من أشد الأسباب التي توقع في الزنا السفر إلى البلاد الإباحية في الشرق أو الغرب في بلاد العرب أو بلاد العجم.
الحمد لله رب العالمين، حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن رحمة بعباده، وحماية لهم مما يضرهم، وأشهد أن لا إله ألا الله وحده لا شريك له، خلق الإنسان فرباه بنعمه وأحل له الطيبات، وحرم عليه الخبائث، وأشهد أن محمدً عبده ورسوله، لا خير إلا دل أمته عليه وأمرها به، ولا شر إلا حذرها منه- صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد:
أيها الناس: اتقوا الله تعالى وتفكروا في تشريعاته الحكيمة وما فيها من الخير العاجل والآجل، فإن ذلك مما يزيدكم محبة لها وتمسكاً بها، يقول الله تعالى: (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً) ويقول تعالى: (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ)
فالله سبحانه وتعالى خلق شهوة الاتصال الجنسي في الإنسان لحكمة بقاء النسل، وجعل لها مصرفاً وموضعاً صالحاً هو الزوجة أو ملك اليمين، وسمى هذا الموضع بالحرث، كما قال تعالى: (نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) ووعد سبحانه من استغنى بذلك عن الحرام بجزيل الأجر والثواب حيث قال: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ)- إلى قوله (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ) إلى قوله:(أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "وفي بضع أحدكم صدقة، قالوا: يا رسول الله، أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: أرأيتم لو وضعها في حرام، أكان عليه وزر؟ فكذلك له فيها أجر، فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر" رواه مسلم، ووضع الشهوة في غير موضعها في المباح من الزوجة أو ملك اليمين سماه الله عدواناً وزناً وفاحشة وساء سبيلاً، ونهى المسلمين أن يقربوه ورتب عليه أشنع العقوبات العاجلة والآجلة، لأنه يدمر الأخلاق ويخلط الأنساب ويسبب حدوث الأمراض المستعصية والمهلكة، وفي الحديث الذي رواه ابن ماجه: "ما ظهر فاحشة في قوم حتى أعلنوا بها إلا ابتلوا بالطواعين والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا"
ومصداق ذلك يا عباد الله ما حدث في البلاد الإباحية في أوربا وشرق آسيا هذه الأيام من هذا المرض الخطير وهو المرض المسمى (بالهربس) وقد نوهت عنه الصحف والمجلات وتقرر أنه حدث بسبب الزنا واللواط، وهو عبارة عن قروح تنشأ في الأعضاء التناسلية وفي أجسام الرجال والنساء ويتهرى منها الجسم ثم تؤدي إلى الوفاة، أو يبقى المصاب مشوه الجسم منغصاً بالأوجاع والأسقام، وهو مرض تنتشر عدواه بإذن الله على من جالس المصاب أو مس شيئاً من جسمه، ولم يعثر لهذا المرض على علاج، وذكرت التقارير الدقيقة أن سبب الإصابة بهذا المرض هو السفر إلى البلاد الإباحية، أو قدوم الوافدين من تلك البلاد واختلاطهم بالأصحاء، وأن هناك أعداداً من المصابين بهذا المرض يرقدون في المستشفيات، أو يراجعون العيادات الخارجية بدون جدوى. وصدق اله ورسوله (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً)
وإذا كان هذا نوعاً من عذاب الزناة في الدنيا فإن عذابهم في الآخرة أشد، فقد روى البخاري في صحيحه من حديث رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم: "فانطلقنا فأتينا على مثل التنور، وإذا فيه لغط وأصوات، قال: فاطلعنا فيه فإذا رجال ونساء عراة، وإذا هم يأتيهم لهب من أسفل منهم، فإذا أتاهم ذلك اللهب ضوضوا (أي صاحوا) ولما سأل عنهم أخبر أنهم الزناة والزواني". عباد الله: لما كان الزنى منتهى القبح والشناعة حرمه الله وحذر منه وتوعد فاعله بأشد العقوبات العاجلة والآجلة، وحرم الوسائل والأسباب التي توصل إليه.
ومن أشد الأسباب التي توقع في الزنا السفر إلى البلاد الإباحية في الشرق أو الغرب في بلاد العرب أو بلاد العجم. وكما تقرر أن هذا المرض الغريب الذي تحدثت عنه الصحف والمجلات- أنه إنما فشا في الذين يسافرون إلى تلك البلاد أو يفدون منها، وهذا خطر واحد من أخطار السفر إلى بلاد الكفار. وهناك أخطار كثيرة من أعظمها الخطر على العقيدة والدين، ولكن ويا للأسف أصبح السفر إلى بلاد الكفار اليوم محل تسابق وتفاخر بين الناس، فالمتزوج يسافر بزوجته لقضاء الشهر الأول بعد الزواج في بلاد الكفار، والتاجر يسافر بعائلته للسياحة في بلاد الكفار. والموظف يسافر لقضاء عطلته في بلاد الكفار،والطلاب يسافرون أو يسافر بهم في رحلة استطلاعية إلى بلاد الكفار. وماذا في بلاد الكفار؟ إنه الكفر والإلحاد، إنه الإباحية والفساد، إنه الأمراض الفتاكة والحياة البهيمية، إنه إضاعة المال وتبذيره –وكل هذه مفاسد خطيرة تكفي واحدة منها لقوم يعقلون وأما الذين لا يعقلون فإنهم إذا حذروا منها قالوا: هذا من تشديد المتدينين وقصور نظرهم، والآن لما ظهر هذا المرض الخبيث ظهر صدق الناصحين كما قال الشاعر:
أمرتهم أمري بمنعرج اللوى فلم يستبينوا الرشد إلا ضحى الغد
عباد الله: ومن الأسباب التي توقع في الزنا النظر إلى ما لا يجوز النظر إليه من نظر الرجال إلى النساء، ونظر النساء إلى الرجال –قال تعالى: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ) – وقال تعالى: (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ).
ومن الأسباب الموقعة في الزنا: النظر إلى الصور الخليعة في أفلام الفيديو وفي الصحف والمجلات الماجنة.
ومن أسباب الوقوع في الزنا: الاستماع إلى الأغاني الخليعة في الإذاعات والأشرطة المفسدة.
ومن الأسباب الموقعة في الزنا: اختلاط النساء بالرجال وخلوة الرجل بالمرأة في سيارة أو مكتب أو بيت لأي غرض سواء كان لعمل وظيفي أو بيع وشراء أو لتعليم أو لعلاج،. فالشهوة موجودة في الرجل والمرأة والشيطان لا يترك الفرصة تذهب.
ومن الأسباب التي توقع في الزنا: سفور المرأة عند الرجال بكشف وجهها أو شيء من جسمها، ولذلك أمر الله بالحجاب ونهى عن التبرج في مواضع من كتابه الكريم.
ومن الأسباب التي توقع في الزنا: خروج المرأة من بيتها متزينة بأنواع الزينة في ملابسها وبدنها- وكل هذه الأسباب كثر تعاطيها بين نسائنا بدون وازع ولا رادع.
فاتقوا الله أيها المسلمون في أنفسكم وفي نسائكم، خذوا على أيديهم وخوفوهن من العقوبات. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ) الآية.
بارك الله لي ولكم في القرآن الكريم.
ومن الأسباب الموقعة في الزنا: النظر إلى الصور الخليعة في أفلام الفيديو وفي الصحف والمجلات الماجنة.
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي