أخي المسلم، تعرّض لأوقات الإجابة، واغتنم العمل الصالح في الأوقات الفاضلة، قبل فواتها، واغتنم الحياة قبل زوالها، هل تجد زماناً فاضلاً مثل رمضان؟
قال بعض السلف:" كل وقت فاضل، فآخره أفضل من أوله،كعشر ..
الحمد لله فاطر الأرض والسماوات، ورزاق جميع المخلوقات، وعلام الجهر والخفيات، والمطلع على الظواهر والنيات، أحاط علماً بجميع الكائنات، ووسعت رحمته جميع المخلوقات، في البلاد، والبحار، والهواء والفلوات.
أحمده سبحانه على شرعه، ودينه وأفعاله، والأسماء والصفات، وأشكره على ما أسداه، وأولاه، وأعطاه، من جميع الكرم والتفضلات. وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، تعالى وتقدس عن المشابهات.
وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله، أكمل الناس، وأتقاهم لربه، وأخشاهم له، وأشرف المخلوقات، الذي جاهد في الله حق جهاده، وأسهر ليله، وأظمأ نهاره، حتى عصب الحجر على بطنه، وتفطرت قدماه من طول قيامه، واستمر على الطاعة حتى الممات. اللَّهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد، النبي الهاشمي، الداعي إلى الجنات، وعلى آله، وأصحابه، ومن تمسك بهديه من المخلوقات.
أما بعد:
فيا أيها الناس، اتقوا الله تعالى، وامتثلوا المأمورات، واحذروا المعاصي والمخالفات.
عباد الله، هذا شهر رمضان، أفضل أشهر العام، قد ذهبت معظم لياليه والأيام، وقد أشرف على الرحيل، ولم يبق منه إلا القليل، فمن هو الذي كسب الأجر، والقبول في لياليه والأيام؟ يا ليت شعري من هو المقبول؛ فنهنئه؟ ومن هو المحروم؛ فنعزيه؟
أيها المقبول، هنيئاً لك. أيها المردود، جبر الله مصيبتك.
من الذي تاب، ورجع إلى الملك العلام؟ بل من الذي كف عن المعاصي و الآثام؟ من الذي تقبل عمله الملك السلام؟ فيجب على المسلم أن يجتهد بالصدق في التوبة إلى الملك العلام، والمحافظة على الصلاة، والصدقة، والصيام، والقيام.
نرجو الله أن يجدد لنا، ولكم الإيمان، وأن يشرح صدورنا، وصدوركم للإسلام، والتعلق بمحبة ذي الجلال والإكرام، طيلة الأوقات والأعوام.
عباد الله، هذا شهر رمضان، التاج على رأس الزمان. فهل لكم خلف من رمضان، عن رمضان؟ وفي حديث عن النبي عليه الصلاة والسلام قال: "لو تعلم أمتي فضل رمضان؛ لأحبوا أن تكون السنة كلها رمضان".
أخي المسلم اغتنم بقية عمرك والأيام، فمن كان أحسن؛ فعليه بالشكر، و الإتمام، ومن كان فرط؛ فعليه أن يستدرك؛ لعله أن يفوز بالغفران، والعتق من النيران. ويبادر بالتوبة الصادقة النصوح؛ حتى يفوز بالجنات والغفران. فإنك لا تدري متى تنقص الحياة، ويفوت الزمان؟ هل تدري، أو تعلم، أنك تدرك مرة أخرى رمضان؟
أخي المسلم، تعرّض لأوقات الإجابة، واغتنم العمل الصالح في الأوقات الفاضلة، قبل فواتها، واغتنم الحياة قبل زوالها، هل تجد زماناً فاضلاً مثل رمضان؟ انتبه لنفسك، يا من له روح، هل أنت نائم أم يقظان؟
قال النبي صلى الله عليه وسلم عن ليلة القدر: " من كان متحريها، فليتحراها ليلة سبع وعشرين". وقال صلى الله عليه وسلم: " تحروها ليلة سبع وعشرين" (يعني ليلة القدر).
وقال بعض السلف: " كل وقت فاضل، فآخره أفضل من أوله" كعشر ذي الحجة، وآخر عشر من رمضان، ويوم الجمعة، آخر الليل، ونحو ذلكم من الأزمان.
جعلنا الله وإياكم، والمسلمين، من عباده المتقين، والمبادرين إلى الطاعات، في كل زمان ومكان.
إخواني المسلمين متى يغفر لمن لم يغفر له في رمضان؟ متى يقبل من رد في ليلة القدر من رمضان؟ عباد الله، ودعوا رمضان بخير يشهد لكم عند الملك الديان، عليكم بكثرة الاستغفار؛ فإنه ختام الأعمال الصالحة، مثل أدبار الصلوات، وبعد الإفاضة من عرفات، وغير ذلك من الأعمال الصالحات الباقيات، والمنكفين عن المعاصي والحرمات.
رأى وهب بن منبه قوماً يضحكون يوم عيد فقال: " إن كان هؤلاء تقبل منهم صيامهم، فما هذا فعل الشاكرين، وإن كان لم يتقبل منهم، فما هذا فعل الخائفين".
وعن فضالة قال: " لو أعلم أنّ الله يتقبل مني مثقال حبة من خردل، أحب إلي من الدنيا وما فيها؛ لأنّ الله تعالى يقول: (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) [المائدة: 27]، فأخشى أن لا أكون من المتقين.
فيا معشر المسلمين انتبهوا لأنفسكم، لآخر شهركم، لا يفوتكم الخير فيه، وأنتم نيام. واجتهدوا في كثرة الذكر، والاستغفار، وكثرة قراءة القرآن.
ولا تأخروا عن دفع فطرة العمر؛ فإنها واجبة على أهل الإسلام على الصغير والكبير، والذكر والأنثى، والحر والعبد؛ صاع من بر، أو صاع من تمر، أو صاع من زبيب، أو صاع من أقط، أو صاع من شعير، أو من قوت أهل البلد كالأرز، تخرج قبل صلاة العيد؛ لتكفي الفقراء ذلك اليوم.
ويجوز دفعها قبل العيد بيوم أو يومين؛ توسعة لعباده.
وهي طهرة للصائم من اللغو والرفث، وهي زكاة العمر في كل سنة في آخر رمضان كما أن زكاة المال عند الحلول إذا اكتمل النصاب.
واحذروا أن تفوتكم يوم العيد جوائز الرحمن التي لا تشبه جوائز أي إنسان. يقول الله تعالى في محكم التنزيل: (إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ) [المطففين:22-26].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي