والزنا جريمة أخلاقية, فيها انتهاك الحرمة, والاعتداء على المرأة بغير حق، ولا يجترئ عليه إلا من فسدت أخلاقه, واختل مزاجه وقل إيمانه.
كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:" لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشرب وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن".
الحمد لله الذي هدانا للإسلام، وأباح لنا الحلال، وحرم علينا الحرام، وأشكره سبحانه على ما أعطى من الخير الكثير والإنعام، وإقامة الحدود على أهل الإجرام، وأشهد أن لا إله إلا الله, وحده لا شريك له, ولا مثيل له, ولا ند له و لا ند له, وهو العزيز العلام، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله, وخليله الداعي إلى دار السلام، الذي نصر بالرعب, وأعطي جوامع الكلام, وأمر بمعالي الأخلاق, ونهى عن سفاسفها جميع الأنام، صلى الله عليه و على آله وأصحابه البررة الكرام، وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم القدوم إلى الملك العلام.
أما بعد:
فيا أيها الناس, اتقوا الله تعالى, وخافوا من سطوته وعقابه، واحذروا من أليم عذابه، واعلموا أن الشريعة الإسلامية جاءت بما يصلح البشر في دنياهم وأخراهم، فأمرتهم بطاعة الله, ونهتهم عن معصيته، وبينت ما يترتب على الطاعة من الفوز والسعادة, وما يترتب على المعصية من الخزي والندامة، فأباحت لهم الحلال والطيبات، وحرمت عليه المضار والخبائث والقاذورات.
ومن الأشياء التي منعت منها الشريعة الإسلامية: الزنا، منعت من الطرق، والوسائل الموصلة إليه.
فبمناسبة الإجازة الصيفية والفراغ، نتكلم على أهمية الزواج, والتحذير من الزنا وأسبابه، مثل: الخلوة مع المرأة الأجنبية، والنظر إليها، أو التلذذ بكلامها، كل ذلك لا يجوز وحرام.
والزنا جريمة أخلاقية, فيها انتهاك الحرمة, والاعتداء على المرأة بغير حق، ولا يجترئ عليه إلا من فسدت أخلاقه, واختل مزاجه وقل إيمانه.
كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: " لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشرب وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن".
وكان عيباً ورذيلة حتى عند الجاهلية قبل الإسلام, كما قالت هند حين صدرت المبايعة للنساء, وسمعت قول الله عز وجل: (وَلا يَزْنِينَ) [الممتحنة: 12]، قالت: أوَ تزني الحرة؟
وقد وصف الله الزنا بالفحش والقبح والسوء, فقال ناهياً عنه ومحذراً منه: (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً) [الإسراء:32].
وقد رتب الله على فعله العقوبات الشديدة في الدنيا والآخرة، فعاقب عليه في الدنيا بالحدود الرادعة له وللآخرين، فأمر بجلد الزاني والزانية مائة جلدة؛ حتى يذوق الجسد الألم والضرب، كما ذاق اللذة المحرمة، فقال: (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) [النور:2].
فسمى هذا الحد عذاباً, وأمر بحضوره؛ حتى يبلغ الآخرين، ويرتدع كل الناظرين.
وهذا الحد إذا كانا لم يتزوجا قبله، أما إذا كانا قد تزوجا, فقد أنزل فيها آية أخرى, نسخ لفظها, وبقي حكمها, وهي قوله تعالى: (والشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالاً من الله والله عزيز حكيم). وقد كان هذا الحكم سارياً حتى عند أهل الكتاب في التوراة، كما اتضح ذلك في القصة المشهورة, في قصة بعض اليهود حينما جاءوا بالتوراة.
والرسول الكريم عليه الصلاة والسلام نفذ هذا الحكم في حياته في أشخاص زنوا: كماعز الذي أقر بالزنا، وكالغامدية التي أقرت بالزنا, فأمر برجمهما فرجما حتى ماتا، ونفذ ذلك أصحابه من بعده.
وفي إقامة الحدود، رضى الله عز وجل, ونزول البركات, ودفع النقمات، كما جاء الحديث: " لحد يقام في الأرض, خير للناس من أن يمطروا ثلاثين أو أربعين صباحاً" وفي لفظ "أربعين خريفاً".
وجاء الوعيد على المتسبب في ضياع الحد, والشفاعة لأهله, فقال صلى الله عيله وسلم: "من حالت شفاعته دون حد من حدود الله, فقد حاد الله في الأرض". وقال: " إذا بلغت الحدود السلطان, فلعن الله الشافع والمشفع".
وينبغي السعي في تسهيل طريق الزواج الشرعي، من تخفيف المهور, والولائم, كما قال صلى الله عليه وسلم: " أعظم النساء بركة, أيسرهنَّ مؤنة"
وقال لعبد الرحمن بن عوف لما تزوّج: " ماذا أمهرتها؟ قال: وزن نواة من ذهب، قال: بارك الله لك، أولم ولو بشاة".
وقال للرجل الآخر: " إلتمس ولو خاتماً من حديد، فلما لم يجد شيئاً قال: زوجتكها بما معك من القرآن, اذهب فعلمها إياه".
وهكذا تعليماته وإرشاداته صلى الله عليه وسلم فيها الخير والبركة والعطف والرحمة.
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه في تعليماته، وهو الخليفة الراشد وتربى على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لو كان كثرة المهر مكرمة في الدنيا، أو تقوى عند الله في الآخرة؛ لكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أسرع الناس لذلك. لقد كانت مهور نسائه وبناته, لا تزيد إحداهن على أربعمائة درهم". وهي تساوي من دراهمنا الآن مائة وعشرين ريالاً".
ثم قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: " لقد هممت أن آخذ, ما زاد على ذلك, فأدعه في بيت مال المسلمين".
وقد حث الشرع الشريف على الاقتصاد, ونهى عن السرف, فقال الله تعالى: (وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) [الأعراف: 31]، وقال: ( وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً) [الإسراء:27].
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " ما ندم من اقتصد".
وروي عنه أنه قال صلى الله عليه وسلم: " الاقتصاد نصف المعيشة".
ثم ما هي نتيجة السرف في المهور, والولائم, والذهب, واللباس، إلا تأخر الكثير عن الزواج, والتسبب لغضب الرب عز وجل في السرف و التبذير؟ وما هي نتيجة عزوف البنات والبنين عن الزواج, إلا كثرة الفساد, وقلة الأولاد, وانتشار الفوضى والأمراض المختلفة المعدية, مثل: مرض الزهري, والسيلان, والإيدز, والهربس, وغير ذلك، واستعمال العادة السرية عند البنين والبنات, التي هي بلاء وأذية, وقاطعة للنسل, وفساد للجسم, نعوذ بالله من الشقا.
فيا عباد الله, اتقوا الله وراقبوه، وامتثلوا أمره ولا تعصوه، واعلموا أن طاعة الله سبب كل خير, وسعادة في الدنيا والآخرة، وأن معصية الله سبب كل شر, وشقاوة في الدنيا والآخرة.
ويقول عز وجل: (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ) [النساء:14].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم, ولسائر المسلمين من كل ذنب, فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي