وإنه تفشى بين المسلمين أمور منكرة ويا أسفاه، وهي تصد عن ذكر الله وعن الصلاة، وتجر العبد إلى غضب الله وإلى النار، من ذلك هذه الأغاني الخليعات، أصوات الشياطين والعاهرات، وأهل الدعارات الفاسدات، والتي تفسد القلوب، يدسها من قلّ حياؤهم، وابتعدوا عن الخيرات.
الحمد لله المتصف بالكمال، والمتنزه عن النقص والرذائل والعيوب، والحمد لله الذي أباح لنا الطيبات، وحرم علينا الخبائث، وأمرنا بمعالي الأخلاق، وفرّج لنا الكروب، ونشكره سبحانه على ما أعطى من خير كثير، وما دفع عنّا من شر مرعوب، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده ولا شريك له الإله الحق الذي من سأله وهو مخلص أعطاه المطلوب، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله الداعي إلى الله وإلى جنته، والمحذر لأمته من جميع الشرور والمرهوب، اللّهم صل وسلم عليه، وعلى آله وأصحابه المتمسكين بسنته، والذين حاربوا المعاصي والفساد والبدع والشرك والإلحاد والنفاق وجميع العيوب.
أما بعد:
فيا عباد الله اتقوا الله وراقبوه مراقبة من يعلم أنه لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، وإن من واجبكم جميعاً التناصح بأمره والتمسك بشرعه والابتعاد عن ما يغضبه وما يقودكم إلى ناره، وإن من واجب المسلم محبته لأخيه وإبعاده عما يضله أو يغويه.
وإنه تفشى بين المسلمين أمور منكرة ويا أسفاه، وهي تصد عن ذكر الله وعن الصلاة، وتجر العبد إلى غضب الله وإلى النار، من ذلك هذه الأغاني الخليعات، أصوات الشياطين والعاهرات، وأهل الدعارات الفاسدات، والتي تفسد القلوب، يدسها من قلّ حياؤهم، وابتعدوا عن الخيرات.
وقد حذر ربنا في كتابه الكريم، فليتدبر المسلم كلام الله؛ فإنه الهدى والنور، فقال الله تعالى في ذم من يشتريه ويتعاطاه (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ) [لقمان:6]، وقال تعالى في خطابه لإبليس:(وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ ) [الإسراء: 64]. قال مجاهد: صوته الغناء والمزامير.
وقال ابن مسعود رضي الله عنه: "والله الذي لا إله إلا هو، إن لَهْو الحديث: الغناء والمزامير".
وقال ابن مسعود رضي الله عنه: " الغنا بريد الزنا". وقال: " الغنا ينبت النفاق في القلب، كما ينبت الماء الزرع". وفي لفظ: البقل، وروي موقوفاً ومرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم. وقال البخاري في صحيحه: قال أبو مالك الأشعري: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحِرَ، والحريرَ، والخمر، والمعازف".
وعن عمران بن حصين رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: "يكون في أمتي قذف وخسف ومسخ" فقال رجل من المسلمين: متى يكون ذلك يا رسول الله؟ قال: "إذا ظهرت القيان والمعازف وشربت الخمور".
وعن أنس بن مالك وعائشة رضي الله عنهما قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صوتان أحمقان ملعونان في الدنيا والآخرة: مزمار عند نغمة، ورنة عند مصيبة".
وقال يزيد بن الوليد: "يا بني أمية إياكم والغنا؛ فإنه ينقص الحياء، ويهدم المروءة، وينوب عن الخمر، ويفعل ما يفعل السكر، ويثير الشهوة".
وقال الإمام مالك بن أنس إمام دار الهجرة –رحمه الله- لما سئل عن حكم الغناء، قال: "إنما يستعمله الفسّاق عندنا".
وقال ابن القيم رحمه الله: " أهل الرجولة والشيم والمروءة، يجنبون نساءهم وأولادهم الغنا؛ لئلا يجرهم إلى الفجور".
وكان الحطيئة ضيفاً عند صاحب بيت فسمع مغنياً، فقال لصاحب المنزل: كفّ عنّا هذا، وإلا خرجت من ضيافتك. ومعه ابنته مليكة. فقال صاحب الدار: ما تكره من ذلك؟ قال: لأن الغناء رائد من رواد الفجور، وأخاف أن يفسد علي ابنتي.
قال ابن القيم رحمه الله: " من مضار الغناء مدح الخمر والزنا واللواط، والتشبيب بالنساء، وأصوات المعازف والآلات المطربة".
وقال: إن الشيطان وأعوانه له حبائل يصيد بها قلوب الجاهلين والسفهاء، منها هذا الغناء الذي له أسماء تدل على قبحه، كما اللهو واللغو الزور، والباطل والمكاء والتصدية، ورقية الزنا، ومزمار الشيطان، ومنبت النفاق في القلب، والصوت الأحمق، والصوت الفاجر، وغير ذلك من الأسماء القبيحة. ومن له عقل صحيح ينظر ماذا ينتج على مستعمله من السوء والفحشاء والمنكر".
روى الطبراني عن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لما أهبط إبليس قال: يا رب لعنتني وطردتني من الجنة، فأين مسكني؟ قال: الأسواق والحمام، قال فما صوتي؟ قال: المزمار والغناء، قال: وما حبائلي؟ قال: النساء".
ورواه ابن أبي الدنيا بسند آخر فيه زيادة ونقصان.
فيا عباد الله اتقوا الله وخذوا على أيدي سفهائكم يبارك لكم في أعمالكم، وردوهم إلى الحق ولا يلعب عليهم الشيطان مع أعوانه، ولا يخدعهم بأقرانه.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، يقول الله تعالى: (وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً * وَإِذاً لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْراً عَظِيماً * وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً * وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً * ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيماً) [النساء:66-70].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم، ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي