جريمة السرقة

خالد بن سعد الخشلان

عناصر الخطبة

  1. ثمرات شرع الله على هذه البلاد المباركة
  2. عِظَم الخراب جرَّاء تعطيل شرع الله
  3. حِكَمُ تشريعِ الحدود وصلاح البشرية بها
  4. السعادة بتفعيل القصاص والدعاء للحكام بالتوفيق لذلك
  5. حدُّ السرقة وحكمة تشريعه واعتناء النبي بتطبيقه
  6. التحذير النبوي المشدد من السرقة المبيِّن لخطورتها
  7. دور الآباء والمربين في الحَدِّ من السرقة

الحمد لله الذي هدانا للإسلام وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، أحْمَدُهُ -سُبحَانَه- شرع لنا دينا قويماً، وهدانا صراطاً مستقيماً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه وسَلَّمَ تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

أما بعد: فاتقوا الله -عباد الله-، وجاهدوا أنفسكم على ملازمة طاعته، والبعد عن معصيته، ففي ذلك الخير العميم، والفوز العظيم في الدنيا والآخرة: (أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِيؤ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [يونس:62-64].

جعلني الله وإياكم من عباده المتقين، وأعاننا على أنفسنا للعمل بطاعته -سبحانه- والبعد عن جميع ما يسخطه ويغضبه، إن ربي لطيف لما يشاء، إنه هو العليم الحكيم.

أيها الإخوة المسلمون: إنّ من أكبر نعم الله علينا أن وفَّقَنا لهذا الدين العظيم الذي بعث به خاتم النبيين والمرسلين محمدا -صلى الله عليه وسلم-، هذا الدين الذي تضمن في أحكامه، تضمن في تشريعاته وتوجيهاته وعظاته ما يُصلِحُ العباد في دنياهم وأخراهم.

هذا الدين التي شملت أحكامه جميع شوامل الحياة، فما مِن قضية ولا نازلةٍ ولا عملٍ ولا تصرُّفٍ إلا ولله -عز وجل- فيه حكم إلا بالفعل أو الترك أو الإباحة.

هذا الدين التي جاءت أحكامه وأصوله بالمحافظة على الكليات الخمس، والضرورات الخمس، حفظ الدين، وحفظ النفس، وحفظ العقل، وحفظ المال، وحفظ النسب والعِرْض.

جاءت هذه الشريعةُ الخاتمةُ بحِفْظِ هذه الكُلِيَّاتِ من جميعِ الوجوه، فحرمت الاعتداء عليها، وشددت في ذلك، ونهت عن كل سبيل وطريق من شأنها تعريض هذه الكليات للخطر، وأوجدت من الأحكام الرادعة والعقوبات الصارمة ما تكفَّل عند تطبيقها مزيداً من المحافظة على هذه الكليات، كل ذلك بتقدير العزيز الحكيم الذي خلَق الخلْق، وهو وحده مَنْ يعلَمُ ما يُصْلِحُ شؤونها، ويهذِّب أخلاقهم، ويحقق العدل بينهم، ويمنع الظلم والتعدي فيما بينهم.

هذه هي أحكام الله -عز وجل-، هذه هي شريعة الله المـُبَرَّأَة من كل نقص وعيب، ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ [المائدة:50].

هذه أحكام الله التي لا صلاح للبشرية، ولا حياة هنية للإنسانية إلا الأخذ بها؛ لأنها أحكام من خالق البشر، وخالق الشيء أدرى وأعلم بما يصلحه: ﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ [الملك:14].

إننا في هذه البلاد المباركة ندرك ذلك يقينا، ونرى ثمار تطبيق شرع الله -عز وجل- عيانا بيانا على الأفراد والمجتمع، نرى ما تحقَّقً بفضلِ اللهِ -عز وجل-، ثم بفضل تطبيق شرْع الله مِن أمْنٍ راسخ على الأنفس والأموال والأعراض، وهي والله نتيجة حتمية لكل من التزم شرع الله وعمل بأحكامه، ﴿فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (123) وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى(124)﴾ [طه:123-124].

تصوروا -أيها الإخوة المسلمون- عِظَمَ الفساد، وحجم الخراب والدمار لو عُطِّلَتْ أحكام الله وأُقصِي شرعُه، ماذا سيحصل في المجتمع؟ سيكون ساحةً للقتل والنهب، لا يؤمن الانسان على نفسه ولا ماله ولا عرضه إنها حقيقة لا مراءَ فيها ولا جدال؛ ولهذا جعل الله -عز وجل- القصاص حياة، فقال -سبحانه-: ﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة:179].

وجعل سبحانه الحدود: حد الزنا، وحد شرب الخمر، وحد اللواط، وحد القذف، وحد السرقة، جعل هذه الحدود طاهرة للأفراد والمجتمعات، ودعامة من أفضل الداعمات؛ للمحافظة على الأمن والممتلكات.

وما يوجد في المجتمع من حوادث القتل أو السرقة ونحوها لا تؤثر على هذه الحقيقة، إذ لا يمكن لمجتمع بشري أن يخلو من هذه الجرائم، ولكن شتان بين مَن تكون هذه الجرائم عنده مجرد مخالفات يعاقب عليها القانون بعقوبات لا تحد من الجريمة، وبين مجتمع يجد المجرمُ فيه عقوبةً رادعةً تمنعه من معاودة الجرم مرة أخرى! بل وتمنع مَن يفكِّر في ارتكاب تلك الجريمة.

إن هناك تلازما واضحاً بين تطبيق الحدود واستتباب الأمن ورسوخه، فكلما طُبِّقَت الحدود بعزم وحزم كلما كان ذلك أدعى لاختفاء الجريمة، وكلما تحقق للناس الأمن والطمأنينة وراحة البال وسرور النفس؛ وكلما حصل شيء من التباطؤ أو التهاون في تطبيق الحدود كلما كان ذلك أكبرُ سببٍ لانتشار الجريمة، ونشوء الخوف، واضطراب الأمن؛ سُنَّةٌ جارية، وحقيقة ثابتة.

ولهذا جاء التشريع في القرآن العظيم بأعظم العبارات، وأشَدِّ الصفاتِ على المـــُعْرِضِين عن حكم الله -عز وجل-: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾ [المائدة:44]، ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ [المائدة:45]، ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ [المائدة:47].

أيها الإخوة المؤمنون: لقد زادت سعادتُنا، وعظُمت غِبْطَةُ المسلمين في هذه البلاد المباركة بتوالي تطبيق الحدود والقصاص في الأيام الماضية.

ألا وإن من الحدود التي شرعها الله -عز وجل- ولها أعظم الأثر في استتباب الأمن وفي الحيلولة دون الاعتداء على أموال الناس، تطبيق حد القتل تعزيرا، وتطبيق حد السرقة، هذا الحد الذي لا يُعْرَفُ له على ظهر الأرض تطبيقٌ صحيحٌ سوى ما يوجد في هذه البلاد المباركة.

لقد شرع الله -عز وجل- حد السرقة بقطع يد السارق من مفصل الكف من يده اليمنى: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ [المائدة:38]. وما كانت هذه العقوبة للسارق على هذا الوجه من الردع والزجر إلا لأن السرقة من كبائر الذنوب، بل هي بوابةٌ -في بعض الأحيان- إلى جرائمَ أخرى من القتل، والزنا، وشرب الخمر، وتعاطي المخدرات، ونحو ذلك.

ولهذا كان من جملة ما يبايع النبي -صلى الله عليه وسلم- عليه أصحابه الابتعاد عن السرقة: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ…﴾ [الممتحنة:12].

وفي حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أُبَايِعُكُمْ عَلَى أَنْ لا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ، وَلا تَزْنُوا، وَلا تَسْرِقُوا...".

ولخطورة هذه الجريمة، جريمة السرقة، تكاثرت النصوص النبوية في التحذير منها، والتشديد على أصحابها، ففي حديث الكسوف يقول -صلى الله عليه وآله وسلم- في خطبته: "وحتى رأيتُ فيها -أي في النار- صاحب المحجن يجر قصبه -أمعاءه- في النار، كان يسرق الحاج بمِحجنه، فإن فطن له قال: إنَّما تعلَّق بمِحجني، وإن غفل عنه ذهب به".

وفي الحديث الآخر: "لَعَنَ اللهُ السارقَ! لعن الله السارق! لعن الله السارق! يسرق البيضة فتقطع يده، ويسرق الحبل فتقطع يده".

بل بيَّن النبي -صلى الله عليه وسلم- أن السرقة والإيمان لا يجتمعان في القلب، فقال -صلى الله عليه وسلم-: "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن، ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن".

لقد كان -صلى الله عليه وآله وسلم- شديد العناية بهذا الأمر، وكان -صلى الله عليه وسلم- لا تأخذه في تنفيذ أحكام ربه لومة لائم.

لقد حدث ذات يوم أن امرأة مخزومية سرقت زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- فأهم قريشاً أمرُها؛ فأرادوا الشفاعة عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى لا تُقطَع يدها، فقالوا: نكلم فيها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ومن يجترئ عليه إلا أسامةُ حِبُّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ فكلم رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال له رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- في كلمةٍ قاطعةٍ حازمةٍ: "أتَشفعُ في حَدٍّ من حدود الله؟"، ثم قام -صلى الله عليه وسلم-، وخطب فقال: "يا أيها الناس، إنما ضل مَن كان قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، والله! لو أنَّ فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها"

الله أكبر! هذا هو الحزم في تطبيق الحدود، وتطبيق شرع الله، وهذه هي عدالة الإسلام التي لا تفرق بين شخص وآخر أمام أحكام الله -عز وجل-.

فنسأل الله -عز وجل- ان يحفظ بلادنا وسائر بلاد المسلمين من كل سوء ومكروه، وأن يوفق ولاة أمورنا المزيد من الأخذ على أيدي المجرمين والعابثين، وتطبيق شرع الله وحدوده وأحكامه في جميع مجالات الحياة، كما نسأله -سبحانه- أن يوفق ولاة المسلمين عامة بالحكم بشرعه وتطبيق أحكامه، إنه على كل شيء قدير.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا﴾ [الأحزاب:36].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب وخطيئة فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى أله وأصحابه وأتباعه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. وعليكم بجماعات المسلمين فإن يد الله مع جماعة المسلمين ومن شذ عنهم شذ في النار.

عباد الله: اتقوا الله -عز وجل- واشكروه على هذه النعمة العظيمة، نعمة تطبيق الشريعة في هذه البلاد المباركة؛ فإنها -والله!- من أجلِّ النِّعَم، وأعظم المِنَن.

وحقٌّ لولاة الأمر علينا الدعاء لهم بالثبات على هذا الأمر، الدعاء لهم بالتوفيق لمزيد من الاستمساك بشرع الله -عز وجل-؛ فإن ذلك -والله!- سبب العز والظفر، وسبب التمكين في الأرض، وسبب القضاء على الاضطرابات، وسبب ترسيخ الأمن.

أيها الإخوة المسلمون: إن الحد عقوبة لمن تأصل هذا الطبع فيه، ولِمَ تأصَّل هذا الخلق السيئ فيه؟ أعني خلق السرقة، فإنه -بلا شك- فقد التربية الصحيحة في بيته وأسرته ومجتمعه ومدرسته؛ ولهذا فإن من المتعيِّن على الأباء والأمهات والمعلمين والمعلمات ان يعمقوا في نفوس أبنائهم المعاني التي تحول دون وقوعهم في هذه الجريمة الشنيعة، جريمة السرقة، والاعتداء على أموال الآخرين.

تُعمَّق في نفوسهم حرمة التعدي على أموال الآخرين، وأن ذلك سبب لغضب الجبار -جل وعلا-، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن دمائكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام ".

وينبغي أن يُعمَّق في أنفسهم حب الأمانة وعزها ومدح أهلها، وذُلُّ الخيانة ودناءتُها وخسةُ أهلها، يُزرع في نفوس أبنائهم الخوف من الله ومراقبته واطلاعه سبحانه على العبد وانه سبحانه لا تخفى عليه خافية.

على الآباء أن يراقبوا أولادهم متى ما وجدوا في أيديهم شيئا مستغربا، فلْيسألوهم عن سبب حصولهم على هذا الشيء، فلربما كان سبب حصولهم عليه سرقة من مال الآخرين، وينبغي أن يحرص الآباء والأمهات على سد حاجة أبنائهم حسب استطاعتهم، مع بيان أن الحاجة لا تبرر الاعتداء على أموال الآخرين ولا كسب المال من أي طريق ولو كان حراما.

إن هذه المعاني، وغيرها، يجب أن تُزرعَ في نفس الولد منذ نعومة أظفاره؛ فينشأ محبا للأمانة، حريصا عليها، نافرا من الخيانة والسرقة، كارها لها ولأهلها.

نسأل الله -عز وجل- أن يحفظ ذريتنا وسائر إخواننا المسلمين من كل سوء ومنكر.

هذا وصلوا وسلموا -رحمكم الله- على نبيكم محمد بن عبد الله، فقد أمركم ربكم -عز وجل- بذلك في كتابه، فقال -عز من قائل-: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب:56].

اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك نبينا محمد…


تم تحميل المحتوى من موقع