التفكر في خلق الله

ياسر دحيم

عناصر الخطبة

  1. التفكر في الكون يزيد الإيمان
  2. التأمل في السماء وما فيها
  3. التأمل في الأرض وما فيها
  4. التأمل في البحار وعجائبها
  5. التأمل في النحل وأصنافها

الخطبة الأولى

﴿الْحَمْدُ للهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الآَخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (1) يَعْلَمُ مَا يَلْجُ فِي الأرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ(2)﴾[سبأ: 1- 2].

الحمد لله أصبحت له الوجوه ذليلة عَانِيَة، ذمَّ الدنيا فهي حقيرة فانية، وشوَّق لجنة قطوفها دانية، وخوَّف صرعى الهوى أن يُسقوا من عين آنية، أحمده وأستعينه وأستعيذه من شر كل شان وشانية، أحمده وهو العليم العالم بالسِّر والعلانية.

فهو العليم أحاط علمًا بالذي *** في الكون من سر ومن إعلان

وهو العليم بما يوسوس عبده *** في نفسه من غير نطق لسان

وهو السميع يرى ويسمع كل ما *** في الكون من سرٍ ومن إعلان

فلكل صوت منه سمع حاضر *** فالسر والإعلان مستويان

والسمع منه واسع الأصوات لا *** يخفى عليه بعيدها والدَّاني

ويري دبيب النمل في غسق الدُّجى *** ويرى كذاك تقلُّب الأجفان

وهو البصير يرى دبيب النملة *** السوداء تحت الصَّخر والصَّوَّان

ويرى مجاري القوت في أعضائها *** ويرى نِيَاطَ عروقها بعيان

فهو الحميد فكل حمدٍ واقع *** أو كان مفروضًا على الأزمان

هو أهله سبحانه وبحمده *** كل المحامد وصف ذي الإحسان

فلك المحامد والمدائح كلها *** بخواطري وجوارحي ولساني

ولك المحامد ربنا حمًدا كما *** يرضيك لا يفنى على الأزمان

عباد الله: إن التفكر في خلق الله تعالى ليزيد الإيمان في القلب ويقويه، ويرسخ اليقين، ويجلب الخشية لله تعالى وتعظيمه، وكلما كان الإنسان أكثر تفكرا وتأملا في خلق الله وأكثر علما بالله تعالى وعظمته كان أعظم خشية لله تعالى؛ كما قال سبحانه: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء﴾[فاطر: 28].

والتفكر في ملكوت الله تعالى من صفات المؤمنين: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ(191)﴾[آل عمران: 190-191].

ولقد ذم الله تعالى الذين يعطلون عقولهم: ﴿وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ﴾ [الأعراف: 179].

أيها المسلمون: كلما نظر المسلم في بعض مخلوقات الله – جل وعلا-، نظرة تأمل وتفكر، زاده ذلك عظمة لخالق هذه المخلوقات؛ إذا نظر العبد إلى ما خلق الله تعالى في هذا الكون من المخلوقات العظيمة، والآيات الكبيرة، فإن في كل شيء له آية تدل على أنه الواحد، واحد كامل العلم والقدرة والرحمة، فمن آياته خلق السموات والأرض، فمن نظر إلى السماء في حسنها وكمالها وارتفاعها وعظمتها، عرف بذلك تمام قدرته سبحانه: ﴿أَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاء بَنَاهَا (27) رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا(28)﴾[النازعات: 27 – 28].

وانظر إلى القمر في السماء وعجائب آياته، كيف يبديه الله كالخيط الدقيق، ثم يتزايد نوره ويتكامل شيئاً فشيئاً، كل ليلة حتى ينتهي إلى كماله وتمامه، ثم يأخذ في النقصان حتى يعود إلى حالته الأولى، ليظهر من ذلك مواقيت العباد في معاشهم وعبادتهم ومناسكهم، فتتميز به الأشهر والسنين.

والشمس آية من آيات الله الباهرة تشع نوراً وتتوقد ضياءً، فسبحان من أنارها: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِضِيَاء أَفَلَا تَسْمَعُونَ (71) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (72) وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ(73)﴾[القصص: 71 – 73].

وإذا نظرت إلى الأرض، وكيف خلقت، رأيتها من أعظم آيات فاطرها وبديعها: ﴿وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ﴾[الذاريات: 20].

خلقها سبحانه فراشاً ومهادا، وذللها لعباده، وجعل فيها أرزاقهم وأقواتهم ومعايشهم، وأرساها بالجبال، ودحاها فمدها وبسطها، ووسعها من جوانبها، وجعلها كفاتاً للأحياء، وكفاتاً للأموات: ﴿وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ﴾[الذاريات: 48].

وانظر إلى الأرض وهي هامدة ميتة فيسوق الله تعالى لها الماء فتحيا من جديد، فتنبت الزرع والثمار من فواكه شتى، وخضروات متنوعة، هذا حلو وهذا حامض، ذاك أحمر وهذا أصفر، ثمار مختلفة، وألوان متنوعة، تخرج من أرض واحدة، وقد سقت بماء واحد، فسبحان من خلق وأحكم: ﴿وَفِي الأَرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِّنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاء وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾ [الرعد: 4].

تأمل في نبات الأرض وانظر *** إلى آثار ما صنع المليك

عيون من لجين شاخصات *** بأحداث هي الذهب السبيك

على كثب الزبرجد شاهدات *** بأن الله ليس له شريك

وفي الأرض من أجناس الدواب وأنواعها ما لا يحصى أجناسه وأنواعه وأفراده.

فانظروا أولاً كم على هذه الأرض من البشر من بني آدم، بالمليارات، ومع ذلك فألسنتهم وألوانهم مختلفة، فلا تجد شخصين متشابهين من جميع الوجوه، وكم من الدواب والأنعام مختلفة الأشكال والألوان واللغات فسبحان من صورها: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ﴾[الروم: 22].

﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ (27) وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ(28)﴾[فاطر: 27- 28].

عباد الله: ومن عظيم خلق الله، هذا الهواء اللطيف المحبوس بين السماء والأرض، يُدرك بحس اللمس عند هبوبه، ولا يرى شخصه.

إذا شاء -سبحانه وتعالى- حرّكه بحركة الرحمة فجعله رخاءً حيث أصاب، وبشرى بين يدي رحمته.

إن شاء -عز وجل-، حركه بحركة العذاب فجعله عقيماً وأودعه عذاباً أليما، وجعله نقمة على من يشاء من عباده فيجعله صرصراً عاتيا: ﴿هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُواْ بِهَا جَاءتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءهُمُ الْمَوْجُ مِن كُلِّ مَكَانٍ﴾[يونس: 22].

ومن عظيم خلق الله -عز وجل- البحار، تأملوا أيها الأخوة، إمساك الرب -تبارك وتعالى- لها بقدرته ومشيئته، وحبسه الماء من أن يطفح على الأرض ويعلوها كلها، مع أن هذا من طبع الماء وقد حار علماء الأرض في سبب بروز هذا الجزء من الأرض مع اقتضاء طبيعة الماء العلو عليه، ولن يجدوا هناك من سبب إلا الاعتراف بالعناية الأزلية والحكمة الإلهية التي اقتضت ذلك لعيش الحيوان في الأرض، وفي مسند الإمام أحمد – عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "ما من يوم إلا والبحر يستأذن ربه أن يغرق بني آدم".

ثم تأمل عجائب البحر وما فيه من الحيوانات على اختلاف أجناسها وأشكالها ومقاديرها ومنافعها ومضارها وألوانها، وما من صنف من أصناف حيوان البر إلا وفي البحر أمثاله، وفيه أجناس لا يعهد لها نظير في البر أصلاً.

ثم انظر إلى عجائب السفن وسيرها في البحر تشقه بلا قائد يقودها ولا سائق يسوقها، وإنما قائدها وسائقها الرياح التي يسخرها الله لإجرائها، فإذا حُبس عنها ظلت راكدة، قال الله تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ الْجَوَارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ (32) إِن يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ(33)﴾ [الشورى: 32- 33].

فما أعظمها من آية وأبينها من دلالة فأين من يعيها ويعظم خالقها؟

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ (10) هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ(11)﴾ [لقمان: 10 – 11].

أقول ما سمعتم واستغفر الله.

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين.

أحبتي في الله: إن فيما أودع الله في مخلوقاته ما يستنطق الأفواه بالتسبيح، ويملأ القلوب إجلالاً من معرفة حكمته وقدرته، وما به يعلم العاقل أنه لم يخلق عبثاً ولم يترك سُدى، فلله في كل مخلوق حكمة باهرة، وآية ظاهرة، وبرهان قاطع، يدل على أنه المنفرد بكل كمال، وأنه على كل شيء قدير.

وفي كل شيء له آية *** تدل على أنه واحد

هل تأملت النحل وأحواله وأعماله وما فيها من العبر والآيات الباهرات، ألم ترَ أقراص شمعها السداسية في دقتها الحسابية وإتقان بنائها وإحكام صنعها، الذي أدهش وما زال يدهش علماء النحل والحساب، ما هي آلات الحساب والمقاييس التي سمحت لهذا المخلوق بالوصول إلى هذا العمل الهندسي الدقيق: ﴿وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ (68) ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاء لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ(69)﴾ [النحل: 68-69].

تأمل قدرة الله بخلقه يوم جعل من النحل حراساً للخلية يستطيعون أن يميزوا كل غريب ودخيل عليهم من النحل، فيطرحوه خارجاً أو يقتلوه، علماً أن تعداد الخلية يصل إلى ثمانين ألف نحلة أو أكثر، فسبحان من ألهمه، سبحان من ألهمه معرفة صاحبه من غيره.

لله في الآفاق آيات لعل *** أقلها هو ما إليه هداك

ولعل ما في النفس من آياته *** عجب عجاب لو ترى عيناك

والكون مشحون بأسرار إذا *** حاولْتَ تفسيرًا لها أعياك

قل للطبيب تخطَّفته يد الردى *** من يا طبيب بطبِّه أرْدَاك؟

قل للمريض نجا وعُوفيَ بعدما *** عجزت فنون الطب من عافاك؟

قل للصحيح يموت لا من علة *** من بالمنايا يا صحيح دهاك؟

قل للبصير وكان يحذر حفرة *** فهَوَى بها من ذا الذي أهواك؟

بل سائل الأعمى خَطَا بين الزحام *** بلا اصطدام من يقود خطاك؟

قل للجنين يعيش معزولا بلا *** راعٍ ومرعى ما الذي يرعاك؟

قل للوليد بكى وأجهش بالبكاء *** لدى الولادة ما الذي أبكاك؟

وإذا ترى الثعبان ينفث سمَّهُ *** فاسأله من ذا بالسموم حَشَاكَ؟

واسأله كيف تعيش يا ثعبان *** أو تحيى وهذا السمُّ يملأ فَاكَ؟

واسأل بطون النَّحل كيف تقاطرت *** شهدًا وقل للشهد من حلاَّك؟

وإذا رأيت الحي يخرج من *** حَنَايا ميتٍ فاسأله من أحياك؟

قل للهواء تحثُّه الأيدي ويخفى *** عن عيون الناس من أخفاك؟

قل للنبات يجفُّ بعد تعهُّدٍ *** ورعاية من بالجفاف رَمَاك؟

وإذا رأيت النَّبت في الصحراء *** يربو وحده فاسأله من أَرْبَاكَ؟

قل للمرير من الثمار من الذي *** بالمرِّ من دون الثمار غذاك؟

وإذا ترى الجبل الأشَمَّ مناطحًا *** قِمَمَ السَّحاب فسَلْه من أرساك؟

وإذا رأيت النهر بالعذب الزُّلال *** جرى فسَلْه من الذي أجراك ؟

وإذا رأيت البحر بالملح الأُجاج *** طغى فسَلْه من الذي أطغاك ؟

ستجيب ما في الكون من آياته *** عجب عجاب لو ترى عيناك

ربي لك الحمد العظيم لذاتك *** حمدًا وليس لواحد إلاَّك

يا مدرك الأبصار والأبصار *** لا تدري له ولِكُنْهِهِ إدراكًا

إن لم تكن عيني تراك فإنني *** في كل شيء أستبين عُلاك

يا منبت الأزهار عاطرة الشَّذَى*** ما خاب يومًا من دعا ورَجَاك

يا أيها الإنسان مهلا ما الذي *** بالله جل جلاله أغراك ؟

يا غافر الذنب العظيم وقابلا *** للتوب قلب تائب ناجاكا

الكون بكائناته جميعاً يسبح الله، ويثني على الله، ويمجد الله، تسبيحاً وثناءً لا نفهمه، الله سبحانه وتعالى يعلمه: ﴿تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا﴾ [الإسراء: 44].

سبحت الكائنات بحمده، فملأ الكون تحميده، سبحه النبات جمعه وفريده، والشجر عتيقه وجديده، سبحته الحيتان في البحار الزاخرات، سبحته الوحوش في الفلوات، فسبحان الله عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه.

صلوا على رسول الله.


تم تحميل المحتوى من موقع