فما أحوجنا إلى تبسم الأخ في وجه أخيه، والجار في وجه جاره في زمن طغت فيه المادة وقلت فيه الألفة وكثرت فيه الصراعات، وما أحوجنا إلى تبسم الرجل في وجه زوجته! والزوجة في وجه زوجها في زمن كثرت فيه المشاكل الاجتماعية فلا ترى إلا عبوس الوجه وتقطيب الجبين وكأنك في ..
الحمد لله الذي كان بعباده خبيرًا بصيرًا, وتبارك الذي جعل في السماء بروجًا وجعل فيها سراجًا وقمرًا منيرًا، وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورًا... اللهم لك الحمد خيرًا مما نقول, وفوق ما نقول, ومثلما نقول, عزّ جاهك، وجلّ ثناؤك، وتقدست أسماؤك, ولا إله إلا أنت, والصلاة والسلام على من بعثه ربه هاديًا ومبشرًا ونذيرًا، وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا, بلّغ الرسالة، وأدّى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حتى أتاه اليقين, هدى الله به البشرية, وأنار به أفكار الإنسانية، وزعزع به كيان الوثنية؛ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
أمَّا بَعد:
عباد الله: إن أساس العلاقة بين بني البشر مع بعضهم البعض قائمة على التعارف والتعاون والتآلف، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) [الحجرات:13].
وإن علاقة المسلم مع أخيه المسلم إلى جانب ذلك قائمة على التراحم والإخاء والترابط والمعاملة الطيبة والسلوك الحسن، قال تعالى مذكرًا المؤمنين بنعمته عليهم: (وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) [آل عمران:103] وقال تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) [الحجرات:10].
وقال -صلى الله عليه وسلم-: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى" (صحيح مسلم، ج4، ص1999).
وهذه العلاقة إذا قامت على هذه القيم والمفاهيم وكانت خالصة لوجه الله فإن صاحبها مأجورٌ عليها ومجزيٌ بها في الدنيا والآخرة، قال تعالى: (وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) [الأعراف:43]
لذلك حرص الإسلام على تدعيم هذه العلاقة بين المسلمين بكل الوسائل والطرق وفي جميع الأحوال والظروف، ولعل من أعظم هذه الوسائل التي تقوي علاقة المسلم مع أخيه المسلم وتجعله محبوبًا بين الناس هي إخلاص العمل لله والتقرب إليه بالأعمال الصالحة، قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا) [مريم:96].
ومن هذه الوسائل التبسم وطلاقة الوجه؛ فالبسمة آية من آيات الله -تعالى- ونعمة ربانية عظيمة، إنها سحر حلال تنبثق من القلب وترتسم على الشفاه، فتنثر عبير المودة، وتنشر نسائم المحبة وتستلّ عقد الضغينة والبغضاء لتحل الألفة والإخاء، وكما قال ابن عيينة -رحمه الله-: "البشاشة مصيدة القلوب".. وأوصى ابن عمر -رضي الله عنهما- ابنه فقال: "بنيّ إن البر شيء هيّن وجه طليق وكلام ليّن"..
لقد أرسى الحبيب محمد -صلى الله عليه وسلم- خُلق البسمة والبشاشة، وعلّم الإنسانية هذه اللغة العالمية اللطيفة بقوله وفعله وسيرته العطرة، فكان -صلى الله عليه وسلم- بسّام الثغر طلق المحيى، يحبه بديهة من رآه، ويفديه من عرفه بنفسه وأهله وأغلى ما يملك! لقد كان تبسمه لأهله وأصحابه بذرًا طيبًا آتى أُكله ضعفين، خيرًا في الدنيا وأجرًا في الآخرة..
أما الخيرية العاجلة؛ فانشراح القلب وراحة الضمير، ومنافع صحية أخرى أثبتها الأطباء على البدن، ويتبعها مصالح اجتماعية وشرعية من تأليف القلوب وربطها بحبل المودة المتين وترغيبها لحب الدين؛ فالبسمة بريد عاجل إلى الناس كافة لا تكلفنا مؤنة مالية أو متاعب جسدية بل تبعث في ومضة سريعة يبقى أثرها الحميد عظيما في النفوس!
والخيرية الآجلة؛ الثواب المثبت في جزاء الصدقة وبذل المعروف؛ فالتبسم في وجه المسلم صدقة فاضلة يستطيعها الفقير والغني على حدّ سواء.. روى الترمذي عن عبد الله بن الحارث قال: "ما رأيت أحدًا أكثر تبسمًا من رسول الله صلى الله عليه وسلم".
وفي صحيح مسلم قال -صلى الله عليه وسلم-: "إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فليسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق" ...
تلك الابتسامة التي جعلت جرير بن عبد الله البجلي -رضي الله عنه- ينتبه لها ويتذكرها ويكتفي بها هدية من الرسول العظيم فيقول: "ما رآني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا تبسم في وجهي" (رواه البخاري).
فهذه الابتسامة المشرقة التي يشرق بها وجه النبي -صلى الله عليه وسلم- أجلّ عند جرير من كل الذكريات, وأسمى من كل الأمنيات, كانت تعلو محياه تلك الابتسامة المشرقة المعبرة، فإذا قابل بها الناس أسِر قلوبهم ومالت إليه نفوسهم وتهافتت عليه أرواحهم ..
والابتسامة عبادة وصدقة، فـ "تبسمك في وجه أخيك صدقة" (رواه الترمذي) وما أكثر ما فرطنا في هذه العبادة وما أكثر ما بخلنا في هذه الصدقة، فهي السحر الحلال وهي إعلان الإخاء، وعربون الصفاء، ورسالة الود، وخطاب المحبة تقع على صخرة الحقد فتذيبها، وتسقط على ركام العداوة فتزيلها، وتقطع حبل البغضاء، وتطرد وساوس الشحناء، وتغسل أدران الضغينة، وتمسح جراح القطيعة...
وإذا كان نبي الله سليمان -عليه السلام- قد تبسم لنملة صغيرة في وادٍ مترامي الأطراف عندما سمعها تحذر قومها من جيشه كما قال -تعالى- (فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ) [النمل:19].
فما أحوجنا إلى تبسم الأخ في وجه أخيه، والجار في وجه جاره في زمن طغت فيه المادة وقلت فيه الألفة وكثرت فيه الصراعات، وما أحوجنا إلى تبسم الرجل في وجه زوجته! والزوجة في وجه زوجها في زمن كثرت فيه المشاكل الاجتماعية فلا ترى إلا عبوس الوجه وتقطيب الجبين وكأنك في حلبة صراع من أجل البقاء!!
وما أحوجنا إلى تلك الابتسامة من مدير في وجه موظفيه فيكسب قلوبهم ويرفع من عزائهم بعيدًا عن العنجهية والتسلط والكبرياء!!!
ما أحوجنا إلى البسمة وطلاقة الوجه وانشراح الصدر ولطف الروح ولين الجانب من عالم رباني منصف يسعى لجمع الكلمة ووحدة الصف، بدلاً من الفتاوى الجائرة الظالمة في نبش فتن الطائفية والمذهبية، وتوسيع هوة الخلاف والنزاع والشقاق، وتضليل الناس وتبديعهم وتفسيقهم بل والتعرض للعلماء والدعاة الربانيين بالغمز واللمز والاستطالة في أعراضهم!!
وما أحوجنا إلى الابتسامة الصادقة من ذلك الحاكم والمسئول في وجه من يقوم برعايتهم وخدمتهم من غير ما خداع أو كذب أو تزوير، أو وعيد أو تهديد فتحبه قلوبهم وتلهج بالثناء الحسن والدعاء له ألسنتهم!!!
يأتي رجل فقير من المسلمين إلى عمر بن الخطاب فقال:
يا عمر الخير جزيت الجنة *** اكْسُ بنياتي وأمهنه
وكن لنا في ذا الزمان جُنّة *** أقسم بالله لتفعلنه
فتبسم عمر قائلاً: وإذا لم أفعل يكون ماذا؟ قال الرجل:
أبا حفص غدًا عنه لتسألنه *** يوم تكون الأعطيات منة
وموقف المسئول بينهنه *** إما إلى نار وإما إلى جنة
فخلع عمر الجلباب الذي كان يلبسه وقال: خذ هذا ليومٍ تكون الأعطيات منة.
عباد الله: ما أجمل أن نبتسم في وجوه الأيتام والأرامل والمعوزين والمحتاجين في أمتنا فندخل السرور إلى نفوسهم ونمد يد العون لهم ونرسم البسمة على شفاههم، وإن ذلك لمن أحب الأعمال وأعظمها أجرًا عند الله...
قُتل عبد الله بن حرام الأنصاري -رضي الله عنه- يوم أحد وحمل إلى المصطفى -صلى الله عليه وسلم- وهو ملفوفٌ في ثيابه مقَطع بالسيوف، لكن في سبيل الله فأخذ ابنه جابر يبكي والصحابة يهدئونه؛ فالتفت الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلى جابر وقال: "ابك أو لا تبك والذي نفسي بيده ما زالت الملائكة تظله بأجنحتها حتى رفعته" (رواه مسلم 2174)، وقال -صلى الله عليه وسلم- لجابر يومًا بعد ذلك: "يا جابر ما لي أراك منكسرًا"! اسمع إلى التعازي والمواساة وما أحسنها! فقال جابر: يا رسول الله، استُشهد أبي وترك عيالاً ودينًا فقال: "أفلا أبشرك بما لقي الله به أباك؟" قال: بلى، قال: "ما كلم الله أحدًا قط إلا من وراء حجاب، وأحيى أباك فكلمه كفاحًا، فقال: يا عبدي تمن عليَّ أعطك، قال: يا رب تحييني فأقتل فيك ثانية، قال الرب عز وجل: إنه قد سبق مني أنهم إليها لا يرجعون" (صحيح الترمذي 3010)، فجعل الله روحه وأرواح إخوانه في جوف طير خضر كما في الحديث: "لها قناديل معلقة بالعرش تسرح من الجنة حيث شاءت ثم تأوي إلى تلك القناديل المعلقة".. عند ذلك تبسم جابر..
ما أحوجنا إلى الابتسامة من ذلك التاجر فيكسب القلوب وتحل عليه البركة ويكثر رزقه وتدركه رحمة ربه، فقد روى البخاري دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- بالرحمة حيث قال: "رحم الله عبدًا سمحًا إذا باع سمحا إذا اشترى، سمحا إذا قضى، سمحا إذا اقتضى".. وفي رواية بشره بالمغفرة حيث يقول -صلى الله عليه وسلم-: "غفر الله لرجل ممن كان قبلكم كان سهلا إذا باع سهلا إذا اشترى سهلا إذا اقتضى" (أخرجه أحمد) عن جابر....(صحيح) انظر حديث رقم: 4162 في صحيح الجامع) ...
بل يقول الصينيون في حكمة يرددونها:- "إن الرجل الذي لا يعرف كيف يبتسم لا ينبغي له أن يفتح متجرًا"، بل تقوم كثير من الدول المتقدمة والشركات العالمية بإنفاق ملايين الدولارات من أجل تدريب موظفيها على الابتسامة في وجه الزبائن والعملاء وهم بذلك يرجون ثواب الدنيا، فكيف بالمسلم عندما يتخلق بهذا الخلق فيجمع بين ثواب الدنيا والآخرة وصدق الله إذ يقول في المؤمنين: (وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) [البقرة:201].
أقول ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه....
عباد الله: لقد أُجريت العديد من البحوث والدراسات العلمية حول الابتسامة وفوائدها الصحية والنفسية بالنسبة للإنسان فتوصلوا إلى أن الابتسامة تحفظ للإنسان صحته النفسية والبدنية، وتساعد على تخفيف ضغط الدم، وتعمل على تنشط الدورة الدموية بل وتزيد من مناعة الجسم ضد الأمراض والضغوطات النفسية والحياتية، والابتسامة تساعد المخ على الاحتفاظ بكمية كافية من الأوكسجين، ولها آثار ايجابية على وظيفة القلب والبدن والمخ وتزيد الوجه جمالاً وبهاء، وتعمل على التخفيف من حموضة المعدة وزيادة إفرازات الغدد الصم مثل غدة البنكرياس والغدد الكظرية والدرقية والنخامية كما أنها تقهر الأرق والكآبة.
وإلى جانب هذه الفوائد الصحية للابتسامة فإنها أيضًا باب من أبواب الخير والصدقة قال -صلى الله عليه وسلم-: "وتبسمك في وجه أخيك لك صدقة" (رواه الترمذي) وهي سبب في كسب مودة الناس ومحبتهم وزرع الابتسامة على وجوههم قال -صلى الله عليه وسلم-: "لن تسعوا الناس بأموالكم، فليسعهم منكم بسط الوجه" (رواه الحاكم).
وفيها ترويح للنفس وإجمام للروح ودواء للهموم وذهاب للغموم: "وأحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم أو تكشف عنه كربة" (رواه الطبراني في الكبير).
وهي مظهر من مظاهر حسن الخلق التي يدعوا إليها الإسلام "لا تحقرن من المعروف شيئًا ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق" (رواه الحاكم والبيهقي في شعب الإيمان) وفيها تأسٍّ بسيد الخلق وأعظمهم خُلُقا وأكثرهم ابتسامة.
عباد الله: لقد كان رسولكم -صلى الله عليه وسلم- يبتسم وهو ينظر إلى مستقبل هذه الأمة وحتى وهو في منامه؛ فعن أم حرام بنت ملحان -رضي الله عنها- قالت: نام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يومًا قريبًا مني ثم استيقظ يتبسم فقلت: ما أضحكك؟، قال: "أناسٌ من أمتي عرضوا عليّ يركبون هذا البحر الأخضر كالملوك على الأسرة" قالت: فادعوا الله أن يجعلني منهم فدعا لها... الحديث " [ البخاري ].
بل كان يعلم بالخير لأمته فيفرح لها ويستبشر ويتبسم بل ويضحك... فقد تبسم رسول -صلى الله عليه وسلم- رضا وارتياحًا وفرحًا، خاصة بعدما رأى ما سره مما ينتظره يوم القيامة؛ فعن أنس -رضي الله عنه- قال: بينما رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذات يوم بين أظهرنا، إذ أغفى إغفاءة، ثم رفع رأسه مبتسما، فقلنا: ما أضحكك يا رسول الله؟ قال: "أنزلت عليّ آنفًا سورة "فقرأ سورة الكوثر، ثم قال:" أتدرون ما الكوثر؟" فقلنا: الله ورسوله أعلم، قال:" فإنه نهر وعدنيه ربي -سبحانه وتعالى- عليه خير كثير، هو حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة، آنيته عدد النجوم".
بل لقد ودع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الدنيا وهو ينظر إلى أمته وهي في الصلاة خلف أبي بكر -رضي الله عنه-، وكان قد أنهكه المرض -صلى الله عليه وسلم-، فلما رأى أمته على هذه الحالة تبسم؛ فعن أنس بن مالك -رضي الله عنه-: "أن المسلمين بينا هم في صلاة الفجر من يوم الاثنين وأبو بكر يصلي بهم فإذا برسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد كشف ستر حجرة عائشة فنظر إليهم وهم في صفوف الصلاة، ثم تبسم يضحك" لقد أراد أن يودع الدنيا وهو يبتسم ينظر إلى أمته وهي في الصلاة ومحراب العبادة فيختم بها حياته [رواه البخاري].
أيها المؤمنون: لنتعلم فن التبسم بصدق، ولننشر ثقافة الوجه الطلق والسماحة والسعادة بيننا وفي مجتمعاتنا؛ ففي ذلك الضمان الأكيد لحياة سعيدة وعلاقة أخوية مترابطة، ولنتأس بأعظم رسول -صلى الله عليه وسلم-، ولنستشعر الأجر والمثوبة من الله -سبحانه وتعالى- اللهم اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ....
ثم اعلموا أن الله -تبارك وتعالى- قال قولاً كريمًا تنبيهًا لكم وتعليمًا وتشريفًا لقدر نبيه وتعظيمًا: (إن اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب:56]، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وأصحابه وخلفائه الراشدين الذين قضوا بالحق وبه كانوا يعدلون؛ أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وارض اللهم عن بقية الصحابة والقرابة وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بمنك وفضلك يا أرحم الراحمين .... والحمد لله رب العالمين.
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي