فإذا صار عندهم مريض، ذهبوا به، يسألون المشعوذين عن هذا المرض، أو عن علاجه؛ فيضحكون على عقولهم، ويقولون: اذبحوا كبشَا، صفته كذا، بدون اسم الله, اذبحوا ديكاً، أو نحو ذلك, ثم نخبركم بمرضه, وعلاجه؛ فيخرجونهم عن الإسلام, بالذبح لغير الله، يعني للجني, حتى يخبروهم ببعض المغيبات، و....
(الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [فاطر:1]. ونشكره سبحانه على ما أعطانا, وتفضل علينا، وأكرمنا به من الخير الكثير، وما صرف عنا من العقوبات, والمثلات, والكفر والإلحاد، والشر المستطير.
ونشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له, ولا مثيل له, من أي وجه, أو غرض, ولا شبيه, ولا نظير.
وأشهد أن نبينا, وإمامنا وقدوتنا, وحبيبنا, عبده ورسوله محمد بن عبد الله البشير النذير، الذي قرر التوحيد, ونهى عن الشر, والتنديد والسحر والكهانة, وحذر من إتيانهم، وتصديقهم، أشد تحذير، صلى وسلم عليه، وعلى آله، وأصحابه، ومن صار على منهاجهم, إلى الله يسير.
أما بعد:
فيا أيها الناس, اتقوا الله تعالى وراقبوه، وامتثلوا أمره, ولا تعصوه، واعلموا أن الله سبحانه ما أمركم بأمر, إلا لما فيه من المصلحة العظيمة، وما نهاكم عن شيء, إلا لما فيه من المضرة الكبيرة، وأرسل إليكم رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم؛ ليدلكم على الهدى, ويحذركم من الردى، وأنزل عليه الكتاب؛ ليخرجكم من الظلمات إلى النور, إن الله بكم لرءوف رحيم.
قال تعالى لنبيه الكريم: (الر * كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ) [إبراهيم:1].
فهذا صراط الله, وهذا دين الله، وذاك رسول الله, يدلنا على الخير, وينهانا عن الشر.
ومما نهانا عنه: إتيان الكهان والسحرة, والعرافين والمشعوذين, والمنجمين ونحوهم, وحذر من تصديقهم, فقال صلى الله عليه وسلم: "من أتى عرافاً, فسأله عن شيء, فصدقه بما يقول؛ لم تقبل صلاته أربعين يوماً".
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من أتى كاهناً, فصدقه بما يقول؛ فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم".
وعن عمران بن حصين رضي الله عنه, عن النبي صلى الله عليه وسلم: " ليس منّا من تطير أو تطير له، أو تكهَّن أو تُكهِّن له، أو سحر أو سحر له، ومن أتى كاهناً، فصدقه بما يقول؛ فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم".
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: العراف اسم للكاهن, والمنجم والرمال, ونحوهم, ممن يتكلم في معرفة الأمور، بهذه الطرق.
عباد الله، لقد كثرت الخرافات والمشعوذات، وإنه كلما ضعف الإسلام وضعف أهله أو ضعف الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، ظهرت المنكرات، ورفعت الشياطين رؤوسها، وراج الباطل، عند ضعاف الدين والعقل، وكثر أهل الباطل، وظهر الفساد عند كثير من الناس، وذهب البعض من الناس إلى أهل الشعوذة، والخرافات والأباطيل، ومال ضعاف العقول إلى الكهان، والسحرة، كأنهم يعلمون الغيب، سواء كان الكاهن رجلاً، أو امرأة.
فإذا صار عندهم مريض ذهبوا به يسألون المشعوذين عن هذا المرض، أو عن علاجه؛ فيضحكون على عقولهم، ويقولون: اذبحوا كبشاً، صفته كذا، بدون اسم الله, اذبحوا ديكاً، أو نحو ذلك, ثم نخبركم بمرضه, وعلاجه؛ فيخرجونهم عن الإسلام, بالذبح لغير الله، يعني للجني, حتى يخبروهم ببعض المغيبات، ويضعون بعض العلاج الخيالي, الذي يلعبون به على عقول أهل المصاب.
وتجد هؤلاء الكهان, لا يرضون أن يخبر بهم أهل العلم, ولا يتصلون بهم، وأهل المريض يخفون أمرهم, عن غير هذا الكاهن، فحسبنا الله ونعم الوكيل.
يجب أن يردع هؤلاء, كيف يصدر هذا عن مسلم؟ مع أن الرسول صلى الله عليه وسلم, أمر بقتل الساحر فقال:" حد الساحر ضربة بالسيف". والراضي بالذنب، كفاعله.
وقد كثرت هذه الأيام، هذه الخرافات، والأباطيل. فلا حول ولا قوة, إلا بالله العلي العظيم, يقول الله تعالى: (وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) [البقرة:102-103].
نسأل الله أن يهدينا, وإخواننا المسلمين ,صراطه المستقيم.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا, وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ,ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي