طريق الدعوة إلى الله

عبدالرحمن بن عبدالله آل فريان
عناصر الخطبة
  1. أهمية معرفة أسلوب الدعوة .
  2. الإسرار بالنصيحة والجهر بها .
  3. التحذير من التصريح بالأسماء عند النصح .
اهداف الخطبة
  1. تنبيه الناس بأساليب الدعوة

اقتباس

ونحن محتاجون إلى معرفة طريق الأسلوب الذي يصل إلى القلوب، وليس هناك أحسن مما ذكره الله في تعليمه لرسله، كما قال لنبينا الكريم: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ) النحل: من الآية125،

 

 

 

الحمد لله رب العالمين، قيوم السموات والأراضين، ومدبر الخلائق أجمعين، باعث الرسل إلى خلقه؛ لهدايتهم وبيان شرائع الدين بالدلائل القطعية، والمعجزات المرضية، وواضحات البراهين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الإله الحق المبين، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله، الصادق الأمين، الذي جاهد في الله، ودعا إلى الله، وبشر وأنذر، حتى أتاه اليقين، صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين،

أما بعد:

فيا عباد الله اتقوا الله تعالى، وامتثلوا أوامر رب العالمين، قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * لا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ * لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) [الحشر:18-21].

إخواني المسلمين يجب علينا أن نتدبر القرآن العظيم ونعمل بأوامره، ونبتعد عن نواهيه، وننصح لإخواننا المسلمين، ونتعاون معهم على البر والتقوى، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

ونحن محتاجون إلى معرفة طريق الأسلوب الذي يصل إلى القلوب، وليس هناك أحسن مما ذكره الله في تعليمه لرسله، كما قال لنبينا الكريم: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ) [النحل: 125]، وقال لنبيه موسى بن عمران وأخيه هارون عليهما السلام في دعوتهما لأكفر الخلق، فرعون الذي يقول: أنا ربكم الأعلى قال: (اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى) [طـه:43-44]، مع علم الله السابق أنه لا يتذكر، ولا يخشى، ولكن هذا لأداء المهمة للدعوة، وإقامة الحجة عليه، حتى لا يقول: ما جاءني من رسول. وفيه:بيان لأسلوب الدعوة إلى الله.

الله أكبر، ما أحلم الله على خلقه! وما أحسن بيانه للطريق الموصل إليه! أمر سبحانه بهذا الأسلوب الحسن، مع أن فرعون طاغية معاند.

وأمر نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم أن يرشد الدعاة إلى الأسلوب الحسن، فقال: (وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) [الإسراء: 53]، وقال تعالى: (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً ) [البقرة: 83]، وقال تعالى: (وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) [العنكبوت: 46]، وقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) [الأحزاب:70-71].
فالله سبحانه وضّح لنا بيان طاعته، والدعوة إليها، وبيان المعصية وشؤمها ومغبتها، والتحذير منها.

فلا أحسن من بيان الله وتعليمه سبحانه؛ لأنه أحكم الحاكمين، وأعلم من العباد بمصالحهم لأنفسهم.

هذا هو أسلوب الدعوة وطريقها الناجح بإذن الله، لمن أراد الله هدايته قال تعالى: (فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ) [الأنعام:125].

وأيضاً يراعي شيئاً آخر في حالة المدعو النفسية، فينبغي أن تكون نصيحته وإرشاده سراً، لا أمام الناس؛ لعله أن يكون أنحج في وصولها إليه وأقبل، ولا سيما إذا كان يعمل المعصية في اختفاء من الناس.

أما إذا اقتضى الحال الجهر بنصيحته، مثل: إذا عملها أمام الناس، أو قال قولاً أمام الناس يريد به الحق، فيرد عليه أمام الناس، ولكن يكون الرد بالاعتدال والأسلوب الحسن، لا بمجاوزة الحد، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة لما قال أبو سفيان: أُعْلُ هُبل- صنم عند الجاهلية يعبد من دون الله- قال النبي صلى الله عليه وسلم:"أجيبوه". قالوا: وما نقول؟ قال قولوا: "الله أعلى وأجل".

كذلك يراعي بالنصيحة أن لا تكون بذكر أسماء الناس، أو مسميات أعمالهم؛ لئلا يوجِد في النفوس العداوة والبغضاء.

وهذا الأسلوب ينفع الدعاة، والآمرين بالمعروف، والناهين عن المنكر، فهو المسلك السليم، والصراط المستقيم، الذي مشى سيد الأولين والآخرين في إنكاره المنكر على القائل، كما قال صلى الله عليه وسلم: "ما بال رجال يقولون كذا وكذا"، وقوله: "ما بال أقوام يشترطون شروطاً ليست من كتاب الله، كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل، وإن كان مئة شرط، قضاء الله أحق، وشرط الله أوثق، وإنّما الولاء لمن أعتق".

وهذا الأسلوب أطيب للنفوس، وأجلب للخلق، وأبين للحق.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ) [إبراهيم:1]، وقال نبيه: (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) [يوسف:108].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم، ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
 

 

 

 


تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي