فقه الدعوة (1) أحسن القول

ملتقى الخطباء - الفريق العلمي
عناصر الخطبة
  1. تشريف الله الأمة بهذا الدين .
  2. مفهوم الدعوة إلى الله .
  3. كيف تكون داعية حقيقيًّا؟! .
  4. الدعوة تحتاج إلى نَفس طويل .
  5. مراعاة الأولويات .
  6. آداب الدعوة وأخلاقيات الدعاة .
  7. قواعد وأصول وضوابط .

اقتباس

فالدعوة إلى الله تحتاج منا إلى نَفس طويل، وفي الوقت نفسه تحتاج إلى صبر عظيم، فالشخص الذي تدعوه، أو تنصحه، ربما تلفظ عليك بألفاظ سيئة لا تليق، أو يتهمك بتهم باطلة غير صحيحة، أو يمسك بسوء في نفسك أو أهلك أو مالك، فيجب أن تصبر، وتصابر، وتحتسب الأجر عند الله، فهذا العمل العظيم، جزاؤه عند الله عظيم، حيث وصف الله -جل جلاله- الدعاة إلى الخير والفضيلة بالفوز والفلاح فقال: (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).

الخطبة الأولى:

الحمد لله الداعي إلى طاعته، الموفق لهدايته، الذي أَمر عباده بالدعوة إليه، وَبَيّن لَهُم أَحْكَام شَرِيعَته، وجعل الدعوة إلى الله من أحسن الأقوال، وأفضل الأعمال.

والصلاة والسلام على من بعثه الله نبيًّا وهاديًا، وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا، فختم برسالته الرسالات، وبنبوته النبوات، وأنزل عليه آخر الكتب، ونسخ بشريعته كل الشرائع، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا مباركًا مزيدًا.

ثم أما بعد:

أوصي نفسي وإياكم بتقوى الله، فإنها وصية الله للأولين والآخرين، (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ) [النساء: 131].

عباد الله: إن الله -تبارك وتعالى- شرَّف هذه الأمة بهذا الدين، وأكرمها بأن أرسل لها خير المرسلين، وجعلها خير أمة أخرجت للناس، واصطفاها واجتباها من بين سائر الأمم، وأعطاها وظيفة الأنبياء والرسل، وهي الدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر؛ يقول الله -سبحانه وتعالى-: (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [آل عمران: 104].

والدعوة إلى الله، ونشر الدين، وهداية البشرية إلى ما يسعدهم في الدارين، عمل عظيم، وجهد كبير، يحتاج من الداعية إلى عمل دائب، ونشاط مستمر، وجهد متواصل، وهمٍّ عظيم، وصبر كبير؛ لأن فيه إيلامًا للأبدان، وسيرًا للأقدام، وبذلاً للأموال، وتضحية بالأنفس والأوقات والشهوات، وتكلفًا للمشاق، وتحملاً للأذى، من أجل إعلاء كلمة الله، ونشر دينه في الأرض، وإزالة الباطل من قلوب الناس وواقعهم.

وتعالوا بنا -يا عباد الله- نتلمّس مفهوم الدعوة إلى الله تعالى؛ إذ البعض من الناس يقصر مفهوم الدعوة إلى الله على المواعظ والخطب التي تلقى على مسامع الناس بين الفترة والأخرى، ويظن هؤلاء أن من شرط الدعوة إلى الله أن يكون الداعية غزير العلم طليق اللسان فصيحًا مؤثرًا، وأن من لم يكن بهذه المواصفات فليس جديرًا بوظيفة الدعوة إلى الله تعالى، أو يربط الدعوة إلى الله تعالى بموظفين معينين أوكل إليهم القيام بهذه المهمة، والباقون لا مجال لهم في هذا العمل الخيّر، وهذه مفاهيم خاطئة لو قصرنا الدعوة إلى الله تعالى عليها لفات الكثيرَ منا خيرٌ كثير وشرف أكيد وأجر جزيل.

نخلص من هذا إلى أن الداعية إلى الله تعالى هو: من يحاول هداية الناس، ودعوتهم إلى الإسلام، وتطبيق تعاليمه، ويبذل جهده في دلالتهم إلى ما فيه خيرهم ونجاتهم في الدنيا والآخرة، وذلك بالقول والفعل وبكل ما يؤدي إلى هذا الغرض المنشود.

وبداية الفكر والعمل: أن نجتهد أولاً على أنفسنا فندعوها، حتى تكون حياتنا مطابقة لحياة النبي -صلى الله عليه وسلم- في سره وسيرته، وعباداته ومعاملاته، ومعاشرته وأخلاقه، وسائر أحواله، كما قال الله -سبحانه وتعالى-: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا) [الأحزاب: 21]، ثم بعد ذلك نثني بدعوة الأقارب والأهل والأرحام، فدعوتهم بر وصلة، بل هي والله من أبر البر وأحسن الإحسان؛ يقول الله -سبحانه وتعالى- مخاطبًا رسوله -صلى الله عليه وسلم- والخطاب لنا جميعًا: (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) [الشعراء : 214]، وقد جاء في الصحيحين أنه لما نزل قول الله تعالى: (وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ) [الشعراء:214]، أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- الصفا فصعد ثم نادى: "يا صباحاه"، فاجتمع الناس إليه بين رجل يجيء إليه ورجلٍ يبعث رسوله، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يا بني عبد المطلب، يا بني فهر، يا بني لؤي: أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلاً بسفح الجبل تريد أن تغير عليكم، صدقتموني؟!"، قالوا: نعم، قال: "فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد". البخاري (4770)، ومسلم (208).

إذًا فلنبدأ أولا ًبإصلاح أنفسنا، وتزكيتها، وتقوية الإيمان فيها، ثم بعد ذلك نهتم بدعوة أهلنا وأقاربنا وإصلاحهم، فكم من آبائنا وأمهاتنا ربما لا يحسنون قراءة الفاتحة، أو لا يعرفون من القرآن إلا سورة الإخلاص والمعوذات، وفيهم من لا يتقن التحيات، ومن أبنائنا وبناتنا من لا يفهم حقيقة لا إله إلا الله، ولا يدرك معناها الحقيقي، فترى عندهم من المخالفات العقدية، والفقهية، والمنكرات الظاهرة الكثير والكثير، بسبب إهمالنا وتقصيرنا في دعوتهم وإبلاغهم دين الله وشرعه، وكم من شبابنا وشاباتنا من تلوثت عقولهم بأفكار دخيلة، وتسممت أفكارهم بأطروحات منحرفة، وظنوا أن الإسلام لا علاقة له بما يفكرون وما يعتقدون من نظريات، وفلسفات، ورؤى اشتراكية، أو بعثية، أو علمانية، أو ليبرالية، فيحتاجون إلى من يشرح لهم حقيقة الدين، ويفهمهم شمولية الإسلام ودخوله في كافة المجالات، الدينية والسياسية والاقتصادية والفكرية، كما قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) [البقرة: 208].

لقد كان من أهم أعمال الأنبياء والرسل -عليهم الصلاة والسلام- الدعوة إلى الله، بالجولة على الناس وزيارتهم، وغشيانهم في مجالسهم وبيوتهم لدعوتهم إلى الله، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يغشى الناس في مجالسهم، ويذكرهم بالله، ويدعوهم إليه، ويتلو عليهم القرآن، وكان -صلى الله عليه وسلم- يتجول في سوق ذي المجاز على الناس ويقول: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ: قُولُوا: لا إِلَهَ إِلاَّ الله تُفْلِحُوا"، قَالَ: وَأَبُو جَهْلٍ يَحْثِي عَلَيْهِ التُّرَابَ وَيَقُولُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ: لا يَغُرَّنَّكُمْ هَذَا عَنْ دِينِكُمْ، فَإِنَّمَا يُرِيدُ لِتَتْرُكُوا آلِهَتَكُمْ وَتَتْرُكُوا اللاَّتَ وَالْعُزَّى. قَالَ: وَمَا يَلْتَفِتُ إِلَيْهِ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم. أحمد (16603).

وفعل مثله أصحابه في مكة، وفي المدينة، وفي الحضر والسفر، وفي الليل والنهار، وفي البيوت والأسواق.

وهكذا كانت همتهم في الدعوة إلى الله عظيمة جدًّا، فلا ييأسون، ولا يقنطون، ولا يكلون، ولا يملون، وهذا ما ينقصنا اليوم، فتجد الواحد منا يأمر ابنه بالصلاة مرة أو مرتين أو ثلاثًا، فإذا لم يستجب تركه، ويئس منه، وبعضنا قد ينصح شخصًا مرة واحدة، فإذا رأى أنه لم يُغير، أولم يتغير فيه شيء، أو لم يقبل بنصحه، أعرض عنه، ولى مدبرًا ولمن يعقب، زاعمًا أن هذا لن يصلح، ولا فائدة منه، ولا خير فيه، فالواجب علينا أن نكرّر النصيحة والدعوة مرات وكرات، وبشتى الأساليب والطرق، حتى يوفقك الله في هداية الشخص فتكون سببًا في نجاته وهدايته ويكون في ميزان حسناتك.

يقول الله -سبحانه وتعالى- مخاطبًا موسى وهارون -عليهما السلام-: (اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى) [طه: 43، 44]؛ يأمرهما أن يذهبا إلى فرعون لدعوته، ومن هو فرعون؟! الطاغية، المتجبر، المتكبر، المتغطرس، المتألي على الله، المدعي للألوهية، المستخف بالناس، المستحقر لهم، المتكبر عليهم، الذي يرى نفسه فوقهم، وفوق نصحهم وبيانهم، ومع ذلك يأمرهما الله بالذهاب إليه: (لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى).

وتأملوا في دعوة نوح -عليه الصلاة والسلام- قومه، وعدم يأسه منهم، وطموحه وهمته في دعوتهم، حيث سمّى الله سورة كاملة في القرآن باسمه يقول عنه فيها: (إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ * أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ * يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لَا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا * فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا * وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا * ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا * ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا * فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا )[نوح : 1-10].

وذكر في آية أخرى أنه ظل يدعوهم تسعمائة وخمسين سنة، بلا ملل ولا كلل: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ) [العنكبوت : 14].

فالدعوة إلى الله تحتاج منا إلى نَفس طويل، وفي الوقت نفسه تحتاج إلى صبر عظيم، فالشخص الذي تدعوه، أو تنصحه، ربما تلفظ عليك بألفاظ سيئة لا تليق، أو يتهمك بتهم باطلة غير صحيحة، أو يمسك بسوء في نفسك أو أهلك أو مالك، فيجب أن تصبر، وتصابر، وتحتسب الأجر عند الله، فهذا العمل العظيم، جزاؤه عند الله عظيم، حيث وصف الله -جل جلاله- الدعاة إلى الخير والفضيلة بالفوز والفلاح فقال: (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [آل عمران: 104].

أيها المسلمون: لقد كان همُّ النبي -صلى الله عليه وسلم- تغيير فكر الناس من الشرك إلى التوحيد، وتغيير القلوب من الفساد إلى الصلاح، وتغيير العمل الطالح إلى العمل الصالح، وتغيير البيئة السيئة إلى البيئة الحسنة، وتكميل الإيمان والأعمال الصالحة، هذا هو هدفه -صلى الله عليه وسلم- والأنبياء من قبله من دعوة الناس، فليس همهم جمع الأموال، ولا التفكير في الأمور الدنيوية: (وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ) [الشعراء: 145]، وإنما كان همهم الإصلاح، والتغيير، وتبديل الأحوال وفق شرع الله، كما قال نبي الله شعيب -عليه الصلاة والسلام- لقومه: (إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) [هود: 88].

فهل وجد عندنا هذا الهم، الذي يحتاج منا إلى همة، وهذه الحرقة التي تحتاج منا إلى تحرك في تغيير الواقع، وتبديل الأحوال، أم أننا راضون بحالنا وواقعنا وما فيه من المنكرات والفساد والشرور؟! ولا شك أن المسلم الموحد لا يرضى أبدًا بهذا الواقع المرير، فإذا كان لا يرضى به، فيجب عليه أن يساهم في تغييره، ويشارك في إصلاحه، ولن يكون التغيير والإصلاح إلا بالدعوة إلى الله -سبحانه وتعالى-، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- بدأ بها في مكة قبل المسائل والأحكام، لأنها المسؤولية الأكبر، وهي أعظم وظائف الرسول، فالله -سبحانه وتعالى- إنما أرسل رسوله داعيًا ومبشرًا ونذيرًا: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا) [الأحزاب: 45، 46].

بل إن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر المجاهدين في سبيل الله، بأن يبدؤوا بدعوة الأعداء قبل قتالهم وجهادهم، فيقول -عليه الصلاة والسلام-: "إِذَا لَقِيتَ عَدُوَّكَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَادْعُهُمْ إِلَى ثَلاثِ خِصَالٍ -أوْ خِلالٍ-، فَأيَّتُهُنَّ مَا أجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الإسْلامِ، فَإِنْ أجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى التَّحَوُّلِ مِنْ دَارِهِمْ إِلَى دَارِ الْمُهَاجِرِينَ، وَأخْبِرْهُمْ أنَّهُمْ -إِنْ فَعَلُوا ذَلِكَ- فَلَهُمْ مَا لِلْمُهَاجِرِينَ وَعَلَيْهِمْ مَا عَلَى الْمُهَاجِرِينَ، فَإِنْ أبَوْا أنْ يَتَحَوَّلُوا مِنْهَا، فَأخْبِرْهُمْ أنَّهُمْ يَكُونُونَ كَأعْرَابِ الْمُسْلِمِينَ، يَجْرِي عَلَيْهِمْ حُكْمُ الله الَّذِي يَجْرِي عَلَى الْمُؤْمِنِينَ، وَلا يَكُونُ لَهُمْ فِي الْغَنِيمَةِ وَالْفَيْءِ شَيْءٌ، إِلا أنْ يُجَاهِدُوا مَعَ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ هُمْ أبَوْا فَسَلْهُمُ الْجِزْيَةَ، فَإِنْ هُمْ أجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ، فَإِنْ هُمْ أبَوْا فَاسْتَعِنْ بِالله وَقَاتِلْهُمْ". مسلم (1731). فأمر بدعوتهم، قبل عرض الجزية عليهم، أو اتخاذ القرار بقتالهم.

أيها الناس: يجب أن نركّز في دعوتنا إلى الله -سبحانه وتعالى- على أصل الأصول، وأوجب الواجبات، ألا وهو التوحيد الذي خلق الله الخلق من أجله، وأرسل الرسل من أجله، وأنزل الكتب لأجله، فالأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- كلهم قالوا لأقوامهم: (اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ)، فهذا نوح -عليه الصلاة والسلام- قال لقومه: (يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) [الأعراف: 59]، وهود قال لقومه: (اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غيره): و(وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ) [الأعراف: 65]، وثمود كذلك: (وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهٌُ) [الأعراف: 73]، وشعيب -عليه السلام-: (وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ) [الأعراف: 85].

ونحن يجب علينا أن نقتدي بأنبياء الله ورسله ودعاته، فنركز في دعوتنا على التوحيد، وتحذير الناس من الأخطاء العقدية، أو الوقوع في الشرك كبيره وصغيره، فكم من الناس من يدعون غير الله، أو يستغيثون بغير الله، أو يذبحون للجن والشياطين، أو يصلون رياءً، أو يتصدقون سمعة، أو يحلفون بغير الله، أو يتحاكمون إلى غير شرع الله، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعًا، فيجب أن نبين لهم حقيقة التوحيد، ومعنى لا إله إلا الله، وأن مقتضى لا إله إلا الله أن لا يصرفوا عبادة من العبادات لغير الله، فلا يصلون إلا لله، ولا يذبحون إلا باسم الله، ولا يدعون غير الله، ولا يحلفون إلا بالله، ولا يتحاكمون إلا إلى شرع الله.

هذه هي دعوة الأنبياء والرسل -عليهم الصلاة والسلام-؛ دعوا أقوامهم للتوحيد الخالص، وعبادة الله وحده، قبل أن يأمروهم بالصلاة، والصيام، والزكاة، والصدقة: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ) [الأنبياء: 25]، ويقول: (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ) [النحل: 36].

ونحن يجب أن نحذو حذوهم في الدعوة إلى الله، فإذا رأيت شخصًا يدعو الأموات والمقبورين، وفي الوقت نفسه يكذب مثلاً، فَدَعْوَتُه إلى دعاء الله وحده، وترك الإشراك به في عبادة الدعاء أولى وأهم من دعوته إلى ترك الكذب، ولهذا قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لمعاذ بن جبل حين بعثه إلى اليمن: "إنكَ تأتى قومًا أهلُ كتاب، فليكُن أولَّ ما تدعوهم إليهِ شهادةُ أن لا إله إلاَّ الله -وفي روايةٍ: إلى أن يوحدوا اللهَ-، فإن هُم أطاعُوكَ لذلك فعلِّمهم أنَّ اللهَ قد افترضَ عليهم خمسَ صلواتٍ في اليوم والليلة". إلى آخرِ الحديث البخاري (1395)، ومسلم (19).

إنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- كان على علم بأن أهلَ الكتابِ يتعاطون الربا، ويأكلونَ السُحت، ويقترفون الكبائرَ، ورُغمَ ذلك لم يبدأ مشوارهُ معهم، بتحذيرهم من تلكَ المُوبقات، ولكن قال لمعاذ: "فليكن أولَّ ما تدعُوهم إليه شهادةُ أن لا إلهَ إلا الله"، أولَّ ما تدعُوهم إليهِ هو التوحيدُ، قبلَ الصلاةِ، وقبلَ الزكاةِ، وقبلَ تركِ الربا، فهذه قضيةٌ مهمةٌ يجبُ أن يأخُذها الدعاةُ بعينِ الاعتبار، وهم يخوضونَ غمارَ الدعوةِ إلى الله حتى يُجردَ الناسُ العُبودِيةَ للهِ وحده.

قال تعالى: (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) [يوسف: 108]، أي أدعو إلى توحيد الله، وعبادته، متبرئًا من الشرك وأهله، وقال سبحانه: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) [فصلت: 33].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم...

الخطبة الثانية:

الحمد لله الذي جعل لكل شيء قدرًا، وأحاط بكل شيء علمًا، وأسبل على خلقه بلطفه رحمة وسترًا، وبعث رسوله وكمّل وصفه لينًا ورفقًا وبرًا.

أحمده سبحانه وأشكره، وأستعين به وأستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له أنزل كتابه بالحق والهدى، والنور والضياء رحمة وشفاءً لما في الصدور، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله، بعثه بالرفق واللين والتيسير في جميع الأمور، صلى الله عليه وسلم.

يقول الله -سبحانه وتعالى- مخاطبًا إمام الدعاة -صلى الله عليه وسلم-: (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ) [المدثر: 1 - 3]. بعد نزول هذه الآيات، واصل -صلى الله عليه وسلم- الليل بالنهار، دعوة، وتبليغًا، وعملاً، وتربية، وبناءً، وجهادًا، فكان نهاره جهادًا ودعوة، وكان ليله سجودًا، وبكاءً، وخلوة، قال -سبحانه وتعالى-: (إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا * وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا) [المزمل: 7، 8]، فشبه الله الدعوة بالسباحة، فلو غفل السّباح عن الحركة غرق، وكذلك الداعي إذا غفل عن الدين والدعوة وانشغل بأمور الدنيا غرق.

والإنسان عندما يعطي الدعوة جُلَّ اهتمامه، وأنفس أوقاته، ويضحي بشهواته ومحبوباته من أجلها، فإن الله -سبحانه وتعالى- يوفقه لنشر دينه، وإعلاء كلمته، ونصرة أوليائه، وخذلان أعدائه، ويكون سببًا في هداية خلقه، وسببًا في إظهار الحق، وإبطال الباطل، كما قال تعالى: (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) [التوبة: 33].

عباد الله: إن الدعوة تحتاج إلى طريقة وأسلوب مهم، بيّنه الله في كتابه العظيم فقال: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) [النحل: 125]، أي: أن ندعو الناس باللين والرفق، والأسلوب الحسن، والحوار المثمر، وبالتي هي أحسن لا بالتي هي أخشن، خاصة في مثل زماننا هذا، فكثير من الناس عندهم من القبول، والخير، والفطرة، الشيء الكثير، ولكن لكثرة الملهيات، وانتشار الوسائل والمغريات، وقعوا في الغفلة والمعصية، فإذا وجدوا من يدعوهم، ويأخذ على أيديهم، ويذكرهم بالله -سبحانه وتعالى-، وبآياته، وفضله، وعظمته، ويرغبهم في الجنة، ويرهبهم من النار، فإنهم سرعان ما يستجيبون، وينقادون لأمر الله ونهيه، وأمر رسوله -صلى الله عليه وسلم- ونهيه.

وقد التزم بعض الشباب بالصلاة، وحافظ عليها؛ لأن شخصًا مرّ عليه فقال له وهو في طريقه إلى المسجد: "صلاة"، ونساء التزمن الحجاب والستر، لأن شخصًا مرّ عندها فقال لها وهو مار في طريقه: "تستري".

وكم من الشباب تراهم قد اجتمعوا على معصية الله، أو جلسوا في الشارع والناس في المسجد يصلون، فيمرّ عليهم من يذكرهم بأسلوب هادئ، ونصيحة مشفقة، فترى كثيرًا منهم سرعان ما يجيبون داعي الله، معترفين بالتقصير والذنب، فلا بد من اللين في دعوة الآخرين، وإظهار الرحمة بالمدعوين، حتى يستشعروا أنك مجرد مخلص تحب لهم الخير، وتخاف عليهم من العطب والهلاك، فإذا رأوا منك ذلك قبلوا منك، وتأثروا بنصيحتك، ولذلك قال الله -سبحانه وتعالى- لموسى وهارون -عليهما السلام-، حينما أرسلهما إلى فرعون، قال لهما: (فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى) [طه: 44].

عليك أن تتخيل نفسك مثلهم، أو أنك بينهم، وواقع فيما وقعوا فيه، فهل تحب أن تنصح بلطف وشفقة؟! أم بشدة وقسوة؟! ولذلك ذكّر الله -سبحانه وتعالى- أصحاب رسوله -صلى الله عليه وسلم- بماضيهم، حينما كانوا كفارًا ضالين مثل هؤلاء الكفار الذين يدعونهم، قال الله: (كذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا) [النساء: 94]، فإذا استشعر المرء أنه كان مثلهم، وأنه قد وقع فيما وقعوا فيه، فأنجاه الله، أشفق عليهم، ورفق بهم، فإن استجابوا فهي منة من الله وفضل، "فلأن يهدي الله بك رجلاً واحدًا خير لك من حمر النعم". البخاري (3701)، وإن لم يستجيبوا لك وأعرضوا عنك، فـ(لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ) [البقرة: 272].

أيها الناس: علينا جميعاً -رجالاً ونساءً، كبارًا وصغارًا، العامة والخاصة، الأغنياء والفقراء، العرب والعجم- أن نقوم بالدين، ونستقيم عليه، ونقيم الدين وندعو إليه العالم كله حتى يكون الدين كله لله، وينعم الناس بهذا الدين الكامل الذي رضيه الله لهم، وأرسل به رسوله محمدًا -صلى الله عليه وسلم-، وذلك بحسب ما لدينا من الإيمان والعلم الشرعي، ندعو إلى الله، ونحيي السنن، ونميت البدع، وننصر الحق، ونخذل الباطل، ونكون قدوة لغيرنا، بفعل الخير والدعوة إليه، والانتهاء عن الشر والحذر منه، كما قال -سبحانه وتعالى-: (هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ) [إبراهيم: 52]، ويقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لِيُبَلِّغ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ، فَإنَّ الشَّاهِدَ عَسَى أنْ يُبَلِّغَ مَنْ هُوَ أوْعَى لَهُ مِنْهُ". البخاري (67)، مسلم (1679).

وأمر -صلى الله عليه وسلم- كل مسلم ومسلمة بالتبليغ عنه ولو آية فقال: "بلغوا عني ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب عليّ متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار". البخاري (3461).

ولنأخذ بعين الاعتبار ونحن نقوم بالدعوة إلى الله عددًا من القواعد والأصول والضوابط، ومنها:

أولاً: أن ندعو كل إنسان إلى الله غنيًا أو فقيرًا، حاكمًا أو محكومًا، ذكرًا أو أنثى، بالحكمة والموعظة الحسنة، وحسن القول، وحسن الخلق، وإنزال الناس منازلهم.

ثانيًا: ندعو إلى الله في كل مكان، في المدن والقرى، وفي الأسواق والبيوت وغيرها.

ثالثًا: نقوم بالدعوة في جميع الأحوال، في حال الأمن والخوف، وفي حال الشدة والرخاء، وفي حال الفقر والغنى.

رابعًا: يجب أن نتحلى بأحسن الصفات ونكون كالفرشاة، لا بدَّ أن تمتلئ بالصبغ أولاً، ثم يصبغ بها الجدار، وحينئذ تكون سببًا لتلوينه، وتغيير صورته، فكذلك الداعي لا بدَّ أن تكون فيه صفات الإيمان والتقوى، فمن ليس عنده إيمان ولا تقوى ولا أعمال صالحة فكيف ينشر ما لا يملك؟!

خامسًا: ندعو الناس إلى الدين بالشفقة والرحمة، ونتحمل منهم كل أذى في سبيل إعلاء كلمة الله، كالأم تعطي ابنها اللبن وتتحمل منه كل أذى.

وفي الختام: أوصي شبابنا الأعزاء، باستغلال التقنية، والتكنولوجيا، ومواقع التواصل الاجتماعي، في الدعوة إلى الله، والتوجيه نحو الخير، فبدلاً من الجلوس لساعات طويلة في دردشات فارغة، وحوارات تافهة، لا تسمن ولا تغني من جوع، نقوم بدعوة الآخرين إلى الله، عبر كل الوسائل التي يقدمها الإنترنت، من رسائل جوال عبر الإنترنت، أو رسائل البريد الإلكتروني لعدد كبير من الأشخاص، أو مجموعات الفيس بوك، والتويتر... إلخ. واستشعر في ذلك حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- الذي يقول فيه: "مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى، كَانَ لَهُ مِنَ الأجْرِ مِثْلُ أجُورِ مَنْ تَبِعَهُ، لا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أجُورِهِمْ شَيْئًا، وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلالَةٍ، كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الإثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ، لا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا". مسلم (2674).

ألا وصلوا وسلموا، وأكثروا من الصلاة والسلام على من صلى عليه ربه وأمر بالصلاة والسلام عليه، فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب: 56]، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، في العالمين إنك حميد مجيد، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وإحسانك ورحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم وفقنا لنشر دينك، وتعليم كتابك، ودعوة الخلق إليك، اللهم إنا نسألك خشيتك في الغيب والشهادة، وكلمة الحق في الغضب والرضا، والقصد في الفقر والغنى.

اللهم ردنا إليك ردًّا جميلاً، اللهم ردنا إليك ردًّا جميلاً، اللهم ردنا إليك ردًّا جميلاً.

اللهم أبرم لهذه الأمة أمرًا رشيدًا؛ يعز فيه أهل طاعتك، ويذل فيه من كفر بك، ويؤمر فيه بالمعروف، وينهى فيه عن المنكر؛ إنك سميع الدعاء.

اللهم إنا نسألك من الخير كله، ما علمنا منه وما لم نعلم، ونعوذ بك من الشر كله، ما علمنا منه وما لم نعلم.

اللهم إنا نسألك رحمة من عندك تهدي بها قلوبنا، وتجمع بها أمرنا، وتزكي بها عملنا، وتلهمنا بها رشدنا.

اللهم أصلح حال المسلمين، وردهم إلى دينك ردًّا حميدًا، واجمع كلمتهم على الحق يا رب العالمين.

اللهم انصر المجاهدين الذين يجاهدون في سبيلك وإعلاء كلمتك، اللهم ثبت أقدامهم واربط على قلوبهم وقوِّ شوكتهم وأنزل السكينة عليهم وانصرهم على عدوك وعدوهم، إنك على كل شيء قدير.

ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.

(رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) [البقرة : 201].
 


تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي