إذا سقط جدار الحياء رأيت صورًا متعددة لفساد الأخلاق والقيم في حياة بعض المسلمين اليوم؛ من المجاهرة بالمعاصي، فتجد الذي يتحدث عن بطولاته في التسكع في الشوارع، ومضايقة نساء المسلمين، والذي يفتخر بذكائه في جمع الأموال من السرقة والاختلاس والرشاوي، والذي يتحدث عن بطولاته في ..
الحمد لله خالق كل شيء، ورازق كل حي، أحاط بكل شيء علمًا، وكل شيء عنده بأجل مسمى، أحمده سبحانه وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره، وهو بكل لسان محمود.
إذا لم تخـشَ عاقبة الليالي *** ولم تستحِ فاصنع ما تشاء
فلا والله ما في العيش خير *** ولا الدنيا إذا ذهب الحياء
يعيش المرء ما استحيا بخير *** ويبقى العود ما بقي اللحاء
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وهو الإله المعبود، صاحب الكرم والعطاء والجود، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبدُه ورسوله، صاحب المقام المحمود، والحوض المورود، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه الركع السجود، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى اليوم الموعود، وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد:
عباد الله: الحياء خلقٌ من أخلاق العظماء، وهو خُلق الإسلام الأول، قال -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ لكل دين خُلقًا، وخُلق الإسلام الحياء". موطأ مالك، وسنن ابن ماجه.
والحياء خُلق يبعث على ترك القبيح، وعدم التقصير في حق الله، ومراقبته، وهو أن تخجل النفس من فعل كل ما يعيبها وينقص من قدرها ومروءتها، وهو من الأخلاق الرفيعة التي أمر بها الإسلام، وأقرها، ورغَّب فيها، وقد جاء في الصحيحين قال -صلى الله عليه وسلم-: "الإيمان بضع وسبعون شعبة، فأفضلها لا إله إلا اللّه، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان"، وهو خُلق توارثته النبوات، وأمر به الأنبياء، ووصى به العظماء؛ قال -صلى الله عليه وسلم-: "إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت". البخاري (3/1284).
وقد جاء سَعِيد بن يَزِيدَ الأَزْدِيّ ذات يوم فقَالَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أَوْصِنِي، قَالَ: "أُوصِيكَ أَنْ تَسْتَحِيَ مِنَ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ- كَمَا تَسْتَحِي مِنَ الرَّجُلِ الصَّالِحِ". رواه الطبراني في المعجم الكبير (7738)، وصححه الألباني في الصحيحة (741 ).
ويقول -عز وجل- عن موسى -عليه السلام-، وقد هرب من فرعون وجنوده وذهب إلى أرض مدين التي لا يعرف فيها أحدًا، وليس له فيها قرابة ولا قبيلة ولا صاحب: (وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ * فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ) [القصص: 24:23].
ولما علم شعيب ذلك الرجل الصالح أرسل ابنته إلى موسى -عليه السلام-؛ لمكافأته على صنيعه، فـ"من لا يشكر الناس لا يشكر الله"، وانظروا كيف جاءت هذه الفتاة التي تربت في بيت النبوة، وكيف خاطبت موسى -عليه السلام- قال تعالى: (فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) [القصص:25].
قال الفاروق عمر -رضي الله عنه-: "من قل حياؤه قل ورعه، ومن قل ورعه مات قلبه". ولما احتضر الأسود بن يزيد بكى، فقيل له: ما هذا الجزع؟! قال: "ما لي لا أجزع؟! ومن أحق بذلك مني؟! والله لو أُتيت بالمغفرة من الله -عز وجل- لأهمني الحياء منه مما قد صنعت، إن الرجل ليكون بينه وبين الرجل الذنب الصغير فيعفو عنه، ولا يزال مستحييًا منه"!! وقال مجاهد -رحمه الله- في قوله تعالى: (وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ) [الرحمن:46]، هو الرجل يخلو بمعصية الله فيذكر مقام الله فيدعها فَرَقًا من الله.
إذا ما خـلوت بريبة في ظلمة *** والنفس داعية إلى الطغيان
فاستحيِ من نظر الإله وقل لها *** إن الذي خلق الظلام يراني
والحياء مقرونٌ بالإيمان وملازمٌ للمؤمن كظله، فإذا رُفع أحدهما رُفع الآخر، قال -صلى الله عليه وسلم-: "الحياء والإيمان قرناء جميعًا، فإذا رفع أحدهما رفع الآخر". رواه الحاكم وصححه على شرط الشيخين. ولذلك كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أشد الخلق حياءً من ربه ومن الناس، فقد روى البخاري عن أبي سعيد الخدري قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أشدَّ حياءً من العذراء في خدرها"، وهذا تشبيه لمراقبته -صلى الله عليه وسلم- لربه وخوفه منه وشعوره بالتقصير في حقه، وكان مع الناس لا يأتي إلا بكل خير في قوله وفعله، في نطقه وسكوته، وفي فرحه وحزنه.
عباد الله: لقد حرص الإسلام على إشاعة خُلق الحياء في المجتمع؛ لصيانة الحقوق، وحفظ الأموال والأعراض، وللقيام بالواجبات، وأداء الأمانات، ونشر الفضائل، ومحاربة المنكرات، ولزيادة روابط الحب والتراحم والإخاء في المجتمع المسلم، فقد اتفقت الشرائع الربانية والعقول السليمة والتجربة العملية على أن الحياء جدار وسياج يمنع الإنسان من ارتكاب القبائح والمنكرات، روى مسلم عن عمران بن حصين -رضي الله عنه- قال -صلى الله عليه وسلم-: "الحياء كله خير"، وفي رواية: "الحياء لا يأتي إلا بخير".
فالمسلم الحيي يعلم أن له ربًّا يراه في كل حال، فهو مستحٍ منه، فلا يراه في معصيته سبحانه ولا مقصرًا في واجباته، قال تعالى: (الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ) [الشعراء: 218-219]، وقال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ) [آل عمران:5].
وإذا كان الأمر كذلك وجب على كل مسلم أن يتخلق بهذا الخُلق في سائر حياته، فالحياء في النعمة شكر لله عليها، مرّ عمرُ بن عبيد الله بن معمر بعبدٍ يأكل عند بستان في المدينة وبين يديه كلب: إذا أكل لقمة أعطاه لقمة، فقال له عمر بن عبيد الله: أهذا الكلب لك؟! قال: لا، قال: فَلِمَ تطعمه مثلما تأكل؟! قال: إني أستحي من ذي عينين تنظر إليّ وأنا مستبد بمأكول من دونه. قال: أحرٌّ أنت أم عبد؟! قال: بل عبد لبني عاصم. فأتى عمر ناديهم فاشتراه، واشترى البستان، ثم جاءه فقال: لقد اشتريتك وأعتقتك لوجه الله. قال: الحمد لله وحده، ولمن أعتقني بعده. قال: وهذا البستان لك. قال: أشهدك أنه وقف على فقراء المدينة. قال: ويحك تفعل هذا مع حاجتك؟! قال: إني أستحي من الله أن يجود لي بشيء فأبخل به على خلقه.
ويكون الحياء في المحنة تسليمًا وصبرًا، وفي القضاء إنصافًا وعدلاً، ومع الوالدين والأرحام صلة وبرًّا، كان زين العابدين علي بن الحسين -رضي الله عنه- من أبر الناس بأمه، وكان يخاف أن يأكل معها في إناء واحد، فلما سألوه. قال: إني أستحي أن أمد يدي إلى لقمة قد سبق نظرها إليها.
وفي معاملة الضعفاء والأرامل والأيتام يكون الحياء عطفًا ورحمة ورفقًا، ويكون الحياء في الوظيفة وتقلد المناصب وتحمل المسؤوليات أمانة ورعاية، وخوفًا وخشية من التقصير والتفريط.
عن عطاء بن أبي رباح قال: حدثتني فاطمة امرأة عمر بن عبد العزيز الخليفة الخامس أنها دخلت عليه، فإذا هو في مصلاه يده على خده سائلة دموعه، فقلت: يا أمير المؤمنين: ألشيء حدث؟! قال: يا فاطمة: إني تقلدت أمر أمة محمد على غير رغبة مني، فتفكرت في الفقير الجائع، والمريض الضائع العاري المجهود، والمظلوم المقهور، والغريب المأسور، والكبير، وذي العيال في أقطار الأرض، فعلمت أن ربي سيسألني عنهم، وأن خصمهم دونهم محمد، فخشيت أن لا تثبت لي حجة عند خصومته، فرحمت نفسي فبكيت.
ويكون الحياء في الرجال ورعًا وجمالاً وزينة، وفي النساء عفة وطاعة وطهارة، هذه أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كنتُ أدخل بيتي الذي دُفن فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبي فأضع ثوبي. فأقول: إنما هو زوجي وأبي. فلما دُفن عمر معهم، فوالله ما دخلت إلا وأنا مشدودة عليَّ ثيابي حياءً من عمر -رضي الله عنه-". أحمد (6/202)، ورجاله رجال الصحيح، وانظر: مجمع الزوائد (8/26).
ولما مرضت فاطمة -رضي الله عنها- مرض الموت الذي تُوفيت فيه، دخلت عليها أسماء بنت عميس -رضي الله عنها- تعودها وتزورها، فقالت فاطمة لأسماء: والله إني لأستحي أن أخرج غدًا -أي إذا مت- على الرجال من خلال هذا النعش. وكانت النعوش آنذاك عبارة عن خشبة مصفحة يُوضع عليها الميت ثم يُطرح على الجثة ثوب، ولكنه كان يصف حجم الجسم. فقالت لها أسماء: أو لا نصنع لك شيئًا رأيته في الحبشة؟! فصنعت لها النعش المغطى من جوانبه بما يشبه الصندوق، ودعت بجرائد رطبة فحنتها، ثم طرحت على النعش ثوبًا فضفاضًا واسعًا، فكان لا يصف شيئًا. فلما رأته فاطمة فالت لأسماء: "سترك الله كما سترتني".
لقد كانت من شدة حيائها -رضي الله عنها- تحمل همّ حالها بعد موتها أن يراها الرجال، فماذا نقول لنساء المسلمين اليوم؟! أين الحياء من الله؟! وأين التربية على قيم الإسلام وأخلاقه؟! وأين الاستعداد ليومٍ (تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ) [الحج:2].
فما أجمل أن يكون لنا من الحياء سياج يحفظ علينا نور الإيمان، ويلبسنا ثوب التقى والطهر والعفاف، ونكون به بين الناس مبعث نور، ومصدر برّ ومنار هدًى، تتميز به شخصيتنا، وتظهر من خلاله ملامح عزتنا وكرامتنا. اللهم زينا بالتقى واحفظنا من الردى، واغفر لنا في الآخرة والأولى.
قلت ما سمعتم، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه.
عباد الله: يحدثنا ابن القيم -رحمه الله- عن عقوبة الذنوب والمعاصي فيقول: "ومن عقوباتها -أي الذنوب والمعاصي- ذهاب الحياء الذي هو مادة الحياة للقلب، وهو أصل كل خير، وذهابه ذهاب كل خير بأجمعه".
فإذا سقط جدار الحياء رأيت صورًا متعددة لفساد الأخلاق والقيم في حياة بعض المسلمين اليوم؛ من المجاهرة بالمعاصي، فتجد الذي يتحدث عن بطولاته في التسكع في الشوارع، ومضايقة نساء المسلمين، والذي يفتخر بذكائه في جمع الأموال من السرقة والاختلاس والرشاوي، ولا يحافظ على المال العام أو الأمانات التي تحت يديه لا يهمه الأمر ولا يبالي بالطريقة التي يكسب فيها؛ لأنه فقد الحياء، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "يأتي على الناس زمان لا يبالي المرء ما أخذ منه أمن الحلال أم من الحرام". البخاري 1954.
والذي يتحدث عن بطولاته في ظلم الآخرين، وأخذ ممتلكاتهم بقوته وماله ووجاهته وخبرته وحنكته، وتلك المرأة التي تخرج متبرجة قد تركت أمر الله في حجابها وراء ظهرها، أو ذلك التاجر الذي يبيع المحرمات، بل ويعلن عنها، وربما رأيت ذلك الكاتب والصحفي والمذيع يفتري الكذب، ويزوّر الوقائع، ويقلب الحقائق، وغير ذلك من السلوكيات، فينبغي على هؤلاء الحذر مما ثبت عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل عملاً بالليل ثم يصبح وقد ستره الله فيقول: يا فلان: عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه، ويصبح يكشف ستر الله عنه". متفق عليه.
وقد جاء في الأثر: "أن الله تعالى إذا أبغض عبدًا نزع منه الحياء، فإذا نزع منه الحياء لم تلقه إلا بغيضًا مبغضًا".
وكان الفاروق عمر -رضي الله عنه- يقول: "من استحيا استخفى، ومن استخفى اتقى، ومن اتقى وُقي".
عندما سقط جدار الحياء الذي يمنع صاحبه من فعل القبيح من قلوب كثير من الناس وجدنا الابن يتجرأ على أبيه وأمه، ليس بالسب وحده بل بالضرب والقتل، أي تعاسة وصل إليها هذا الإنسان؟! وصدق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين قال: "إذا لم تستح فاصنع ما شئت".
وأين نحن من قوله تعالى: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا) [الإسراء: 23- 24].
لقد سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حارثة بن النعمان يقرأ القرآن في الجنة ببره بأمه، فعن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "دخلت الجنة فسمعت فيها قراءة، قلت: من هذا؟! فقالوا: حارثة بن النعمان، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "كذلكم البر، كذلكم البر". وكان من أبر الناس بأمه. صحيح الجامع 3371، ومشكاة المصابيح 4854.
أيها المؤمنون، عباد الله: إن من ثمار خلق الحياء أنه يمنع صاحبه من فعل المنكرات، وارتكاب الموبقات، وبه تُنال الدرجات، وهو عنوان على صدق الإيمان وقوة الأخلاق، وبه تتنزل الرحمات، ومن ثماره أنه يؤلف بين القلوب، وبه تُصان الحقوق وتُحفظ الدماء، وتؤدى الأمانات، وذلك لقيام كل فرد من أفراد المجتمع تجاه إخوانه وجيرانه وواجباته بما يملي عليه دينه وأخلاقه.
الحَيَاء يدفع المسلم إلى أن يقول كلمة الحقَّ، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، قال تعالى: (وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ) [الأحزاب:53]، لأن فريضة الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر سمة مِن سمات هذه الأمَّة، قال -عزَّ وجلَّ-: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ) [آل عمران:110].
ولنعلم أن الله -سبحانه وتعالى- حيي كريم، فعن سلمان -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: "إن ربكم حيي كريم، يستحي من عبده إذا رفع إليه يديه أن يردهما صفرًا". أخرجه الأربعة إلا النسائي، وصححه الحاكم.
فلنتخلق بخُلق الحياء، ولنُزَكِّ به نفوسنا، ونربِّ عليه أبناءنا، وننشره في بيوتنا ومجتمعاتنا؛ وذلك بمراقبة الله، وأداء الفرائض، والخوف من سوء الخاتمة، والشوق إلى ما عند الله من نعيم، والاقتداء بالأنبياء والعظماء، وعلينا مطالعة سِيَرهم وأخبارهم.
فنسأل الله أن يرزقنا هذا الخُلق، وأن يجود علينا بفضله وكرمه، وأن يؤلف بين قلوبنا على طاعته.
هذا، وصلوا وسلموا على المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين، والحمد لله رب العالمين.
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي