بالرغم من أن الإيمان بالله ورسوله يحتِّم على الأمة الإسلامية أن تتمسك بمصدر الحق المعصوم الذي مَنَّ الله به عليها دون سائر الأمم، وألَّا تتلقى من غيره أنماط السلوك والقيم، بل تحكِّمه في كُلِّ ما تأخذ وتذر؛ بالرغم من أن هذا أصْلٌ عقَديٌّ قطعيٌّ كُلِّيٌّ تضافرت للدلالة عليه الآيات والأحاديث، إلا إن طائفة من قومنا انغمسوا في الفكر الغربي الليبرالي، وأُشربوا في قلوبهم ذلك الفكر، بحيث لم تعُد أذهانهم ولا نفوسُهم تتقبل سلطان الدين، وظنوا الحرية في الزندقةِ والمروقِ من أحكام الدين!.
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضِلَّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران:102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء:1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب:70-71].
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
في مسند الإمام أحمد بسند صحيح، عن جابر بن عبد الله أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- بكتاب أصابه من بعض أهل الكتاب فقرأه النبي -صلى الله عليه وسلم- فغضب فقال: "أمتهوكون فيها يا ابن الخطاب؟! والذي نفسي بيده! لقد جئتكم بها بيضاء نقية، لا تسألوهم عن شيء فيخبركم بحق فتكذبوا به، أو بباطل فتصدقوا به؛ والذي نفسي بيده! لو أن موسى -صلى الله عليه وسلم- كان حيا ما وسعه إلا أن يتبعني".
أمتهوكون فيها با ابن الخطاب، يعني: أمتحيرون؟، هل هناك شك فتسارعوا إلى كتب الضالين؟ وفي لفظ آخر صحيح أن عمر -رضي الله عنه- قال للنبي -صلى الله عليه وسلم-: إنا نسمع أحاديث من يهود تعجبنا، أفَترى أن نكتب بعضها؟ هنالك غضب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقال: "أمتهوكون فيها يا ابن الخطاب؟".
العجيب في الحديث -أيها الإخوة- ليس حرص النبي -صلى الله عليه وسلم- على الحفاظ على عقيدة الأمة وفكرها فهذا معروف عنه وليس غريبا عليه -صلى الله عليه وسلم-، وإنما العجيب هو في كون المخاطب والمعاتب بهذا الغضب النبوي هو ثاني أكبر رجل في الأمة إيمانا وثباتا وعلما وورعاً بعد أبي بكر، المخاطب هو عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بجلالة قدره، وعلو مكانته، وثبات إيمانه، ورجاحة آرائه التي طالما نزل القرآن موافقا لها! ومع ذلك لن يأمن عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الافتتان بالفكر المنحرف!.
حتى عمر؟! نعم؛ حتى عمر! لأن الحكم الشرعي إنما يتأكد استقراره إذا بدأ به بالكبار، ومن ثم فالصغار أولى، فلا يأتي بعدها أحد منهم فيقول: أنا غير! ولذلك ابتدأ حكم الحجاب بأطهر النساء، بزوجات الرسول أمهات المؤمنين -رضي الله عنهن-، فبقية نساء المسلمين أولى.
وإذا كان هذا الموقف الحازم من النبي يرسم منهج التعامل مع الوحي السماوي المنسوخ كالتوراة والإنجيل، فكيف بانحرافات الفكر البشري الوضعي المحض الذي سماه الله تعالى: هوى وظناً وإفكاً؟! فموقف الرسول هذا هو منهج الإسلام في التعامل مع الفكر المنحرف عموما، الفكر المنحرف هو أي فكر يستهزئ بالدين أو شعائره أو أحكامه، أو يناقض العقيدة، أو يلقي بالشبهات حول أمور الدين وثوابته، أو يسب الله تعالى، أو يتهكم برسوله -صلى الله عليه وسلم- أو يدعو إلى الرذيلة وما شابه ذلك من المحرمات.
وقد يسأل سائل متأثر بآراء الليبراليين ويقول: أليس في هذا حجر على حرية الاطلاع والثقافة؟ والجواب: أما في المجتمعات العلمانية نعم فيها حجر؛ لأن المذهب العلماني لا يعترف بسلطات الدين أصلا، فهو يحصر علاقة العبد بربه بين جدران المعبد، إن رغب في الذهاب للمعبد أصلا؛ أما خارج ذلك فإن الإنسان حر يقول ما شاء ويكتب ما شاء، فلا عليه إن يسخر من الأنبياء أو يتطاول على الله أو ينشر الشبهات والشكوك، هذا هو المذهب أو المنهج العلماني.
وأما المنهج الإسلامي فشيء آخر، الإسلام أولا يحرص على بقاء هيبته: (أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ) [الأعراف:28]، (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا) [البقرة:187]، (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا) [البقرة:227]، (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ) [الحج:30]، هذا -أولا- الإسلام يحرص على هيبته؛ فجنابه لا يُمَس.
وثانيا: الإسلام يقدر الضعف البشري، ويعرف مداخل الشيطان وتأثيره على الإنسان ودينه وأخلاقه؛ ومن ثم فإنه يحمي العقيدة ويسد ذرائع الفساد، فساد الدين والعقل والقلب والخلق، ويمنع أي متعاون مع الشيطان من بني البشر أن يفسد أياً من تلك الضرورات.
ففي صحيح البخاري من حديث أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- قالت: تلا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هذه الآية: (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آَيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آَمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ) [البقرة:269].
قالت قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "فإذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله؛ فاحذروهم"، يعني: لا تجالسوهم ولا تكلموهم؛ فإنهم أهل الزيغ والبدع.
فالآيات المتشابهات قليلة ويقصدها أهل الزيغ والذين في قلوبهم مرض فيتبعون ما تشابه منها، لماذا؟ حتى يلبسوا مصطلحات الحق بالباطل والباطل بالحق؛ ابتغاء الفتنة وقلب الموازين؛ ولذلك أورد الدارمي في سننه عن سليمان بن يسار أن رجلاً يقال له صبيغ قدم المدنية فجعل يسأل عن متشابه القرآن، فأرسل إليه عمر وقد أعد له عراجين النخل -العرجون هو العرق اليابس المعوج- فقال له عمر: مَن أنت؟ فقال أنا عبد الله صبيغ. فأخذ عمر عرجونا من تلك العراجين فضربه فقال: أنا عبد الله عمر، فضربه حتى دمي رأسه، فقال الرجل: يا أمير المؤمنين، حسبك! فقد ذهب الذي كنت أجد في رأسي". أدَّبَه حتى سكت.
قال ابن القيم في إعلام الموقعين: إذا سأل أحد عن تفسير آية في كتاب الله تعالى أو سنة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فليس له أن يخرجها عن ظاهرها بوجوه التأويلات الفاسدة بموافقة نحلته وهواه، ومن فعل ذلك استحق المنع من الإفتاء، والحجر عليه، وهذا الذي ذكرناه هو الذي صرح به أئمة الكلام قديما وحديثا. اهـ.
الإسلام لا يرضى أن يتعرض المسلم للكفر، ولقد ذم الله -تعالى- الذين فتنوا بسبب تراخيهم عن ترك البيئة الفاسدة؛ قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ).
قال أهل التفسير: هؤلاء جماعة من أهل مكة كانوا قد أسلموا وأظهروا للنبي -صلى الله عليه وسلم- الإيمان، فلما هجر النبي -صلى الله عليه وسلم- وأُمر الناس بالهجرة أقام هؤلاء مع قومهم ولم يهاجروا ففتن منهم جماعة وماتوا على ذلك، فلما جاءتهم الملائكة لتقبض أرواحهم قالت لهم: فيما كنتم؟ أي: في أي شيء كنتم من دينكم؟، قالوا كنا مستضعفين في الأرض، وهي حجة واهية؛ لأنهم كانوا يقدرون على الهجرة ومغادرة البيئة التي فتنتهم: (قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا * إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا * فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا) [النساء:97-99].
الهجرة كانت علامة من علامات الإيمان؛ ولذلك قال تعالى: (وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا) [الأنفال:72].
الإسلام يأمر أبناءه بالابتعاد عن الفتن بصنفيها: الشهوات والشبهات؛ ولذلك جاء في حديث أبي سعيد الخدري عنه -صلى الله عليه وسلم- في صحيح مسلم أن قاتل المائة دُلَّ على رجل عالم فقال: إنه قتل مئة نفس فهل له من توبة؟ فقال نعم، ومن يحول بينه وبين التوبة؟! قال له العالم بعد ذلك: انطلق إلى أرض كذا وكذا فإن بها أناس يعبدون الله فاعبد الله معهم ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء.
لا ترجع إلى أرضك، فالإسلام يأمرك أن تفر من كل ما يؤدي إلى فساد دينك؛ ولهذا نهى الله تعالى عن البقاء وترك الهجرة، وكذلك نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن السكنى بين المشركين إلا لسبب قوي، وحاجة ماسة، فقال -كما في السنن- من حديث جرير بن عبد الله: "أنا برئ من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين". قالوا: يا رسول الله، لمه؟ قال: "لا تراءى نارهما".
ومن حديث سمرة بالسنن -أيضا- بإسناد صحيح أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَن جامع المشرك وسكن معه فهو مثله".
فالإنسان غير قادر بالضرورة على مقاومة الفتن من شبهات وشهوات، ألم تخبرنا أم المؤمنين أم سلمة -رضي الله عنها- بأن سيد المتقين بذاته -صلى الله عليه وسلم- كان يكثر من دعائه: "يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك"، يكثر من ذلك؟!.
ألم يقل -صلى الله عليه وسلم-: "إن القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمان يقلبها كيف يشاء"؟! فلا أمْن من الافتتان إلا بالتوكل على الله وبذل الأسباب، ومن ذلك الحذر من التعرض للفتن.
معاشر الإخوة: بالرغم من أن الإيمان بالله ورسوله يحتِّم على الأمة الإسلامية أن تتمسك بمصدر الحق المعصوم الذي مَنَّ الله به عليها دون سائر الأمم، وألَّا تتلقى من غيره أنماط السلوك والقيم، بل تحكِّمه في كُلِّ ما تأخذ وتذر؛ بالرغم من أن هذا أصْلٌ عقَديٌّ قطعيٌّ كُلِّيٌّ تضافرت للدلالة عليه الآيات والأحاديث، إلا إن طائفة من قومنا انغمسوا في الفكر الغربي الليبرالي، وأُشربوا في قلوبهم ذلك الفكر، بحيث لم تعُد أذهانهم ولا نفوسُهم تتقبل سلطان الدين، وظنوا الحرية في الزندقةِ والمروقِ من أحكام الدين!.
وبعضهم لم يكتفوا بإبقائها قناعة شخصية يُسِرون بها لأصدقائهم؛ بل أعلنوها بكل صراحة ووقاحة في كتابهم ومدوناتهم حتى أثروا في بعض الناشئة المراهقين وشجعوهم، فظن أولئك الأغرار أن في إعلان مثل هذا الانحراف بطولة وإبداع كما فعل صاحب المدونة بتغريداته المخزية!.
لقد ظن أنه في مأمن من المساءلة، فهو يرى غيره يكتب الطوام مصرحا باسمه، ويقول نصا على ذلك: التشكيك في الدين أمر صحي بل ضروري! ومع ذلك ما زال يكتب! سولت له نفسه إظهار الجرأة على الله ورسوله فكان ما كان من انفجار غيرة شعبية غاضبة تمثلت في الاتصالات والمكاتبات والبرقيات ورفع القضايا، حتى قبض عليه في ماليزيا .
لكن السؤال المهم: ما الذي جعل فتى وُلِد على بعد أقل من 80 كيلو متر من بيت الله الحرام من أب مسلم وأم مسلمة ينحرف فكريا لهذا الحد المخيف؟ ما الذي دعاه إلى ذلك؟ أتراها المقاهي التي أصبحت تبيع كتبا تحمل في طياتها الكفر المبطن؟ أم هي الديوانيات التي هي تحمل نفس الطابع؟!.
لقد لقي ذلك الشاب -من قبلُ- استحساناً وإشادة من أصحاب الفكر الليبرالي فنفخوا فيه حتى اندفع فرحا يبارز رب العالمين، ويتهكم برسوله الكريم، فأصبح مثالا صارخا لنتيجة حتمية تحل بالعقل إذا لم ينأ بنفسه عن فتن الشبهات.
أسأل الله أن يثبتنا وأهلينا وأولادنا على هداه، وأقول ما تسمعون وأستغفر الله فاستغفروه؛ إنه غفور رحيم.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى من سار على نهجه واهتدى بهداه إلى يوم الدين.
أما بعد: فيقول صاحب مقالة: إن وجود تشكيكه في الدين أمر صحي؛ بل ضروري، وإن الإسلام لا يملك الحقيقة!.
وهو مواطن مثقف يعيش بقرب أقدس البقاع، يقول في لقاء تلفزيوني بشكل علني: أنا ضد ذهنية الوصاية، فأنا -مثلا- إذا كان عندي منظومة دينية -يقصد الإسلام- لي الحق في نشر هذه المنظومة لي الحق في مطالبة الناس بهذه المنظومة، لكن ليس لي الحق في أن أفرض عليهم هذه المنظومة من خلال القضاء.
ويقول عن نفسه: حتى ولو خالفت نصا صريحا -يعني من الكتاب والسنة- أكفر، لا بأس! ولكن يجب ألا يتحول التكفير إلى مسألة قضائية، وإلى تغليب القانون ضدي، المفروض أني أملك الحرية الكاملة لأقول ما أقول بغير خوف من النظام القضائي.
هذا أحد منظمي ذاك الشاب البائس، ولقد قال في لقاء إلكتروني سابق ردا على سؤال: ما هو متوسط أعمار الذين يؤمنون باللا دينية والإلحاد في هذه البلاد؟ قال: بخصوص تجربتي لاحظتهم في أوائل العشرينات.
بل إن أحد الشباب علق على تلك المقابلة بقوله: ازددت يقينا بأنه لابد من تحييد الدين، وأنه لا مستقبل لنا ما دام الدين هو المهيمن على المجتمع والشعب والدولة!.
هذا شيء من أثر النفحات الإلحادية التي تنادي بها تلك الحرية!.
معاشر الإخوة: إذا كان الإسلام ينهى عن الغيبة وقول الزور والقذف ويعاقب عليه؛ فكيف بما هو أعظم؟ كيف بسب الله تعالى أو سب دينه أو الاستهزاء برسوله أو التشكيك بالدين ونشر ذلك في كتاب أو عبر مقالة في صحيفة أو موقع إلكتروني؟ هل يسكت الإسلام عمن فعل ذلك ويقول له: أنت حر؟! أم يحاسبه؟ أين واجب النهي عن المنكر؟ أين هو؟ أين واجب حماية حدود الدين وتعظيم شعائر الله؟.
هل منهجية الإسلام في التعامل مع الفتن كمنهجية الغرب أو الشرق الكافر؟ الليبراليون شرقا ومحليا ومغربا يتبنون منهجية العلمانية، والعلمانية تحترم القوانين الوضعية، نعم؛ بل وتقدسها حتى لو طبقت الوصايا على السلوك، ولكنها لا تعترف بالدين مرجعا بالحكم على السلوك أو العادات أو القيم .
بل حتى على مستوى الاعتقاد الشخصي لا تُفرق بين الأديان ولا تُصحح ولا تُخطّئ؛ بل تترك الإنسان تحت رحمة المتنازعات، إن شاء أسلم أو تنصر أو تهود أو ألحد! افعل ولا حرج؛ فكله صواب! لا فرق! لأن الأديان في أذهان العلمانيين مجرد فلسفات إنسانية، نسأل الله العافية.
ونكمل في مقام آخر إن شاء الله...
اللهم ثبتنا على الإسلام وأمِتْنا عليه يا رب العالمين...
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي