الاختلاط وموقف الأسرة منه

خالد بن عبدالله الشايع
عناصر الخطبة
  1. دوافع التغريبيين لإذاعة الاختلاط .
  2. من صور الاختلاط في مجتمعنا .
  3. واجبنا في محاربة الاختلاط .
  4. إحسان تربية البنات .

اقتباس

لعل البعض يقول: إن هذه الأمور بيد ولاة الأمر، فهم الذين يردعون أهل التغريب، والجواب: إن هذا صحيح، غير أن ولي الأمر لا يستطيع فرض خير ولا شر إلا بمباركة الشعب، وهنا يأتي دور المسلم؛ ولهذا طرقت هذا الموضوع على المنبر. ولهذا كان الواجب أن يسأل المسلم: ما الواجب علينا تجاه هذه الحملات؟! وما ..

أما بعد: 

فيا أيها المؤمنون: لا يزال الصراع محتدمًا بين الخير والشر منذ قديم الأزل، وقضى الله أن تكون الحرب سجالاً بينهما، غير أن أهل الخير يجب عليهم أن يصبروا ويصابروا، فإن ظفروا وارتفعت راية الخير حمدوا الله، وإن ارتفعت راية الشر صبروا، فقد مضت قبلهم سننٌ فعلموا كيف جعل الله العاقبة للمتقين.

عباد الله: في هذا الزمن الذي نعيشه رفع أهل التغريب عقيرتهم، شانين حربًا لا هوادة فيها، جهارًا نهارًا، وقد جعلوا هدفهم الأول تلك المرأة الضعيفة التي وقعت بين فتن الشهوات والشبهات، وبين أعداء لها في صورة أصدقاء، ومع ضعف الإيمان انقادت بعض الفتيات لأولئك المغرِّرين فاتخذوهن سلاحًا لهدم العفة والحياء في قلوب الكثيرات من نساء المسلمين.

معاشر المؤمنين: إن أهل الشر يعرفون يقينًا أن خلط الجنسين بعضَهم مع بعض هو أسرع سبيل لتغريب المجتمع؛ لذا نراهم بين فينة وأخرى يشنون الحملة لفرض الاختلاط في المجتمع، تارة في الأسواق، وتارة في المدارس، وتارة في مكاتب العمل، وتارة في وسائل الإعلام، وهكذا دواليك.

وهم لا ييأسون! وكيف ييأسون ومعهم الشيطان يؤزُّهم أزًّا؟! ولكن على المؤمن أن يعلم أن الله معه، وهو وليه، وهو ناصره، وأن العاقبة ستكون له، وأن ارتفاع أهل التغريب أحيانًا يكون لحكمة أرادها الله، فما على المسلم إلا الصبر والمصابرة.

أيهاالمسلمون: لعل البعض يقول: إن هذه الأمور بيد ولاة الأمر، فهم الذين يردعون أهل التغريب، والجواب: إن هذا صحيح، غير أن ولي الأمر لا يستطيع فرض خير ولا شر إلا بمباركة الشعب، وهنا يأتي دور المسلم؛ ولهذا طرقت هذا الموضوع على المنبر.

ولهذا كان الواجب أن يسأل المسلم: ما الواجب علينا تجاه هذه الحملات؟! وما الدور الذي نستطيع أن نقوم به لصدها؟!

معاشر المسلمين: يجب أخذ الحذر -كل الحذر- من أماكن الاختلاط، ومن دعاة الاختلاط، فعلينا أن لا نذهب لتلك الأماكن، ولا نسمع لأولئك الدعاة، وعلينا أن نحذِّر بناتنا من السماع لهم.

فمتى حافَظْنَا على بناتنا وأبنائنا فلن يستطيع أحد إخراجَهم من البيوت قسرًا، ولذهب أولئك التغريبيون من هذه البلاد هجرة بلا رجعة؛ فإن الحق يطرد الباطل ويزهقه، (وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا) [الإسراء:81].

ولنتعرض لبعض صور الاختلاط في مجتمعنا:

أولاً: وهو من أهم واجبات ولي الأمر: لا تسافر بهم خارج البلاد؛ فإن ذلك يسهل الاختلاط في أعينهم وفي عينك.

ثانيًا: لا تذهب بهم لأماكن الاختلاط في البلد، وعظِّم ذلك في قلوبهم، وبيِّن لهم خطر ذلك.

ثالثًا: ربّ بناتك على الحياء، وعدم الجرأة على الاختلاط بالرجال، حتى مع الأقربين، خصوصًا الأجانب عنهم كالسائقين والخدم.

رابعًا: لا تقذف بهم في أودية الاختلاط، فمثلاً: بعض من ران على قلبه حب الدنيا يسمح لابنته أن تتوظف في شركات مختلطة، وبالتالي يفرض عليها نزع الحجاب. ولعل قائلاً يقول: وهل يوجد اختلاط في بلادنا؟! فأقول: للأسف نعم! يوجد وبكثرة؛ فمثلاً: بعض شركات الاتصال لديها أقسام مختلطة، والمستشفيات فيها اختلاط، ولا تقل: إن هذا ضرورة، فنحن نطالب بفصل الجنسين تمامًا، وهذا أقل حق يطالب به المواطن. بل إن بعض الجامعات فيها اختلاط!

فمن يسمح لابنته دخول كلية الطب بفروعها ككلية التمريض فقد قذف بها في أحضان الاختلاط، فهم في السنوات الأولى من دراستهم يبدؤون بالتدريب ويخلطون الجنسين، ولهم مناظر في المستشفيات تعصر قلوب الغيورين لما يرون من المنكرات! فلا حول ولا قوة إلا بالله.

وإن أشنع من ذلك أن يسمح الأب لابنته أن تسافر وحدها بلا محرم للدراسة في الخارج، فلا إله إلا الله! أين يُذهَب بعقول الرجال؟!

اللهم احفظ نساء المسلمين. أقول قولي...

الخطبة الثانية:

أما بعد:

فيا معاشر الغيورين: إن ما يطلبه أهل التغريب مما هو بأيدينا سوف لن يستطيعوا تحصيله مالم نعطهم إياه، فلنحافظ على تلك الأمانة التي استرعانا الله إياها.

ألم نسمع الفضل الوارد في تربية البنات؟! ألم نتعجب من تخصيصهن بذلك؟! وللتذكير؛ أذكر بعض ما ورد في ذلك، فقد أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- مرفوعًا: "مَن ابتُلي من هذه البنات بشيء فأحسن إليهن كُنّ له سترًا من النار".

وفي رواية لأحمد وغيره: "مَن كان له ثلاث بنات فصبر عليهن وكساهن من جدته كن له حجابًا من النار".

وأخرج مسلم في صحيحه من حديث أنس قال، قال رسول الله: "مَن عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو كهاتين". وضم أصابعه.

وأخرج البخاري في الأدب المفرد من حديث جابر مرفوعًا: "مَن كان له ثلاث بنات يُؤويهن ويكفيهن ويرحمهن فقد وجبت له الجنة البتة"، فقال رجل بعض القوم: "وثِنْتين يا رسول الله؟! "قال: "وثنتين".

عباد الله: ما عظم الأجر فيهن إلا لعظم البلاء بهن، وصعوبة تربيتهن، فكم من مغرور جعل بناته بابًا له إلى النار لأنه لم يحسن تربيتهن، ولا سترهن، فضيع الأمانة.

وختامًا: إن ولاة أمرنا -وفقهم الله- لا يرضون بالاختلاط، وهم من أحرص الناس على بنات المسلمين، وقد صرحوا بذلك كثيرًا، وإن هذه التجاوزاتِ تدار ممن تحتهم، وهي في أعناقهم؛ لأن ولاة الأمر استأمنوهم على ذلك، وسيُسألون عنها يوم القيامة.

وإن الواجب على كل من يعمل في المستشفيات أو الجامعات أو أي مجال فيه اختلاط أن يسعى جاهدًا في منع الاختلاط بأي وسيلة، فمن كانت له سلطة منعه فلْيمنعه بسلطته، ومن كان له جاه فبجاهه، ومن لم يكن فلا أقل من النصح والإنكار، والواجب إزالة المنكر أو تقليله حسب الاستطاعة.

وعلى ولي الأمر أن يبتعد بمحارمه عن مواطن الاختلاط، فهذه أمانة سنسأل عنها.

اللهم استرنا فوق الأرض، واسترنا تحت الأرض، واسترنا يوم العرض...

اللهم احفظ نساءنا وشبابنا من دعاة التغريب وشُبَههم...

اللهم اغفر للمسلمين...
 


تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي