله بكلّ ثِقة وإيمان: "يا أبا بكر، ما ظنّك باثنين، الله ثالثهما؟!".

ومِن قبله يقِف موسى وجنودُه عند شاطئ البَحر فيقول قوم موسى: إنّ فرعونَ من ورائنا والبحرَ من أمامنا, فأين الخلاص؟! (قَالَ أَصْحَـابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ)، فيردّ نبيّ الله موسى عليه السلام باستشعارٍ لعظمة الله وثِقة كاملةٍ بموعود الله: كلا، (إِنَّ مَعِىَ رَبّى سَيَهْدِينِ)،فكان بعدَها النّصر والتّمكين.

أما النوع الثاني من التوحيد وهو التوحيد العملي، فالمراد به توحيد الألوهية، أي العبادة.

وعنوان هذا التوحيد: تلك الكلمة العظيمة التي قامت بها الأرض والسماوات، وخلقت لأجلها جميع المخلوقات، وأرسلت بها الرسل وأنزلت الكتب، ونصبت الموازين، ووضعت الدواوين، وقام بها سوق الجنة والنار، وانقسمت بها الخليقة إلى مؤمنين وكفار، وأبرار وفجار.

تلكم الكلمة هي كلمة التوحيد: لا إله إلا الله.

ركن الدين وأساسه، وأصل الأمر ورأسه. أفضل الحسنات وأجلُّ القربات.

هي العروة الوثقى، وكلمة التقوى.. لو وُزنت لا إله إلا الله بالسماوات والأرض لرجحت بهن عند الله، ففي المسند بسند حسن من حديث عبد الله بن عمرو عن النبي أنه قال: "إن نوحاً قال لابنه: آمرُك بـ"لا إله إلا الله" فإن السماواتِ السبعَ والأرضين لو وضعت في كفة، ووضعت "لا إله إلا الله" في كفة لرجحت بهن "لا إله إلا الله"، ولو أن السماواتِ السبعَ كنَّ حلقة مبهمة لقصمتهنَّ "لا إله إلا الله"".

"لا إله إلا الله" تخرق الحجبَ حتى تصل إلى الله جل وعلا، ليس بينها وبينه حجاب، ففي الترمذي بإسناد حسن عن أبي هريرة عن النبي أنه قال: "ما قال عبد: لا إله إلا الله مخلصاً، إلا فتحت له أبواب السماء، حتى تفضيَ إلى العرش ما اجتُنبت الكبائر".

وهي مفتاح الجنة، ففي الصحيحين من حديث عِتبان أن النبي قال: "فإن الله حرم على النار من قال: لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله".

أخوة الإيمان: وهل المراد بهذه الكلمة العظيمة التلفظ بها فقط؟

لا.. قيل لوهب بن منبِّه رحمه الله: أليس مفتاح الجنة "لا إله إلا الله"؟! قال: "بلى، لكن ما من مفتاح إلا له أسنان، فإن أتيتَ بمفتاح له أسنان فُتح لك، وإلا لم يفتح ".

ولما قيل للحسن البصري رحمه الله: إن ناساً يقولون: من قال لا إله إلا الله دخل الجنة!! قال: "من قال: لا إله إلا الله فأدى حقها وفرضها دخل الجنة".

وفي أحد الأيام التقى الحسن رحمه الله بالفرزدق الشاعر المعروف وهو يدفن امرأته، فقال له الحسن: "ما أعددت لهذا اليوم؟" قال الفرزدق: شهادةَ أن لا إله إلا الله منذ سبعين سنة، فقال الحسن: "نِعم العدّة، لكن لـ"لا إله إلا الله" شروط، فإياك وقذفَ المحصنات.

إذن.. كيف نؤدي حق هذه الكلمة؟

اعلم -أيها المبارك- أنك عندما تقول: "لا إله إلا الله"، فإنك تقصد أمرين عظيمين:

الأولُ: ضبطُ الاعتقاد، فتعتقد بقلبك أنه لا معبود بحق إلا الله، وتصحح اعتقادك وفكرك بناء على هذه القاعدة.

الثاني: ضبطُ العمل والسلوك بما يقتضيه التوحيد.

ولهذا، يذكر أهل العلم لكلمة لا إله إلا الله سبعةَ شروط وردت في النصوص الشرعية.

وبشروط سبعة قد قيدت *** وفي نصوص الوحي حقا وردت
فإنه لم ينتفع قائلها *** بالنطق إلا حيث يستكملها
العلم واليقين والقبول *** والانقياد فادر ما أقول
والصدق والإخلاص والمحبة *** وفقك الله لما أحبه

فأول الشروط: العلم المنافي للجهل، العلم بمعنى لا إله إلا الله، وهو: لا معبود بحق إلا الله. والثاني: اليقين المنافي للشك، والثالث: الإخلاص المنافي للشرك، والرابع: الصدق المنافي للكذب، والخامس: القبول المنافي للرد، والسادس: الانقياد المنافي للترك، والسابع: المحبة المنافية للبغض.

وباجتماع هذه الشروط يستقيم القلب، ويتعلق بربه، مؤتمراً بأوامره، منتهياً عن نواهيه، واقفاً عند حدوده، فلا استنصارَ إلا بالله، ولا توكلَ إلا على الله، و لا رغبةَ ولا رهبةَ، ولا خوفَ و لا رجاءَ إلا بالله ومن الله.

قال الإمام ابن القيم: "وليس التوحيدُ مجردَ إقرار العبد بأنه لا خالق إلا الله، وأن الله رب كل شيء ومليكه، كما كان عباد الأصنام مقرين بذلك وهم مشركون!! بل التوحيد يتضمن من محبة الله، والخضوع له، والذل له، وكمال الانقياد لطاعته، وإخلاص العبادة له، وإرادة وجهه الأعلى بجميع الأقوال والأعمال، والمنع والعطاء، والحب والبغض؛ ما يحول بين صاحبه وبين الأسباب الداعية إلى المعاصي والإصرار عليها" اهـ.

أيها المؤمنون: من حقق التوحيد كان الله تعالى أعظم شيء في قلبه، وكلُ شيء دون الله هباء، فلا تروعه سطوة قوي، ولا تخدعه ثروة غني.. لأنهم لا شيء أمام قدرة الله.

الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم له ما في السماوات وما في الأرض من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء وسع كرسيه السماوات والأرض ولا يؤده حفظهما وهو العلي العظيم.

نفعني الله وإياكم بهدي كتابه، وبسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وجعلنا الله وإياكم ممن حقق التوحيد، إنه على كل شيء شهيد.

الخطبة الثانية

الحمد لله الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد. والصلاة والسلام على عبده ورسوله محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

إخوة الإيمان: إذا كان هذا هو شأن التوحيد، فإنه يحق لعين الموحد أن تدمع، ولفؤاده أن يتفطر، وهو يرى فئاماً من أبناء هذه الأمة يقعون في أنواع شتى من الشرك المنافي للتوحيد أو كماله.

ففي بعض البلدان الإسلامية فئام من الناس، قد تعلقوا بأصحاب القبور، والتجؤوا إليهم، وتضرعوا أمام أعتابهم، فقبلوها وتمسحوا بها، وطافوا بها، وأوقفوا الأموال الطائلة عليها، واستغاثوا بأهلها في الشدائد والكروب.

وإذا أنكرت على هؤلاء قاموا عليك، واتهموك بأنك تتنقص الأنبياء، ولا تحب الأولياء.

سبحان الله.. وهل كان شرك الأولين، قومِ نوح ومن بعدهم إلا بدعاء الأولياء والتعلق بهم من دون الله؟

ومما يهدم التوحيد في النفوس ما يقع في بعض الكتابات أو البرامج من الطعن في الدين وأحكامه، والاستهزاء بالله وكتابه ورسوله صلى الله عليه وسلم، وقد قال الله (قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ).

ثم انظر إلى من فتنوا بالسحرة الدجالين، والمشعوذين الأفاكين، الذين تطاولوا على الغيب فيما يسمى بمجالس تحضير الأرواح، أو قراءة الكف والفنجان، أو معرفة الأبراج؛ وقد قال رسول الله: "من أتى عرافا أو كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد" [رواه الأربعة والحاكم].

ثم انظر إلى ما يقع فيه بعض المسلمين من تعليق التمائم والحروز، يعلقونها على أجسادهم وعلى عيالهم، بدعوى أنها تدفع الشر، وتُذهب العين، وتجلب الخير، والله تعالى يقول:( وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرّ فَلاَ كَـاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلّ شَىْء قَدُيرٌ ) [الأنعام:17].

وعلى إحدى القنوات الفضائية تخرج لنا امرأة دجالة تضع أمامها جهاز الحاسوب، في برنامج مباشر لتتلقى اتصالات المشاهدين والمشاهدات. ثم تسأل المتصل بعض الأسئلة: أين ولدت؟ في أي يوم ولدت؟ في أي ساعة؟. ثم تبدأ هذه الدجالة بتجاوز الخطوط الحمراء لتدخل عالم الغيب الذي لا يعلمه إلا الله، أنتَ سيحدث لك كذا وكذا، وأنتِ انتبهي الشهر القادم لأنه سيحدث لك كذا.

(قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ).

هكذا تطعن العقيدة في قلوب الموحدين. والمصيبة أن هذه البرامج تجد رواجاً عند بعض المسلمين.

نقول هذا الكلام، والأمة اليوم تعيش واقعاً مريراً، جراء تسلط الأعداء من اليهود والنصارى، وإراقة دماء المسلمين، واستباحة حرماتهم، وهدم منازلهم، وأسر أبنائهم، وتهديد مقدساتهم كما يحصل للمسجد الأقصى المبارك.

ثم نتساءل ونقول: (أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ ).

كيف ينصر الله أمة ضيع كثير من أبنائها أصل الدين، واتخذوا من دون الله أنداداً وشركاء؟ كيف ينصر الله أمة يسير كثير من أبنائها على خطى أبي جهل وأبي لهب؟

هل نحن جديرون بنصر الله؟ هل نحن مهيئون لتطهير الأقصى من رجس أعداء الله؟.

نعم.. المسجد الأقصى المبارك الذي باركه الله وبارك وما حوله، قبلة الأمة، وبوابة السماء، المسرى النبوي، والمعراج المحمدي، والعهد العمري.. المكان الطاهر الذي تشد إليه الرحال بعد أن كانت تشد إليه النفوس والأفئدة. هاهو اليوم يشكو احتلال اليهود الغاصبين، وينادي بالمسلمين: أن عودوا إلى دينكم، وتعلقوا بربكم، وحققوا توحيدكم، وأصلحوا أنفسكم. فوالله ثم والله لن تنتصروا على أعدائكم حتى تنتصروا على شهواتكم. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ).

أيها المسلمون: لن تعيد الأقصى شركيات القبوريين، ولا محدثات المبتدعين، ولا تفجيرات المفسدين، ولا دعوات المتحررين، ولا فسق الستار أكاديميين، بل تعيده بإذن الله عزائم الموحدين، ودماء الشهداء الصادقين، وجهود الدعاة المخلصين.

فالتوحيد التوحيد عباد الله.. نتعلمه، ونعمل به، ونربي عليه أبناءنا، وندعو إليه إخواننا في كل مكان.

ألا وصلوا وسلموا رحمكم الله على خير البرية وأزكى البشرية فقد أمركم الله بذلك فقال:( إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا).

اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.

اللهم كما هيأت لنا صلاة الجمعة في هذا الجامع المبارك، اللهم فاغفر لبانيه، اللهم اغفر لمن بني له، ولكل من أسهم في بنائه أو القيام عليه، اللهم اغفر لهم وارحمهم وتقبل حسناتهم وتجاوز عن سيئاتهم، وبارك لهم في ذرياتهم إنك جواد كريم.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين....


تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي